تقرير حالة حقوق الإنسان في إريتريا ٢٠٠٥ القسم الأول

سماديت كوم Samadit.com

إعداد: مركز سويرا لحقوق الإنسان

وسط حضور كثيف مركز سويرا لحقوق الإنسان يحتفل بصدور تقريره الأول: ندد الاستاذ يسين محمد عبدالله

مدير مركز سويرا لحقوق الإنسان بحالة حقوق الإنسان في إرتريا وقال: إن ماساة الإنسان الإرتري لا تماثلها إي حالة في العالم.

مستشهداً بعدد كبير من التقارير الدولية التي نددت بانتهاكات الحكومة الإرترية لكافة الحقوق الإنسانية وأضاف ان التعسف الذي يمارس ضد الإنسان الإرتري دفع بضعف العدد الذي التجأ من الشعب الإرتري في مرحلة الكفاح المسلح إلى خارج الحدود واعتبر ذلك مؤشراً خطيراً في ظل نظام وطني وقال يسين إن الظلم لم يقتصر على الإرتريين وحدهم بل شمل أكثر من عشرين سودانياً اعتقلوا دون أسباب معروفة ولم يقدموا لمحاكمات أسوة بالإرتريين.

جاء ذلك في حفل توزيع التقرير الأول لحالة حقوق الإنسان لعام ٢٠٠٥م حيث غطى التقرير الذي يقع في 42 صفحة جل الانتهكات والتعسف الذي وقع على الشعب الإرتري منذ الاستقلال واشتمل التقرير على مقدمة وخمسة أقسام تناولت الحريات العامة والحقوق المدنية والاختطاف واستخدام القوة القاتلة والاعتقالات التعسفية وأوضاع السجون وأساليب التعذيب وأخيراً أوضاع اللاجئين ، التقرير شمل أيضا أسماء أعداد كبيرة من المعتقلين والمختطفين كما حفل بالعديد من شهادات معتقلين سابقيين إرتريين وسودانيين من بينهم أمير بابكر ولسان الدين الخطيب وشهادات أسر المختطفين.

هذا وقد شارك في الحفل عدد كبير من قيادات المعارضة الإرترية كما شارك عدد مقدر من الصحفيين السودانيين ومراسلي الصحف العربية نذكر منهم د. محمد محجوب هارون صالح محمد علي وفيصل محمد صالح رئيس تحرير الأضواء والنور أحمد النور الحياة اللندنية وجريدة الصحافة السودانية وسيد أحمد المطيب من إيلاف ومصطفى سري من الأضواء والشرق الأوسط وسلوى غالب من الأيام وحسن حميد من الخبر وبهاء الدين عيسى من المركز السوداني للخدمات الصحفية ومن الحقوقيين الأساتذة محمود الشاذلي وساطع محمود الحاج وفيصل الباقر من مركز الخرطوم لحقوق الإنسان الذي أدلى بشهادة قيمة لصالح التقرير والاستاذة سامية رباح المحامية وعدد كبير من المحامين والصحفيين والمهتمين بحقوق الإنسان.

أقيم الحفل في صالة كافي كانجي بالعمارات وسوف ينشر المركز نص التقرير باللغتين العربية والانجليزية في وقت لاحق.

مشاهدات:
• أمير بابكر ولسان الدين الخطيب كانا في مقدمة الحضور.
• ساهمت إذاعة الشرق الوليدة والمراكز الإعلامية والمتخصصةوالصحافة السودانية بتغطية متميزة.
• أحمد سويرا بدا مبتهجاً وسعيداً.

الفهرست:

1. المقدمة: .......................................................................... 3
2. القسم الأول: الحريات العامة والحقوق المدنية: ................................. 8
3. القسم الثاني: الاختطاف واستخدام القوة القاتلة: .................................16
4. القسم الثالث: الاعتقالات التعسفية وأوضاع السجون وأساليب التعذيب: ....... 18
5. القسم الرابع: الانتهاكات في إطار تطبيق الخدمة الوطنية: ......................33
6. القسم الخامس: أوضاع اللاجئين: ............................................... 63

تقـديــم:
أعلنت إريتريا نفسها دولة مستقلة في الرابع والعشرين من مايو عام 1993 بعد كفاح سياسي وعسكري استمر زهاء الثلاثين عاماً، ونالت اعتراف المجتمع الدولي وصارت العضو 183 في الأمم المتحدة. ويبلغ عدد سكان إريتريا أربع ملايين نسمة تقريباً ( لم يجر فيها منذ الاستقلال أي إحصاء سكاني) ومساحتها حوالي 119000 كيلومتر مربع. ومع قلة عدد سكانها فهي تزخر بتنوع ثقافي وعرقي وديني كبير.

وإريتريا بلد محدود الموارد البشرية والاقتصادية. وقد زاد من ضعف اقتصادها وقوعه تحت ضغط الجفاف وحالة الحرب مع إثيوبيا والفساد وسوء الإدارة والمشاكل السياسية وإعطاء الأولوية للصرف على الأمن وتضييق فرص المبادرة الخاصة من خلال هيمنة الحزب الحاكم على النشاط التجاري والاستثماري في البلاد.

ولم تنتج إريتريا خلال الأعوام العشرة التالية لاستقلالها سوى 25% من احتياجاتها الغذائية، وتراجع إنتاجها في العام الماضي إلى (17%) فقط من هذه الاحتياجات. وحسب نداء أطلقه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق العمل الإنساني لن يتمكن 2200000 مليونان ومائتا ألف) مواطناً إريترياً في العام الحالي (٢٠٠٥) من توفير احتياجاتهم الغذائية بالاعتماد على أنفسهم، وهذا العدد يساوي تقريباً ثلثي السكان الذين يعيشون في البلاد. ولا يزال 56300 مواطناً شردتهم الحرب مع إثيوبيا بلا مأوى ويعتمدون على العون الإنساني مع أن الحرب توقفت قبل خمسة أعوام. ويعيش الذين أعادتهم الحكومة إلى مناطقهم الأصلية في فبراير الماضي، وعددهم حوالي 18700، تحت تهديد خطر الألغام المنتشرة بكثافة في مناطقهم. ويعتمد على العون الإنساني أيضاً 118200 لاجئاً، عادوا إلى البلاد من السودان في إطار برنامج العودة الطوعية. وقد تراجع مستوى الدعم الإنساني الدولي لإريتريا بسبب توتر علاقات الحكومة مع المنظمات الإنسانية، ولشكوك تساور تلك المنظمات في تحويل الحكومة هذه المساعدات لصالح تموين جيشها.

وتنتشر الأمراض في البلاد بشكل خطير بسبب سوء التغذية وضعف الرعاية الصحية. وتعتبر معدلات سوء التغذية بين الأمهات في إريتريا من أعلى المعدلات في العالم إذ تبلغ 53%. ويواجه ما يقارب المليوني مواطن نقصاً حاداً في مياه الشرب، وتعاني من هذه المشكلة 70% من مجموع القرى الإريترية. ولا يحصل على مياه صالحة للشرب سوى 18% من السكان. ومن بين أكثر من 2600 قرية في إريتريا لا تستفيد من خدمات الكهرباء سوى أربعين قرية فقط.

وقد أوقف المانحون دعمهم لإريتريا، ما عدا في مجالي تنفيذ مشروع تسريح الجيش والمساعدات الإنسانية، بسبب القلق من السياسات المالية والاقتصادية للحكومة ورفض الأخيرة إجراء الانتخابات والسماح بحرية الصحافة وتأسيس الأحزاب وتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان على وجه العموم. ووجه صندوق النقد انتقادات متكررة لسياسات الحكومة الاقتصادية وعلى وجه الخصوص لتضييقها على القطاع الخاص واحتكار مؤسساتها ومؤسسات حزبها الحاكم للنشاط الاقتصادي وعدم إجرائها أي إحصاءات وعدم الشفافية لدى إقرار الميزانية العامة للدولة والتي لم تناقش علنا منذ استقلال البلاد.

ويعد متوسط الدخل الفردي في إريتريا البالغ 130 دولاراً أمريكياً في العام، من بين أقل المعدلات في العالم. وقد ارتفعت معدلات التضخم التي ظلت ثابتة في الأعوام الأربعة الأولى من الاستقلال، ارتفاعاً شديداً بعد عام 1998 بسبب الحرب مع إثيوبيا. وزاد العجز في الميزانية العامة ليصل إلى 35% من إجمالي الناتج المحلي بسبب فقدان سوق الصادرات التقليدي في إثيوبيا ونقص الغذاء وتزايد واردات الأسلحة. وتراجع صرف العملة الوطنية (النقفة) تراجعاً كبيراً منذ إصدارها في عام 1997 من ثماني نقفات إلى أربع وعشرين نقفة مقابل الدولار الأمريكي. وبسبب سياسات الحكومة الاقتصادية وقمعها المعارضة الداخلية تراجعت تحويلات المهاجرين التي كانت تعتبر أكبر مصدر للعملة الصعبة؛ حيث كانت تبلغ 37% من مجموع العملة التي ترد إلى البلاد. وانخفضت نسبة المساهمات الوطنية للمهاجرين للأسباب ذاتها بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي فبلغت 0.2% منه في عام2002 بعد أن كانت تساوي 3.2% في عام 2000. وتراجع عائد بيع السندات الحكومية من 3.1% في عام 1999 بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 0.6% منه في عام 2002.

وقد أدى كل ذلك إلى انخفاض احتياطي العملة الصعبة في هذا العام إلى ما يساوي قيمة استيراد احتياجات خمسة عشر يوماً من البضائع والخدمات، بعد أن كان في عام 1997 يغطي احتياجات خمسة أشهر.وكأن هذا الوضع المأساوي الناتج عن الظروف الطبيعية وسوء الإدارة والفساد ليس كافياً لجعل الحياة في البلاد قاسية ومنهكة ومذلة ومحبطة، حتى تضيف إليه الحكومة الإريترية انتهاكات قاسية وشاملة لحقوق مواطنيها. ومع أن هذه الحكومة انضمت للعديد من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان إلا أنها لم تلتزم بنصوصها وخرقتها وتخرقها بشكل فاضح. ومثال على ذلك خرقها اتفاقية حماية الطفل- التي انضمت إليها في 1994/8/3 إذ تجند الحكومة الإريترية الأطفال وتحرمهم من ارتياد المدارس. وفي تعارض مع التزاماتها في اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة - التي انضمت إليها في 1995/9/5 تتعرض النساء في مؤسساتها لممارسات وحشية مثل الاغتصاب في معسكرات الجيش والخدمة الوطنية. وفي تعارض مع التزاماتها الواردة في المادتين (7) و (من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية - الذي انضمت إليه في 2001/4/7 تشغل الحكومة الإريترية الشباب لسنوات طويلة لقاء أجر زهيد جداً وغير منصف أو حتى بدونه في بعض المرات، تحت غطاء الخدمة الوطنية وبعد انتهاء الأجل القانوني لهذه الخدمة. وتمنع الحكومة المواطنين من إنشاء نقابات مستقلة.

وفي تعارض مع المواد 9 و 7 و 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي - انضمت إليه في 2002/6/22 تحتجز الحكومة الإريترية في سجونها آلاف المعتقلين تعسفيا وتعرضهم للتعذيب والمعاملة القاسية وتهين كرامتهم الإنسانية. وفي تعارض مع المواد 19 و21 و22 من العهد المشار إليه تمنع الحكومة المواطنين من حقهم في التعبير عن آرائهم واعتناق ما يشاءون من الآراء، ومن حقهم في تنظيم الاجتماعات والجمعيات السلمية والاشتراك فيها. وفي تعارض مع المادة 25 من نفس العهد تمنع الحكومة المواطنين من المشاركة في إدارة الشؤون العامة لوطنهم، فهم لم ينتخبوا قط حكامهم منذ استقلال البلاد وليس من حقهم إقالتهم. ولا تحترم الحكومة الإريترية حتى القوانين التي سنتها بنفسها. فقد جمدت الدستور الذي أقرته منفردة في عام 1997. ثم جمدت العمل بقانون الصحافة عندما أوقفت في سبتمبر 2001 الصحف المستقلة، واعتقلت الصحفيين العاملين فيها. ولا تلتزم الحكومة بنصوص قانون الخدمة الوطنية الذي أصدرته في عام 1995 حيث تجبر مكلفي الخدمة بالبقاء فيها لآماد أطول من تلك التي يحددها القانون.

إن التقرير الذي بين يدي القارئ هو أول تقرير يصدر عن مركز سويرا لحقوق الإنسان الذي أعلن عن تأسيسه في الفاتح سبتمبر 2004، وبدأ عمله بشكل منتظم في فبراير من العام الحالي. وقد يكون هذا التقرير أيضا الأول من نوعه إريترياً؛ حيث لم يصدر حسب علمنا أي تقرير شامل عن أوضاع حقوق الإنسان في بلادنا.

وقد واجهت الفريق العامل في التقرير العديد من المصاعب أهمها صعوبة الحصول على المعلومات وتوثيقها فليس لدى المركز أرشيف بسبب حداثة تأسيسه، كما لم يستطع الفريق الحصول عليه لدى الجهات التي يفترض أن تحتفظ بمثله خصوصاً تواريخ الاعتقالات التعسفية. وكان من المستحيل الحصول على المعلومات التي يفترض أن تستقى ميدانياً لتقييم تطبيقات حقوق الإنسان من أماكن مثل مراكز الشرطة والسجون والمؤسسات الحكومية الإريترية ذات العلاقة بتلك التطبيقات. وقد اعتمد الفريق في هذا الجانب على التقارير والبيانات والمعلومات الصادرة عن المنظمات الدولية مثل برنامج الغذاء العالمي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبعثة حفظ السلام الدولية في كل من إثيوبيا وإريتريا وصندوق النقد الدولي وغيرها من المنظمات ذات العلاقة. كما استعان الفريق بالتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش). وأجرى الفريق العديد من المقابلات مع إريتريين فروا حديثاً من إريتريا ولجأوا لكل من السودان وإثيوبيا، ومع لاجئين إرتريين لجأوا إلى السودان أبان مرحلة النضال الوطني من أجل الاستقلال، ومع رجال دين. والتقى الفريق أيضاً في إطار التوثيق للاعتقالات التعسفية بمعتقلين سودانيين سابقين في السجون الإريترية.

وقد رأى المركز أن يشمل التقرير كل السنوات منذ استقلال البلاد دون الخوض في تفاصيل غير متوفرة في بعض الأحيان وغير دقيقة في أحيان أخرى مكتفيا بأهم المحطات في سلسلة الانتهاكات التي بدأت قبل التحرير وبأسماء توفرت حولها معلومات دقيقة آملاً أن يتمكن في التقرير القادم من إيراد معلومات أكثر تفصيلاً تغطي كل مجالات تطبيقات حقوق الإنسان في إريتريا.

ويتكون التقرير من خمسة أقسام أولها قسم الحريات العامة والحقوق المدنية، وهو يتناول حرية النشاط السياسي، الحقوق المدنية، استقلال القضاء، الحريات الدينية، والحريات الصحفية. ويتناول القسم الثاني الاختطاف واستخدام القوة القاتلة. ويتناول القسم الثالث الاعتقالات التعسفية وأوضاع السجون. ويتناول الرابع الخدمة الوطنية. أما القسم الخامس والأخير فيتناول أوضاع اللاجئين بما في ذلك المبعدين والمهجرين.

ويتطلع المركز إلى أن يسهم هذا التقرير- بجانب تعرية انتهاكات الحكومة الإريترية لحقوق الإنسان في إريتريا- في استنهاض طاقات الإريتريين المستنيرين وزيادة انخراطهم في عملية الدفاع عن حقوق الإنسان في وطننا وابتكار الأساليب الفعالة وبذل أقصى الجهود من أجل إيقاف تلك الانتهاكات. كما يتطلع المركز إلى أن يسهم التقرير في لفت انتباه المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية إلى خطورة الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإريترية وأن تسهم تلك الجهات في إيقافها.

وأخيراً ما كان لهذا التقرير أن يرى النور لولا الدعم المادي والمعنوي الذي قدمه أصدقاء المركز فلهم منا الشكر أجزله. الشكر للصديق السوداني لسان الدين الخطيب على إفادته القيمة بخصوص المعتقلين تعسفياً في إريتريا وللذين ساهموا في العمل الميداني وفي الترجمة وفي تصحيح المسودة وللمناضل منغستآب أسمروم الذي تطوع بترجمة الكثير من إصدارات المركز من اللغة العربية إلى الإنجليزية، وكل إصدارات المركز إلى التقرينية مع مشغولياته الكثيرة ولترجمته جزءاً مهماً من هذا التقرير.

القسم الأول - الحريات العامة والحقوق المدنية:

1. حرية النشاط السياسي:
نالت إريتريا استقلالها في مايو 1993 ومنذ ذلك التاريخ تحكمها منفردة الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة. ولا يوجد في النظام الذي أقامته هذه الجبهة فصل بين السلطات فرئيسها هو رئيس السلطة التنفيذية ورئيس البرلمان وهو الذي يعين رئيس القضاة ويقيله. وليست لمجلس الوزراء اجتماعات دورية، إنما ينعقد فقط عندما يرى الرئيس ضرورة لذلك. وتعمل كل مؤسسات الدولة تحت الإشراف المباشر لمكتب رئيس الدولة. كما أن البرلمان لم يعقد أية دورة له منذ عام 2002. ولم تجر في البلاد منذ استقلالها أي انتخابات عامة.
ولا تصرح حكومة الجبهة بأي نشاط سياسي معارض لها، وتعتقل كل من تشتبه في معارضته لسياساتها. وقد جمدت الحكومة الدستور الذي أقرته منفردة دون إشراك القوى السياسية الأخرى في عام 1997 بمجرد التصديق عليه في البداية دون سبب واضح؛ ولاحقاً بسبب الحرب مع إثيوبيا التي اندلعت في مايو 1998.

وقد طالب وزراء وقياديون في الحزب الحاكم وأعضاء في البرلمان في مطلع 2001، رئيس الدولة بتطبيق الدستور، لكن الأخير رفض الاستجابة لمطلبهم. وبعد تصاعد الخلاف بين الجانبين وتوجيه هؤلاء القادة رسالة إلى رئيس الدولة وأخرى إلى أعضاء حزبهم سردوا فيها خلافهم معه وطالبوا فيها بتطبيق الدستور واحترام مؤسسات الدولة، قامت الأجهزة الأمنية التي تعمل تحت الإشراف المباشر للرئيس، باعتقال هؤلاء القادة والبالغ عددهم حوالي الأحد عشر شخصا وعشرات الكوادر المدنية والعسكرية والأمنية المحسوبة على تيارهم الذي عُرف بالتيار الإصلاحي.

ويسيطر الحزب الحاكم (الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة) بجانب سيطرته على الحياة السياسية، على الاقتصاد وتدير منظماته ووحدات من الجيش مؤسسات تجارية مهمة. كما تعتبر الحكومة كل ضباط وجنود قوات الدفاع الإريترية أعضاء في حزبها وتخصم من كل منهم 2% من راتبه كاشتراك عضوية في الحزب.

البرلمان الذي يتشكل من مائة وخمسين عضواً، غير منتخب ونصف أعضائه يمثلون اللجنة المركزية للحزب الحاكم والنصف الآخر يمثلون الأقاليم. وقد تكون البرلمان في عام 1994 وهو العام الذي انعقد فيه مؤتمر الحزب الحاكم . وليس للبرلمان صلاحيات تذكر، فهو لا يستطيع محاسبة الحكومة ولا إقالتها ولا تعرض عليه ميزانية الدولة، كما لم يعقد أية دورة له منذ عام 2002، عندما اجتمع لمناقشة موضوع الإصلاحيين الذين اعتقلوا، والتي أكد فيها اتهام رئيس الدولة لهم بالخيانة الوطنية.

أُجريت في مايو 2004 انتخابات لاختيار برلمانات إقليمية، ولكن لم يكن مسموح لغير الأعضاء في الحزب الحاكم بالترشح فيها. كما لم يكن من حق المرشحين القيام بأية دعاية للحصول على قبول الناخبين، فلا ملصقات ولا صور ولا وعود انتخابية. وقد أعطي المرشح الحق فقط في كتابة اسمه وعمره وخدمته في الحكومة في ورقة يتم تعليقها في المركز الذي تجري فيه عملية التصويت. وقد ألغيت بعض نتائج الانتخابات في بعض المناطق لأن المرشحين تقدموا بوعود للناخبين. وبالنسبة للانتخابات التي جرت وسط الجيش غالبا ما تم انتخاب قائد الوحدة العسكرية لتمثيل وحدته في البرلمان الإقليمي. وتصل نسبة العسكريين في بعض المجالس الإقليمية إلى الـ 60%من عضويتها.

ومع وجود معارضة تضم أطيافاً سياسية وأيديولوجية مختلفة من علمانيين ، أصوليين ،قوميين وليبراليين ...الخ إلا أن الحكومة لا تعترف بها وتعتبرها جماعات مرتزقة أو خائنة. وبسبب عدم اعتراف الحكومة بها ولبطشها بمعارضي الداخل فإن المعارضة الإريترية تعمل من الخارج وليس لها دور محسوس في الداخل. ولا تكتفي الحكومة بعدم الاعتراف بالمعارضين بل تعتبر كل معارض خائن يتساوى في ذلك من يستخدم العنف ومن يكافح بالوسائل السلمية ومن يطالب بتغييرات جذرية في تركيبة النظام السياسي للدولة أو من يريد إجراء إصلاحات فيه.

وقد اتسعت قاعدة المعارضة في السنوات الأخيرة لتشمل فئات منقسمة عن الحزب الحاكم. وتنشط المعارضة خصوصا في دول الجوار حيث يعيش مئات الآلاف من الإريتريين وفي الدول الغربية حيث تتاح للإرتريين فرص التعبير الحر عن آرائهم. وقد عقدت المعارضة مؤتمراً في مطلع هذا العام تمخض عنه تكوين تحالف جديد أطلقت عليه اسم التحالف الديمقراطي الإريتري. حدد التحالف هدفه في إقامة نظام سياسي تعددي في البلاد، لكنه لم يوضح على نحو جلي الأساليب التي سيتبعها من أجل الوصول إلى هذا الهدف.

و تمارس بعض تنظيمات المعارضة المنضوية في إطار التحالف العمل المسلح لكن هذا العمل محدود جداً وينحصر غالباً في المناطق الحدودية، ومن ناحية أخرى ترفض أطراف أخرى في المعارضة استخدام العنف وإن كانت أسباب رفضها ليست واضحة فيما إذا كانت لمنطلقات مبدئية أو بسبب ظروفها الذاتية. وتعتبر عملية التفجير في فندق بمدينة بارنتو في 2004/5/24 واحدة من أهم العمليات التي نفذت في المدن خلال الأعوام الماضية. وقد تسببت هذه العملية في مقتل اثنين من المواطنين ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنها.
ولا تبدو في الأفق فرص لحدوث مصالحة وطنية في البلاد بسبب رفض الحكومة الاعتراف بوجود المعارضة أصلا ورفضها إجراء أي إصلاحات سياسية تحت حجة التوتر مع إثيوبيا حينا وبحجة تخلف المجتمع الإريتري حينا آخر.

2. الحق في التجمع السلمي والتنظيم والخصوصية:
لا تصرح الحكومة بأي شكل من أشكال الاحتجاج السلمي كالتظاهر وتسيير المواكب وكتابة العرائض. وأي تجمع لأكثر من خمسة أشخاص يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. وتمنع الحكومة إنشاء الأحزاب والنقابات المستقلة. وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني الموجودة في البلاد تتبع كلها للحزب الحاكم.

وتضطر المركبات العاملة بين المدن الإريترية للتوقف كل عشرة كيلومترات من أجل التفتيش. وتضع الحكومة قيوداً صارمة على السفر إلى خارج البلاد خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الخمسين عاماً.

وتراقب الحكومة البريد العادي والإلكتروني والهاتف، وهناك حالات اعتقلت فيها السلطات أشخاصاً اتصل بهم أبناؤهم الذين فروا إلى السودان بعد ساعات قليلة من إجراء هؤلاء للاتصال. وتقوم وحدات الأمن والشرطة باقتحام المنازل وتتسلق أسوارها بحثا عن الهاربين من أداء الخدمة دون الحصول على إذن التفتيش الذي ينص عليه القانون. كما تقيم هذه القوات الحواجز في الطرقات بحثا عن هاربين محتملين وتقوم من وقت لآخر بتوقيف المارة للتأكد من أدائهم للخدمة أو للتأكد إنهم ليسوا مطلوبين لديها.

3. استقلال القضاء:
يتبع القضاء للسلطة التنفيذية إداريا ومالياً وتتدخل الأخيرة في صميم عمله إذ أنشئت محاكما خاصة في عام 1996 يقوم بدور القضاة فيها ضباط في الجيش غير مؤهلين للمهمة. وتعقد هذه المحاكم جلساتها بصورة سرية ولا يحق للمحال إليها الحصول على استشارة قانونية ولا استئناف الحكم الصادر ضده. ومع أن المحاكم الخاصة أُنشئت تحت مبرر النظر في قضايا الفساد المتراكمة ومن أجل سرعة البت فيها، إلا أنها صارت تنظر في أنواع القضايا كافة بل تعيد النظر في بعض المرات في قضايا سبق وبت فيها القضاء العادي. ولا تكتفي هذه المحاكم بذلك بل تصدر من وقت لآخر توجيهات للقضاء العادي.

4. الحريات الدينية:
سجل الحكومة الإريترية في مجال احترام الحريات الدينية واحد من أسوأ السجلات في العالم إذا لم يكن أسوأها على الإطلاق. ويشمل التضييق على هذه الحريات كل الأديان والطوائف، وإن كانت طوائف بعينها تعاني أكثر من غيرها . وقد أصدرت وزارة الإعلام الإريترية في مايو 2002 قراراً أصبح بموجبه لزاماً على الطوائف الدينية الصغيرة في البلاد التسجيل لدى مصلحة الشؤون الدينية في وزارة الحكومات المحلية قبل أن تمارس أي من نشاطاتها في البلاد. ويجب أن يتضمن طلب التسجيل تاريخ الطائفة في البلاد، أسماء قادتها ومعلومات عنهم، قائمة بأسماء أتباع الطائفة، معلومات تفصيلية عن ممتلكات الطائفة وحساباتها ومصادر دعمها الخارجي. ومع أنه لم يطلب من الطوائف الدينية الكبيرة في البلاد وهي الإسلام، الأرثوذوكسية، الكاثوليكية والبروتستانتية اللوثرية التسجيل إلا أن حسابات مؤسساتها في المصارف تخضع لرقابة حكومية مشددة وتتدخل الدولة في شؤونها الإدارية وتمارس أنواعاً مختلفة من التضييق ضد أتباعها وممارستهم شعائرهم الدينية.

فالمسلمون الذين يشكلون نصف عدد السكان تقريباً تعرضوا خلال عقد التسعينيات لحملات اعتقالات واسعة وتم إغلاق معاهد تعليمهم الديني ومُنعت منظماتهم الخيرية من العمل في البلاد، وتتدخل الحكومة في إدارتهم لشؤونهم الخاصة، فهي التي عينت المفتي الحالي الذي يتهمونه بالتبعية للحكومة والسعي لنيل رضائها على حساب مصالح المسلمين ومؤسساتهم الدينية. فهو مثلا لا يصرف الميزانية السنوية المقررة لدار الإفتاء بل يعيد جزءاً كبيراً منها للحكومة مع حاجة المساجد لها. ولا يعين المفتي أئمة ودعاة للمساجد خصوصاً في المناطق البعيدة من العاصمة أسمرا مع أن لديه ميزانية لذلك. وقد صادرت الحكومة بعض الأراضي التابعة للوقف الإسلامي، وهي تقوم بتوزيع فرص الحج للأراضي المقدسة التي تتبرع بها الحكومة السعودية على أعضاء حزبها فقط. وتمنع الإدارات الحكومية الموظفين من أداء الصلاة جماعة في مؤسساتها. ويقول أحد الذين هربوا من معسكرات الخدمة الوطنية ويدعى عبد القادر عمر من بلدة أم حجر أن أداء الشعائر الدينية ممنوع في معسكر (ساوا) للتدريب بالنسبة للمسلمين والمسيحيين على السواء، وهذا ينطبق أيضا على معسكرات الجيش حيث يُمنع المسلمون من أداء الصلاة ومن الصيام في المعسكر ومن لا يلتزم بذلك يتعرض لأنواع مختلفة من العقوبة بينها الربط على الأشجار. وقال عبد القادر إنه قام بربط بعض الأشخاص بتوجيه من قائده في المعسكر لأنه وجد معهم أنجيل أو كانوا يؤدون الصلاة كما تعرض هو نفسه لاحقا لهذه العقوبة. وفي الفترة الأخيرة شنت السلطات حملة اعتقالات ضد جماعة أنصار السنة المحمدية فاعتقلت بعض الأئمة والشباب والشابات الذين يعملون في مجال الدعوة علما أن هذه الجماعة لا تعمل بالسياسة.

ويتعرض المسيحيون بصورة عامة لمضايقات مماثلة لتلك التي يتعرض لها المسلمون في ممارسة عباداتهم خصوصاً في معسكرات الخدمة الإلزامية والجيش. فليس مسموحاً لهم الاحتفاظ بالإنجيل ويقوم المسؤولون في هذه المعسكرات بحرقه إن وجدوه مع أي من المجندين بجانب العقوبة التي يتعرض لها الشخص الذي يحتفظ به.

وتتدخل الحكومة في إدارة الكنيسة الأرثوذوكسية لشؤونها وتقوم بتجميد أي عضو في المجمع الكنسي يظهر أي شكل من أشكال الاعتراض على سياساتها. وقد عينت الحكومة يافيت ديمطروس الموظف السابق لدى الحكومة الإثيوبية- أبان احتلال الأخيرة لإريتريا- مشرفا على عمل هذه الكنيسة لضمان عدم خروجها عن سياساتها والمساعدة على تنفيذ هذه السياسة علما أنه ليس رجل دين. ومستخدما السلطات الممنوحة له من الدولة أجبر دميطروس المجمع الكنسي في السنوات السابقة على تجميد أحد عشر قسيسا بسبب الشك في ولائهم للحكومة. كما اُستخدم المجمع في مرات عديدة للتغطية على الاعتقالات التعسفية للقساوسة الأرثوذوكس حيث يرسل القس المراد اعتقاله إلى السجن تحت مبرر ارتكابه مخالفات دينية وفي السجن يتعرض لتحقيق حول مواقفه السياسة من قبل الأجهزة الأمنية. وقد أجبرت الحكومة في السنوات السابقة العديد من قساوسة هذه الكنيسة على مغادرة البلاد. وفي تطور يعتبر الأخطر في إطار تدخلات الحكومة في شئون الكنيسة أجبر ديمطروس المجمع المقدس في اجتماعه يومي السادس والسابع من أغسطس الماضي على تجميد البطريرك انتونيوس رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في البلاد دون إبداء الأسباب. علما أن البطريك انتخب في 2004/3/5 من قبل المجمع الكنسي وتم تنصيبه في أسمرا بحضور البابا شنودة بابا الكنيسة القبطية في 2004/4/25. وقد مُنع البطريرك وفقاً لهذا القرار من ممارسة دوره الإداري في الكنيسة وسمح له فقط بالقيام بالدور الروحي. ويعرف عن البطريرك رفضه الحازم لتدخل الحكومة في الشؤون الداخلية للكنيسة ومطالبته بإطلاق سراح القساوسة الأرثوذكس، دكتور فظوم قبر قرقيس، دكتور تخلآب منغستآب، وقبر مدهن قبر قرقيس. ويذكر أن الأبرشية الأرثوذكسية الإريترية في أمريكا الشمالية وهي تضم 24 كنيسة كانت قد كتبت للبطريرك في 2005/7/30 أي قبل أسبوع من إقالته، رسالة تحتج فيها على تدخل الحكومة الإريترية في شؤون الكنيسة وترفض أي توجيهات تأتيها من إريتريا لا يكون عليها ختم وتوقيع البطريرك. وجاء في الرسالة أن الأبرشية ترفض على وجه الخصوص أي توجيهات من يافيت ديمطروس الذي عينته الحكومة مشرفاً على الكنيسة الأرثوذكسية والذي رتب لاحقاً مسألة تجميد نشاط البطريرك.
وتتعرض الكنيسة الكاثوليكية لمضايقات عديدة من قبل السلطات. فقد منعت هذه السلطات في نهاية يوليو الماضي، حسب قس كاثوليكي التقى به المركز وطلب عدم ذكر اسمه، سفر أي قس ينتمي لهذه الكنيسة ويقل عمره عن الخمسين عاماً، إلى خارج البلاد. وتستولي الحكومة على مساعدات الإغاثة التي تحصل عليها الكنيسة الكاثوليكية. وتدير الكنيسة الكاثوليكية العديد من المدارس في البلاد وتتدخل الحكومة على وجه الخصوص في إدارتها لمدرستين إحداهما في (حقات) والثانية في ( دقي أمحري) وهما مدرستان فنيتان تدرسان علوم الكمبيوتر وغيرها من العلوم الحديثة، وقد صارت السلطات تختار للمدرستين التلاميذ الذين يدرسون فيهما.

وتتعرض الطائفة البروتستانتية اللوثرية لمضايقات مماثلة لتلك التي تتعرض لها الطوائف الأخرى من تدخل في شؤونها المالية والإدارية إلى الاعتقالات التعسفية بحق أعضائها. ويمارس تضييق أكبر على المجموعات البروتسانتية غير المسجلة والتي يمنع أعضاؤها من ممارسة شعائرهم الدينية وإقامة طقوس أفراحهم، وهناك العديد من قساوسة هذه الطوائف في السجون بسبب قيادتهم طقوس دينية أو إشرافهم على طقوس زواج لأتباع كنائسهم.

وتتعرض الطوائف الدينية الصغيرة الأخرى في البلاد لاضطهاد مضاعف مثل الجهوفا والبهائيين وغيرهما. وبسبب عدم مشاركة أعضائها في الاستفتاء على استقلال إريتريا في عام 1993 ورفضهم أداء الخدمة الإلزامية لأسباب تتعلق بمعتقدهم الديني، تتعرض طائفة الجهوفا (شهود يهوه) لاضطهاد هو الأكثر عنفاً. فهناك ثلاثة من أعضاء هذه الطائفة معتقلون منذ عام 1994 لأنهم رفضوا أداء الخدمة الإلزامية مع أن أقصى عقوبة في القانون في مثل هذه الحالات هي ثلاثة أعوام. وبسبب عدم مشاركتهم في الاستفتاء قامت الحكومة بتجريد أعضاء هذه الطائفة من هوياتهم الإريترية وفصلتهم من وظائفهم في مؤسساتها. كما طرد الكثيرون من أطفال أتباع هذه الطائفة من المدارس ولم يعد بإمكان أعضائها الحصول على رخص تجارية أو رخص لقيادة السيارات كما منعوا من الحصول على وثائق سفر ومن شراء أو استئجار المنازل. ومع أن الحكومة طلبت من الطوائف الصغيرة التسجيل في مصلحة الأديان التابعة لوزارة الحكومات المحلية لتكتسب صفة الشرعية في البلاد إلا أنها تعرقل سعي هذه الطوائف من أجل إكمال إجراءات تسجيلها. وكانت الحكومة قد أصدرت في عام 1998 قراراً بمراجعة كل ممتلكات الكنائس بما في ذلك حساباتها المالية لكنها لم تطبق القرار بسبب اندلاع الحرب مع إثيوبيا في نفس العام.

5. الحريات الصحفية:
يعد وضع الحريات الصحفية في إريتريا الأسوأ في إفريقيا بشهادة المنظمات الدولية العاملة في مجال مراقبة هذه الحريات مثل منظمة مراسلون بلا حدود واللجنة لحماية الصحفيين والتي مقرها في نيويورك. ومع أن المرسوم رقم 90 لعام 1996 الخاص بالصحافة والمطبوعات يكفل حرية الصحافة كما جاء في الفقرة (أ) من مادته الأولى إلا أنه لا توجد الآن صحافة مستقلة في البلاد بعد أن قامت الحكومة بإيقاف الصحف التي صدرت بموجبه وهي ثماني صحف كانت تصدر باللغة التقرينية، واعتقلت عدداً من ناشريها والصحفيين العاملين فيها بالتزامن مع الحملة التي شنتها في سبتمبر 2001 ضد القادة الإصلاحيين الذين طالبوا بتطبيق الدستور واحترام المؤسسية. وقد شكل المجلس الوطني الإريتري في آخر اجتماع له في فبراير 2002 لجنة لمراجعة مرسوم الصحافة والمطبوعات وتقييم تجربة الصحافة الخاصة في البلاد. وقال وزير الإعلام أن حكومته ستسمح بصدور الصحف المستقلة بعد أن تنجز هذه اللجنة مهمتها إلا أنه وبعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تشكيلها لم يصدر عن اللجنة أي تقرير منشور كما لا تزال الصحف الخاصة مغلقة. ولا تصدر في البلاد الآن سوى ثلاث صحف هي (إريتريا الحديثة) وتصدر باللغتين العربية والتقرينية والصحيفة الإنجليزية (Eritrea Profile) ويصدر الحزب الحاكم مجلة خاصة به. ويسيطر الحزب الحاكم سيطرة تامة على محطتي الإذاعة والتلفزيون الوحيدتين في البلاد. وإريتريا هي الدولة الوحيدة في إفريقيا التي لا توجد بها صحافة خاصة. وتخضع الصحف التابعة للدولة لرقابة مشددة من قبل المسؤولين، وقد تم اعتقال بعض الصحفيين العاملين فيها بسبب خروجهم عن التوجهات العامة للحكومة. ولا تتاح للإرتريين فرص للحصول على معلومات من جهات مستقلة، حيث لا تدخل البلاد صحف أجنبية، إلا فيما ندر، كما تفرض الحكومة رقابة على الإنترنت تحت حجة حماية الشباب من المواقع الإباحية.

وتضيق الحكومة على المراسلين الصحفيين الأجانب في البلاد وتتخذ إجراءات صارمة ضدهم إذا ما خرجوا على سياساتها الأمر الذي جعل البلاد خالية منهم. وقد طردت الحكومة في 2004/9/13 مراسل هيئة الإذاعة البريطانية جون فشر بسبب كتابته مقالاً في صحيفة (الإندبندنت) البريطانية بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاستقلال إريتريا قال فيه أن الحرية صارت بالنسبة للإرتريين مرادفة للسجن والتعذيب.

ويوجد في السجون الإرترية أربعة عشر صحفياً اعتقل أغلبهم في سبتمبر 2001 (راجع قائمة الصحفيين المعتقلين في الجزء الخاص بالاعتقالات التعسفية في هذا التقرير). وبهذا تكون إريتريا من أكبر سجون الصحفيين في العالم وأكبرها في أفريقيا. ولا تعرف الأماكن التي يحتجز فيها تسعة من الصحفيين العشرة الذين اعتقلوا في سبتمبر 2001 حيث نقلوا من مكان احتجازهم في مركز للشرطة في العاصمة أسمرا إلى مكان مجهول بعد أن أضربوا عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم غير القانوني. كما لا يعرف المكان الذي يحتجز فيه الصحفي قبرهوت قلتا الذي كان قد اختطف من السودان في 1989 ثم أطلق سراحه في 2000 وأعيد اعتقاله في نفس العام، ولا مكان احتجاز الصحفي أكليلو سلمون مراسل صوت أمريكا الذي اعتقل في يوليو 2003. ويوجد ثلاثة من الصحفيين المعتقلين في سجن (ونجل مرمرا) في أسمرا وهم: داويت إسحق، صالح جزائري، وحامد محمد سعيد.

تـابـعـونـا... في القسم القادم

Top
X

Right Click

No Right Click