منعطفات ارترية وعشم ابليس في سرية أديس - الحلقة السادسة

بقلم الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - كاتب ومؤرخ إرتري، المملكة المتّحدة

العمل السـرّى فى داخل الثورة وظاهرة التّململ المسيحى: مع إنهزام الكتلة الإستقلالية

وإنتصار إثيوبيا مسنودة بالدّعم الأمريكى والإسناد الدولى المتآمر، وإنشطار المجتمع الإرترى بين مؤيّد ومعارض للإستقلال وإعلان الدّولة،إنفجّر الكفاح العسكرى المسلّح، مسبوقا بالعمل السرّى فى شكل خلايا منطّمة تعمل فى الخفاء وبدقّة، وذالك لتعذّر إحداث التّغيير المنشود نهارا وفى العلن، ولكن محاولة العدوّ الإثيوبى جعل المعركة (إرتريّة) ونجاحه جزئيا فى إستقطاب العنصر المسيحى لمحاربة الثّورة الإرترية العارمة، أعطى الكفاح الوطنى خصوصية فى مراحله الأولى، وتلك كانت أحدى عناوين المرحلة تتبعها تفاصيل ويوميات ظروف قاهرة ومحرجة مرّت بها إرتريا عامة، والثّورة الإرترية خاصّة، ومن المعلوم أنّ الثّورة الإرترية و (جبهة التّحرير الإرترية) لم يكن أبدا يوما من الأيّام عزل العنصر المسيحى الإرترى هدفا من أهدافها، ولا إقصاءه من غاياتها، ولكن طبيعة صراع الماضى - القريب البعيد - ألقى بظلاله على الحاضر، وقهر كاهل كلّ مقاتل ومحارب ومناضل، فألقى عليه عبئا كان يتوجّب حمله وتحمله لمرحلة ومراحل حتى إتمام بناء الثقة وإنصهار الخيارات فى بوتقة واحدة وهى الإستقلال السياسى للشعب الإرترى والبتّ فى مصيره بنفسه ليعيش حياة آمنة وسليمة بعيدة عن القهر والإستبداد.

ولكن مرحلة الكفاح لصناعة الوطن المفقود فى دهاليز المؤامرات كانت تتطلّب العمل السرّى، وكانت أيضا تتطلّب نبذ عنصر التحزب الدينى والقبلى والمناطقى الذى أثقل كاهل الثورة والثوار، وكان على الثورة العمل على إزالته من ضمن صيرورة بناء عامل الثقة بين أبناء الوطن الواحد، وأهمّها كسب العنصر المسيحى إلى جانب الثورة، بالرّغم من معادات الجزء الأكبر منهم للثورة الإرتريّة وبقيادة شخصيات نافذة ومعروفة فى مجتمعنا الكبساوى… ولأسباب لا تخفى على أحد وورد ذكر بعضا منها فى الحلقات السّابقة.

ولتلك الأسباب ولرعونة العدوّ، وجدت الثورة نفسها فى مواجهة جبهتين (جبهة الدّاخل) وقوامها المتعاونين من الإرترييّن مع العدوّ كمخبرين أو عسكر، أو قرى مسلّحة تعادى الثّورة وتحابى الدّولة، وجبهة الخارج وهو (العدوّ الإثيوبى) بحملاته العسكرية والدبلوماسية والإعلامية، ولكن عفوية البداية، لم يكن فيها مجال لوضع برامج أكثر ممّا كان، ووضع البدايات لم يسمح أيضا أحيانا فى التّمعن والصبر على قضايا لا تستحمل التأجيل والتأخير، فالحسم الثّورى كان أقصر الطّرق للحلّ وذالك كان هو المقدور عليه والمتاح.

وكما هو معروف أكبر علامتين بارزتين فى تلك الإنتفاضة السيّاسية هما (حركة تحرير إرتريا) و(جبهة التّحرير إرتريا) رائدة العمل والنّضال الوطنى التّحرّرى الإرترى وكلا التنظيمين لم تقتصر عضويتهما على جنس واحد أو قبيلة أو خلفية عقائدية واحدة، بل نستطيع القول إنّ ظروف وصيرورة الأمور ما قبل الثّورة فرضت واقعا وهو (الثّورة) والثّورة أشعل نارها من أحسّ بالظلم والقهر قبل غيره، وتلك هى طبيعة الثورات وطبيعة البدايات، ولا يتوقّع منها وفيها نسب متساوية فى المشاركة للقوميات والقبائل ومكونات الشعب الأخرى لأنّها بدايات فرضها واقع الحال ولكن ما أريد تناوله هنا وموضوع تدويناتى هو مدى تململ العنصر المسيحى فى العمل الوطنى المشترك مع شريكه المسلم الإرترى ؟؟؟ وليس الغرض طبعا هنا محاكمة العنصر المسيحى !! ولكن لوضع الأمور فى ميزان البحث للتعلّم وإستلهام العبر.

ولأنّنا نحتاج أن نعرف !!! لماذا كان ولا زال الميل للتشرذم والتحزّب وعدم الثقة الذى يؤدّى دائما وأبدا لإفشال العمل المشترك، وبالتّالى وتهديد وحدة الوطن ؟؟

وفى تجربة جبهة التحرير الإرترية كلّ الوقائع تحكى أنّ كثير من العناصر المسيحية كانت متردّدة فى الإنخراط فى (جبهة التّحرير الإرترية) فى بداياتها (راجع مقابلات الأمريكى دان كونيلل مع هيلى درّع) وعنما إلتحق جزء منهم وبحذر حال دون مشاركة الآخرين أولا ثمّ عاد من عاد منهم إلى إثيوبيا وتوارى من الجبهة من توارى ولينضمّ لاحقا إلى تنظيم مسيحى صرف هو (سلفى ناطنّت).

السؤال الذى يطرح نفسه هو: هل كان التعايش بين المقاتلين صعبا ومستحيلا إلى هذا الحد ؟؟؟ وهل كلّ ذالك يرجع فقط لظروف ما قبل بداية الثورة، أم هناك حيثيات وظروف أخرى خلقت فى الميدان ؟

ليس لدىّ إجابات قاطعة ولكنّى سوف أحاول أستعراض تساؤلاتى مع القارئ ونعرض معا بعضا من مظاهر التّململ ربّما أجابت على التّساؤلات أو ساعدت فى البحث عن إجابات !!!!

وهنا فى حديث قصّة تململ العنصر المسيحى الإرترى فى الثورة الإرترية، سوف لن نغفل عن ذكر القلّة القليلة والتى يحفظ لها التّأريخ الإرترى حسن الصّنع والشّجاعة والإقدام لأنّها صمدت ضدّ الدعاية الإثيوبية والّتى روّجت بأنّ الثورة هى ثورة للمسلمين وللعرب !!! وصمدت ضدّ مروّجى نفس الدعاية وما شابهها من إخوة لهم وأصدقاء طفولة من داخل العمل الوطنى.. ولكّنا نتحدّث هنا عن (الظّاهرة المسيحية) الّتى إنتصرت والتى كانت تميل إلى رفض (جبهة التّحرير الإرترية): بحجّة أنّ المواطن الإرترى المسيحى فى إرتريا، لم يجد حقوقه فى الثورة، ولم يحسّ بأنّه جزء أصيل فيها وبالذّات (جبهة التّحرير الإرترية) فعملت على تكوين تنظيم يعنى بأمر المسيحيين.. ومن إقتنع بتلك الفكرة، بدأ فى تجميع الخلايا، فى أسمرا و (أدّيس أببا) وفى المهاجر وأحيانا فى الميدان الإرترى نفسه تأطّرو وتجمّعو ا فى خلايا تضمّ مسيحيين فقط، لتنصهر تلك الخلايا لتأسّس تنظيما يمثّلهم وسمّى مؤقّتا بـ (سلفى ناطنّت) وليكون هو التنظيم المعلن والمعروف ولتظهر هنا وهناك مجموعات إسناد له تصب فى مصلحته وتلفّ حوله ومعه مثل حركة المجرّة والنجوم ولينتهى بهم الأمر فى نهاية المطاف إلى مغازلة تنظيم (قوات التّحرير الشّعبية - سدوح عيلا) ثمّ مشاركتهم فى التنظيم وفق رؤيا جديدة، مغايرة لمشروع وعمل (جبهة التحرير الإرترية) إبتدعوها وحافظو بها على إسقلالية داخلية فى مشروع عمل يوحى بأنه عمل (إتّـحـادى) يعطى لكلّ تنظيم خصوصيته وإستقلاليته، وفق إتّفاق مرحلى وبابه مفتوح للإنسحاب من الفكرة والإتّفاق فى أىّ و قت وزمن، وهنا يمكن متابعة مرحلة إنشقاق مجموعة (علا) ومراحل تطوّر تنظيمها وعند بلوغ سنّ الرّشد والتمكّن السياسى أعلن للملأ أنّه وجد ساحة أكبر للعمل فإندسّ فى تنظيم توفقو على تسميته (الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا).

وهنا وجب القول بأنّ العيب ليس فى العمل السّرّى وإنّما العيب ا فى تأطير المسيحيين فى تنظيم لا يضمّ غيرهم من الوطنيين!! فى وقت كان يعمل فيه كلّ الإرتريين بمختلف عقائدهم وقبائلهم فى عمل وطنى مشترك واحد ولوطن واحد… وليقال إن الهدف كان الإصلاح ولا شيئ غير الإصلاح !!!! وإن كان الغرض هو الإصلاح والإصلاح فقط كانت هناك أيضا منظّمات أو حركات إصلاحيّة كان فيها مسلمون ومسيحيّون مثل (حركة الإصلاح) وغرضهم كان الإصلاح وإن لم تنتصر كليّا فقد تبنّى مؤتمر (أدوبحا) ومن ثمّ مؤتمر (عواتى) مبادئها، وتوّجت تلك المبادئ بعقد المؤتمر الوطنى الأول فى أكتوبر من عام 1971 فتوحّد المقاتل الإرترى وتواجدت القيادة بين المقاتلين وفى الميدان، وكان من رموز (حركة الإصلاح) المناضل (عبدالله سليمان) والمناضل (عبالقادر رمضان) والمناضل (عثمان إزاز) والمناضل (محمود إبراهيم - شكينى) والمناضل (حسن سعيد باشميل) والمناضل (سعيد با داؤود) والمناضل (سعيد صابر) والمناضل (كيدانى كفلو) والمناضل (صالح قلبوب) والمناضل (ولداى قدى) (1)

والشيئ الملاحظ الآخر هو أن كلّ التنظيمات الإرترية أو كلّ الأطراف المنشطرة من الجبهة كان فيها مسلمون ومسيحيون فمثلا فى القيادة العامة عندما إنسحب منها (أسياس أفورقى) هاربا إلى أدغال (فلفل سلمونا) وإعتصم (سلمون ولدى ماريام) بأحراش (علا) و(سلد) فى (أكلو قزاى) صمد وبقى عضو القيادة العامة (أبرّا مكنّن) وصمد مسيحيون لا بأس بهم فى (جبهة التحرير الإرترية) فكان المناضل (حروى بايرو) العضو الجبهجى المخضرم والذى أصبح فى عام 1970 عضو لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطنى الأول، وصار لاحقا نائب رئيس (جبهة التحرير الإرترية) كما صار أيضا شهيد الحركة الطّلابية المناضل الدكتور (فصّوم قبرى سلاسى) عضوا فى قيادة الجبهة ومسؤول الإعلام، ويذكر دائما من الصّامدون المناضل والمقاتل (قبرى هيوت حمبرتى) المناضل (ملأكى تخلى) ومن الصّامدون أيضا (تسفاى تخلى إزقى) الذى كان عضو لجنة الحوار الجبهجية مع (سلفى ناطنّت) والّذى جرح فى الرّأس وأصيب بشلل نصفى وهو يقود المعارك فى منطقة (مرب) فى الهجوم الإثيوبى من أجل إستعادة المدن المحرّرة فى يوليو - نوفيمبر من عام 1978.

وفى صحارى دنكاليا وفى (سدوح عيلا) تحديدا وعند تشكيل قيادتهم هناك كان فيها من المسيحيين (مسفن حقوص) و (محارى دبساى) (2) وقيل (معشّو إمباىّ) (3) وحضر المؤتمر من مدينة الخرطوم السودانية المناضل (تكوء يحدقو) (4) ولكنه لم ينتخب فى القيادة ولاحقا دخل فى حوار مع (سلفى ناطنت) ليستشهد فى عملية غامضة لا زالت قيد البحث والتدقيق.

أمّا إذا نظرنا إلى تنظيم (سلفى ناطنّت) وتكوينه القيادى فى نوفيمبر من عام 1971 نجد أن قيادته كلّها مسيحية ولم يكن فيها فردا واحدا من المسلمين وهم (أسيّاس أفوورقى - سلمون ولدى ماريام - قرزقهير أسمروم (حوىّ بشّر) معشّو إمبّاىّ - محارى دبساى وقيل أنّ خامسهم هو مسفن حقوص) والّذى أنتخب غيابيا !!! (5) والملاحظ أن المناضلين (مسفن ومحارى دبساى) إستقطبهم (سلفى ناطنّت) بإثارته للنعرات الطائفية فيهم لينسحبو فى الظلام إليه، وتلك الحادثة أثارت غضب المقاتلين فى (قوات التحرير الشعبية - سدوح عيلا) فكانت مصدر توتّر وخلاف بينهم لا مجال لذكرها الآن.

وهناك شيئ ملفت آخر وهو أن الإنتفاضات فى الجبهة من أجل التقويم والإصلاح وما وصل منها إلى مسامعى وإدراكى هما إثنتان: (حركة الإصلاح) بشقّيها العسكرى والمدنى وهى أكبرها و (حركة الجنود)… ولكن إنصهرت هذه التنظيمات والحركات فى داخل جسم الجبهة الكبير عندما تبنّى التّنظيم.. مبادئها. ولكن المجموعة (الكبساوية والمسيحية وسلفى ناطنّت تحديدا) كانت لا تأمل فى إصلاح الجبهة بل تململت ومؤشّر حركتها كان يدلّ على الإنشقاق والإنشطار وليس الإصلاح (6)

وهنا وجب القول بعد لفرز الذى حصل فى العمل السياسى الإرترى فى بداية السبعينيات وخروج تنظيم قوات التحرير الشعبية للعلن، لم يهدأ المسيحيون، ولم ينتهى ويتوقّف التململ عندهم !!! وهنا يطرح سؤال عفوى نفسه وهو: ألم يكن التململ سببه الجبهة وقيادة الجبهة كما تذكر قيادات الجبهة الشعبية (مقابلة هيلى درّع) ؟؟ لماذا تململو إذن فى داخل تنظيمهم (سلفى ناطنّت) ؟؟؟ وماهى أسباب التململ تلك ؟؟ والتّى إنقلبت إلى إحتكاكات وصدامات راح ضحّيتها أضعاف أالأضعاف فى العدد من المقاتلين والمناضلين المسيحيين أكثر ممّا إتّهمو به هم أنفسهم تنظيم الجبهة !!!

هل حملو الدّاء معهم من الجبهة إلى تنظيمهم الجديد أم كانو يحملون(الفيروز المعدى) أصلا فى ذواتهم أو فى مجموعتهم المنشقّة ؟؟ أنّ التململ فى داخل (قوات التّحرير الشعبية 2) أفرز أيضا (حركة إدّعت أنّها إصلاحيّة) عرفت بحركة (المنكع) قادها مناضل حلّ على الجبهة ضيفا فى نهاية عام 1966 ولكن مع حلول شهر (أغسطس) و صيف عام 1967 سلّم نفسه إلى العدوّ الإثيوبى فى قنصليته فى مدينة (كسلا) السودانية برفقة 19 مناضلا من ضمنهم (المنظّر السّياسيى للجبهة الشعبية.. (هيلى ولدنسئى - درّع) و الإثنان وأسياس أفوورقى ثالثهم هم من وضع لبنات الحزب أو الخلية الأولى للتنظيم، وعاهدو أنفسهم على العمل للتغيير… ومن (أسمرا) حلّ الإثنان (موسى وهيلى) طلابا قداما جدد على جامعة (أدّيس أببا) للمرّة الثّانية وعندما علمو أنّ الرّفاق فعلوها وأعلن تنظيم (سلفى ناطنّت عن نفسه) إختطف (موسى تسفامكئيل) ومعه (يوهنّس سبهتو) المعروف بـ (جون) طائرة ركاب من (مطار (أدّيس أببا) ليهبطا بها فى مطار (الجزائر) فى عام 1972 وعبر عدن فى اليمن أتيا إلى (قرقّرْ ومرافيتْ) فى السّودان بحثا عن (التنظيم) ولم يبقيا فى التنظيم أشهرا ليعلناها حربا على (أسياس أفورقى وتولدى إيّوب ومسفن حقوص) وليلحق بهم بعد أشهر قلّة (هيلى - درّع) منسحبا عبر الحدود من (أدّيس أببا) إلى الصّومال وبلا طائرة هذه المرّة لينضم إلى التنظيم… (لم يذكر هذا الأمر فى كلّ حلقات حواره التّأريخية مع دان كونيلل) ولكنه ساعد (أسياس للتخلص من رفيقهم فى الدراسة والعمل (موسى تسفامكئيل) وفى أول إطلالة لهم على المرتفعات فى بداية عام 1974سقط المناضل (هيلى ولدى تنسائى) فى كمين عسكرى لقوة من (الكماندوس) ونزل سجينا على (سمبل) ومن صدف الزّمن وقصّة (حرب وحوار الأشقّاء) العجيبة فى إرتريا حرّرته (جبهة التحرير الإرترية) فى عمليتها العظمى والنوعية (عملية تحرير السجناء فى عدى خالا - وسمبل).

وقبل أن ينتهى آثر وفعل (حركة المنكع) ظهرت حركة (بطاى) يقيادة (قيتؤوم برهى) و (تولدى إيّوب) وقبل أن تحسم قيادة الشعبية آثار الحركتين ظهرت حركة إصلاحية ثالثة أرادت إصلاح الفساد وأستغلال السلطة والخمر والنّساء بقيادة (د. إيّوب قبرى لؤول) ولم يقتصر العمل السّرّى على هذه الحركات بل كان فى داخل تنظيم (قوت التحرير الشعبية ج. ش. لاحقا) حزبا كان هو المسيطر على كلّ مقدّرات التنظيم وأشعل حربا ضروس أحرقت الأخضر واليابس فيه، وهناك جيش جرّار من ضحاياه على رأسهم يذكر دائما وأبدا (د. بئمنت) زوج الوزيرة (أسكالو منقريوس) والدكتور طبيب مكنّن هيلى) والمناضل (هيلى جبها) ومناضلون آخرون كثر ولكنّى سوف لن أسترسل حتّى أبقى فى (قصّة) التملل السياسى لأبناء المرتفعات وقبل تأسيس الجبهة الشعبية لئلا أتوه مع الأحداث.

إن هذه التنظيمات ذات التكوين المسيحى كما أسلفت ما هى إلا حالات من التململ وعدم الثقة وحتى تكون مدخلا لعمل موثّق أكبر أخصّص لها هذه الحلقة السّادسة من تدويناتى فى منعطفات إرترية ومن ضمنها سرّية أدّيس والتى سوف أوردها فى الحلقات بعد القادمة إن أمدّ الله فى الآجال.

و عند متابعاتى المتواضعة لكثير من الكتابات والمقالات بلغتىى (التقرنية) و (الإنجليزية) وجدت أن تنظيم (سلفى ناطنّت) لم يكن الوحيد الّذى يدعّى ويسعى لتأطير المسيحيين الإرتريين، بل كانت هناك تنظيمات سرّية أخرى، ربّما بعضها أقدم من التنظيم المعلن والمعروف (سلفى ناطنّت) وهى أيضا إختصرت عضويتها على أبناء المرتفعات والمسيحيين منهم !!! طبعا شيئ يدعو إلى التوقّف والفهم والتمحيص لأنّ هناك خلل ما فى الأمر !!!

اليوم العنصر المسلم فى إرتريا يلام على أنّه يملك تنظيمات سياسية (جهاديّة) وبطبعها لا تستوعب إلاّ المسلميين من أبناء هذا الوطن وكانت هناك تنظيمات علمانية أيضا كان معظم أعضاءها من أبناء السلميين مثل تنظيم (اللجنة الثّورية) و وتلك أيضا حالة من التّململ بين المسلمين فيما بينهم، ولكنّى أتحدّث هنا عن الوضع فى الأعوام (1961-1971) وهى الفترة التى يتّهم فيها المسلم وفى إطار (جبهة التّحرير الإرية) بقتل المسيحيين، إن كانو من المقاتلين أم من أفراد الشّعب العاديّين... لأنّ كل ّ ما قام من تنظيمات ومجموعات بعد إنهيار الجبهة فى عام 1980-1982 ما هو إلاّ ردود أفعال على ممارسات الجبهة الشعبية، والمسيطر فيها وعليها (حزب الشّعب الثّورى) بعباءة سلفى ناطنّت ويعنوان جامع أكبر إسمه (الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا) وينطبق ذالك أيضا على جبهة التحرير الإرترية فى بداياتها حيث لم تعلن أنّها للمسلميين فقط ولكن فى البدايات كانت جلّ عضويتها من السلميين... نسبة للوضع التأريخى للبدايات، ولم تعمل فى الخفاء بالنسبة للمواطن الإرترى، بل كانت تنظيم علنى ومعروف القيادة والعنوان ومفتوحة العضوية لكلّ من يؤمن بهدف التّحرّر من الإستعمار البغيض، و العنصر المسيحى لحق بالثورة وبـ (جبهة التّحرير الإرترية) ولم يكن محجورا عليه ولم يكن ممنوعا من ذالك، ولكن الشيئ الوحيد الّذى كان موجودا وحاضرا هو فقدان الثّقة والتململ من العنصر السيحى نحو الثورة.

ولكن ومجموعات العمل التى أقصدها هنا كلّها غزّت تنظيم (سلفى ناطنّت) وأصبحت رافدا مهمّا من روافد (قوات التّحرير الشّعبية 2) مثلها مثل (إرتريين للحرية فى شمال أمريكا وفرعه فى أورووبا).

التململ فى أبناء المرتفعات المسيحيين فى داخل تنظيم (جبهة التّحرير الإرترية).. كانت ظاهرة سياسية تستحقّ الدّراسة والتأمّل وهناك لقط كثير حول من فرّ منهم إلى إثيوبيا ومن عمل منهم فى الخفاء لتأسيس تنظيم يشبههم (سلفى ناطنّت) وهناك إتّهام موجّه دائما وأبدا إلى تنظيم (جبهة تحرير إرتريا) حول من قتل منهم مثل (كدانى كفلو - وولداى قدى) وهناك أحاديث عن تجاوزات وقتل بحق مناضلين من المسيحيين فى المنطقة الخامسة (7) وتجاوز وقتل فى حق أعضاء (سرية أديس)... وهنا تسوقفنى بعض الأشياء والمواقف ما الذى كان يحصل بالضبط ؟ ولماذا كلّ هذا التململ ؟؟؟

التّـململ والمناضل (تكوء يحدقو):

قيل الكثير عن إعتدال مقاتل مخضرم هو (تكوء يحدقو) يحكى أن المناضل (تكوء يحدقو) كان من أكثر المناضلين إعتدالا وذالك من خلال كتابات (قرماى كدانى - ودّى فليبا) (8) يقول عنه أنه رفض الإنضمام إلى (سلفى ناطنّت)… ويقول عنه أيضا إنّه من مؤسّسى (حركة تحرير إرتريا) فى العاصمة أسمرا.. ولكن قتله تنظيم (سلفى ناطنّت)... وشهد أيضا بدوره زميله فى قيادة الحركة فى العاصمة (أسمرا) المناضل (محمّد برهان حسن) فى كتابه (حركة تحرير إرتريا) محطّة من محطات مسيرة نضالنا الوطنى).

(لكن عند قراءة شخصيته ورسائله إلى رفاقه فى أوروبا وأمريكا وأين ما وجدو تجد أنّ ما يطرحه لا يختلف كثيرا عمّا طرحته (سلفى ناطنّت) ويلتقى معها فى كثير من النّقاط المتقاطعة، إذن لماذا لم يكن عضوا فى (سلفى ناطنّت) وهل ما يقوله (رؤسوم كيدانى) وقرماى - ودى فليبّا) مدعوم بأدلّة بأنّ المناضل (تكوء يحدقّو) لم يكن عضوا فى تنظيم (سلفى ناطنّت) ؟؟؟ وإن لم يكن عضوا فلماذا إرتحل بصحبة (جرماى محارى) إلى الساحل ومنها إلى فلفل سلمونا لمقابلة قيادات (سلفى ناطنّت) الرّحلة التى لم يعد منها حتى اليوم.

(كتب الباحث الإرتري) رؤسوم كيدانى المهتم بأرشفة تأريخ الثّورة الإرترية فى مقاله (تكوء يحدقو.. والموت المأساوى الغامض) (9)

يقول (رؤسوم كيدانى) ناقلا من وثائق عدّة أنّ (تكؤ) تأثّر بمقتل (كدانى وولداى) ولذالك غادر كسلا إلى الخرطوم ولكن (سلفى ناطنت) لم يتركه فأرسل إليه (تولدى إيوب) (10) و(جرماى محارى) (11) ليحضر مؤتمرهم فى منطقة (تخلى) فى عام 1971 أوأخيرا إتّجه (تكؤ) بمعية (جرماى محارى) إلى بورتسودان ومنها إلى قرورة.. ولكن يقول (جرماى محارى) كنّا خمسة وأثناء الرّحلة إلى(شمال بحرى) إفتقدنا (تكّوء يحدقو) فى منطقة (إمهميمت) ومعنى الحديث أنّ المناضل (تكّوء) فُقد أو ضاع فى أثناء الرّحلة !!! كيف ؟ تلك يجيب عليها العميد (قرماى محارى) ومن كان معه يومها.

ولكن قبل قراءة شخصية (تكوء يحدقو) وكتاباته التى تدل على التململ… إنّ توجّهه إلى (شمال بحرى) نفسه حالة من التململ وعدم الإستقرار السّياسى !!! كيف حضر مؤتمر (سدوح عيلا) ومن ثمّ يأتى إلى (شمال بحرى) لمقابلة قيادة (سلفى ناطنّت) هل كان ينوى محاورتهم أم أصابه ما أصاب (مسفن حقوص) و (معشّو إمباىّ) و (محارى دبساى) من تأثير؟؟؟ أم كان شعارهم حينها ”كلّ من أصبح معارضا للجبهة فهو منّا ونحن منه ولو إلى حين“ فتلك خلقة مفقودة فى حياته إلى حدّ ما حتى ينجلى أمرها !!!!

ولكن ما همّنى فى الموضوع هو إلى أىّ مدى أصابت حالة التململ وعدم الثقة فى (جبهة التّحرير) وتوجّهاتها المناضل (تكّوء يحدقو) كيف كان ينظر هذا المناضل إلى (جبهة التّحرير الإرترية ؟؟؟ وهل هو من الرّافضين لتأسيس تنظيما مسيحيّا صرفا ؟؟ ولذالك صفّته (سلفى ناطنّت) كما يقول الكاتب جرماى كدانى - ودّى فليبّا) ؟؟؟ وهل هو نموزج آخر للمناضل الشهيد (أبراهام تولدى)لأن المكتوب أعلاه ما هو إلاّ بعضا من ملابسات إستشهاده ولكن كان مهمّا أيضا أن نعرف نظرته وكتباته حين يوصف الوضع فى (جبهة التحرير الإرترية).

أقتبس هذ القليل ممّا كتبه المناضل (تكّوء يحدقو) فى عام 1970 فى شكل رسائل شخصيّة أرسلها إلى أصدقاءه أينما وجدوا ليقول:

”إنّ حركة تحرير إرتريا) نشرت الوعى الوطنى ومسحت ذكريات أعوام 1945-1947 الأليمة والدموية) وإنتشرت فى كلّ أقاليم إرتريا ومدنها ولكنها فشلت فى جلب التغيير فى شكله العسكرى.. ثمّ ظهر فى الساحة (إدريس محمّد آدم) الذى كان مسؤولا فى الحكومة الإرترية… ومن ثمّ ظهر عواتى الّذى عاش جلّ وقته (شفتا) لأمر يهمّه هو وحده ومن ثمّ لحق بالعمل الوطنى (عثمان صالح سبّى) الذى تلقى تعليمه فى (هرر) فى إثيوبيا والذى كتب كتاب (الإسلام فى الحبشة) وبعدها خرج من إرتريا وظهر أيضا فى السّاحة (إدريس قلايدوس) الّذى كان يدرس فى القاهرة لينضمّ إليهم.. ولإنّ إدريس محمد آدم إستطاع ونجح فى عمل علاقة مع الملك فيصل(ملك السعودية) وإقناعه بأن المسلمين مضطّهدين)، إستطاعو توفير المال منه لشراء قليل من السلاح والذّخائر ويظهر أنّهم جعلوها جهادا بنفس طريقة الرّسول (محمّد)“.

إنّ المناضل (تكّوء) والّذى يظهر من رسائله بأنه رجل فى حيرة من أمره فى خضمّ صراع إرترى - إرترى وإستقطاب طائفى تقوده سلفى ناطنّت وكلّ ذالك تتابعه إثيوبيا عن قرب وتلعب فيه دورا أساسيا ومحوريا.. يقول أيضا:

إنّ المقاتل الإرترى مقسّم على حسب قبيلته وإقليمه.. والمناطق هى تجسيد لهذا الواقع.. والمجلس الأعلى يتصارع لكسب ودّ قادتها وليجعل كلّ واحد منهم موقع قدم له فى الساحة.. وأقطاب الصراع تتمثل فى (إدريس محمد آدم - عثمان صالح سبّى - وإدريس قلايدوس)… ويواصل تكوء فى رسالته ليقول قبلنا تعاون العنصر المسيحى فى مساعدة إثيوبيا والمساعدة على كشف المقاتلين وإلقاء القبض عليهم.. ولكن هذا فى الداخل أمّا فى الخارج وعندما بدأ الكفاح المسلّح هل تعرفون دور المسيحيون فيها ؟؟ الشيئ المستغرب فيه كثير من مسيحيون أثرياء شاركو فى الثورة فى بداياتها ولكن اليوم يوجد شخص مسيحى واحد فى الثّورة !!! ولأنه يخاف أن لا يسمح له بمواصلة النضال لأنه غير مسلم يعيش بإسم مسلم“.

ويقول: أيضا أن الفلاحين المسيحيين فى حيرة !! لأنّ الجبهة لا تثق فيهم وتقتل منهم الكثيرين مثل ما حصل فى منطقة (دمبلاس) فى منطقة سراى !!!

(ويقول أيضا أن الجبهة نفسها مثل إثيوبيا خلقت (مليشيا تقتل المسيحين)… إننا نحاول تغيير هذا الواقع ونريد قيادتنا أن تكون معنا وفى الميدان ولا نريد قيادة تعيش فى الخارج توجّه العمل بالتلجرام والتلفون… ولكننا نعانى وبشدة من تنظيم الجبهة !!! ارادو ان يحرّضو علينا الأمن السودانى ليسلّمنا إلى العدو الإثيوبى ولكنهم فشلوا… أرسلو من يقتلنا ولكنهم لم ينجحوا.. وقتلو رفاقى (كيدانى كفلو وولداى قدى)… وظهر ت بادرت أمل فى قيام الوحدة الثلاثية ورفعت من مستوى العمل الجماعى… ولكنها كانت تتعثّر بالموقف السلبى للمنطقة الأولى والثانية ثم جاءت التباشير بقبولهم توحيد الجيش ومؤتمر (أدوبحا) ولكن سرقت الأهداف وإنحرف المسار وعدنا للعمل ولا زلنا نعمل بإمكانيات شحيحة والجبهة تترصّدنا ولا زلنا نقاوم، وأخيرا جاء الإنفصال فاسياس موجود فى (علا) مع بعضا من رفاقه.. ونحن إتّجهنا إلى (دنكاليا) عبر اليمن وعقدنا مؤتمرفى (سدوح عيلا) وإخترنا قيادة فيها عنصرين مسيحيين هم (محارى دبساى - ومسفن حقوص) ولكن الأمر لا زال فى بدايته والخلاف أيضا هنا تظهر بوادره. (إ نتهى)

وبهذا القدر نكتفى لنقرأ التململ وعدم الثقة ولنعرف مداه ويظهر من محتوى هذه الرّسالة أنّ فيها كثير من ملامح المنفستو المشهور سيّئ السمعة (نحنان علامانان)… وفيها أيضا بما لا يدع مجالا للشك بأنّ بعضا من الشكاوى التى أوردتها الوثيقة تتكرّر أيضا فى رسالة المناضل (تكوء يحدقو) إن سلّمنا جدلا أنّها صحيحة وأنّ المكتوب فيها صحيح وحقيقى ولم يتعرّض للتزوير.. ويظهر أن هذه الرسلة كتبها من الخرطوم أو من (عدن) وقبل سفره لمقابلة قيادة (سلفى ناطنّت).. وذالك إستشفافا من قوله ”وإنّ أسياس قد إنفصل وهو الآن فى علا.. إذن هل نستطيع القول أنّ (نحنان علامانان) لم تكن الديباجة الأولى لشكاوى المسيحيين فى الساحة الإرترية ولكن الفرق الكبير أنّ (المنفستو) المشؤوم كان قاصدا تعميق الشّرخ وتأليب وتأطير المسيحيين فى تنظيم واحد !!! ولكنّنا لا نستطيع اليوم الحكم على المناضل (تكّوء يحدقّو) لأنّه إختفى من المسرح السّياسى مبكّرا !!! هل غدرا وبفعل فاعل أم نتيجة موتا طبيعيا فلا زالت الأبحاث تجرى والباحثون يعملون على توثيق أحداث تلك الأيام ولا نملك غير الصّبر والإنتظار... وعلى أيّة حال ولأهمّية (رسالة تكّوء يحدقو) يمكن ترجمتها بالكامل ونشرها بعد نهاية هذه الحلقات.

وإن كان فى الأمر بقيّة فهو معرفة جزءا ولو يسيرا عن شخصية (تكوء يحدقو):

من هو تكّوء يحدقّو (12) ولد تكوء يحدقو فى أسمرا فى عام 1942 ودرس بها حتى وصل المستوى الثانوى فى (ثانوية هيلى سلاسى الأول) وكانت تسمّى إختصارا بـ (قهاز) دخل النشاط الطلابى والوطنى مبكّرا وشارك وقاد مظاهرات عام 1957 كان هاويا محترفا وهدافا فى كرة القدم وكان يلعب فى فريق (عدوليس) المشهور حينها وعندما أتى فريقه من أسمرا لإجراء مباراة ودية مع أحد فرق كرة القدم فى مدينة (بورتسودان) فى عام 1959 ترصّدته (حركة تحرير إرتريا) وكسبته فى عضويتها وإلتزم (تكّوء) فى (حركة تحرير إرتريا) ومعه زميله المناضل المعروف (كحساى بهلبّى) وعندما عاد الإثنان إلى أسمرا كانوا من أنشط أعضاء الحركة (13) وجاء عام 1962 والمظاهرة الكبرى للإحتجاج على إسقاط الفدرالية وضمّ إرتريا إلى إثيوبيا ولأنه كان له الدور القيادى سجن. وأطلق سراحه لاحقا وعندما خرج من السجن غادر إلى السودان وواصل نشاطه مع رفاقه فى (حركة تحرير إرتريا) وعنما ضربت (الحركة فى (عيلا طعدا) فى عام 1965 إنضمّ (تكؤ) و (ولداى) إلى (جبهة تحرير إرتريا).

كان يروّج دائما ولا زال بأنّ المناضل (تكوء يحدقّو) قتل فى الحرب الأهلية فى الساحل .. ولكن الكاتب (قرماى - ودّى فلبّا) وهو أحد زملاءه من أسمرا وأيّام الإلتزام ب (حركة تحرير إرتريا) يقول: (إنّ سلفى ناطنّت هو المتهم الوحيد بقتله).

ويمكن أن يؤخذ المناضل (أبراهام تولدى) كنموزج آخر لحالة التّململ هناك حالات كثيرة توحى أو تؤكّد إلتزام وثبات المناضل (أبراهام) ورفضه للتشرزم وحشر العمل الوطنى فى القبيلة والطّائفة منها:-

أولا: قبوله التنازل عن قيادة المنطقة الخامسة وعدم الترشّح للقيادة الجديدة والتى سوف تنتخب عندما طلب منه ذالك فى مؤتمر (أدوبحا) وقدّم إستقالته فى الوقت الّذى جادل البعض من قيادات المناطق للبقاء فى مواقعهم أو أن يحقّ لهم الترشّح فى القيادة الجديدة..(القيادة العامّة).

ثانيا: جدله المستمر مع (سلمون ولدى ماريام) وإختلافه معه أيام وجودهم فى قيادة الوحدة الثلاثية لمنع تجنيد وتسجيل مناضلين، إلتزاما بقرار القيادة و(سلمون) يجنّد ويسجّل لأمر كان مبيّتا فى المجموعة المسيحية وكانت من نتائجه (أسطورة سريّة أدّيس) وهنا يظهر عدم ولوج المناضل (أبراهام) فى سياسات المجموعة إياها وإختلافه معهم. (14)

ولكن يشكّك البعض فى نزاهة المناضل (أبراهام تولدى) من الحراك المسيحى حيث أورد أحدهم دليلا على وجود (أبراهام تولدى) فى اللقاءات التى كانت تجرى مع إثيوبيا فى (علا) (15) فى 7 أبريل و14 أبريل من عام 1970 لقاآت جرت تحت قيادة المناضل (هبتى سلاسى قبرى مدهن) وقبيل إنضمام (أسياي أفوورقى للمجموعة) وإختطافه القيادة (16) من ضمن مناضلين آخرين منهم:-

1. سلمون ولدى ماريام
2. وهيلى ولدنكئيل (شهيد سقنيتى)
3. وقرزقهير أسمروم
4. تولدى إيّوب
5. هيلى (جبها)

ويقول الكاتب (ألم تسفاى) أمّا الوفد الإثيوبى فكان يمثّله الآتية أسماءهم:

1. دقيات (قبرى يوهنّس تسفاماريام)
2. دقّيات (قبرى كدان تسمّا)
3. قرزماج (تسفامكئيل جورجو)
4. ليتنال كولونيل (قبرى إزقابهير محرّنا)

ولكن هل الحوار مع إثيوبيا جريمة أو خيانة وطنية !!! أم نتحدث هنا عن حوار سرّى كان القصد منه شقّ الصّف وتمرير مخطّطات… وإلآ هناك أيضا لقاءات عدّة تمت بين قيادات نافزة فى (جبهة التّحرير الإرترية) مع ممثّلين عن إثيوبيا يذكر منها لقاء قائد المنطقة الرّابعة المناضل (محمّد على عمرو مع (المحامى المخضرم محمّد عمر قاضى) فى 31 يناير من عام 1968 ليس لحل المشكلة ولكن لثنى الثّوار عن الإستمرا فى ثورتهم. (17)

إنّها حالات من التّململ وحال من التّشرزم وعدم الثّقة الّذى ساد موقف الأشقّاء أبناء الوطن الواحد... ولكن لسوء حظّ المعتدلين فى المعادلة الطاّئفية فى إرتريا الثّورة… إختفى أيضا المناضل المخضرم (أبرهام تولدى) مبكّرا فى ظروف يلفّها الغموض، قيل عنها وفيها الكثير، ومن جهات عدّة وكلّ أصابع الإتّهام تشير إلى (سلفى ناطنّت) (18) بعد أن صمد ضدّ أعتى المنعطفات فى منطقته الخامسة (سراى وحماسين) ولتخسر إرتريا صوتا معتدلا وعاقلا من أحرار المرتفعات المسيحية فى إرتريا.

وبهذا القدر أكتفى عزرزى القارئ من التململ المسيحى فى داخل الجبهة لأكمل فى الحلقة القادمة وفيها من حديث التّململ ما حكاه المناضل (سليمان هندى) إلى صحيفة صوت إرتريا وحتى يحين وقت القاء أشكرك على المتابعة.

هوامش وشروح:

1. كتاب مدخل إلى تأريخ إرتريا وتجربتى فى الثورة الإرترية (صـ 66) (فسّهاطين قبرى) وكتاب (إرتريا ومشكلة الوحدة الوطنيّة فى حقبة الكفاح المسلّح) والأستاذ محمود عثمان إيلوس.

2. عضو حركة تحرير إرتريا ومن ثمّ مقاتل فى جيش التحرير الإرترى إنشقّ من الجبهة وحضر مؤتمر (سدوح عيلا) وأصبح عضوا قياديا ولكنه إنسحب مثله مثل (مسفن حقوص) ليكون العضو القيادى فى تنظيم (سلفى ناطنّت) كان عضو اللجنة الإدارية فى قوات التحرير الشعبية... توفى قبل سنين قليلة.

3. (كتاب) (إرتريا ومشكلة الوحدة الوطنية فى حقبة الكفاح المسلح والأستاذ محمود عثمان إيلوس) كما يؤكّد الأسماء الثلاثة شاهد عيان تلك الأحداث المناضل أحمد طاهر بادورى فى كتابه (إرتريا… رحلة فى الذّاكرة) صـ 125

4. رسائل المناضل (تكّوء يحدقّو) إلى زملائه فى الغرب.

5. مقابلات (راديو وقحتا) مع (سيوم تمنوو) أحد قدماء المناضلين فى الجبهة الشّعبية و (سلفى ناطنّت).

6. مقابلة الأمريكى دان كونيلل مع (هيلى درّع) فى مارس 2000 منشورة فى كتابه (حوار مع سجناء السياسة فى إرتريا) صـ 23-49

7. نفس المصدر أعلاه.

8. http://www.jeberti.com/index.php?option=com_content&view=article&i5 كما تؤكّد ذالك أيضا قيادات (حركة تحرير إرتريا) منهم المناضل محمّد برهان حسن.

9. http://www.ehrea.org/tuku.php

10. عضو قيادى فى كلّ الحراك الكبساوى المسيحى (من أكّلو قزاى) وعضو قيادى فى حركة (بطاى) داخل الشعبية وأحد أعضاء القيادة الخمسة لـ (سلفى ناطنّت) صفّى فى عام 1980

11. عضو مؤسّس فى (سلفى ناطنّت) تبوّأ مناصب عليا فى الميدان، وبعد التحرير كان لفترة هو الحاكم الفعلى لمديرية سنحيت فى أيّام (عبدالله موسى) وكان حاكم مدينة كرن واليوم هو عميد فى الجيش الإرترى.

12. نفس المصدر فى 9

13. ويؤكّد ذالك المناضل (محمد سعيد ناود) فى كتابه (حركة تحرير إرتريا الحقيقة والتأريخ) والمناضل (محمد برهان حسن) فى كتابه (حركة تحرير إرتريا محطّة من محطات نضالنا).

14. ذكر عن حيثيات ذاك الخلاف المناضل (قرى مدهن زقرقيس) حين كان مقاتلا فردا بينهم فى كتابه شاهد عيّان على تأريخ الثّورة الإرترية).

15. المقال ورد بالتجرنية من الكاتب (ألم تسفاى) من تورينتو فى كندا بعنوان ملاحظات من دفتر الـتأريخ www.ehrea.org/tuku.php

16. ذكر ذالك الكاتب (ردئى محارى) فى مقالاته (زرع البذرة الفاسدة) فى الحلقة الخامسة بأنّه و قبل حضور (أسيّاس أفورقى) إلى (علا) كان يتقدّم المجموعة (هبتى سلاسى قبرى مدهن) إستشهد لاحقا أو قتل غدرا فذالك قيد البحث لإختلاف الرّوات.

17. حيثيّات الحوار تلك منشورة فى كتاب (معركة إرتريا) جـ 1 صـ 307-311

18. يمكن الإطّلاع على الحلقات (3-6) فى سلسلة مقالات (ألّنا) وحديث (قرى مدهن زقرقيس) عن الموضوع.. والمقال البحثى أدناه http://www.ehrea.org/abrah.php

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click