لمسات في تاريخنا المهمش ذكريات معركة حلحل - الجزء الثاني
بقلم المناضل الأستاذ: أحمد هبتيس - كاتب ارتري، ملبورن أستراليا
يوم معركة حلحل: كانت (مأتو) في استضافة الكم الهائل من جيش التحرير التابع للمنطقة العسكرية الثانية.
وكان تعداده بين 1500 إلي 2000 جندي تقريباً.
يتكون من 4 سرايا:-
1. السرية الأولى: بقيادة عمنا ياسين محمد علي ،
2. السرية الثانية: بقيادة الشهيد عثمان صالح علي ،
3. الثالثة بقيادة عمنا عبدالله إدريس ديقول ،
4. الرابعة: بقيادة الشهيد حليب ستي' رحمة الله عليهم أجمعين .
لم يحضر منهم في معركة حلحل عدا (القائد الشهيد حليب ستي) و (عمنا ياسين) كان في اجازة و(عمنا عبدالله ديقول) كان في مهمه مع نائب قائد المنطقة محمد عمر أدم لأستلام أسلحة، أما (الشهيد عثمان صالح علي) كان مكلفا بمهمة اتجاه (عنسبا) وقد أتي مسرعاً في لحظات الأخيرة من نهاية المعركه.
وكل سريّة تتكون من ثلاثة فصائل وكل فصيله ما بين 30 إلي 40 مقاتل. هذا من غير الذين كانوا في إجازات أو في مهمات أخرى وقوة الهندسة والفدائين، وغيرهم من الأجهزة، الأمنية المختلفة. وهذا الكم كان في استعداد منتظراً ساعة الصفر لدخول المعركه في تلك الليلة المشئومة للهجوم بكل حماس، واندفاع شديد، وقد كان البعض منهم، على وعدٍ باللقاء، مع ربهم ورفاقهم الميامين.
وطالما طرقنا باب الحديث، عن واقعة معركة حلحل، على سيرة موقع، (مأتو) فيجب علينا الرجوع بكم للوراء قليلاً لتوضيح أبرز النقاط المهمة؟ ونعطي مساحة كبيرة للقارئ لمعرفة المزيد عن موقع المركز والمخاطر التي تعرضت لها هذه المنطقة سواءً كانت الثورة أو الشعب.
ولكن سوف تبقي التفاصيل لأصحاب الاختصاص في الجانب العسكري. ولو أن هناك نضال مشترك بين الشعب والجنود و ان كانت تتفاوت في المسؤولية والتقديرات. لأن الثورة من الشعب وكانت تعيش في قلب الشعب.
وأذكر هنا بعض الشواهد بسبب وجود هذا المعسكر في وسط حلحل والمناطق المحيطة بها أصبحت مسرح عمليات ومداهمات ومصدر إتصالات العدو الأثيوبي منطلقاً من هذا المركز يمينا ويسارا الي المناطق المجاورة.
ويعتبر هذا المركز كما يقولون بالعامية (مسمار نص) بدءاً بالطريق الذي يربط بين (كرن) و(حلحل) ثم إلي (ملبسو) و(اسماط).
وقد حدثت معركة (سيداري) آلتي ُعرفت، بـ(معركة جنقرين) في أوائل 1964 التي انتصر فيها الثوار وأخذوا غنائم من العدو الأثيوبي وبعض الأسلحة في وقت كانت الأسلحة، غير متوفرة مع الثورة. وبرغم ذالك إستطاعت بهذه الأسلحة القليلة التي استولو عليها من (معركة جنقرين) ومن مركز هيكوتا) مواجهة العدو، والصمود أمام جيش مجهزة بأحدث الأسلحة في (معركة تقوربا) التاريخية.
وثم (معركة شيدام) استشهد فيها (القائد محمد إدريس حاج) القائد الثاني، للثورة، بعد (القائد عواتي) رحمة الله عليهم جميعا.
سخّرت إثيوبيا جميع إمكانياتها لملاحقة، الثوار ومهاجمة مواقع تواجدها، حصل أكثر من مرة في (قالأباء) وفي (هبرو) في (سراوة) و(سبر) وغيرها وأخذوا بعض السلاح، والوثائق وقتلوا المدنيين، ونهبوا ممتلكاتهم، وحاول العدو الأثيوبي بشتى الوسائل، واستخدم ضعاف النفوس من الشعب، الارتري ووضعوا السم في وسط الماء والطعام لقمع الثورة وإبادة الشعب، وكانت الضحية لهذه المؤامرة (فصيلة المناضل قبرو يقين).
وعندما نقول ضعاف النفوس نعني بما نقول هذا الصنف ليس فقط في وسط الشعب بل كان موجودا بين الجنود. وسوف تأتيكم الإشارة عنهم ضمن الحديث.
مات عدد كبير من المناضلين الذين أكلوا السم في الطعام و زد على ذلك الجريمة التي ارتكبوها العُملاء و الجواسيس ذهبوا وبلغوا العدو بمافعلوا على الثوار وقد أتي جيش الاثيوبي فقتل واعتقل، ما تبقى منهم في المكان و أحد هؤلاء (الشهيد ياسين جمع ناشح)، خرج من مكان، الحدث، متأثرا بالسم، وقُتل بيد العدو الأثيوبي، وهو تحت غار في ضواحي (قالأباء).
والذين إستطاعوا الهروب بأرواحهم عاشوا معاناة فترة طويلة مع الأمراض بسبب السم على سبيل المثال المناضلين: (عبدالله علي ضرار)، (محمد ود الجزار) و (عبدالله محمد خير) جابر حامد)، وتقريبا معهم (الشهيد بخيت عثمان مركي) والقائمة تطول.
حاول العدو كثيراً مطاردة الثورة في كل المراحل، أيام البوليس والكمندوس، والطورسراويت.
سبق معركة حلحل التي نحن بصدد الحديث عنها.عدة محاولات لاقتحام المركز المذكور وحالت دون جدوى.
(المحاولة الأولى) عام '64 و(المحاولة الثانية) عام '66 من ضمن الضربات التي، تعرضت لها كل المدن الارترية في ليلة واحدة، وهي تعتبر إحدى رسائل التهديد والوعي، للعدو الأثيوبي و(المحاولة الثالثة) أيام الحرائق، وايضا (معركة قرورة) في اوخر '67 و(معركة حقات) بعدها بشهور، وجميع المعارك والأحداث، التي ذكرناها، لها علاقة، بمعركة حلحل، بشكل وآخر، و أيضاً كانت تتم، معارك، في الطريق الذى يربط، بين (كرن) و(حلحل) وهذا الطريق، الذي يمر عبر (عنسبا) (جنقرين) ثم (حلحل) الي (ملبسو) و(اسماط) ولاسيما بما يتعلق، (معارك باب جنقرين) كما هو معروف، باب جنقرين كانت من المناطق الساخنة، في صيف عام '66 استمر فيها المعارك لفترة طويلة جدا، ومن هناك بداية حرق البيوت، والقتل العشوائي للشعب والمواشي وأشعل العدو الأثيوبي أول الحرائق بقرية (عد جبول، وفلديخ) ثم استمر ليشمل كل المنطقة.
في ذات الصيف عام '66 عندما اشتدت المواجهات، قالوا الكمندوس لبعضهم البعض: (سبأي انتخنكا، باب جنقرين وراد!) مادحاً أصحابه وترجمة هذه المقولة (إذا أنت راجل، انزل، إلى باب جنقرين) تحدياً معركة حلحل الشهيرة، وهي لم تكن الأولى ولا الأخيره، علماً أن جيش التحرير الارترية خاض معارك عنيفة قبل معركة حلحل وبعدها.
هاجم عدة مراكز وتحدى العدو، وكسر عشرات الكمائن، في كل بقاع الوطن، ولكن معركة حلحل الشهيرة، حينها تعتبر الأولي، من نوعها، جيش التحرير لأول مرة يدخل، معركة بهذا العدد، الكبير. فلهذا، أحببت، أن أشير، إلى هذة، النقطة، لأن لها صلة، بمضمون المقال، والتفاصيل، تأتي مع التقييم، الأخير.
الآن العودة إلى (مأتو) مساء يوم المعركة، للهجوم وقد تحرك، الجيش قاصداً، (فيشو) من الضاحية الغربية، بثلاثة إتجاهات، وكلها تؤدي الى فيشو، صعوداً الي الجبل، بطرف اليمين، والوسط، واليسار، جهة اليمين، إلى (آخأر شقر)، ثم (نوراتخ)، (حِقنبا)، ثم (لابدا)، تاركاً المركز على اليسار، وجهة الوسط، صعوداً الي (عنجوت)، ثم العبور، إلي (بأراروا)، وتقدموا الي (حي الكنيسة)، وجهة اليسار صعوداً إلي (وشي مندر)، ثم الي (عونا)، ومنها مروراً الي (وك كراخ)، تاركاً، المركز، على اليمين، من تحت، (دبسر)، ليلتقوا الاتجاهين اليمين واليسار، أو جنوب المركز وشامل، المركز، في شرق المركز، وعندما يلتقوا، يكون تم إحاطة المركز، بكل الاتجاهات، ويعطوا الإشارة، للوسط، في (حي الكنيسة) لأنهم وصلوا قلبهم، وفي انتظار الإشارة، منهم... ولكن قيل حدث ارتباك قبل أن يعطوا الإشارة وبدأ العدو الأثيوبي إطلاق النار.
أترككم للقاء آخر لنتحدث فيه عن كيف كانت الأجواء قبل المعركه وأثناء المعركه وماذا كانت انعكاسات الحدث على المستوى العسكري والشعبي ولعل نستفيد منكم بمعلومات أفضل من خلال مداخلاتكم.
التعليقات
والله روعة الحديث يحسسك كأنك عشت تلك اللحظات واقعيا ولاكن مع انو نحنا صغار في السن لاعشنا تلك المئاسي ولا كنا حانلم في حقائقها
ولاكن بفضل الله ثم الكتاب الحمدلله قدرنا نتزوق طعم تأريخنا الحقيقي الرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار ونسأل الله ان يفك جميع اسرانا...
ومن هنا اشكر الكاتب المناضل احمد هبتيس واتمني ان يوفقه في حياته ويطيل في عمره بالصحة الكاملة ان شاء الله...