منعطفات ارترية وعشم ابليس في سرية أديس - الحلقة العاشرة والأخيرة
بقلم الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - كاتب ومؤرخ إرتري، المملكة المتّحدة
من قصّة وسرد المناضل (قرى مدهن زقرقيس) علمنا ما حصل فى (سريّة أدّيس) وسبب منشأها،
والأساليب التى أتّبعت لتكوينها، ولكنّه ذكر تفاصيل ما حصل مع المجموعة التى كانت منهم فى منطقة (بركا) وعددهم الــ (17)، ومكان إحتجازهم فى (دبر سالا).. ولكنه عمّم وقال أنّ بقية أعضاء السّرية هربوا من مناطق تواجدهم من كلّ أنحاء إرتريا.. وسلمّ جزء منهم إلى العدوّ الإثيوبى وهناك أيضا جزء آخر إختفى لينضمّ إلى تنظيم (سلفى ناطنّت) لاحقا... ولكن لا يعرف شيئ حتى الآن من أين هرب من هرب !! وفى أىّ موقع عسكرى إثيوبى سلّم نفسه.
يحكى الكبار فى منطقة (فانا) القريبة من مدينة (حقّات) وبالقرب من منطقة (حشفيراى) مورد الماء يحكى بأنّ مناضلا هاربا وقع فى أيدى الشعب، فى نفس أيّام أحداث (سرية أدّيس) وأنّه كان يبحث عن موقع للجيش الإثيوبى يسلّم فيه نفسه، وسلّمه الشّعب بدوره إلى أمن (جبهة تحرير إرتريا) فى المنطقة، ويحكى العامّة بأنّ (جبهة التّحرير) نفّذت فيه حكم الإعدام ولكن هذا حديث كان يمكن التّأكد منه عبر دراسة ميدانية، والتى لم تكن متاحة لى الآن أتركها هكذا ولكن أوردها كما هى لأنّى سمعتها من سكّان المنطقة، وهناك حكاوى وأقاويل عن مجموعة أخرى منهم (سلّمت نفسها إلى العدوّ الإثيوبى) فى نقطة حراسة كانت بين مدينة (حقّات) ومدينة (عدردى).
ولكن من معلومات المناضل (قرى مدهن زقرقيس) تأكّد بأنّ السريّة هى من صنع تنظيم (سلفى ناطنّت) و (أسيّاس أفوورقى) ومجموعته… هناك من قال: أن أىّ منطقة كان فيها أبناءها وكان يقودها رجال من نفس المنطقة حتّى كلّ منطقة كان لها مكتب لتسجيل المنتسبين الجدد (1) فما الخطأ فى تكوين وتجميع (سلمون ولدى ماريام) لأبناء منطقة المرتفعات فى (سريّة واحدة وفى منطقة واحدة) ؟؟؟ ولماذا تأخّر خلق منطقة (خامسة) لأبناء الهضبة المسيحيين ما قارب العامين والنّصف منذ تأسيس المناطق فى العام 1965 ؟؟؟ (2)
هنا يرد القول دائما بأنّ عهد المناطق إنتهى جزئيّا بعد مؤتمر (عنسبا) فى العام 1968، وخلطت جيوش المناطق(الثالثة، والرّابعة، والخامسة) فى منطقة (ذرْجرا) (3) على الشّلال الذى يهبط من سفوع جبال (ريعوت) فى شرق (أكلو قوزاى) وإنتهى كليّا بعد مؤتمر (أدوبحا) فى منطقة (عنسبا) فى العام 1969، وخلطت الجيوش فى منطقة (همبول) وأصبح الجيش واحدا، يأتمر لقيادة مركزيّة واحدة ولكن بعد كلّ هذا الخلط أراد (سلمون ولدى ماريام) ومن خلفه أن يحتفظوا بتلك القوّة خارج الخلط لمآرب أخرى وهذا هو التفسير الوحيد!!! والأخبار ما بعد أحداث (سريّة أدّيس) تأكّد ذالك، حيث لم يبقوا طويلا فى الجبهة حيث إعتقل (سلمون ولدى ماريام) على جرير فعلته وخلطت (سريّة أدّيس) فى منطقة (ماشوا) القريبة من مدينة (حقّات) وحضر الخلط كبار جهابذة (سلفى ناطنّت) مستقبلا وعلى رأسهم (أسياس وتولدى إيوب وقرزقهير أسمروم) وبعد ذاك الخلط لم تمر أشهر حتّى بدأ الإنسحاب والإنسلاخ الكيفى من وحدات الجبهة العسكرية ومن الأجهزة المختلفة ليكون اللقاء فى (علا) القريبة من (دقّى أمحرى)… وتجميع من تبقّى من (السريّة المسحورة) من جديد ولكن بعيدا عن رقابة (جبهة تحرير إرتريا) وما يعنيه ذالك من نية الإنفصال، ومن ثمّ إختيار منظقة إستراتيجية أخرى للإختفاء، ومراقبة مجريات الأمور وهى منظقة (بحرى بارا) فى شمال بحرى.
يذكر المناضل (تسفاى تمنوّو) فى حلقته الأولى والثانية مع (راديو وقحتا) (4) أثناء حديثه عن تأريخ تأسيس (سلفى ناطنّت) بأنّ موضوع (سرية أدّيس) ومقتل (كدانى كفلو و ولداى قدى) وتجاوزات أخرى، مثل حادثة حصلت فى القاش وقتل فيها ما قارب الخمسين من الفلاحين من منطقة( عنسبا) يعنى أصلهم مهاجرون من (عنسبا) ولكنّهم سكان (القاش) وغيرها لم تكن الأسباب، الأساسيّة والرّأيسيّة للتمرّد وخلق تنظيم جديد، بل كلّ المسألة وما فيها هى رغبة (أسيّاس أفورقى)تحديدا فى خلق تنظيم يقوده هو بنفسه ويكون له فيه اليد العليا يذهب به حيث أراد، ويتحالف به مع من أراد، ولذالك (أسيّاس أفوورقى) وتنظيمه (سلفى ناطنّت) نفخوا تلك الأحداث وكبّروها حتّى الإنفجار, لدغدغت مشاعر أبناء المرتفعات وكان (أسيّاس) متأكّدا بأنّ أى تنظيما يبنيه على خلفية تلك الأحداث سوف يكبر ويتعاظم، وهنا تجلّت قدرة (أسياس أفوورقى) فى إستغلال مشاعر البسطاء والتأثير عليهم، فقط للإستحواز على السّلطة لأنّها أمنيته الوحيدة فى الحياة.. وأستغلّ تلك الأحداث، من ضمن برنامجه فى التّعبأة لتحقيق حلمه وإستطاع ونجح بمهارة، وإستطاع إخفاء أهدافه ومراميه لزمن طويل جدّا، وخوف الإنكشاف أبعد من التّنظيم كلّ المثقفين وكلّ المتعلّمين،مثل (تكّوء يحدقّو، وكدانى كفلو، وولداى قدى) وبالإختصار لم يشرك معه أناسا يمكن أن يقودوا معه المرحلة بل إعتمد على الفلاحين فى منطقة (شمال بحرى) وعمل قدر الإمكان سحب كلّ العناصر المسيحية والتى تواجدت فى تنظيم (قوات التّحرير الشّعبية - سدوح عيلا) وأقنع بقوّة المؤتمرون فى (تخلى) فى شمال بحرى لإختيار المناضل (مسفن حقوص) عضوا قياديّا فى تنظيم (سلفى ناطنّت) بالرّغم من أنه عضو قيادى فى قيادة (سدوح عيلا) (5) لماذا (مسفن حقوص) بالذّات بالرّغم من أنه لم يكن معروفا للكثيرين فى شمال بحرى) لماذا لم يختار (معشّو إمباى) أو (محارى دبساى) (قيتا طباى) كما سماه (تسفاى تنموّو وتعنى(ملك الأخلاق)... وذكر أيضا المناضل (تسفاى تمنوّو): بأنّ (قرزقهير أسمروم) كان يروّج للإنفصال وتأسيس تنظيم يخصّ أبناء المرتفعات وذالك من قبل أحداث (سريّة أدّيس) بزمن لبعضا ممّن وثق فيهم من أبناء المرتفعات، وكان يقول فليكن ملتقانا فى (علا) فى الوقت الذى كان يجرى فيه الخلط فى سرايا المقاتلين فى أخواز وأودية إرتريا..، وعندما حانت ساعة (الصّفر) تجمّع من بقى من الهاربين فى (علا) وفى منتصف شهر أبريل من عام 1970 قادهم (أسيّاس) وإختفوا فى جبال(إندا طرطرّو) فى (بحرى بارا) وفى (سلمونا) فى (شمال بحرى) المنطقة الإستراتيجية” ولكن بالرّغم من معرفتنا اليوم لكثيرين ممّن إختفوا حينها مع (أسيّاس أفوورقى) وكانوا يتلصّصون الأخبار وهم فى الكنائس وفى قمم الجبال وعند سماعهم الأخبار بأنّ هناك قوّة أخرى خرجت من (عدن) إلى سواحل دنكاليا فى (سدوح عيلا) وعقدت مؤتمرا فى يونيو 1970 وأنّها بدأت الزّحف نحو شمال (دنكاليا) وإلى شمال إرتريا عموما، وسوف يكون مقرّها الرّئيسى فى الجبل الشّامخ (جبل قدم) هرول (أسيّاس أفورقى) ومعه البعض للّقاء ولطلب الحماية والسّلاح والمؤن فكان اللقاء فى (سمّوتى) فى شمال دنكاليا (6)
ولكن بالعودة إلى القوى الموجودة والتى تجمّعت فى شمال بحرى كان فيها الكثيرون، ممّن كان فى سرايا الجبهة مقاتلا ولكن من منهم كان فى (سريّة أدّيس) إن لم تكشفه الأيام القادمة لا أجد الآن فى الأفق شيئا كفيل بالإجابة.. ولكن لا شكّ فى أنّ المناضلون الآتية أسماءهم هم ممّن كان فى سرايا الجبهة وهم: (قرماى محارى - اليوم هو برقيدير جنرال) و (تخلى فنقل) إستشهد فى الحرب الأهلية فى بدايات عم 1974 (ولدنكئيل قبرى ماريام) (ممّن كانو فى كسلا يوم مقتل (كدانى كفلو وولداى قدى) ومن أصدقاء (أسياس) منذ الثانوية العليا (قهاز) فى أسمرا ثمّ الجامعة فى (أدّيس أببا) ومن المؤسّسين وهو اليوم وزير فى دولة الرّئيس (7) ( قبرى إزقابهير أسمروم - حوّى بشّر) (العضو الوحيد الّذى مثّل إقليم سراى) فى تنظيم (سلفى ناطنّت) هو اليوم - برىقدير جنرال و (ولدى روفائيل سبهتو) إستشهد فى معارك (نقفا) الباسلة و(هيلى ولدى مكئيل (هيلى جبها) والذى كان مسؤلا كبيرا وأساسيا فى مكتب الأمن (حلوا سورا) أتهم فى حركة اليمين وقتل… (تولدى إيوب) (العضو الوحيد من إقليم (أكلو قوزاى) فى قيادة (سلفى ناطنّت) (سلمون ولدى ماريام) إنضمّ إليهم بعد أن أطلق أمن القيادة العامة سراحه، (جرماى قشّى عينى ألم - فلانسا) من نفّذ العملية الجريئة فى مقرّ(قوات الجمارك) لحلّ مشكلة التسليح فى داخل تنظيم (سلفى ناطنّت) قتل فى التنظيم بعد إتّهامه بالمشاركة فى الحركة التى سمّيت بحركة (اليمين)التى قادها (د. إيوب قبرى لؤول)... (مكئيل كتما).تمرّد على أسياس لأنه لم يطلق يده فى تجنيد أبناء (سراى) كما فعل البعض فى منظقة (أكلو قوزاى) (8) للحشد ولتكبير تنطيم (سلفى ناطنّت) وسلم إلى إثيوبيا وعاد للجيش الإثيوبى الذى أتى منه وكان يقود المعارك ضد الثورة الإرترية وآخر المواجهات معه كانت فى معارك تحرير عاصمة القاش (بارنتو) فى العام 1983 ولكنه قتل فيها… و(ولدنكئيل هيلى) قائد الكتيبة المشهور فى قوات التحرير الشعبية (كتيبة 5) ممّن تلقوا التدريب العسكرى فى العراق ولد فى سقنيتى وقاد فيها عملية التحرير فى عام 1977 وقتل فيها وهو خارجا من مكتبه ومن… ثمّ (برهانى هبتى) مات منتحرا… و (تخلو شريف) كان مع (قرماى محارى) ومن رافق (أسياي أفوورقى) للقاء (الزّاحفين إلى الشّمال من كوادر وقيادات (قوات التّحرير الشعبية سدوح عيلا) إستشهد فى الحرب الأهلية عام 1974 (9) و (كدانى قبز) إستشهد فى الحرب الأهليّة. أيضا… المناضل (تمسجن برهى) كان حينها لتوّه قد تخرّج من كليّة فنيّة عسكريّة فى بغداد عاصمة العراق وهو اليوم عميد فى جيش الدّفاع الإرترى (10) والغريب فى الأمر أنّ الأحياء من المذكورين أعلاه تحدثّوا لباحثين وتحدثّوا إلى الجريدة الوحيدة الرّسميّة (إرتريا الحديثة) عن تجاربهم ومقتل (كدانى كفلو وولداى قدى) ولكنهم لم يتفوّهوا بكلمة عن موضوع (سريّة أدّيس) هل لأنّهم لم يسألوا ؟ أم لأنّهم أعربوا عن عدم الإستعداد للحديث عنها ؟؟ ولماذا ؟؟ ألا يوحى ذالك بأنّ المقبور من أخبار السّريّة المسحورة لا زال كثيرا..ولكن نترك الأيام تكشف وربّما تفاجئنا بحقائق محجوبة اليوم لتكون غدا ببلاش.
إنّ موضوع (سريّة أدّيس) درسُ لمن أراد أن يعتبر إن التّباين الطبيعى الذى فطرنا به ربّ العباد يستغلّه كلّ مريض، ليصل لمآربه ومقاصده. وبذالك أضرّ أيّما ضرر بتعايشنا السّلمى وإلتحامنا الأهلى، ولكن هناك سؤال ملحّ يطرح نفسه وهو:
هل كان من الممكن تفادى تلك المشاكل أو حلّها ومعالجتها بغير الطّرق التى واجهها بها (سلفى ناطنّت) و (أسيّاس أفوورقى) ؟؟؟
وسؤال آخر أيضا ملحّ يقول: هل أبناء المرتفعات هم لوحدهم الّذى حصل على كاهلهم التقصير والتّجاوز فى الثّورة الإرتريّة ؟؟؟
ألم يتجنّى الكثيرون من أبناء الهضبة على الثّورة والثّوار ؟؟؟ وراح مناضلون شرفاء ضحيّة وشاية، أو تجسّس، أو قتل مباشر من مواطنون مسلّحون فى المرتفعات الإرترية !!
وتلك تحتاج إلى تدوين يتطلّب كتبا وأعواما من الزّمن لتوثيقها !! ثمّ كيف سمح لمناضون هربوا من الثّورة وسلّموا أنفسهم إلى العدوّ الإثيوبى علنا وخطّأوا الثّورة ثمّ عادو ا مناضلين إلى (الجبهة الشّعبية) التى سيطر عليها (سلفى ناطنّت) ألم تقل اللوائح العسكرية فى الثورة بـ (إعدام المقاتل الذى يهرب ويسلم إلى العدوّ ؟؟ ولذالك أعدمت (جبهة التحرير الإرترية) عضو القيادة العامة (أحمد هيتين) الذى سلم إلى العدوّ الإثيوبى فى العام 1972 وعندما قوى عود الثورة وكانت على مشارف أسمرا (عاد هيتين) إلى الجبهة التى هرب منها إلى العدوّ الإثيوبّى فكان مصيره الإعدام !!! ولكن لم تفعل (الشعبية) ذالك مع مناضل كبير فيها هو (هيلى ولدى تنسائى - درّع) بل كمخرج أرسله (أسيّاس أفورقى) فى عام 1973 كفدائى إلى ضواحى العاصمة (أسمرا) ولخطورة العمل الفدائى هناك(11) ربّما أراد (أسياس أفوورقى) التخلص من أقرب أصدقاءه بطريقة أخرى ولا حرج !!!
..وهل كانت المشكاكل والصّعوبات تواجه أبناء (كبسا) المسيحيين فقط، ألم يكن آخرون يشتكون بل ينادون بحل مشاكل منطقتهم أومشاكلهم الفردية؟ وكم من مظلوم راح ضحيّة الثّورة؟؟؟ وكم من بريئ إعدم برصاص الثورة ؟؟ ولكن لم يجعل منها أهل الشّهيد أو المظلوم مشكلة قومية أو وطنية بل صبروا، وبذالك وهبوا أرواح شهدائهم قربانا لتلاحم الوطن ووحدته، ومن سئم الحل، إنفصل وعقد مؤتمرا أو إجتماعا وأعلن عن تدشين تنظيما، حتّى مع هؤلاء لم يقبل أصحاب بيان (نحنان علامانان) العمل إلاّ بشروط ووفق رؤيا طائفية بحتة ما السّبب ؟؟؟ (12)
حاول (سلفى ناطنّت) إعطاء طابع أيدلوجى لإختلافه مع القيادة العامة، ولكنه أعطى إشارة إلى اليسار ومرّ على اليمين دون أن ينتبه له أحد، والكثيرون صدّقوا تلك الفزلكة، وعاونوا (سلفى ناطنّت) عليها وكلّ ما أقتربوا منه وجدوا المحازير لا تحصى ولا تعدّ، والخطوط الملوّنة بالأحمر تملأ كلّ شبر من خطوط حركتهم، وبعد حسم حركة الـ (منكع) وخروج (إبليس) منتصرا من بعد قرب ساعة إحتضاره، صرعهم الواحد تلو الآخر،فتساقطوا شهداء أو مفقودين، ولتكون النّتيجة ما نحن فيه اليوم وهو درسُ غالىّ الثّمن يوازى وجود الوطن وعدمه !!!
إنّ هذا الوطن الإرترى المتعدّد الألسن والدّيانات، قد تعتريه ظواهر وعقبات ولا حلّ لها إلاّ الحوار والبحث عن حلول فلنا فى تجارب الآباء والجدود، الكثير ممّا يغنينا عن تجارب الآخرين، ونحن أدرى بشعاب أرضنا وشعبنا، فمثلا: إستشهد زعيم وطنى كبير فى إرتريا فى التّاسع والعشرون من مارس عام 1949 هو الأب والقائد (عبدالقادر محمّد صالح كبيرى) (13) لم يعجز أعضاء (الرّابطة الإسلاميّة) والكتلة الإستقلالية عن الرّد بل أعطوا الأولوية لمواجهة الأمر قانونيا، وتركوا التعاطى الرّسمى للدولة يأخذ مجراه، حتّى وإن كان منحازا، أو متآمرا، ولكن عندما تكرّرت الأفاعيل والإغتيالات المنظمة والمقصودة، وراح ضحيّتها الكثيرون مثل :(باشاى نصر الدّين) (14) ناظر محطّة قطار (إمبا درهو) على بعد 10 كيلو مترات شمال غربىّ العاصمة (أسمرا) وفى الطريق المتجه إلى مدينة (كرن)، و الذى جاء متزامنا مع إغتيال (فيتورى لونقى) من زعماء حزب (برو- إتاليا) الحزب الموالى لإيطاليا.. ومن العصابات المسلّحة لحزب الـ(أندنّت) تظاهر (شباب الرّابطة الإسلامية) وجعلوا من موكب دفن الشهيد الأب (باشاى نصر الدين) فى الواحد والعشرون من شهر فبراير عام 1950، فرصة للإحتجاج،فحصل الهرج والمرج راح ضحيّته ما قارب على 34 شهيدا من أتباع الرابطة الإسلامية، و17 من مؤيّدى الـ (أندنّت) وعمّت الفوضى مدينة أسمرا، يوم أحرقت فيه منازل وكسّرت فيه واجهات الحوانيت.. ولكن بعد يومين أو ثلاث تجمّع عقلاء العمل السياسى، بطلب من الحاكم الإنجليزى، وإختاروا مجلسا للصّلح من من 62 شخصا نصفهم من المسلمون والنصف الآخر من المسيحييّن، يتقدّمهم مفتى الديار (المختار) وراعى الكنيسة الأرثذوكسية الأنبا (مارقوص) وأعطيت الصلاحية للبتّ فى أمور النّزاع الذى حصل والكارثة الطائفية التى وقعت فى أسمرا ثم إنتخاب مجلسا مصغّرا من ستّة أشخاص مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وتناوب رآسة المجلس (دقّيات أسرسهى براخى) وبلاتا (نوىو أحمدين)وإبدعت حلولا كانت ناجعة وفاعلة، وذلك مؤشرا على أننا لنا القدرة على حلّ مشاكلنا، إن إبتعد عنّا الشرّريرون، والأبالسة إخوة الشياطين…
هوامش ومراجع:
1. (إرتريا رحلة فى الذّاكرة) للمناضل (أحمد طاهر بادورى) صـ 61
2. كتاب (دان كونيلل) والمقابلة مع هيلى درع فى 13 مارس 2000 والمنشورة فى كتابه ( حوارات مع سجناء سيايسيين إرتريين) صـ 23-49
3. كتاب ناى عينى مسكّر) والمناضل (قرى مدهن زقرقيس) وما سمعته من زميل لى يعرف تلك المناطق ويستذكر الأحداث فيها هو الأخ الأستاذ (محمّد على حامد)
4. http://sallina.com/Default.aspx
5. ذكر أيضا المناضل (أحمد طاهر بادورى) فى كتابه الذى ظهر حديثا (إرتريا فى الذّاكرة) وفى صفحة 167 حيث كتب أثناء التّطرّق لهذا الموضوع وكتبه بين قوسين وأنقلها حرفيّا ”(المناضل مسفن حقوص أختير عضوا قياديا كان مسفن حقوص وقتها لا يزال عضو قيادة (سدوح عيلا فى الجانب الأوّل وجرى إنتخابه فى مؤتمر(تخلى) سرّا وراء ظهر الجانب الأوّل ودون علمه“.
6. إرتريا رحلة فى الذّاكرة صـ 144-145
7. مقال (برافو هيلى… أقنّع سيوم) الجزء 4 بقلم ولد إيسوس عمّار http://www.ehrea.org/Ammar.htm
8. السيد (تسفاى تمنوّو) ومقابلاته فى (راديو وقحتا) الحلقة 28
9. نفس المرجع ويؤكد ذالك (أحمد طاهر بادورى.
10. (إرتريا رحلة فى الذّاكرة) صـ 234
11. نفس المرجع فى 8 و 9
12. إستنباط من كتاب إرتريا رحلة فى الذاكرة صـ 166-169 … ومقابلات (تسفاى تمنوّو) فى (راديو وقحتا)
13. كتاب (لا نفترق) لألم سقّد تسفاى صـ348-349
14. لا نفترق لألم سقّد تسفاى صـ 490-494
عزيزى القارئ أعتقد أنّ تلك هى رؤوس أقلام فى موضوع (سريّة أدّيس) وتكفى لشرح الموقف وملابساته، وحتى ألقاكم فى عمل آخر أحييكم على المتابعة والتفاعل… ومن تكرّم بملاحظة فهذا عنوانى.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.