محطات من ذكرياتي مع المناضل المرحوم صالح أحمد أياي - الحلقة الثالثة

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة

وكان أحد بنود الاتفاقية بين الدول الاربعة يقول:

إذا عجزت الدول الأربعة الكبرى عن الوصول إلى اتفاق لتقرير مصير أيا من هذه المقاطعات خلال سنة من تنفيذ معاهدة السلام مع إيطاليا فإن المسألة ستحال إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتتخذ توصية بشأنها.

ولقد اتفق الكبار على ألا تمنح لإرتريا الوطنية استقلالها إسوة بما فعلوه مع اثيوبيا الرجعية الاستعمارية وقرروا أن يتعاملو معها على الطريقة البريطانية المعروفة فجعلوا من المسألة الارترية عقدة شبه مستعصية ومع العام 1946 عقدت الدول الحليفة مؤتمر باريس للسلام في حزيران/يونيو وشهد المؤتمر تخلي ايطاليا رسميا عن جميع حقوقها في ليبيا وإرتريا والصومال الإيطالي.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1947 شكلت بعثة استقصاء مع صلاحية زيادة الأراضي الثلاث وتقديم تقرير عن الموقف السياسي وقد قدمت البعثة تقريرها في أيار/مايو من العام 1948 ولكن من دون أن يكون هناك أساس تستطيع الدول الأربعة الكبار أن تتفق في إطاره ولذلك وضع الأمر أمام الامم المتحدة في نيسان /ابريل 1949 وإلى هذه الدورة الثالثة للأمم المتحدة قدمت خطة (بيفن - سوفورزا) السيئة الصيت وبحسب هذه الخطة كان يجب تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أجزاء يحكمها بنظام (وصاية) البريطانيين والفرنسيين والايطاليين جزء لكل دولة بينما يجري تقسيم إرتريا بين السودان وإثيوبيا إلا أن البرنامج انهار كله.

فشلت الأمم المتحدة في الوصول إلى اتفاق حول إرتريا ولذلك قررت إرسال بعثة استقصاء ثانية مؤلفة من خمس أعضاء من بورما-غواتيمالا - النرويج - باكستان - جنوب إفريقيا

عرضت البعثة نتائجها في 28 حزيران/يونيو 1949 كالآتي:

أوصت الأغلبية المؤلفة من بورما والنرويج وجنوب إفريقيا لإقامة اتحاد بين إرتريا وإثيوبيا واقترحت بورما وجنوب إفريقيا اتحاد فيدراليا تحت السيادة الإثيوبية بينما أوصت النرويج باتحاد غير مشروط مع إثيوبيا أما تقرير الأقلية المؤلفة من غواتيمالا والباكستان فقد أوصى بوضع إرتريا تحت وصاية الأمم المتحدة لعشر سنوات تصبح بعدها مستقلة.

وعارض تقرير الأغلبية والأقلية التقسيم عاكسين بذلك بوضوح وبدقة المشاعر الإرترية.

وهذه النقطة الأخيرة ربما تتضمن الأمر الوحيد الذي سمعت فيه أراء الشعب الإرتري وتمثلت بوضوح.

كان لدى بريطانية كدولة مديرة كل الفعالية للتأثير على نتائج الأحداث حول المسألة الإرترية وبعد محاولات عدة للتقسيم ألقى البريطانيين بثقلهم في دعم المطالبة الإثيوبية لإرترية بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية وكان الأمبراطور هيلاسلاسي قد بنى مطالبته بإرتريا على أسباب اقتصادية وتاريخية لا أساس لها من الصحة.

جرت مناقشة التقرير المجزأ لبعثة الاستقصاء حول إرتريا في مناخ سياسي تسيطر عليه الحرب الكورية التي انفجرت في (25 حزيران/يونيو) 1950 وقد نظر إلى المسألة الارترية بمنظار جديد لدور أمريكا فيها.

وقد نجح (أكيلو هبتي وولد) الذي كان وزير الشؤون الخارجية لإثيوبيا في ذلك الوقت.

إن دبلوماسية هيلاسلاسي استغلت الحرب الباردة في ربط سياسة إثيوبيا ومصيرها بالدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة وذلك مقابل (صفقة) حول إرتريا.

ونفذ التزام إثيوبيا اتجاه الغرب في أكثر من طريقة واحدة، فأرسل هيلاسلاسي كتيبة من حرسه الإمبراطوري الحسن التدريب لتقاتل إلى جانب الأمريكيين في الحرب الكورية.

والمثل الدراماتيكي الآخر للأدوار المتغيرة في اللعبة الإمبراطورية وظهور الولايات المتحدة كقوة إمبريالية صاعدة، وقد منحت الولايات المتحدة قاعدة (كانيوستشن) للإتصالات وهي في قلب أسمرا وقبل التسليم البريطاني لإرتريا في العام 1952 وقعت الولايات المتحدة مع الإمبراطور هيلاسلاسي معاهدة دفاع متبادلة سرية تستمر بموجبها (25) عاما مستأجرة لقاعدة (كانيوستشن) ويحصل هيلاسلاسي مقابل ذلك على مساعدة عسكرية وغير عسكرية وقبل توقيع المعاهدة كان هيلاسلاسي قد وضع نفسه بتصرف الولايات المتحدة التي ناورت بدورها في الأمم المتحدة لحملها على تبني حل فيدرالي لإرتريا وهذه هي خلفية القرار (390) الذي اتخذته الامم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 1950 والذي يقترح إعلان إرتريا كيانا ذا استقلال ذاتي يكون متحدا فيدراليا مع إثيوبيا تحت التاج الإثيوبي دون أن يلحظ ذلك القرار استفتاء الشعب الإرتري لميثاق الأمم المتحدة كما أنه مناقض لرغبات الشعب.

وكانت مقدمة القرار قد ذكرت أن القرار أخذ في الاعتبار رغبات ومصلحة سكان إرتريا بما فيها أراء مختلف المجموعات العرقية الدينية والسياسية لمقاطعات هذه الأراضي وقابلية هذا الشعب للحكم الذاتي ومصالح السلام والأرض في شرق إفريقيا وحقوق ومطالب إثيوبيا القائمة على أسباب جغرافية تاريخية عرقية أو اقتصادية بما فيها خاصة الحاجة المشروعة لإثيوبيا ليكون لها ممر ملائم إلى البحر ورغبة في أن يضمن هذا الاتحاد (إرتريا مع إثيوبيا) لسكان إرتريا الاحترام الكامل ويصون مؤسساتهم وتقاليدهم ودياناتهم ولغاتهم وكذلك أوسع قدر من الحكم الذاتي ويقول السياسي الإرتري...

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click