من مسيرة جيش التحرير الوطني لجبهة التحرير الإرترية - الحلقة الحادية عشرة
بقلم المناضل الإعلامي: أحمد عبدالفتاح أبو سعدة
وقبل المتابعة في معارك التي جرت بعد المؤتمر لابد من وقفة قصيرة عند محطات هامة من تاريخ الثورة:
استقر رئيس المجلس الثوري إدريس محمد آدم بالخارج ولحق به نائبه الأول حروي تدلا بايرووكذلك عددا من أعضاء المجلس الثوري وهذا كان أول خطأ ارتكب بحق الثورة وأحدث خللا كبيرا تمثل في التجانس والتوازن المطلوبين بين شكلي النضال السياسي والعسكري وقد استغلت المجموعات المنشقة ذلك ولم يكن بالأمر حيلة سوى إنهاء حالة الانقسام بطريقة ما كي لا توضع الثورة في وقت ضائع وهنا زادت أطراف الانقسام والإنشقاق عملها اللاوطني ومما زاد في غرورها الإمكانيات العسكرية التي كانت تملكها وكانت مزودة هذه العناصر ومجاميعها بأحدث الأسلحة وأجهزة الاتصالات اللاسلكلية وكمية كبيرة من الذخائر والتموين التي حصلت عليها من الخارج وتم إدخالها إلى الميدان عن طريق (عدن) مضافا إلى ذلك بما تملكه من هذه الأسلحة وبأنها متفوقة على جيش التجرير الوطني من هذا الفهم والمنطق الخاطئين قامت بتصفية أطواف جيش التحرير في عدة مواقع كما قامت بشن معركة هجومية ضد وحدات جيش التحرير في منطقة (أراملي) الواقعة جنوب مدينة مصوع بتاريخ 29 شباط/فبراير عام 1972 واستولت على ممتلكات جيش التحرير ثم تابعت تحرشها بقيادات جيش التحرير مما دفع الأمور إلى المواجهة العسكرية وكان رد جبهة التحرير الإرترية ضدهم عنيفا وقد أصدر المجلس الثوري بيانا يدين فيه قوات التحرير الشعبية وأعلن مواجهتها عسكريا واعتبارها ثورة مضادة وكان ذلك في شهر آذار/مارس عام 1972 ونتج عن ذلك أن استغل قادة قوات التحرير الشعبية بيان المجلس الثوري استغلالا كبيرا في الخارج ووصفه بأنه إعلان حرب على قوات التحرير الشعبية واستدر عطف بعض الأقطار العربية وحصل منها على مساعدات عسكرية ومادية كبيرة هذا في الوقت الذي لم تجد فيه جبهة التحرير الارترية الدعم في تلك المرحلة رغم وجود رئيس المجلس الثوري إدريس محمد آدم ونائبه الأول حروي تدلا بايرو في الخارج رغم أن كان جيش التحرير يحقق انجازات عسكرية مهمة في الداخل لكن هذه الانجازات قوبلت باخفاقات كبيرة على صعيد العمل الخارجي بسبب عدم اهتمام من كانوا بالخارج ونتيجة لذلك أن قامت سورية والعراق بإمداد جبهة التحرير بأسلحة وذخائر كبيرة وقد بلغت حسب معلوماتي الخاصة بأنها أعطت ثلاثة آلاف بندقية كلاشنكوف استلمتها الجبهة من القطرين العربيين سورية والعراق فضلا عن أسلحة متوسطة وثقيلة بالإضافة إلى ذخائر كبيرة وقد تم ذلك في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1974 من هذا الدعم حققت الجبهة انتصارها على المنشقين وتمت مطاردتهم إلى داخل الأراضي السودانية من منطقة (عتريا) الواقعة بين (قارورة) و(عقيق) الأمر هذا دفع بالجيش السوداني إلى التدخل وأن يرسل اللواء عبد الكريم سوار الدهب واللواء خليفة كرار نائب رئيس جهاز الأمن ليتدخلا لوقف القتال بين الجبهة والمنشقين وللأسف أن أقول أن قوات التحرير الشعبية كانت تقود المعارك ضد جبهة التحرير وكنت قد تواجدت في هذه المنطقة وقد طلب اللواءان السودانيان من جيش التحرير الارتري مغادرة الأراضي السودانية فورا ومرة ثانية أقول وللأسف الشديد والحزن يعتريني وخاصة عندما قال لي اللواء خليفة كرار الذي كانت تربطني به صداقة متينة إن السودان سيضع قوات سودانية لحماية قوات التحرير الشعبية وبقيت في المنطقة أراقب ما يحصل وبالفعل وضع السودان جيشه في حماية قوات التحرير الشعبية وهنا تمكنت هذه القوات من إعادة تنظيم نفسها وتدريب عناصرها واندفعت بهم إلى المرتفعات الإرترية وكان ذلك عام 1974 وعاد القتال من جديد بين جيش التحرير وقوات التحرير الشعبية في شمال مدينة أسمرا بضراوة وقسوة ولم يتوقف إلا بعد تدخل الجماهير من مختلف المدن الارترية وكان على رأسها جماهير مدينة أسمرا العاصمة وقد طالبت هذه الجماهير بوقف الاقتتال وكان ذلك في بداية كانون الثاني/يناير من عام 1975 وتوقف القتال بين التنظيمين استجابة لتدخل المواطنين وعلى أثر ذلك بدأت لقاءات مباشرة بين المسؤولين في الطرفين وتم الاتفاق على مواجهة العدو الاثيوبي الذي كان يعد لحملة عسكرية كبيرة بقصد إجبار الثورة على التراجع من الهضبة إلا أن القتال تفجر وبشكل واسع حول العاصمة أسمرا شاركت فيه ولأول مرة الوحدات العسكرية لكل من جبهة التحرير الإرترية وقوات التحرير الشعبية وفي النهاية حقق الطرفان انتصارات كبيرة على المستوى العسكري والسياسي وكانت هذه أول تجربة للتنسيق العسكري في الساحة الارترية منذ حدوث الانشقاق والاقتتال بين التنظيمين وينبغي ألا يفوتنا أن نشير إلى حالة الاقتتال التي فرضت على جبهة التحرير بعد ذلك بوقت من قبل قيادات قوات التحرير الشعبية هذا الاقتتال وجه ضربة قاصمة للثورة الإرترية وهنا قام الإثيوبيين بتسليح القرى في أعالي (القاش) وأعالي (بركة) مستعينا بالشيخ العميل محمد طاهر وهو من منطقة (دلك) وكذلك ببعض المنشقين الذين سلموا أنفسهم للإثيوبيين وقد اعتمدوا في ذلك على السيطرة على الطرق الاستراتيجية لكن الثوار الوطنيين أحبطوا مخططاتهم إلا أن معارك الحرية التي كانت تقودها جبهة التحرير لم تتوقف بل زادت بالرغم من الحملات التشكيكية الجائرة وواجهت هذه الحملات التشويشية والزعزعة الفكرية للمنشقين وبالرغم من كل ذلك فمعارك الحرية لم تتوقف بل زادت ومن أهم هذه المعارك التالية:-
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة