أرتريا مائة عَام من التضحيات ١٨٩٠-١٩٩٠

إعداد صفحة:حامد إديس عواتي - فيسبوك  تأليف المناضل الأستاذ: عمر جابر عمر - ملبورن، استراليا

ص ٤٤ - ص ٥٣ الفصل الأول:

جبهة التحرير الأرترية:

كما ذكرنا في الفصل السابق فان الصراع بين الحركة الوطنية الإرترية من جهة وأثيوبيا وجهة ثانية وقد وصل إلى مراحل التحدي المباشر منذ بدء تطبيق القرار الفدرالي عام ١٩٥٢ وحتى إعلان أثيوبيا ضم إرتريا إليها في ١٩٦٢/١١/١٤. وهنالك عدة مؤشرات تعكس وعي الحركة الوطنية الإرترية واستعدادها لخوض الجولة الثانية ضد النظام الأثيوبي.

(١) كان الصراع  بين القيادات الوطنية في البرلمان الإرتري والعناصر التابعة لأثيوبيا. كان الوطنيون يقاومون إلغاء الامتيازات التي حصل عليها الإرتريون من القرار الفدرالي (بالرغم من إجحافه) مثل الحكم الذاتي (حكومة إرترية - علم - قوانين وتشريعات محلية - استخدام اللغات الوطنية...الخ) وتحديد العلاقة الفدرالية مع أثيوبيا، بينما كان العملاء في البرلمان يوافقون على كل ما تطلبه أثيوبيا وتشيراليه.

(٢) كانت الحركة الوطنية في مواجهة مباشرة مع النظام الأثيوبي وعملائه فمظاهرات الطلاب والعمال منذ عام ١٩٥٤ وحتى عام ١٩٦٠ لم تتوقف ودخل مئات المواطنين السجون واستشهد العشرات وكانت أثيوبيا لا تتردد في استخدام كل وسائل القمح وألغت التنظيمات النقابية الديمقراطية (عمال) والتي لم تكن موجودة في أثيوبيا أصلاً أغلقت الصحف الوطنية ومنعت حرية التعبير والتنظيم. تحركت قيادات الحركة الوطنية الإرترية وقدمت المذكرات أرسلت البرقيات إلى الأمم المتحدة تطالبها فيها بالتدخل ووضع حد لتجاوزات الحكومة الأثيوبية ولكن دون جدوى.

(٣) كانت الخطوة التالية هي هجرة تلك القيادات إلى الخارج لمواصلة النضال وبالفعل بدأت تلك القيادات في توجيه برامج خاصة إلي الإرتريين من إذاعات السعودية ومصر وكان لها دور تحريضي وتعبوي هام.

(٤) لم تكن القيادات هي التي هاجرت فقط بل أن المئات من الطلاب والعمال هاجروا  إلى السودان والسعودية ومصر وشكلوا (تجمعات) وطنية ترعى شئونهم وتحقق مصالحهم. بل إن تلك التجمعات لعبت دوراً رئيسياً في عملية إخراج القيادات الوطنية من إرتريا إلى الخارج. وفي عام ١٩٥٢ تم تأسيس (اتحاد طلبة إرتريا بالقاهرة) وهى المنظمة التي لعبت دوراً بارزاً في تنظيم العمل الوطني في الخارج فيما بعد وأصبح الاتحاد مركزاً لنشر القضية ومقراً يجتمع فيه الزعماء الوطنيون.

وهكذا وصلت الحركة الوطنية الارترية مرة اخرى الى طريق مسدود بعد فشل حركة تحرير ارتريا وأصبح الكل  يتساءل: 

مــــا العــــــمل ؟

نتيجة لظروف القمع واساليب العمل السري داخل ارتريا، وبعد تشتت قيادة وقواعد العمل الوطني في الخارج ونظرا لغياب (مرجع) رسمي موثوق يحدد ملامح وخطوات تلك المرحلة ربما لأن معظم قيادات تلك المرحلة لا تزال تواصل دورها في العمل الوطني - نتيجة لذلك كله فمن الصعب أن نحدد بدقة الخطوات التي تمت وان نسرد تسلسل الاحداث بشكل طبيعي وذلك لاختلاف الروايات وتناقضها في بعض الحالات. ولكن ذلك كله لا يتجاوز حدود التفاصيل الدقيقة وهي على كل أية حال غير ذات أهمية - في الوقت الحاضر على الأقل - ولا تمنع أو تؤثر في رسم الصورة الاساسية والملامح الرئيسية.

لذا فاننا بعد هذه الملاحظة نتبع اسلوبا علمياً في تناول مراحل تلك الفترة ونسقط ما ليس له تأثير جوهري على الاحداث وما يتسم يصفة ذاتية تحجب عنا الحقائق الموضوعية.

وإنطلاقا من الوقائع العملية الثابتة والتي  ما زالت ماثلة أمامنا حتى اليوم فاننا نقول ما يلي:-

هناك ثلاث (محطات) تشكل كل منها حلقة في سلسلة الحلقات التي أدت الى النتيجة النهائية - ولم يكن بين تلك المحطات أي تناقض بل كان تكامل وتنسيق - وان كان عفويا في بعض الاوقات وكان اتفاق وشعور مشترك وان لم يسجل في برنامج أو تتضمنه لوائح عمل تنظيمية.

أولا: المحطة الأولى - هي القاهرة:

حيث يوجد اتحاد طلاب القاهرة الذي كما ذكرنا لعب دوراً كبيراً في تأطير وتعبئة الشباب الإرتري وبلورة القضية الوطنية، كذلك كان هناك اللاجئون السياسيون الإرتريون وهم ان كانوا قد اختلفوا في بعض التفاصيل وأسلوب العمل المشترك بينهم إلا انهم كانوا ينطلقون من أرضية واحدة هي وحدة إرتريا أرضا وشعباً ويتطلعون إلى هدف واحد هو استقلال إرتريا. بالإضافة إلى ما سبق فان وجود كل هؤلاء في مصر - قلعة التحرير ونموذج البلد الذي تحدى الاستعمار ويناصر حق الشعوب - كان ذلك (المناخ) حافزاً لكل الإرتريين على التعلم من الثورة المصرية ووجدوا فيها سندا لقضيتهم وتحركهم. وربما يكون من المفيد أن نذكر هنا زيارة عضو مجلس قيادة الثورة المصري في ذلك الوقت القي خطاباً أمام الطلاب الإرتريين أكد لهم فيه دعم مصر لكفاحهم من اجل نيل حقوقهم وعبر لهم عن ترحيب مصر بوجودهم على أرضها، وكان ذلك عام ١٩٥٧م.

وكانت الثورة الجزائرية أيضا تمثل في ذلك الوقت نموذجاً لإرادة الشعوب على مواجهة الاستعمار وان الكفاح المسلح أصبح وسيلة فعالة لتحقيق الأماني الوطنية. كما سنرى فيما بعد فإن تجربة الثورة الجزائرية كان لها تأثير كبير على الصيغ التنظيمية والعسكرية التي سارت عليها جبهة التحرير الإرترية.

وفي إطار هذه الصورة - وبعد فشل حركة تحرير إرتريا - يمكن ان نفهم مبادرة الطلاب وبعض السياسيين الإرتريين لتأسيس (جبهة التحريرالإرترية) في ١٩٦٠/٧/٧ في القاهرة. وقد تم تشكيل قيادة الجبهة من الطلاب وبرئاسة السيد إدريس محمد آدم - الذي  كان وقتها لاجئا سياسياً في القاهرة، وسميت القيادة باللجنة المركزية. ولكن سرعان ما (تلاشت) اللجنة المركزية ليحل محلها (المجلس الأعلى) حيث ضم أعضاء متفرغين تماماً  للعمل السياسي بالإضافة إلى اثنين أو ثلاثة من الطلاب وربما كان ذلك استفادة من تجربة الحركة وربما كان يعكس صراعاً مبكراً على السلطة ولكن في كل  الأحوال فإن الخطوتين (اللجنة المركزية) و (المجلس الأعلى) تمتا في غياب تام عن الجماهير، لذا فقد ظلت تلك المرحلة (مجهولة) وفي الحقيقة فليس لها من اثر عملي على سير الأحداث ما عدا (العقد) التي تحكمت في بعض الأفراد نتيجة إزاحتهم واستبدال القيادة الأولي (اللجنة المركزية) بالقيادة الثانية (المجلس الأعلى) وهكذا أصبح المجلس الأعلى  القيادة التاريخية للجبهة وكان عدد أعضائه يزيد ويتقلص لأسباب وبكيفية لا يفهمها أحد وفي حقيقية الأمر فإن القاعدة خاصة في السودان والداخل لم تكن تهتم كثيراً بهذا الأمر في البداية.

ونستطيع أن نسجل هنا هذه  القائمة النهائية لأعضاء المجلس الأعلى الذين واصلوا وتركوا أثرا سلبيا أو إيجابا:-
١. ادريس محمد آدم
٢. ادريس عثمان قلايدوس
٣. عثمان صالح سبي
٤. محمد صالح حمد
٥. سيد أحمد محمد هاشم
٦. طه محمد نور
٧. عثمان ادريس خيار
٨. تدلا بايرو (اندم عام ١٩٦٧)

انطلق أعضاء المجلس الأعلى إلى مختلف الأقطار والمواقع التي يتواجد فيها ارتريون - السودان - الصومال - السعودية  وغيرها، وفي السودان التقي رئيس المجلس الأعلي (بمجموعة السودان) وكانت الحلقة الثانية.

ثانيا: المحطة الثاني  - أو دائرة العمل الثانية:

كانت في السودان وبالتحديد في مدينة  (كسلا) في شرق السودان وهناك عدة حقائق يجب تسجيلها في هذا المجال:-

أ‌) كان عدد كبير من أعضاء (حركة تحرير إرتريا) السابقين قد بدأ البحث عن (وسيلة) للنضال بعد ان فقدوا الأمل في الحركة، وبعد فترة (حياد) بدأوا يتخذون خطوات عملية تمثلت في عقد سلسلة من الاجتماعات لبحث البدائل والاتصال بحامد إدريس عواتي في قريته والاتفاق معه على عمل ما ...الخ. وفي كل ذلك كان هؤلاء لا صلة لهم بما جري في القاهرة ولم يكن يربطهم حتى فيما بينهم إلا (الرغبة في النضال والبحث عن وسيلة جديدة).

ب‌) كان الجنود الإرتريون في الجيش السوداني هم نواة ذلك التجميع وكانوا هم المؤهلين للقيام بأي عمل عسكري بحكم خبرتهم وإمكانية حصولهم على (الذخيرة) سواء بالشراء أو بوسائل اخرى. وفي أحد اللقاءات التي كانت تتم بين تلك المجموعات في كسلا طرح سؤال: متي تبدأ الثورة المسلحة ؟ 

وبعد نقاش طويل تم الاتفاق على أن يكون الموعد في آخر يوم  ينتهي فيه آخر الجنود من المجموعة من العاملين في الجيش السوداني بمعني آخر حين يحل المعاش وبالتالي تتفرغ كل المجموعة للعمل المسلح وكان ذلك الموعد هو عام ١٩٦٣.

ج) تم إرسال عدد من الوفود الي القائد حامد عواتي - قبل خروجه - للتشاور معه فيما يمكن عمله وبعض الوفود كانت تقوم بمبادرات عفوية للاتصال بعواتي ولكنها كلها لم تصل إلى غايتها، فالنوايا كانت أكبر من الإمكانيات والطموح كان يفوق الاستعداد الجدي للعمل.  واخيراً تم الاتصال بين دائرتي القاهرة وكسلا ولكن الأحداث في دائرة العمل الثالثة كانت تتطور بسرعة بحيث أنها فاجأت الجميع.

ثالثا: المحطة الثالثة - ارتريا:

كما ذكرنا سابق فان الشعب الارتري قد بدأ يفقد الثقة في الحركة (حركة تحرير أرتريا) وبدأت اعداد كبيرة تتخلى عن الحركة ولكنها بالمقابل لا تعرف ما العمل. وفي لحظة تاريخية حاسمة وبمشاعر جماعية وبثقة غير محدودة اتجهت الانظار الى (عواتي) فهو المنقذ وهو الذي يمكن أن يجيب على السؤال.

والشيخ حامد ادريس عواتي هو احد ابناء الشعب الارتري نشاء في بيئة ريفية مشبعة بقيم الفروسية والشجاعة والدفاع عن الدار والاهل ضد (الغزاة) من المناطق المجاورة وقد اشتهر في فترة الثلاثينات وبداية الاربعينات باعتباره بطلا لا يهزم ومدافعا صلبا عن حقوق ومكاسب شعبه ونتيجة لتطوره السريع سياسيا وثقافيا تلقى دورة في الاستخبارات والشرطة لمدة عام واحد في ايطاليا حيث انه كان يجيد اللغة الايطالية الى جانب العربية والتجرينية - والتجري وبعد تطبيق القرار الفيدرالي عام ١٩٥٢ اختار الحياة المدنية وتم تعيينه (شيخ خط) في منطقة قلوج - قرست واعطى بندقية (ابو عشرة) تقديرا له.

وبدأ يمارس الزراعة في تلك المنطقة ومع تطور الاحداث أصبح بين شكلين من الضغوط. فمن جهة الجماهير الارترية تتطلع اليه للقيام بالمبادرة، ومن جهة ثانية كانت أثيوبيا تراقبه باستمرار وتشدد من حصارها حوله وترصد تحركاته كلها. وما كان  يجعله يتردد في الاستجابة لالحاح الوفود التي كانت تطلب اليه ان يقود الثورة هو عدم اقتناعه بوجود الاستعداد الكافية من جهة وكان يخشى ان يقود الجماهير الارترية اللى مغامرة غير محسوبة العواقب، بالاضافة الى عدم اطمئنانه وثقته في كل من كان يطرح عليه تلك الفكرة خشية ان يكون عميلا للنظام الاثيوبي يريد استدراجه.

ولكنه وفي لحظة تاريخية قرر ان يقبل التحدي الاثيوبي وان يتحمل المسئولية الوطنية وهكذا في  مساء ١٩٦١/٨/١٥ خرج مع مجموعة من زملائه الذين يثق بهم وعددهم اثنى عشر (١٢) رجلا ومعه بندقيته الوحيد (ابو عشرة) ومع زملائه عدد من بنادق (ابو خمسة) بعضها لا يصلح مع كمية قليلة جدا من الذخيرة.

والذين خرجوا معه أو التحقوا به في الطريق هم:-
١. عبده محمد فايد
٢. فقوراي ابو حليمة
٣. النور الحجاج
٤. داؤود الامين سلمان
٥. ابراهيم حمد سني
٦. عواتي محمد فايد
٧. بيرق نوراي آدم
٨. ابراهيم محمد قلحوي
٩. أحمد محمد حسن
١٠. كرار آدم حزوت
١١. حمد حسن ادريس (دوحين)
١٢. صالح محمد آدم (قروح)
١٣. آدم ابو حليمة
١٤. عمر محمد علي كوكوي
١٥. موسى حمدين
١٦. حمد محمد دين (جبنت)
١٧. علي داؤود
١٨. آدم كشه (شافي)
١٩. شنقراي عمار بخيت

وفي الساعة التاسعة من صباح يوم ١ / ٩ / ١٩٦١م. وفي منطقة ( أدال ) وقعت أول معركة مع العدو الاثيوبي وبذلك بدأت الطلقة الأولى لاعلان الكفاح المسلح.

وتكاملت الحلقات والتقت الدوائر تحت شعار الكفاح المسلح بقيادة عواتي وفي اطار جبهة التحرير الارترية.

ذلك هو باختصار ملحص الخطوات في المرحلة التمهيدية. واذا كنا قد اسقطنا بعض التفاصيل فلأن الاساس والجوهر هو الأهم وللتفاصيل مناسبات كثيرة في المراحل القادمة. اذن فان (جبهة التحرير ارتريا) كانت بحق تعبيرا عن ارادة جماعية وانعكاسا لطموحات الشعب الارتري، الجميع كان ينتظر الحدث والكثيرون عملوا من اجله ومهدوا له وجاء المولود تجسيدا لارادة شعب ووعي جيل ما بعد القرار الفيدرالي.

تجربة جبهة التحرير الارترية:

المرحلة الأولى ١٩٦١-١٩٦٥

بعد معركة (ادال) في ١٩٦١/٩/١م  أصبح القائد عواتي وزملاؤه في مواجهة مباشرة مع النظام الإثيوبي وهكذا كانوا في حركة دائمة يواجهون نقصاً حاداً في السلاح والذخيرة . وفي نفس الشهر سبتمبر - ايلول ١٩٦١ حدثت المعركة الثانية (اومال) وفي شهر أكتوبر - تشرين الأول جرت المعركة الثالثة في (أدال هجر) وفي المعركة ألاخيرةأصيب القائد عواتي في زراعة بجرح خفيف بينما فقدوا في المعركة الأولي أسيرا (بيرق نواري) وفي المعركة الثانية شهيداً (عبده محمد فايد) - هذا وكان قد شارك في معركة (أدال) الأولي عشرون مناضلاً وبعد فترة تسلم عواتي أول دعم من مجموعة السودان كانت عبارة عن ٧٥ طلقة دفع ثمنها الجنود ألارتريون في الجيش السوداني كما قدم كل من حامد همد بلتوبياي ومحمد شيخ داؤود وسيدنا سليمان دعما متواصلاً للقائد عواتي تمثلت في الأغذية والملابس والمعلومات وعدد سبع (٧) بنادق قديمة. وفي عام ١٩٦٢ في (ابو حشيلا شكور) تم أول اجتماع عام للمقاتلين بعد ان انضم اليهم عدد ممن كانوا في في الجيش السوداني وغيرهم من المواطنين وهم:-

١. محمد إدريس حاج
٢. محمد عمر ابو طيارة
٣. عمر حامد ازاز
٤. عثمان ابو شنب
٥. آدم حامد قندفل
٦. كبوب حجاج
٧. محمد آدم ادريس
٨. محمد علي ابو رجيلة
٩. محمد ابراهيم بهدوراي
١٠.  كشه محمد كشه

ويعتبر هؤلاء الدفعة الأولي التي التحقت بالقائد عواتي بعد معركة الثلاث ويطلق عليهم اليوم (الرعيل الأول) وكان الشهيد (طاهر سالم) هو قائد هذه المجموعة في السودان وراسها المفكر ولكنة لم يلتحق بجيش التحرير في تلك المرحلة نظراً لوجوده في خدمة الجيش السوداني وقد التحق في عام ١٩٦٣ بجيش التحرير الإرتري.

وفي اجتماع (ابو حشيلا) تم تقسيم الجيش الي أربع فاصائل بقيادة حامد عواتي كقائد عام وعلي راس كل فصيلة قائد من اولئك القادمين من الجيش السوداني .وتم فيما بعد تشكيل  قيادة للجيش تولي فيها (حامد عواتي) مهمة القائد العام ومحمد ادريس حاج نائباً له وبعد استشهاده عين طاهر سالم نائباً ثم محمد عمر ابو طياره.

ولكن القدر لم يمهل القائد عواتي طويلاً فقد استشهد يوم ١٩٦٢/٦/٢٦ والمرجح ان سبب الوفاة كان هبوطاً في القلب.

لقد تميزت فترة ١٩٦١–١٩٦٥ بأنها فترة استقطاب الجماهير وتعبئتها وأحياء القضية الوطنية مرة ثانية علي المستوي الدولي ومن اهم المعارك في تلك المرحلة:-

١) عملية أغردات الفدائية عام في ١٩٦٢/٧/١٢ حيث قتل اكثر من ٣٨ شخصا من بينهم وزراء ومسؤلون في الحكومة الإثيوبية.

٢) عملية هيكوته الفدائية عام ١٩٦٣ وكانت جريئة ومتقنة في تخطيطها وتنفيذها وغنم الثوار اكثر من خمسين قطعة من بينها (برين).

٣) معركة شعب - وغنم فيها الثوار ايضا اسلحة كثيرة.

٤) معركة تقوريا ١٩٦٤/٣/١٥ وهي اول معركة ضد الجيش الإثيوبي حيث كانت المعارك حتي ذلك التاريخ تدور ضد قوات الشرطة والقوات الخاصة من الارتريين الذين استخدمتهم اثيوبيا ضد الثورة. كانت معركة (تقوريا) نقطة تحول في أساليب قتال جيش التحرير وفي مستوي التحاق اعداد كبيرة من الشباب الي الثورة بعد ذلك الانتصار.

وقد اثبتت التجربة العسكرية من ١٩٦١–١٩٦٥ بان ما طبقة القائد حامد عواتي ورفاقه من اسلوب حرب العصابات كان إبداعا عسكرياً  إرتريا لقوانين حرب العصابات، وكان لشخصية القائد حامد عواتي التاريخية دوراً اساسياً في ارساء تقاليد البطولة الإرترية ونكران ألذات، بالرغم من احتياجات القتال الأساسية كالذخيرة والأدوية وكان مصدر تسليحهم الأساسي هو العدو الإثيوبي ان انتشار الثورة جغرافياً وتوسيع القاعدة البشرية يطرح تلقائياً دور العمل السياسي باعتبارة العنصر الحاسم في تطوير العمل العسكري وتنظيم وتعبئة الجماهيروهنا يجيء دور القيادة السياسية ان القيادة التاريخية لجبهة التحرير الإرترية (المجلس الأعلى) بحكم طبيعة واسلوب تكوينها وبعدها عن ارض المعركة  لم تستطع أن توفر للتجربة العسكرية - السياسية الوليدة الظروف السياسية والأسس الصحيحة التي تمكنها من الانطلاق بثبات لذا فأن المجلس بالرغم من اهتمامه بجلب بعض المساعدات المادية والعسكرية والأنصال بالدول إلا انه أهمل وبشكل واضح معالجة القضايا السياسية والاجتماعية التي برزت مع تطور الثورة - مما ادي الي تنامي التناقضات الطائفية والعشائرية - والإقليمية.

وكان القائد عواتي بحكم شخصيته القيادية الفذة وتمتعه باحترام الجميع قادراً  علي حسم الكثير من القضايا ومعالجة الاموربافق واسع  ونظره عميقة تعكس فهما متقدماً لطبيعة المجتمع الإرتري - لكن استشهاده المبكر ترك فراغاً كبيراً علي مستوي القيادة وبدأت تبرز مظاهر التنافس الشخصي بين القيادات العسكرية مما أدي إلي تكوين مراكز ثقل قام المجلس الأعلى باحتضانها وتشجيعها وفقاً لحسابات أعضائه وصراعا تهم الشخصية.

Top
X

Right Click

No Right Click