قولوا الحقيقة إبراهيم إدريس توتيل خصم وليس عميلا

بقلم الأستاذ: محمود عثمان إيلوس - كاتب وبـاحث ومحلل سياسي

قلت وجهة نظري مبكرا حول اشكاليات جبهة التحرير الارترية وكيف أن العامل الداخلي

وليس المواجهة العسكرية؛ ضد الجبهة الشعبية هو العامل المفصلي في انهيار الجبهة؛ وذلك من خلال بحث (ارتريا ومشكلة الوحدة في حقبة الثورة)، وكنت قد تشرفت بمقابلة احد القادة العسكريين للجبهة حامد محمود، حيث وجهت له ضمن اسئلة أخرى سؤالا يتعلق بدور عناصر حزب العمل في تفتت الجبهة بل وطلبت منه تفاصيل أخرى عن الحزب، فكان رده "يا ابني أنت عايز أيه من حزب العمل"؛ قلت ابحث عن الحقيقة المجردة عن تلك الاحداث الخطيرة!.

وفي الحقيقة لم اجد الحقيقة ولا مرارتها من خلال ذلك اللقاء الكسلاوي؛ قادما من الخرطوم. ذلك كان في اواخر التسعينات.

كل الإفادات التي ساعدتني فيما كنت اذهب اليه من تحليلات كانت ناتجة من احاديثي المطولة مع الصادق الوطني الراحل أحمد سويرا؛ وبعض ما استقيت من تحليلات ما بين سطور احاديثي مع ابراهيم محمد علي وهو احد اعمدة الجبهة والحزب معا؛ وهو بقدر شفافيته؛ بقدر شحه في الحديث عنن حزب العمل؛ وهو رجل يتحدث بموازين الكلمة والدقة؛ لكنه آثر ابقاء قسم العهود عن تقديم الحقائق التفصيلية عن تلك المرحلة؛ احترمت تحفظاته؛ وقلت ان الرجل وعدني بتقديم وجهاته كتابا مقروء في المستقبل؛ وبالفعل صدر الكتاب؛ ولما اتشرف بقراءته لصعوبة الحصول عليه؛ سوى ما تابعته من بعض قراءات نقدية حوله؛ والنقد يجذبني للقراءة الفاحصة لكنه لا يشكل لي المعلومة الاساسية.

ثم صدر كتاب عبدالله ادريس محمد؛ ومن ذا الذي يمكنه الحديث عن الجبهة على حضرة روح الجبهة وقائدها الفذ عبدالله ادريس محمد؛ ولكن؛ وفي حقيقة الأمر؛ كتاب أضواء على الثورة؛ لا يشابه كتابات عبدالله ادريس؛ لذلك سميته كتابات قائد على عجل واعدا شعبه بالعودة للتفصيل؛ فجاء الأجل ورحل العظماء.

وبينما أنا هكذا تحاصرني الحسرات على تبعثر معارفنا ووعينا وأوطاننا؛ نشرت جهود مقدرة في (أدال تقوربا) بإجراء مقابلة كانت قد أجريت مع الجنرال حامد محمود؛ قرأتها بلهفة لأجد معلومات دقيقة وموثوقة حول بعض التساؤلات؛ فسطرا بعد سطر؛ فغموضا بعد غموض؛ الى ان انتهت تفاصليها بيومها وغدها؛ بينما الحصيلة؛ لا شيئ يستحق التجديد فيه سواء حول ماقيل عن الأمريكان او السوفيت او السودان؛ سوى تبرئة النفس وتحميل الامر لابراهيم توتيل.

انا هنا قارئ في مرحلة الاجتهاد حول مشكلات الثورة؛ ولست مشاركا في صناعتها؛ لا أملك الحقيقة ؛ لكنني أعلم علم اليقين أن عبدالله ادريس رحمه الله كان مثله كمثل ابراهيم توتيل أحد الأعمد القيادية؛ سياسيا وعسكريا؛ يتحمل مسئولية الانهيار؛ فعام 1980 انما كان يمثل نهاية الانهيار ولم يكن بداية الانهيار؛ فإعوجاج الجبهة بدأ مبكرا؛ منذ السبعينات؛ ولم تكن هناك ادوار جادة في تصحيح المسار.

الحيقية المرة؛ ان الجميع بمن فيهم حامد محمود كان جزءا من حزب العمل؛ وعيا او سطحا او موضة.

لا املك الحقيقة ؛ لكنني املك محاولات الاطلاع؛ لم تثبت حقيقة الولاء المسبق لإبراهيم توتيل للجبهة الشعبية؛ لنقول ما يوحي بتعاضده معها؛ ان ذهابه اليها فيما بعد كانت ذهاب البعثرة التي حدثت داخل الجبهة؛ كلما أريد ان اشير اليه هنا؛ هو ان الجبهة كانت مخترقة في مفاصلها كلها قيادة او جندا؛ ليس من قبل الامريكان او السودان؛ وانما من قبل الجبهة الشعبية التى كان يديرها أسياس أفورقي؛ مثل ما تم اختراق حركة الجهاد الاسلامي الارتري؛ فيما بعد؛ ولم تقدم - حتى الآن - الحقائق المجردة سوى حديث التضاد في اطار الخصوم.

قولوا الحقيقة بشكل مفصل؛ فالاغتيالات لما يتم تناولها بشكل تفصيلي من قبل من كانوا حضورا في خضم تلك الأحداث المتسارعة.

إننا كلما نتحدث عن تلك الأحداث بدقة وأمانة سيساعدنا لفهم مشكلاتنا وتقديم الحلول وتجنب تكرار اخطائنا؛ والشواهد كثيرة؛ منها أننا بنينا بعد انهيار الجبهة التنظيم الموحد؛ فتعرض لنفس مشكلات الجبهة؛ ومثل ذلك حركة الجهاد؛ واليوم بعد اكثر من ربع قرن من انهيار مقومات البنية التحتية لقيام الكيان الإرتري نتحدث عن المسببات بشكل سطحي ومتجزئ دون خوض التقييم وتقديم الشهادات بحلوها ومرها؛ بإيجابياتها وسلبياتها.. حقائق مجردة فحسب؛ وللأجيال فطنة التمييز والتحليل.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click