شموع تنير الظلام المناضلة جمعة عمر عبدالله أول أمرأة حملت السلاح

بقلم المناضل الأستاذ: عمر جابر عمر

فى حياتنا تبرز من حين الى آخر شموع تنشر الفرح وتبدد الظلام الذى يحيط بالوطن والمواطنين.

ولكن لأن جرعة اليأس وصلت فى نفوس الأرتريين درجة عالية فانهم لايلتفتون الى تلك الشموع ويعتبرونها استثناء ومظاهر عابرة ستختفى مثلها مثل كل جميل فى حياتهم. ولكن الحقيقة هى ان تلك الشموع موجودة بيننا ومن حولنا وأمامنا ومن خلفنا فى كل مجالات الأبداع والنجاح: فى الأدب والفن والرياضة والعلوم والأقتصاد والأجتماع فقط علينا أن نضعها فى موضعها الصحيح ونحتفل بها ومعها فى كل خطوة نجاح وابداع - ذلك هو الطريق الذى نهزم به اليأس ونبدد الظلام ونجعل حياتنا ضياءا وفرحا وسعادة.

وهذه المرة نتوقف عند رأئدة كا نت وما تزال نموذجا للعطاء والوفاء أنها أول أمرأة حملت السلاح وألتحقت بجيش التحرير الأرتري عام 1967 ومنذ ذلك التاريخ وهى تناضل دون كلل أو يأس تنشر من حولها القيم النضالية وتؤكد للجيل الجديد أن المرأة الأ رترية كانت وماتزال شريكة للرجل فى الكفاح من أجل أرتريا الجديدة كما كانت شريكته من اجل الاستغلال.

الميلاد والنشأة:

ولدت فى (قوحيتو) من ضواحى (عدى قيح) عام 1956 نشأت فى بيئة ريفية تحت رعاية وتوجيه والدها لم تكن تعرف غير السلام والاستقرار والحياة الروتينية المعتادة في الريف الارتري.

ولكن كلما كبرت رات وسمعت ماجعلها تفكر مبكرا فى شئون وهموم لاتشغل من كان في عمرها. السبب كان والدها الذي كان يحكي لها ويشحن ذاكرتها بقيم فضلي ومشاعر انسانية تجاه الاخرين.

لم تعرف لغة غير لغة الام ولم تشاهد بيئة غير بيئتها ورغم ذلك أكتسبت وعيا مبكرا بما كا ن يدور حولها والفضل في ذلك ايضا يعود لممارسات السلطات الأثيوبية المحتلة.

بعد إندلاع الثورة بدات قوات الاحتلال في مطاردة الثوار وعزل السكان عن الثورة حيث امرت سكان الريف بالدخول الي (عدي قيح) حتي تسهل مراقبتهم ولكن والدها رفض وآثر اللجؤ الي الكهوف مع اسرته الصغيرة ومع مايملك من قطيع والالتحاق بالثورة: بدأت الفتاة تكبر وتفهم - ثم حدث ماجعلها تتخذ قرارها التاريخي.

حدثت معركة عسكرية بين الثوار وجيش الاحتلال الاثيوبي شاهدت نتائج المعركة في العراء الجرحي والشهداء من الثوار وبقايا الجيش الاثيوبي الهارب أدركت الفرق بين المعسكرين هؤلاء غرباء جاءوا من بعيد ولا يتكلمون لغتها والاخرون تعرف وجوههم ولغتهم وانهم اخوتها!! حددت مع من تقف. الحادثة الثانية:-

كانت عندما أعتقلت السلطات الأثيوبية والدها وأقتادوه للتحقيق:

ألتحقت با لثوار عام 1967 وهى فى الخامسة عشر من عمرها ! لم يكن من الممكن استيعابها وضمها الي جيش التحرير ليس لأنها إمرأة ولم يكن قبلها من طرق ذلك الباب - بل بسبب صغر سنها. تم أرسالها الى السودان ومكثت فى منزل القائد (عبد الكريم أحمد) لأنها لم تكن تعرف أحدا - بدأ ت فى تعلم القراءة والكتابة وبعد فترة ذهبت الى العراق فى دورة لدراسة التمريض وألأسعافات الأولية عادت بعدها الى الميدان لتصبح مقاتلة وطبيبة. تطورت قدراتها العسكرية وتقدم وعيها السياسى وفى عام 1974 شا ركت فى ثلاثة معارك ضد الجيش الأثيوبى. ثم شاركت فى المؤتمر التأسيسى للمرأة الأ رترية وأصبحت عضوة فى قيادة أتحاد المرأة تفرغت للعمل الجماهيرى خاصة فى معسكرات اللاجئين - وهكذا جمعت ميا دين عمل ثلاثة هى العسكرية والتمريض والجماهير. تشربت رسالة الكفاح وهى صغيرة وكبرت معها وبها أنها أبنة منا ضل وشقيقة مناضل أستشهد فى الثورة وهى الآن زوجة منا ضل من أجل التغيير الديمقراطى.

مواقف وتجارب:

هذه الفتاة التى ألتحقت بالثورة وهى صبية ما زا لت حتى اليوم تكافح من أجل الرسالة التى ناضلت فى سبيلها طيلة حياتها فى أمسية رائعة فى ضيافة منبر الحوار من أجل التغيير تحدثت ووضعت التاريخ أمام الجيل الجديد وفيما يلى بعض المواقف التى تعكس ما تتمتع به هذه المناضلة من وعى مبكر وأفق أسترايجى ومخزون لاينضب من التجارب والذكريات:

• عندما وجدت نفسها وحيدة فى الميدان فى البداية كان البعض يحاول أثنا ئهاعن الأ ستمرار فى موقفها وكا نوا يحاولون أبراز بعض المحاذير والمخاطر التى قد تواجهها. ولكنها كانت تملك أرادة حديدية وقناعة لاتهتز بصواب القرار الذى أخذته وكانت تردعلى هؤلاء وتقول: هناك العديد من الفتيات فى منطق أخرى من أرتريا لن أكون وحيدة !؟ لم يكن ذلك صحيحا لكنها كانت تريد إسكات أصواتهم. هذا الوعى السياسى المبكر والحجج الأعلامية تدل على نقاء سريرتها وصفا ء قلبها وأيمانها العميق بأن مافعلته ستفعله بنات حواء الأ رترية.يالها من إمرأة رائعة !!

• عندما تم تكليفها بممارسة نشاطها فى معسكرات اللاجئين كانت السلطات السودانية تمنع الدخول الى تلك المعسكرات ناهيك ممارسة العمل السياسى فى داخلها لكن المناضلة الرائدة لم تستسلم وأنما وجدت وسيلة للدخول بحجة زيارة الأقارب لم تتدرب فى معهد للتنظيم ولا درست فى أكاديمية وضع وتنفيذ البرامج. أنها تجربة الحياة وموروث التراث وتفاعل التجارب والثقافات أعطتها تلك القدرة على الأبداع وتجاوز العقبات.. يالك من أمرأة مبدعة !!

• سألوها ماذا تقول أذا عادت بها الأيام الى تلك المرحلة ماهى وصيتها للجيل الجديد ؟ قالت أتمنى دائما أن يجد الشعب التغيير الذى ينشده أتمنى أن يعيش الجيل الجديد (الحرية) التى عشناها ومارسناها !؟ ياالله عليك يارائعة هذا هو المعنى الحقيقى للحرية وجوهرها حرية الأختيار وممارسة ذلك الأختيار !! الجيل الجديد رغم الأستقلال الا أنه لايمارس حريته !؟ المفكرون والقادة كتبوا الكثيرعن الحرية ومعانيها ومضامينها هذه المرأة الرائعة والرائدة والتى لم تتخرج من جامعة أومعهد. لخصت الفكرة بهذا الأيجازالرائع !!

حفظك الله ورعاك أيتها المناضلة وستشرق فجر الحرية كماتريدينها قريبا على بلادنا ويجد أمثالك التكريم الذى يستحقونه فى وطنهم سألوها أى الميادين كانت تفضل (العسكرية والتمريض والجماهير).

أجابت: الجماهير فمن الجماهير يخرج القائد العسكرى والطبيب والأم والزوجة والأ بنة والأ خت تخرج جمعة عمر عبدالله.

Top
X

Right Click

No Right Click