منعطفات ارترية وعشم ابليس في سرية أديس - الحلقة التاسعة

بقلم الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - كاتب ومؤرخ إرتري، المملكة المتّحدة

ماذا يقول السيّد (هبتى ماريام) عن (سريّة أدّيس) ؟ أجرى موقع (دقّى أبّـات دوت كوم)

مقابلات طويلة قاربت الحمسين حلقة مع السيّد (هبتى ماريام أبرها) فى مارس 2010 تحدّث الرّجل فى أمور كثيرة سمع عنها أو عرفها عن قرب بحكم إحتكاكه عن مع قيادات الجبهة وكان له صلات مع المناضل (سلومون ولدى ماريام).. قال السيّد (هبتى ماريام) "أسيّاس أفو ورقى إنضمّ للجبهة عبر السودان وبسرعة أصبح عضو قيادى.. فى نفس ذاك الوقت إنضمّ للجبهة ما يترواح 140-150 من أبناء التقرنية المسيحيين من (أسمرا) و (أدّيس أببا) وكان بينهم 3 من أبناء (الجبرتا).. ويقول أنّ هؤلاء أتوا فى وقت كانت القيادة العامة فيه قد منعت تسجيل مناضلين جدد، فلذالك لم يكن لهم خيار لأنهم لا يستطيعون العودة إلى الدّاخل، ولا الخروج إلى السّودان فكان عليهم أن يعدمو ويصفّوا، والّذى أشار بذالك كان هو عضو القيادة العامّة (أسيّاس أفوورقى).. ولتأكيد هذا الحديث يمكن الرّجوع إلى عضو القيادة العامة وسكرتيرها الموجود فى دولة السّويد.. وهناك أيضا فى السويد مسؤول أمن القيادة العامة المناضل (صالح حيّوتى).. فلربّما معه بعض ملفات أعضاء (سريّة أدّيس) أو يذكر أسماءهم".

لا أطنّه من المنطق والعقل أن نطلب من المناضل (حيّوتى) أن يذكر أسماء أو يحتفظ بملفّات.. فى الوقت الذى لا يذكر فيها المناضلون أكثر إلتصاقا بهذه السريّة أكثر من المناضل (حيّوتى).. منهم أسياس أفوورقى- الجنرال أسمروم قرزقهير (حوْ بشّر) والعميد (قرماى محارى). ووزير المعادن. (ولدى مكئيل قبرى ماريام).. والوزير فى المنفى (مسفن حقوص)وغيرهم كثر.

ماذا يقول مناضل مخضرم فى (جبهة التحرير الإرتريّة) (حروى تدلا) قال المناضل (حروى بايرو) فى مقابلة أجراها معه الكاتب المشهور (صالح أ.أ. يونس) فى (عواتى دوت كوم) بتأريخ 28 أكتوبر 2002 الآتى.

هناك تقارير متضاربة حول موضوع (سريّة أدّيس) وأقصد بها مذبحة الطلاب الذين انضموا الى الكفاح المسلح من أديس أبابا. هل حدث ذلك ؟ أقول نعم !! وذكر لى ذالك بعضا من القياديين !! وكانت هناك أيضا حوادث مشابهة ومتكرّرة فى المنطقة الخامسة.. كما سجنت القيادة العامة بعضا من أعضاءها ومن المنطقة الرّابعة (البحر الأحمر) وذالك بعد إنفضاض مؤتمر أدوبحا بقليل.. فى العام 1969 والعام الذى يليه حصلت أموركثيرة".

ثمّ ماذا يقول الشّاهد الأوّل حتى اللحظة (قرى مدهن زقرقيس) عن (سريّة أدّديس) !!! يقول فى مذكّرته وتحت عنوان: "أبنـــاء (سـلفـى نـاطنّت) و(سـرّيـّة أديـس)".

"الخلاف كان محتدما بين المناضل الشّهيد (أبرها م تولدى) و المناضل (سلمون ولدى ماريام) بخصوص تسجيل مناضلين جدد والمسألة فى وجهة نظرى يجب أن لا ينظر إليها كخلاف بين شخصين وإنّما هى قضية خلاف كبرى ووجهة نظر عامة ولها علاقة بمسـألة الإنشقاقات التى حصلت لاحقا.

المناضل (سلمون ولدى ماريام) بعد أن بعثنا إلى (قيادة الوحدة الثلاثية) واصل فى إضافة مقاتلين جدد إلى التنظيم وفى مناطق (ماى حبار) و (نفاسيت) و (عالا) وبالذّات هؤلاء الّذين كانو يأتون من (أديس أببا) واللذين عرفو لاحقا (بسرّية أدّيس) كان سلمون ولدى ماريام يستقبلهم فى (أف لبا) ويجمعهم فى منطقة (سلد) المناضل (سلمون) كان يعمل عمله هذا بمساعدة سائق فى شركة (ستايّو للنقل) وإسمه (تخلى هايمانوت) كان يعمل فى الشّركة المذكورة فى رحلاتها من (أديس أببا) إلى (أسمرا) وعرفت أنّه حىّ يرزق ويعيش الآن فى دولة (السّويد).

(سلمون ولدى ماريام) كان مناضلا عالىّ الهمّة وكان مخلصا وقويّا ولذالك وثقت فيه الجبهة وأوفدته إلى (أديس أببا) للتوعية وتجنيد أعضاء لجبهة التّحرير الإرترية عندما كان فى قيادة المنطقة الثّالثة.. وتلك كانت فرصته لتجنيد عدد كبير من طلاب (جامعة أديس أببا).. سلمون هذا الذى كان يعرف بالقوّة كان أيضا يتميّز بالخبث والدّهاء والمكر لا يضاهيه فيه أحد.. وأيضا كانت تربط (سلمون) صلة قويّة بـ (أسياس أفورقى) وكان تابعا له يأتمر بأمره ولذالك جمعوا تلك القوة لتكون لهم رصيد طائفى إحتياطى لمخطّطهم الإنشقاقى وأنّ المناضل (سلمون) مكره وخبثه كان يقوده حتى للغدر بزملائه فى النّضال !!!

ولكن بعد مؤتمر (أدوبحا) علمت (القيادة العامّة) بتواجد هؤلاء المقاتلين الجدد فى منطقة (سلدْ) ولذالك أرسلت ثلاث رسائل عاجلة ومتتالية إلى المناضل (سلمون ولدى ماريام) وكلّها تذكّر إحضار هؤلاء الجنود الجدد وبسرعة ليخضعوا لعملية الخلط فى الجيش على حسب قرارات مؤتمر (أدوبحا) ولكن المناضل (سلمون ولدى ماريام) إختار الصّمت وعدم الرّد.

ولكن (القيادة العامة) بعد فترة إنتظار أرسلت مقاتلين إلى (سلمون ولدى ماريام) أتوا به مقيّدا أمّا المقاتلون الجدد فجمعتهم فى مناطق ضواحى (كرن) مثل (حلحل) و(أسماط) فى مناطق (ماريا طلام) و وضعت لهم برانامج عمل مؤقت وعيّنت لهم قائدا هو المناضل (سرقى بهتا) وإختارت لهم مجموعة من ذوى الخبرة من المدرّبين الكفوئين، وبعد إكتمال التّدريب طلبت (القيادة العامة) حضورهم إلى (منطقة ماى شوا) المترجم: هى (ماشوا) أو هكذا ينطقها سكّانها} القريبة من (حقّات) و (عدردى) لإتمام مهمّة الخلط فى جيش الـحرير الإرترى، وفى السـاعة الثّامنة صباحا وصل أعضاء القيادة العامة، و عرضت (سرّية أدّيس) عرضا عسكريّا إرتاحت له القيادة العامة وقالت (إنّه تدريب جيّد) وإنّه تقدّم إيجابى.. ولكن قالوا لهم: إنّ سبب تجمّعنا اليوم هو أن تستلموا مهامكم وتتفرّقوا لواجبكم ولذالك نريد أن نوزّعكم فى الجيش كلّ 6 فى سرية وكلّ إثنين فى (فصيلة)!!! ولكن أعضاء (سرّية أديس) إعتقدو أن خطّة التوزيع تلك القصد منها تشتيتهم، ولذالك رفضوا الخطّة و البرنامج جملة وتفصيلا وكان ردّهم:

(تدرّبنا ما فيه الكفاية فقط أعطونا السّلاح ووجّهونا كسرية كاملة إلى أى جهة تشاؤون)!!!

وثبتوا على هذا الموقف وإستمرّ الأخذ والعطاء والجدل فى هذا الموضوع من الثا منة صباحا وحتى الثامنة مسـاءا.

كان واضحا أن هذا الجدل والتمرّد لم يكن مصدره (سرية أديس) ومناضليها حديثى العهد فى النّضال، لأنّ (أسياس أفورقى) كان متواجدا فى (ماى شوا) وكلّ أعضاء القيادة العامة أيضا لم يخفى عليهم شيئا كانوا يعرفون ويتابعون الأمر عن كثب و(أسياس أفورقى) كان معه حينها (تولدى إيوب) و (معشّو كبروم) المترجم: كلّ الوثائق تؤكّد بأنّ الإسم هو (معشّو إمباىّ) وآخرها كتاب (لأحمد طاهر بادورى) إرتريا فى الذّاكرة و (أسمروم قرزقهير) و (زمكئيل) كانو كلّهم جالسين صامتين وكأنهم لم يفعلو شيئ !!! ولكن كلّ مرّة كان يطلب بعضا من أعضاء (سرّية أديس) الإذن للخروج إلى الخلاء لقضاء الحاجة وكانو يلتقون (بأسياس) والمجوعة إيهاها.

عمّ القال والقيل !!! فى مكان الإجتماع والوشوشة !!! صارت سيّدة الموقف .. ولكن فى ألأخير راود الشّك أعضاء القيادة العامة وتيقّن أيضا فى أوساط (سرّية أديس) ومن يدير أمرهم فى الكواليس، بأن القيادة العامة كشفت أمرهم، وأخيرا تراجعوا عن موقفهم!!! وصرّحو ا بأنّهم مستعدّون للتتوزيع والإلتزام بقرارا القيادة العامة !! ووزّعوا فى كلّ أنحاء إرتريا !!؟؟..

شهر تقريبا من هذا الإجتماع وغرق الميدان الإرترى بالرّسائل، ما بين أعضاء (سرّية أديس) المنتشرون فى كلّ صوب وكلّ ركن من أنحاء إرتريا !! ووقع جزء من تلك الرسائل فى أيدى (أمن الجبهة) فأراد أمن الجبهة، قراءة الرّسائل وفهمها ولكنّه وجد، أنّ الرّسـائل مشفّرة !! جزءا منها مكتوب فى شكل أرقام!! والجزء الآخر منها، مكتوب بحروف أقرب إلى الرّوسية، وبعد متابعة طويلة وجد الأمن وفى بعضا منها والمكتوبة بالتقرنية تعابيرا مثل: أبشرو !!! لا تيأسو !!! لنعمل كما إتفقنا !!! هذه تعابير ونصوص وردت فى كثير من الرّسائل التى وقعت فى أيدى أمن الجبهة.

ولكن (القياددة العامة) مثلت أمام أعينها فى ذالك الوقت تجربة قيادة ا(لوحدة الثلاثية) مع عمليات التّجسس الإثوبية على الثورة الإرترية، وبادرت فى الإسراع فى إبتداع الحل وحماية الثّورة من المخاطر، وقرّرت جمع كلّ عناصر (سرّية أديس) فى مكان واحد وبدأت أولا: فى تجميع من هم فى(بركا) : وكان عددهم 17 عنصرا وحتّى يأتى بقيّة زملاءهم أفرزت لهم مجموعة للحراسة من 12 مقاتلا، وأقامو بهم فى (جبل) (دبر سلا) ولكن عناصر (سرية أدّيس) واللذين كانو معبأين حتى الثمالة بالأفكار العدوانية عملو على تنفيذ خطّـة للإنتقام من قوّة الأمن التى كانت تحرسهم، والخطّة مفادها: إنتزاع السّلاح من حرّاسهم وقتل من يقتل منهم ومن ثمّ التسليم إلى العدوّ الإثيوبى فى مدينة (أغردات) ولذاك على حسب الخطّة كان يجب أن يأخذ أحدهم الأذن لقضاء الحاجة ومن ثمّ ينقضّ على الشّخص المناوب فى الحراسة وينتزع منه سلاحه، وآخر يهشّم بصخرة رأس قائد مجموعة الحراسة، وإثنين آخرين يهجمون على حامل المدفع (برين) أو (تريشى) ورفيقه !!! وعندما نفّذوا خطّتهم إستشهد قائد المجموعة فى حينه لتهشّم رأسه بصخرة، ولكن الإثنان اللّذان كانا مكلّفان بالإنقضاض على حامل الـمدفع (برين) فشلا فى إنتزاعه من صاحبه لأن حامله كان قد نام وهو ملتفّا على سلاحه.. وفى هذه اللحظة قتل أحد عناصر (سرية أديس)... والبقية الباقية من (سرية أديس) ومجموعهم (16) فرّوا وسلّمو إلى العدوّ الإثيوبى فى مدينة (أغردات)... وحينها إنتشر الخبر فى كلّ أنحاء الميدان بأنّ عناصر (سرية أديس) قد خانت العهد، وعندما سمع باقى سرية أديس) بالخبر هرب وسلّم البعض إلى العدوّ الإثيوبى وإنضمّ البعض الآخر إلى تنظيم (سلفى ناطنت) لاحقا.

أريد أن أنوّه فى هذا الصياغ بأن (أسياس أفورقى) بعد مؤتمر (أدوبحا) وبعد خلط جيش التّحرير الإرترى كان قد إتّجه مع رفاقه لمواصلة العمل فى شئون التنظيم إلى مناطق (رإسى عدّى) و(عد شوما)... وهنا بالرّغم ممّا قيل وما سوف يقال والمغالطات فى هذا الموضوع إلاّ أنّ هذه هى الحقيقة وهذا ما رأيته بأمّ العين هذه هى القصّة التى خلقت لنا التشرزم والإنشقاقات ولكن لأن البعض لا يريدون أو لا يستطيعون تقبّل الحقيقة المجرّدة ولا مصلحة لهم فى إحقاق الحق وإبطال الباطل ولذالك يحاولون دائما وأبدا لوى عنق التأريخ ليلائم أهواءهم ومصالحهم الشّخصية وذالك ما أثبتته تجارب الثّورة الإرترية.

إنّ (أسياس أفوورقى) و (سلمون ولدى ماريام) مجرمون وللتغطية على جرائمهم يحاولون دائما تحميل الآخرين شرّ جرائمهم ويتّهمون الجبهة بالطائفية والدّموية والقتل (عامّة حراديت) ولكنّهم لا يستطيعون أن يحجبوا عنّا رؤية الحقيقة... ولذالك موضوع (سرّية أديس) لا تتحمّله (جبهة التّحرير الإرترية) ولا يتحمّله عناصر (السّريّة) نفسها بقدر ما يتحمّله من كان قد أبات النّية الخبيثة ليستغلّهم وقودا لنواياه الإنفصالية والإنشقاقية وهم قادة تنظيم (سلفى ناطنّت) حينها التنظيم الذى أصبح (الجبهة شعبية لاحقا).

المناضلون الأبرياء عناصر (سريّة أديس) يتحمّل مسؤوليتهم من عبّأهم ومن كان يلقّنهم مذا يجب أن يقولو وكيف يتصرّفون وكيف يحاورو ن (القيادة العامّة) وحتى ألقو بهم إلى التهلكة وهؤلاء هم قيادة الجبهة الشّعبية اليوم وتلك حقيقة تأريخية" (إنتهى).

ثمّ ماذا يقول المناضل(فسّهاطين قبرى) فى كتابه الذى طبع أخيرا بعنوان (مدخل إلى تأريخ إرتريا.. وتجربتى فى الثورة الإرترية) فيما خصّ (سرية أدّيس) وفى الصفحات 75-76-77 يقول الآتى:-

"يتردّد منذ السّتينيات وحتى اليوم وبالذات من قيادة الجبهة الشّعبية بأن ما قتل من (سريّة أدّيس) أكثر من واحد ولكن لا يذكرون ولا إسما واحدا" وهناك أخبار مؤكّدة تقول أن ما قتل فردا واحدا ولكنها لا تذكر إسما.. فذكر الأسماء شيئ حاسم ولكن لا أحد يذكر إسما فى كلا الرّوايتين... ولكن يضيف الكاتب المناضل (فسّهاطين قبرى) قائلا: ولكن لا أدرى إن كان فى مقدور من كان فى مكان الحادث أو كان فى (سريّة أدّيس) أن يعلمنا ويشرح الأمر.. فيوجد اليوم فى دولة السّويد شخصان لهم صلة بالموضوع وقد علمت من المناضل (جرمدهن زقرقيس) ومناضل قديم آخر إسمه (ودّى هسّى) بوجود أحدا ممّن لهم صلة بالحاثة تلك يعيش فى المملكة العربية السعودية وآخر فى كندا، ومن أصحاب الصّلة بالموضوع يوجد شخص يعيش فى الولايات المتّحدة الأمريكية وهو ممّن كانو هناك ساعة الحدث".

عزيزى القارئ الكريم هذه هى أحداث (سريّة أدّيس) وملابساتها وتوأمها فى الحظّ والإهتمام مقتل شهيدى كسلا (ولداى وكدانى) وفى الحلقة القادمة والأخيرة، سوف أكتب بعضا من ملاحظاتى حول مجمل الأشياء ما سبق ذكره من أحداث.

هوامش وشروح

1. مقابلة موقع (دقى أبّات) مع السّيد (هبتى ماريام أبرها) فى مارس 2010 الحلقة 11

2. دان كونيل فى مقابلة مع هيلى درّع - فى مارس 2000 منشورة فى كتابه (حوارات مع سجناء سياسيين فى إرتريا) 23-49

وحتى ألقاكم فى الحلقة القادمة لكم التّحيّة وشكر مضاعف على المتابعة... ومن تكرّم بملاحظة، فهذا عنوانى البريدى.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click