نـــاى عينى مسـكّــر (شاهد عـيان) فى تأريخ الثّـورة الأرترية - الحلقة الرابعة والأخيرة

تأليف المناضل: قرمدهن زقرقيس ترجمه الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - كاتب إرتري، المملكة المتحدة

مرحلة الكفاح لإنقاذ التّنظيم (1971-1972): وصلت الثّورة الإرترية إلى مرحلة خطرة

وهدّدت بالإندثار فى عام 1970 على حسب ما ذكرته آنفا وذالك بسبب الإنفصال والإنشقاق الثلاثى ذات الطّـابع القبلى والّذى كون لاحقا (قوات التّحرير الشّـعبية) ووصلت القيادة العامة إلى مرحلة لا تستطيع معها مباشرة عملها وقيادة التنظيم.

وفى هذه المرحلة كان الخيار بين أمرين وهما إمّا التمسّك بشرعية مؤتمر (أدوبحا) وتقوية الجانب الوطنى والديموقراطى فى داخل الجبهة وتأطيره وتنظيمه. من أجل إنقاذ الثّورة من الضّـياع والإندثار.. وإمّا سلوك الطريق الآخر طريق القبيلة والإقليم والطّائفية والهروب إلى قرى المنشأ والمننبت وإلى جبال ووديان مناطق الميلاد أو إلى المساجد أو الكنائس… ولكن (جبهة التّحرير الإرترية) إختارت الخيار الأوّل ولذالك سارعت فى التأطير والتنظيم لكلّ القوى الوطنية والديموقراطية فكان مؤتمر (عواتى العسكرى) للوصول عبره إلى مؤتمر وطنى جامع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وفى تلك الأيّام واجهت القيادة العامة أحلك أيّامها وقاربت أن تفقد سيطرتها على السّاحة ولذالك وقفت بحزم وعملت على إنجاح مؤتمر (عواتى) والمؤتمر الوطنى الجامع وكان ذالك موقفا مشرّفا يحسب لها ولا عليها.. إنّ مؤتمر (عواتى) كان يجب أن يعقد فى منطقة (كر) ولكن لأن السلطات الإثيوبية عرفت مكان إنعقاده بواسطة(مخابراتها)... وأصبحت الطائرات الإثيوبية تحلّق حول المكان ولذالك إنتقل المؤتمر إلى معسكر (عوّاتـى) وهنا شرع أعضاء تنظيم (قوات التحرير الإرترية) فى التخطيط لإفشال المؤتمر بمهاجمته وقتل من يقتل وتشتيت أعضاءه ليتثنّى لهم السّيطرة على المؤتمر ومن ثمّ على التنظيم.

للتوضيح... (فى هذا المؤتمر شارك كلّ أعضاء القيادة العامة بإثتثناء (أسياس أفورقى) والأستاذ (أبرّا مكنّن) شارك فى المؤتمر كلّ قوّاد السّرايا والفصائل ونوّابهم ورؤسـاء الأقسام ونوّابهم والمناديب الصّحيّين للوحدات العسكريّة وبعض المشاركين من الخارج مثل (حروى تدلا بايرو) و(إبراهيم إدريس محمد آدم).

ولكن فشلت خطّة (العوبليون) (قوات التّحرير الإرترية) فى إفشال المؤتمر أفشلها أحدهم والّذى نقل الخبر إلى المناضل (عثمان أبو شنب) قائلا له:(أنا أحبّك وأحترمك ولذالك لا أريدك أن تموت لأنّ {العوبليون} لهم خطّة لمهاجمة المؤتمر فى صباح الغد ولذاك ها أنا ترانى أخبرك) وكما يعرف الجميع أنّ المناضل (عثمان أبو شنب) كان رجلا نزيها وحقّانيّا ولا يفرّط فى حبّه وولاءه لـ (جبهة التّحرير الإرترية) ولذالك لم ينم الليل كلّه حتّى أتى إلى مكان المؤتمر وبأسلوبه المرح والفكاهى قال للمؤتمرين (إنّ اليوم ليس يومنا.. إنّ هذا اليوم ليس لنا…) ومن ثمّ نقل الخبر إلى سكرتارية المؤتمر والتى كان أعضاءها ثلاثة (عبدالله ديغول) رئيسها و(إبراهيم إدريس توتيل) سكرتيرها للعربى والأستاذ (عقبانكئيل مسمر) سكرتيرها للتقرنية... ثمّ قام عضو القيادة العامة ومسؤول أمن المؤتمر المناضل (صالح جمجام) مناديا بمكبّرا للصوت بإلغاء الإجتماعات لذالك اليوم.

وتأكّد أنّ بعض اللّذين كانوا مكلّفين بالهجوم على المؤتمر وكانوا قد إختاروا مواقعا تمركزوا فيها تراجعوا وأخلوا مواقعهم، وآخرون كانوا متعاطفين مع الخطوة ولكنّهم أحسّو بأنّ أمرهم قد كشف إختفوا من مكان المؤتمر وهربوا مثل (حريراى وصاروخ) وبذالك فشلت عمليّة الهجوم على مؤتمر (عواتى) وذالك كلّه بإخلاص وتفانى المناضل (عثمان أبو شنب).

ولكن فى نفس تلك الأيّام صفّى أسياس ومجموعته فى منطقة (عد شوما) مجموعة الفدائيين التابعة لـ (جبهة التحرير الإرترية) والتى كانت تعمل فى مناطق (قندع) وضواحيها وأعلن الأمر فى حينه للمؤتمرين، وأذكر من الفدائيين اللّذين صفّو حينها (أحمد قاشا)و (عمر الدّين محمود) و(عثمان إبراهيم) ولكن كما يقال فى المثل: (بعلوم طحنتى بعلوم لنقتطتى) (المترجم:يقابل هذا المثل فى العربية (ضربنى وإشتكا… سبقنى وبكا) ولكنّهم يتّهمون (جبهة التّحرير الإرترية) بأنّها هى التى بدأت بالتصفية العسكريّة ولكن لمن يعرف حقيقة تّأريخ الثورة الإرترية لا يملك إلاّ أن يستغرب فى أمرهم.

أريد أن أقول أنّ مؤتمر (عواتى) لم يكن أقلّ أهميّة من مؤتمر أ(أدوبحا) عندما ينظر إليه فى الظّروف الّتى عقد فيها وبالنّظر للصبر والمثابرة الذى تحلّى بهما المؤتمرون وقيادته وبالنّظر إلى قراراته التى إتّخذها، إنّ مؤتمر (عواتى) كان نصرا وخطوة إلى الأمام وحضره ما قارب على 300(ثلاثة مائة) مناضل ومقاتل فى الفترة من 26-2 إلى 13-3-1971 وإتّخذ قرارات مهمة منها:-

1. قرّر عقد مؤتمر وطنى عام بعد أربعة أشهر من إنفضاض مؤتمر (عواتى).

2. قرّر إضافة 5 أعضاء إلى عضوية اللجنة التّحضيرية للمؤتمر الوطنى العام والتى أقرّها مؤتمر (أدوبحا) ليكون مجموع أعضاء اللجنة التحضيرية 30 عضوا.

3. أعطى الصّلاحية المطلقة للجنة التحضيرية للتصرف فيما تراه مناسبا فى صرف المال من ميزانية التنظيم وإعداد الوثائق والدراسات والحرص والعمل على إشراك كلّ فئات التنظيم بطريقة ديموقراطية، كما أعطى الصّلاحية كاملة للجنة التحضيرية فى كيفية وعددية إشراكهم بما يضمن نجاح المؤتمر.

4. قرّر المؤتمر أن تواصل القيادة العامة قيادة التّنظيم حتى إنعقاد المؤتمر الوطنى العام.

5. كما قرّر أيضا إقامة لجنة للتفاوض وللنظر فى المشاكل القائمة مع القوة المنشقة… بالرّغم من أنّ الأعمال العدائية من المنشقّين كانت قد وصلت ذروتها فى تلك اللحظات إلاّ أنّ المؤتمر والقيادة تحلّوا بالصبر والمسؤولية ولم يتعاملوا بردود أفعال ولذالك إختارت القيادة (تسعة) (9) من بين أعضاءها كلجنة إتّصال مع المنشقّين.. وبالفعل اللجنة المكلّفة بالحوار وصلت إلى مناطق البحر الأحمر وبدأت تتقفى أثرهم لغرض الحوار ولكن هؤلاء لم يكن لهم الرّغبة فى التّـفاوض وحلحلة المشاكل بل لم يحترموا حتّى المواعيد التى ضربت معهم أمّا جماعة (سلفى ناطنّنت) والمدّعين بأنّهم (حشروا بين سكّينين) إلتحفوا لحاف الطّائفية وقتلوا فدائيّ الجبهة وإختاروا المماطلة و عدم الرّد على طلب الحوار الّذى كان يأتى من طرف (جبهة تحرير إرتريا) … امّا العوبليّون فتارة يضعون كلّ العراقيل لإفشال المؤتمر القادم على الأبواب وتارة أخرى يهاجمونه بأنه سوف يكون مؤتمرا منحازا وجهويّا و أخيرا أدانوا المؤتمر ببيان رسمىّ قبل إنعقاده.

ولذالك عاد كلّ أعضاء لجنة الإتصال إلى مواقعهم بعد أن وجدو آذانا صمّـاء من كلّ الأطراف الثلاث المنشقّة ورفعوا تقاريرهم إلى القيادة العامّة.

وبالرّغم من ذالك أرسلت اللجنة التحضيرية رسائل الدّعوة لحضور المؤتمر الوطنى العام ولكن كان واضحا بأنّ الإنشقاقيّون كانوا يبييّتون النية وإتّضحت نواياهم وإستعداداتهم للقتال ضدّ (جبهة تحرير إرتريا).

ولكن بالرّغم من أنّ موضوع (المنشقّين) كان مهمّا ويستوجب الإهتمام إلاّ هناك أيضا كانت قضايا تستحقّ النّظر والإهتمام ولذالك ركّزت (جبهة التحرير الإرترية) على إنجاح المؤتمر للنّظر فى القضايا العالقة نورد منهـا:-

1. تحديد أصدقاء الثّورة فى الدّاخل والخارج.

2. تأطير الجماهير وتقوية صلتها بـ (الجبهة) عبر تأطيرها فى منظمّات فؤويّة وشعبية لممارسة حقوقها ومعرفة واجباتها.

3. النّظر إلى قضيّة التّعامل مع أولئك الإرتريّين الّذين يعملون مع العدوّ الإثيوبى وحثّهم على التّعاون والإنخراط فى الثّورة وهؤلاء كانوا فى الـ (كماندوز) والشّرطة ومختلف المليشيات.

4. تثبيت أيدلوجية الثّورة ثمّ الدّولة بعد التّحرير … تقريبا هذه كانت أهم قرارات المؤتمر الوطنى الأول بصفة عامة وما شابه ذالك وفى جلّها كانت ترمى إلى إقامة فكر وطنى ديموقراطى يوجّـه العمل النّضالى.

وأخيرا توّج كلّ ذالك العمل بإقامة المؤتمر الوطنى الأول فى الفترة ما بين 10-10-1971 إلى 12-11-1971 حضره 820 عضوا أنتخبو بطريقة ديموقراطية فى منطقة (آر) وثبّت المؤتمر إنّه أعلى سلطة فى التنظيم كما إنتخب قيادة من الشّعب والجيش قوامها 32 عضوا، (13) عضوا هم أعضاء المجلس الثّورى و(19) عضوا هم أعضاء الجنة التنفيذية وبذالك تخطّت (جبهة التّحرير الإرترية) والثّورة الإرترية عامّة مرحلة الإهتزاز والضّـبابية وخطت خطوات عمليّة إلى الأمام… أمّا القوى الإنشقاقية فهما منها بأنّ هذا التّقدّم سوف يربكها ســارعت فى تجميع قواها لمواجهة (جبهة التّحرير الإرترية).

فيما يخصّ (قوات التّحرير الإرترية) (عوبل) قرّر الإتصال بهم ومحاورتهم بالرّغم من عداءهم البائن وإن رفضوا ذالك تقرّر مواجهتهم وحسمهم.. أمّا (قوات التحرير الشعبية) (سدوح عيلا) فإنّ المؤتمر أعطى الصّلاحيّة للقيادة المنتخبة لإجراء الحوار معهم وإن رفضوا ترك الصّلاحية كاملة لها لإتخاذ ما تراه مناسب من إجراء.

أمّا بالنسبة لمجموعة (سلفى ناطنّت) مجموعة (أسياس) وبعد نقاش مستفيض ومسؤول وبالنّظر إلى الدّعاية التّى بثّوها بأن (جبهة التّحرير) لا مكان فيها لأبناء المرتفعات ولمشابهة تلك الدعاية بما كان ببثّه العدو الإثيوبى من فتن…. قرّر المؤتمر إجراء الحوار اللازم مع تلك المجموعة وبذالك أثبتت (جبهة التّحرير الإرترية) مدى وعيها وإدراكها لتناقضات المجتمع الإرترى وسعيها لإيجاد الحلول لها… ولكن كان هناك نقص كبير وسؤال بلا إجابة تركه المؤتمر هكذا مفتوحا وهو: ثمّ ماذا إن رفض هؤلاء الحوار؟؟؟

عـــام 1972 عــام الحـــســم:

بعد إنفضاض المؤتمر بدأ المسؤولون فى الإسراع فى تنفيذ قرارات المؤتمر الوطنى الأول وبدأت القيادة فى إرسال الرّسائل والوفود إلى كلّ أطراف (قوات التّحرير الشّعبية) لمدد تراوحت بين ال (6) ستّة إلى سبعة (7) أشهر ولكنّهم كالعادة لم يعطوا النّداءات أى أذن صاغية وكانو يستنفرون ويستعدّون بقولهم (يجب أن نسبق الجبهة قبل أن تسبقنا) وبالرّغم من إستعداداتهم فقد ستبقتهم (جبهة التّحرير الإرترية) بالضّربة وأول ضربة كانت قد وجّهت إلى (قوات التّحرير الإرترية) (عوبل) وإلى (قوات التّحرير الشعبية) (سدوح عيلا) وليس ضدّ مجموعة (سلفى ناطنّت).

حاصرت قوات جيش التّحرير الإرتري (قوات عوبل) ومعهم قوّادهم الأربعة والّذين كانو يتواجدون حوالى منطقة (تكرريت) و (شقلت).. أمر قائدهم (آدم صالح) بفتح النّيران على قوات الجبهة ولكنه قوبل بالرّفض من الجيش وقيل ايضا أنّ (أحمد آدم عمر) أمر بعدم إطلاق النّار ولكن فى نهاية الأمر سلّمت قوات (عوبل).. وكانت هناك مواجهة ثانية فى حوالى منطقة (منصورة) و(حركوك) وقد شاركتُ في تلك المواجهة شخصيّا وكان قائدهم (أبسلاب) وعندما طلب منهم تسليم السّلاح والإستسلام رفضوا وأطلقوا النّار على قوات (جبهة التّحرير الإرترية) ودارت المعركة وهزموا وفرّوا هاربين.. والمعركة الثّالثة كانت فى منطقة (بركا لعال) مع قوّاتهم التّى كانت تقاد بواسطة (إبراهيم قولاى) و (دبشك) و (إبراهيم كبوب) أبناء (عد كوكوى) ولكنهم قبل إطلاق النّار إنسحبوا ولجأو إلى الجبال.. ولكن مرّت الأيام وعندما عانوا من الجوع والعطش ولم يستطيعوا الصّمود، طلبوا الأمان لأنّهم يريدون الإستسلام وتسليم السّلاح!!!. وعندما سلّموا أسلحتهم لم تعاقبهم الجبهة بل تركتهم أحرارا طلقاء وتركت لهم الخيار إن أرادوا مواصلة النّضال مع (جبهة التّحرير الإرترية) ولكنهم طلبوا الإجازة لأنّهم متعبون وعندما سمح لهم بذالك جمعوا بعض الأسلحة التى كانوا قد أخفوها فى الأدغال وسلّمو إلى العدو الإثيوبى فى مدينة (أغردات) وقادوا الجيوش الإثيوبية لمهاجمة (جبهة التّحرير الإرترية) ولكن بعضا من قوّاتهم والتى كانت متمركزة فى منطقة (ماريا طلام) وكان أحد قوّادهم (الحسن أبوبكر) تفهّما منهم بعدم جدوى القتال الأهلى إستسلمو لقواتنا بلا قتال.

أمّا الجانب الّذى كان يقوده (عثمان صالح سبّى) فإنّ (جبهة التّحرير الإرترية) أرسلت لهم الوفود للحوار وبشكل مكثّف ولكنهم لم يعيروا كلّ ذالك إىّ إهتمام وواصلو ا فى أعمالهم التّخريبية.

أمّا الجانب الّذى كان يقوده (أسياس أفورقى) فكلّفت الجبهة لجنة من قيادتها تتكوّن من 9 أعضاء بقيادة المناضلين (إبراهيم محمّد على) والشهيد (فصّوم قبرسلاسى) وكان من ضمن اللجنة المناضل (تسفاى تخلى إزقى) والشهيد المناضل (مسفن بهلبّى) والشّهيد المناضل (ملأكى تخلى) والمناضل (عثمان عبالقادر) والمناضل (قبرو) والمناضل (أمانئيل) اللجنة سلّمت الدعوة إلى قيادتهم وإنتظرت فى المنطقة حوالى (فلفل) و (مرارا) لزمن طال ولكنّها أرسلت أيضا رسالة أخرى ولكن بعد طول إنتظار ردّت قيادة (مجموعة أسيّاس) بأنّها (سوف تخبرهم عندما تحدّد بنفسها) ولكن اللجنة المكلّفة بالحوار بعد طول إنتظار ناحية (قلب) فى (منسع) تأكّدت أنّها فشلت فى مسعاها للحوار مع تنظيم (سلفى ناطنّت) وقرّرت العودة إلى (بركا) ورفع تقاريرها إلى قيادة تنظيم جبهة التحرير الإرترية.

وفى التّقييم العام نستطيع القول أنّ لجنة الحوار كانت مقتنعة بأنّ تنظيم (سلفى ناطنّت) لم يكن له الرّغبة فى الحوار ولكن كان يجب على القيادة المنتخبة تنفيذ إرادة المؤتمر الوطنى ولذالك تحمّلت اللجنة كلّ ذالك الزّمن فى إنتظار ردّهم.

أمّا المعركة مع (قوّات التّحرير الشّعبية) (سدوح عيلا) بدأت بسمهر (وواصلت حتّى) السّـاحل (فى مناطق (شعب) و(حيتْ) و(تومببيت) وحتّى (قرقر) ولكن تنظيم (سلفى ناطنّت) الّذى كان يقوده أسياس والّذى إنتظرته (لجنة الحوار) للردّ عليها فى مسألة الحوار والذى ردّ فى الأخير (عندما نقرّر سوف نخبركم) إختار بمحض إرادته وســاند (قوات التّحرير الشعبية) (سدوح عيلا) فى المعارك ضدّ جبهة التّحرير الإرترية وبإرادته دخل المعارك مع (جبهة التّحرير الإرترية) فى مناطق (رأسى عدّى) و (مرارا) و(عد شوما).

وبذالك إشتعلت المعارك فى كلّ بقاع إرتريا وإستمرّت لمدّة عامين وبلا إنقطاع وهذا هو تأريخ الثّورة الحقيقى الّذى أشاع الإنشقاق والإقتتال الأهلى وكلّ المناضلين الشّرفاء الّذين إستشهدو فى تلك المعارك وفى جميع أنحاء إرتريا يتحمّل مسؤوليتهم قادة قوى الثّورة المضادة.

خــاتمة:

وأستطيع أن أحمّل بدورى كلّ مراحل الحرب الأهليّة (لأسيّاس أفورقى) و(سلمون ولدى ماريام) و(عثمان صالح سّبى) و(محمّد على عمرو) و (آدم صالح) و (محمّد أحمد إدريس) و (عثمان عجيب) و(أحمد عمر) ومن تبعهم لأنّهم أغرقوا إرتريا فى شقاق وفرز قبلى وإقليمى وطائفى ولأنّهم تركوا إرثا سلبيا لا يمحى!!! فى تأريخ الشّعب الإرترى لأنّ الحرب الأهلية التى أشعلوها أخّرت الإنتصار إلى ثلاثين عاما.

بعضا من مناضلي أو مؤيّدى (الجبهة الشعبية) يدّعون بأنّهم يبحثون فى التّأريخ أراهم صباحا ومسـاءا يشوّهونه ويبدلّونه وبما يناسب مصالحهم و يقال فى المثل (زوعلى ينقركا) {المترجم: معنى المثل: أسمع الحدث ممّن صنعه أمّا أقرب مثل يقابله فى العربيّة هو المثل السّودانى الشّائع: الغُنى حلو فى خشم سيدو أو سيّده أو صاحبه} ولذالك أحسّ بالمسؤولية إتجاه شّعبى ووطنى وأذكر التّأريخ الحقيقى لمن أراد أن يسمع.

كلّ أعداء (جبهة التّحرير الإرترية) إعتقدو أنّهم إنتصروا بإنهاء (الجبهة) فى الثّمانينيات ولذالك يكثرون من الأحاديث الملفّقة حول التأريخ، معتقدين أن لا أحد يسألهم لأنّهم أنهوا (جبهة التحرير الإرترية) ولكن (جبهة التّحرير الإرترية) موجودة وتعمل فى السّاحة بأسلوب جديد وروح جديدة فى داخل إرتريا وخارجها تعمل وتحافظ على تأريخها وتأريخ شهدائها وتجاربها ولذالك هؤلاء كان حريّا عليهم أن يعملو فى سبيل توحيد الشعب وخلق الوئام أمّا لوى عنق التأريخ سوف لن يعفيهم من مسؤولياتهم، كان يتوجّب عليهم الحرص و أظهار حسن النيّة وكما يقال بالتقرنية (ماى كيمطعى مقدّى وحيج طرق) المتلاجم: ربّما أقرب مثل له بالعربية هو (يا حفّار حفرة السّوء وسّع مراقدهـا).

كلّ مناوئى (جبهة التّحرير الإرترية) وبالذات الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا ومنذ إنفصالها فى عام 1970 كانت تروّج بأنّ (جبهة التّحرير الإرتريّة) لا تراعى مصالح أبناء الهضبة وأنّها تنظيم للسفّاحين والقتلة وأنها تنظيم إقليمى وقبلى وطائفى وبذالك شوّشوا على الكثيرين من البسطاء… لم يردّدوا تلك الأقاويل والإشاعات لأنّها حقيقة، ولم يفعلوها حفاظا على مصالح أبناء الهضبة بل كانوا أصحاب مصالح ومآرب وأهمّها الوصول إلى القيادة بأىّ ثمن.. ولكن اليوم كشفوا أمام الكل، أمام أتباعهم وجيشهم أما بالنسبة لنا فهم مكشوفون ومعروفون منذ يوم إنشقاقهم ..ولكن إذا ألقينا نظرة إلى وضع أبناء الهضبة الإرترية فى الجبهة حينها واللذين كانوا فى مواقع قياديّة نجد منهم الكثيرين مثل: (أبرها تولدى، سلمون ولدى ماريام، أسياس أفورقى، أسمروم قرزقهير، بـاشاى قرزقهير، قبرى هيوت حمبرتى، كيدانى جنوبى، كيدانى قبز، وغيرهم وذالك ما عايشته بنفسى.

وبالعودة للموضوع فى ستينيات القرن الماضى أرسلت (جبهة التّحرير الإرترية) (أسياس أفورقى) و(أسحاق جبها) إلى الصّين إعتقادا منها أنّها تثقّل مواهبهم وتنمّى قدراتهم ليعودوا بالنّفع للوطن!!! هل كان ذالك لأنّها لم تكن تعرف حتى حينها أنهم من أبناء الهضبة ولكن هذا هو (أسياس أفورقى) يعضّ اليد التى تقدّم له الخير…

أمّا مقولتهم بأن تنظيم (جبهة التّحرير الإرترية) تنظيم قتلة وسفّاحين ماذا فعلوا هم بالمناضلين الّذين رفضو أساليبهم الإنشقاقية مثل المناضل (أبراهام تولدى) والشّهيد (أرّفاينى) مع رفاقه الثمانية وماذا فعلو بعناصر (سرّية أديس) ألم يدخلوهم فى مأزق ومأساة من أجل مصالحهم ومن أجل الوصول إلى (كرسى)القيادة أم يريدون أن يخفوا كلّ ذالك، نقضوا أنفسهم بتصفيتهم للمناضلين اللذين طالبوا بالإصلاح من داخلهم بتهم ملفّقة وأطلقو عليهم (منكع) ألم يكونو هؤلاء من أبناء المرتفعات ومن المسيحيين….. ثمّ بعد التّحرير إنتقموا من جرحى حرب التّحرير فى مجزرة كبرى وكثير من مناضلين ماتوا ويموتون ثمّ يقال عنهم بكلّ بساطة أنّهم إنتحروا!!! ثمّ ماذا جنى كلّ ذاك الكمّ الكبير من السّجناء المناضلين منهم والمواطنين ماذا جنى كلّ هؤلاء جميعا ألم يثبت كلّ ذالك دمويّة هذا التّنظيم… ليست (جبهة التّحرير الإرترية) هى التى تتهم بالقبلية والإقليمية كما يتّهمها الإنشقاقيون بل هم اللذين نفذوا وهربوا إلى جبال ووديان مناطق ميلادهم ليحتموا بالقبيلة والعشيرة ولتسخين الفوارق القبلية والإقليمية.. مثل (أبناء البحر الأحمر) الّذين تجمّعوا فى (قدم) وتجمّع (أبناء كبسا) الهضبة فى (مرارا) و(علا) وأبناء البنى عامر فى (عوبل) ألم يعمل كلّ هؤلاء على تأجيج الفوارق الطبيعية لشعبنا وأذكوا نار الفتنة الطّائفية وبذالك تركو تأريخا سيئ لا يمحى من ذاكرة المواطن الإرترى مدى الدّهر.

وهنا أريد أن أأكّد بأنّ إنشقاقهم لم يكن للحفاظ على مصالح حقوق أبناء شعبنا كما روّجوا هم بل أرادو خلق تنظيم يشبههم ليوجّهوه حيث أرادو ويضمنوا به الجلوس على كرسى الحكم.. ولا همّ لهم ولا حرص على وحدة الشعب والمقاتل الإرترى ولذالك أفعالهم اليوم هى إستمرار لماضيهم و هذا ما عرفه شعبنا وشهد به بشقّيه المسلم والمسيحى.

وهنا أوجّه ندائى إلى كلّ إرترى حرّ فى الجيش والشّعب وأقول له: يجب دحر هؤلاء ونظامهم، وكذبهم وإفتراءهم لنكون يدا واحدة وبقوة، بفهم ووعى.. وبهذا أختم مكتوبى.

Top
X

Right Click

No Right Click