يوميات من الثورة الإرترية - الحلقة الرابعة

بقلم المناضل الإعلامي: أحمد عبدالفتاح أبو سعدة

إن لقيادة الجبهة الشعبية الدور الكبير في بعثرة التنظيمات الأخرى وخاصة بعد أن دمرت الجبهة الأم

(جبهة تحرير إرتريا) فالجبهة الشعبية كانت تخشى وحدة التنظيمات الإرترية الصغيرة وتعمل بوسائل مختلفة لضرب أي توجه وحدوي وطني حتى تبقى مسيطرة على الساحة وفي كل مرة تصف هذه المنظمات بالرجعية العربية تارة وبالشيوعية تارة أخرى.

في عام 1977 تم الاتفاق بين الجبهة الأم والجبهة الشعبية وأقيم بهذه المناسبة مهرجان. بعدها بفترة ألتقيت بالأخ القائد عثمان سبي الذي قال لي وبالحرف الواحد (إن المسؤولين الأمريكيين في السفارة الأمريكية بالخرطوم كانوا منزعجين من هذه الاتفاقية وقد أرسلوا أحد موظفيهم ليخبر أسياس بهذا الانزعاج من هذه الاتفاقية)، هنا استأذن الأخ المناضل النبيل حامد تركي وقال لنا:اسمحوا لي بان أشارككم في هذا الحوار.

تفضل يا أخ حامد وقل ما تريده فأنت شيخ المناضلين (وكنت قد تعرفت على الأخ حامد في الكويت بندوة فلسطين العالمية في عام 1971 عندما كان عضوا في مكتب جبهة تحرير إرتريا في العراق) قال الأخ حامد: في اليوم التالي ذهب أسياس أفورقي إلى حي العمارات في الخرطوم وقابل أحد أصدقائه وقال له بالحرف الواحد(لن... لن أتوحد وكل ما فعلته إنني سايرت الكثيرين ومن بينهم الحكومة السودانية) وكان الشخص الذي قابله أسياس رجل مسؤول في إحدى الدول العربية وكان يقيم حفلة لها رنينها وأنغامها وطنينها وكان الرقص والشرب داير.

دعوني هنا أعقب على كلام الأخين عثمان وحامد:

بعد سنوات طويلة من هذه الحادثة:

إن زيارة أسياس لهذه الشخصية وهي سودانية كان لها صلات بالمسألة الارترية ثم تاتي النتائج متلاحقة ومتباعدة في وقت واحد، مالذي حدث بعد وقت شبه طويل ؟؟؟.

اتجه السيد أسياس أفورقي من منزل السفير الأمريكي في الخرطوم وبسيارة السفير الذي يرفرف عليها العلم الأمريكي ودخل إلى مقصورة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر حيث كانت طائرته الخاصة قابعة في مطار الخرطوم، جرى حديث مطول بين كارتر وأفورقي وما هذا إلا وصلة أضيفت إلى وصلات العلاقة الأمريكية بالجبهة الشعبية أما لماذا سكتت الحكومة السودانية في حينها؟؟. فمبرراته عند الحكومة السودانية.

وبعد وقت قصير بدأت اللقاءات العلنية والسرية بين الاثيوبيين والارتريين بالرعاية الأمريكية، أما لماذا اختارت الولايات المتحدة الجبهة الشعبية فأنا أعتقد إن ما دونته سابقا دليلا كافيا ووافيا على مدى الارتباط المبكر للجبهة الشعبية بالأمريكيين ؟.

تم الحوار بين إثيوبيا وإرتريا في ولاية (اتلانتا) الأمريكية حيث اقترح الأمريكان أن يكون اللقاء الثاني في (نيروبي) عاصمة كينيا ثم فرضوا شخصيات بعيدة عن الثورة وعن الدول العربية مثل رئيس كينيا (دانيال أرب موى) ليكون له دورا مميزا في إجراء الحوار.

أعود هنا إلى كلام القائد حامد تركي الذي قال يا أخي أحمد أنت تعرف وأنا أعرف إن قيادة الجبهة الشعبية ترفض الثقافة العربية مفهوما ولغة والمتنفذين في قيادة الجبهة الشعبية لهم تجازواتهم التي فاقت كل المفاهيم العربية الاسلامية حيث فرضوا على المسلمة أن تتزوج وتنكح من مسيحي كان هذا تحت اسم الثورية ثم أقاموا أماكن لقضاء المتعة واللهو حيث يلتقي الشبان الفتيات دون أي عرف أخلاقي سماوي أو بشري وكانوا يأتون إلى القرى يأخذون الفتيات والفتيان تحت اسم الثورة والثوريين.

كان التنسيق سريا بين القيادة وإن لم يكن كلها إنما المتنفذون هم أصحاب القرار وبين المخابرات الأمريكية بابعاد الارتريين عن جذورهم وطمس التعاون العربي الارتري وكان هذا من أهم توجهات أصحاب النفوذ في قيادة الجبهة الشعبية واعتبار الدور العربي سلبيا وأنه كان يفرض الانشقاق في الساحة الارترية !!.

كلام باطل وليس له أي أصل، إن أسياس أفورقي ووزير داخليته قد أعلن أكثر من مرة إن الدول العربية لم تقدم شيئا يمكن أن يذكر للشعب الارتري ومقولته الدائمة هي:

(إننا سنواجه العرب حتى لو تعاملنا مع الشيطان)!!.

بدأت المنظمات التي تسمى منظمات انسانية ومجلس الكنائس العالمي الذي احتضن الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا ثم جبهة تحرير تجراي وركز الألمان مساعداتهم في جبهة تحرير تجراي وقدموا لهاتين الجبهتين الدعم الكبير الكبير من المال وغيره.

إن قيادة الجبهة الشعبية ولنكن منصفين أكثر (بعضهم) كان له ارتباط مع المخابرات الأمريكية والاسرائيلية إلا أن العلاقة القديمة هذه ظلت متوارية عن الأنظار إلى أن جاء الوقت لإعطائها روحا ولباسا جديدا والتي تمثلت في شخصية أفورقي وربيبه علي سيد وغيرهم (بالمناسبة أين علي سيد الآن الذي كان وزيرا لداخلية أفورقي).

في عام 1981 بدأت الولايات المتحدة بتوضيح العلاقة القديمة بتقديم المساعدات السخية للجبهة الشعبية التي كانت تأتي في أوقاتها وأصبح المال متيسرا من أجل شراء الأسلحة من هنا وهناك فكثيرا ما كنت ترى في مرفأ بور سودان الآليات الضخمة والصناديق ممهورة باسم الولايات المتحدة الأمريكية.

في الحالات العادية قد تكون طبيعية فكل الدول تحتاج إلى الآليات الكبيرة والأدوية والملابس وأشياء أخرى، أما أن تكون هذه المعدات لتنظيم الجبهة الشعبية فهذا يطرح سؤالا يحتاج إلى تفسير وهو (من أين المال لشراء هذه الأشياء ؟؟؟) وخاصة أن أسياس أفورقي قد صرح في أكثر من مناسبة أن الدول العربية لم تقدم مليما واحدا للثورة الارترية...؟

إذن من يدفع ثمن هذه الأشياء ؟؟. كل هذه كانت تصل إلى الجبهة الشعبية حتى أجرة شحنها وتفريغها كان مدفوعا.

في عام 1989-1990 تلقت الجبهة الشعبية دعما ماديا بلغ مائة وثلاثة وعشرون مليون دولار!!!

إذن المال والتسهيلات للجبهة الشعبية كان عملا استراتيجيا للغرب متمثلا بمجلس الكنائس والمنظمات التي ترفع شعار الانسانية ثم دخول الرئيس الامريكي الاسبق كارتر على الخط.

ومن المعروف أن كبار الضباط في الجيش الاثيوبي كان لهم ارتباط بالمخابرات الامريكية والإسرائيلية وقد أوعزت هذه الأجهزة إلى هؤلاء الضباط بالتفاهم مع الجبهة الشعبية، وفعلا لقد تم هذا والزمن هو الذي برهن على هذا الارتباط المتكامل.

إن المقاتل الإرتري هو الذي أعطى دمه من أجل تحرير ترابه.

التتمة في الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click