قصة هروبنا من سجن ماركاتو - الحلقة السادسة

بقلم المناضل: عبدالله حسن

المحاولة الرابعة للهروب: زملائنا في السجن كانوا يتابعون محاولاتنا للهروب. وعندما وصل هذا الخبر لاحد المصريين المقبوض

عليه وكان في هذا السجن، تعرف علينا عبر فتحات الزنزانات وعرفنا عن شخصيته و ناولنا ورقة صغيرة مكتوب فيها اسمه والجهة السياسية التي ينتمي اليها. وكان اسمه عزمي برسوم بسكاليس من حركة احرار العرب.

غرفة الزنزانة

قال كان متابعا من قبل المخابرات الإسرائيلية وقبضوا عليه الإثيوبيين. واخبرنا بانه طليق في السجن أي يسمح له التحرك داخل السجن ويستطيع ان يتعاون معنا في الهروب. وعندما تأكدنا من استعداده لمساعدتنا أخبرناه بأن اطراف الفتحات الصغيرة الموجودة في حائط الزنزانات مبنية بالطوب ثم حجمها يتوسع اتجاه الداخل ونعتقد خلعه سيكون سهلا وطلبنا منه ان يأتي بأدوات الحفر اذا استطاع ذالك. وهوكان يأتي له الأكل من الخارج من المطاعم بنقوده الخاص ولذا استطاع ان يأتي الينا بعدد اثنين من سكاكين بيضاء، قوية من النوع التي تعطي مع وجبات اللحوم في المطاعم.

وفي حديثه معنا عن احوال السجن ذكر عزمي احداث تاريخية، عن تعاون الجزائريين العاملين مع الحكومة الفرنسية مع الثورة الجزائرية، ثم سألنا عن احوال الارتريين هنا في السجن. وكان يعتقد بان كل المساجين موثوقين. ونحن وضحنا له بأن الحراس ليسوا موثوقين وكذالك المساجين الموجودين معنا. وبعد ان اتضحت له الأحوال، ابلغنا بانه سوف يأتي بالمنوم لإعطائها للسجناء فساهاي واريفايني الموجودين معنا في الزنزانات وعن الحراس قال انه سوف يشغلهم بإحضار الخمرة. اما برنامج الحفر أقوم به انا ويتعاون معي هو من الخارج ثم بعد خروجي ايضا ان انتقل إلي زنزانة كابلي لحفرها من الخارج. وكما اتفقنا احضر عزمي الخمرة من الخارج ووزعها للحراس الكوماندوس بحجة مناسبة العيد اعتقد كان عيد ميلاد المسيح عليه السلام وكانوا يشربونها طول الليل.

وبخصوص زملائنا في الزنزانات فساهاي باعتباره كان في الشرطة ومن ابناء المدينة لا يمكن ان يتناول الحبوب بسهولة وعليه اتفقنا ان نذوبها في الخمرة ونعطيه. ولكن اعتقد الحبوب ضعف مفعوله مع الخمرة وبالعكس لم ينم فساهاي حتي منتصف الليل. اما زميلي اريفايني كان يشكو من الصداع وانا اعلم ذالك وعندما قلت له انا لقيت لك حبوب للصداع هل تريده ؟ وافق وتناوله وأخذه النوم مباشرتا وبسرعة. وانا بدأت عملي باطمئنان. وبدأت بمحاولة خلع الإسمنت المطلي علي سطح الشباك دون إصدار الصوت وباستعمال القوة والضغط فقط. وبعد أن خلعت قشرة صغيرة فورا لاحظت بان الإسمنت قوي بالإضافة إلي ذالك تأخر فسهاي ولم ينم بسرعة والوقت مضي في انتظاره ورأيت بأن المسألة هي مجرد اشتياق للخروج والأدوات التي في يدنا ايضا ليست مشجعة وعملية الخروج ليست سهلة وعليه قررت إيقاف العملية والقيام بدراسة واستعداد اكثر وقبل عزمي فكرتي بسرعة. وجاء الصباح وانتهي الأمر دون ان يعرف الجميع أي شيء عن هذا. اثار الخلع داخل الشباك لم تكن واضحة عموما. اما زجاجات الخمرة اخذها عزمي ولم يكن لها أي اثر وكذالك سكين الحفر، اما زميلي اريفايني لم يري أي خمرة.

وكنا نحن الاربعة فقط في هذه الزنزانات وبعدها قدم فساهاي شكوى وقال لماذا انا في الزنزانة ؟ وما هو ذنبي ؟ وطلب نقله الي موقع اخر مثل الاخرين خارج الزنزانات. وبعد ان تم نقله بقي كابلي لوحده ولم يكن هناك أي سجين يرافقه ولهذا احضروه الينا وكنا ثلاثة في زنزانة واحدة.

عزمي لم يتوقف بل رغم تحذيرنا له قال انه سوف يحاول ان يطلب من عناصر الأمن التعاون والتقي بعبليلوم. واخبرنا بان عبليلوم وافق معه بان يعمل نسخة من مفتاح الباب الرئيسي لغرفة الزنزانات ويعطيه لنا. وابلغ عبليلوم بأنني استطيع إخراج يدي من القيد للقيام بالعمل المطلوب وطلب مني عزمي ان يشاهد عبليلوم ذالك للاطمئنان. واتفقنا لكي اخرج في الكوريدور (الممر) وادخل في احد الزنزانات واخرج يدي من القيد وألوح له بيدي لكي يشاهد ذالك وهو واقف عند الباب الرئيسي، وانا فعلت ذالك.

وبينما نحن في الانتظار ان يتعاون عبليلوم معنا كانت عملية دراسة احوال السجن جارية من قبلنا وفي نفس اليوم الذي شاهد فيه عبليلوم اخراج يدي من القيد رأيناه صدفة ونحن نشاهد إلي اتجاه الشمالي من شباك الحمام يقفل الباب الذي كان مفتوحا والمؤدي الي الغرب اتجاه مصنع الم محارينا للبسكويت. عندما تتجه الي الغرب بهذا الباب سور السجن يقل ارتفاعه، اما الاتجاهات الأخرى من السور كلها عالية جدا ومن الصعب التسلق عليه. وفي اليوم الثاني ابلغنا عزمي بأنه سوف ينقلونه إلي سجن سمبل وودعنا بعد ان اخبرنا بأن عبليلوم وعده لكي يتعاون معنا. لم نعلم كيف استطاع ان يقنع عزمي لعبليلوم وهكذا انقطع اتصالنا مع عزمي بعد ذالك نهائيا. ولم نري أي اشارة من عبليلوم رغم تردده الينا ومع اعتقادنا بانه غير موثوق سألناه عن ماذا فعل ورده كان غير طبيعي وتارتا يقول انتظروني وتارتا اخري يعطينا ردود غير واضحة وبانفعال. وعندما اتضحت لنا الأمور كلها قلنا له اصلا الموضوع أتانا من جانبك واذا لم يكن عندك الاستعداد للتعاون معنا نحن من جانبنا لا نستطيع فعل أي شيء ولم نلقي منه أي رد. وهكذا انقطع الاتصال بيننا ولم نسأله بهذا الموضوع بعد ذالك. وهكذا بعد ان فقدنا الأمل في التعاون من قبل عبليلوم بدأنا ان نعتمد علي نفسنا وقررنا ان نبدأ بمحاولاتنا الخاصة وبسرعة.

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click