بقلم الأستاذ: محمد إدريس حمداي

ذكرت في الحلقة السابقة بأن جبهة التحرير الإرترية بدون إعداد دراسة متكاملة، وعدم اعتبار ما يترتب في المستقبل تم تأسيسها

وبدورها ايضاً لم ترتب الاستعدادت المطلوبة حتى فوجئت قيادة التنظيم بانطلاق الثورة وإعلانها.

فانطلاق الثورة من ادال وبدون استعدادات تذكر للظروف الطارئة التي أجبرت قائد الثورة بالرغم من انتظاره للظروف المناسبة محلياً وأقليمياً، وإلى أي مدى تكون الجماهير الإرترية مهيئة لاستقبال هذا الحدث التاريخي وحماية الثورة، علماً وقبل انطلاق الثورة فإن الاتصالات بقائد الثورة كانت على الشكل التالي:-

لقاء قائد الثورة مع الشيخ إبراهيم سلطان:

ذكر الشيخ إبراهيم سلطان في لقاء صحفي انه التقى بحامد إدريس عواتي قبل خروجه لاجئاً من إرتريا واتفق معه أن يقود الثورة في الوقت المناسب من المنخفضات الغربية، كما التقى مع المناضل/ على شوم في منزل محمد عمر قاضي وأشعره عندما يعلن حامد عواتي الكفاح المسلح في الغرب فعليه أن يقوم بدوره في الشرق.

لقاء قائد الثورة بالشيخ محمد إدريس آدم:

اتفق الشيخ محمد إدريس آدم مع قائد الثورة في مدينة أغردات قبل خروجه لاجئاً، وعندما استقر في القاهرة كان على اتصال به و كان الاتفاق حول الكفاح المسلح بقيادة حامد عواتي ويتولى السياسيون بدعمه من الخارج.

لقاء قائد الثورة مع المناضلين التالية اسمائهم:

1. آدم محمد حامد قنديل

2. محمد إدريس كلباي

3. حامد إبراهيم طنبار

4. عبد الله إدريس (ديقول)

التقى هؤلاء بقائد الثورة في قرست وهي قرية تقع بالقرب من مدينة فلوج وعرضوا عليه إعلان الكفاح المسلح فرد عليهم الإمكانيات الدفاعية غير متوفرة، وعندما يجد الأسلحة فهو على أتم الاستعداد.

لقاء قائد الثورة مع الشيخ محمد داوود بن سيدنا مصطفى ود حسن ومع الشيخ سليمان محمد الأمين:

كان اللقاء يوم 1961/5/24م وفي هذا الاجتماع تبادلوا الاراء حول تنظيم جبهة التحرير الإرترية وقياداته الموجودة في القاهرة وحول فروع الجبهة في السودان والسعودية وإرتريا وحماس الجماهير، واستعداد المجندين في الجيش السوداني،لآن الشيخين كانت لهما وضعية اجتماعية مرموقة لدى المواطنين في القاش وبركة وتوجيهاتهما مسموعة ومقبولة وعلى الاتصال بالجالية الإرترية المتواجدة في السودان، وكانا يقومان بدور التعبئة والتحريض لصالح الثورة.

في هذا الاجتماع عرضا على قائد الثورة أن يعلن الكفاح المسلح وقدما ما لديهما من السلاح فيما بعد ثلاثة قطعة ابو عشرة وذخيرة وقنابل قدمها الشيخ محمد داوود وقطعة واحدة ابو عشرة قدمها الشيخ سليمان.

هذه الاجتماعات كانت جارية قبل انطلاق الثورة في اليوم والموعد المحدد وكان قائد الثورة حريص على أن يعلن لكفاح المسلح في الوقت المناسب له من حيث العدة والعتاد لأنه صاحب التجربة العسكرية والسياسية ومن وجهة نظره فإن العواطف لا تحقق الأهداف بدون أن تكون مصحوبة بالعدة والعتاد. وفي هذا المقام أشير إلى الدور الوطني للشيخ محمد داوود رحمه الله هذا الجندي المجهول الذي ساهم في تعزيز الثورة بتقديم الأسلحة التي ذكرناها وتعبئة الجماهير وتحريضها ورصد تحركات العدو وهو همزة الوصل بين الثورة والمدن الإرترية ولدرجة أنه كان الملقب بالمستشار لقائد الثورة لذلك عندما استشهد حامد عواتي اتصل به رفاقه وابلغوه بالخبر فطلب منهم الشيخ القسم وكتمان سر الاستشهاد.

وفي عام 1965م عندما قرر المجلس الأعلى إقامة المناطق عقد اجتماع الوحدات في كرديبا لتوزيعها فأعد الشيخ متطلبات الاجتماع ودفع كل التكاليف.

وهنا يرد سؤال لماذا كان التركيز على حامد إدريس عواتي لقيادة الثورة ؟ كان حامد عواتي من الشخصيات المشهورة لعدة صفات ومواقف وطنية منها:-

1. التأهيل السياسي والعسكري - كان يجيد عدة لغات محلية وعالمية (نارة – كوناما – بداويت – تجري و العربية) – إيطالية – إنجليزية. مع الفهم وإدراك للمتحدثين باللغة التجرينية والأمهرية.ولإجادته اللغة الإيطالية قراءة وكتابة أتيحت له الفرصة للمشاركة في الدورة العسكرية.بإيطاليا كما تم تعينه في إدارة مدينة كسلا عندما احتلها الإيطاليون و مدينة كسلا والقضارف أثناء الحرب العالمية الثانية.

2. شجاع وشاعت بطولاته وموقفه للدفاع عن سكان المنطقة ضد الغزوات التي كان يقوم بها الشفتا من إثيوبيا وخاصة من منطقة تجراي كما اقترنت شهرته مع على بنطاز وإدريس على بخيت (اوهاردى) ومحمد حامد إدريس. ومن الحكايات الظريفة اعتقلته الإدارة البريطانية في منطقة الفلوج عندما رفض تسليم الأسلحة الإيطالية التي كانت في حوزته، وفي الطريق ما بين فلوج وتسني اعترضت عناصر شفتا وقتلت جنديا من البوليس فطلب عواتي قطعة سلاح المقتول حتى يساعدهم في فك الحصار فسلمه (كوبر) قائد البوليس السلاح، إلا أن حامد عواتي توارى عن الأنظار واختفى ويحكى عنه قصص كثيرة وسوف نستعرضها في مجال آخر.

3. كان على صلة وثيقة بحزب الرابطة الإسلامية وبالتالي فإن وطنيته لا غبار عليها وكان يتابع بكل اهتمام لتطورات الساحة الإرترية والدليل على ذلك اللقاءات التي أوردتها أنفاً لأنها إن دلت على شيء إنما تدل على الروح الوطنية التي كان يتمتع بها حامد عواتي.

وبالمقابل كانت تتابع إثيوبية أوضاع حامد عواتي بالإضافة إلى محاولاتها اعتقاله بطريقة سلمية و تجريده من كل صلاحياته في المنطقة حيث كان شيخ المنطقة (وظيفة أمنية) أي منطقة القاش وبركة وستيت وتجريده من الأسلحة التي كانت في حوزته، لأنها أي إثيوبيا كانت تخشى انطلاق الشرارة في هذه المنطقة أو في غيرها، ولهذا عدة مرات تم استدعائه إلى مدينة تسني – أغردات – اسمرا ولم يستجب إلى كل هذه المحاولات حتى أصدرت السلطات الإثيوبية قرار باعتقاله، وكلف بهذه المهمة قائد البوليس بتسني الكابتن عبد القادر محمد على وبينما كان يعد خطة الاعتقال ارسل البوليس السري (كيداني أزاز) إشعاراً إلى قائد الثورة حتى يتخذ الاحتياط، المواطن كيداني ازاز حالياً يوجد في مدينة حقات ويمكن الاتصال به للمزيد من المعلومات لأنه كان على الاتصال بقائد الثورة.

وبعد اكتمال الخطة تحرك البوليس إلى قرية حامد وحاصرها ولم يجد فيها إلا أفراد الأسرة (الوالدة - الأخوات – الزوجة مع أطفالها آمنة وكرار) فزج بهؤلاء إلى الاعتقال ما بين اغردات واسمرا وأخذ يتعقب ويتابع تحركات قائد الثورة ورفاقه وشاء القدر أن تقع المعركة الأولى في كتاى أدال يوم 1961/9/1م تكبد فيها البوليس خسائر فاضحة ويذكر الرواة شارك معه في هذه المعركة:-

1. عبده محمد فايد – الشهيد الأول في معركة اومال (حمرة كلبوى) وهي المعركة الثانية يوم 1961/9/28م

2. عواتي محمد فايد

3. صالح فروجاى

4. حمد دوحين

5. سليمان كبوب حجاج

6. علي بخيت إدريس علي بخيت

7. احمد قادف

وهؤلاء الأبطال لم يلتقوا فجأة وبدون موعد سابق وإنما هم أبناء المنطقة عاشوا وترعرعوا فيها وامتهنوا الرعي والزراعة وشارك بعضهم في الدفاع عن مصالح المنطقة من الشفتا وقطاع الطرق ملتفين حول قائد الثورة الذي كان يعقد معهم اجتماعات ويطلعهم على التطورات والاستعدادات للدور التاريخي الذي ينتظرهم.

وتوضح إحدى الروايات إن الذين شاركوا في المعركة اكثر من هذا العدد وأكثرهم من حملة السيوف والرماح، بعدها توالت المعارك وخلال تسعة اشهر وأربعة عشر يوماً دارت خمسة معركة وبقيادة حامد عواتي، تكبد فيها العدو خسائر كبيرة بالمقابل إلى خسائر الثوار، والمواقع التي دارت فيها المعارك هي كالتالي:-

المعركة الأولى: في ادال

المعركة الثانية: في اومال – استشهد فيها عبده محمد فايد

المعركة الثالثة: في ادال هنجر – جرح فيها قائد الثورة

المعركة الرابعة: في قرقجى – اسر فيها الشهيد محمد ايرا

المعركة الخامسة: في ظلامش – استشهد فيها حامد بلوح وود قبان

كل هذه المعارك اشرف عليها قائد الثورة بالإمكانيات المتواضعة من حيث العدة والعتاد، ولكن بروح ومعنويات عالية. وبالإضافة إلى قيادته العسكرية كان يعقد اجتماعات سياسية وتوجيهات أمنية للجماهير في منطقة القاش بركة سواء كان في الريف أو في بعض المدن. وذاعت الأخبار منذ المعركة الأولى في أنحاء إرتريا وانعكس صداها في الخارج وخاصة في السودان الذي شكل العمق الاستراتيجي للثورة، وبما أنه كان يترقب مجموعة من المجندين الإرتريين في الجيش السوداني هذا الحدث التاريخي. وفور وصول الخبر إليهم سرعان ما تسابقوا للالتحاق بالثورة ومن الأوائل في الدفعة الأولى:-

1. آدم محمد آدم (قندفل)

2. محمد على إدريس (أبو رجيلة)

3. عثمان محمد إدريس (أبو شنب)

4. محمد عمر عبد الله (أبو طيارة)

5. محمد إدريس حاج

6. عمر محمد على دامر

7. عمر حامد ازاز

8. محمد آدم لونقى

والتحق معهم أيضاً المناضل محمد إدريس (قصير) الذي كان موظفا بمستشفى كسلا وكادر متقدم في حركة تحرير إرتريا ومندوبها وهمزة وصل بالمجندين في الجيش، وبناء على تكليف من قائد الثورة سافر إلى القاهرة وقدم التقرير إلى اللجنة المركزية وهي رحبت وتدارست ما يمكن اتخاذه من الإجراءات وقررت أن يسافر عضو القيادة المناضل سعيد حسين محمد والمناضل إبراهيم إدريس (بليناي) إلى إرتريا كما سافر السيد/ إدريس محمد آدم إلى السعودية ومنها إلى السودان هذه الإجراءات الأولية أظهرت استعداد القيادة للحصول على الدعم والتأييد وأدى إلى رفع وتيرة أنشطة الفروع في داخل إرتريا وخارجها. كما اصدر قائد الثورة نداء إلى الجماهير الإرترية يخاطب فيه البوليس والموظفين والعمال والفلاحين والطلبة.

وهذا النداء كان أيضاً نقطة البداية لإعلان جبهة التحرير الإرترية الذي سوف يتبع في الحلقة الثالثة

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

• السابق
• التالي