يوميات من الثورة الإرترية - الحلقة الأولى

بقلم المناضل الإعلامي: أحمد عبدالفتاح أبو سعدة

زارني في منزلي في دمشق الدكتور (برخت هبتى سلاسى) وهو أستاذ في الجامعات الأمريكية وقال لي:

أريد أن أقول لك شيئا مهما يا أخ أحمد.

- تفضل يا دكتور برخت وقل كل ما تريد.

- إن أسياس أفورقي كان يعمل في القاعدة العسكرية الأمريكية في أسمرا والتي تُعرف بـ(كانيو ستيشن).

- قلت للدكتور برخت:

- هذا لا يعني شيئا، لأن كثيرا من زعماء العالم اضطرتهم ظروفهم للعمل في مؤسسات استعمارية فليس لهذا الأمر شأن كبير عندي.

لكن الدكتور برخت كان يعني بكلامه هذا الكثير وقبل أن أتابع وأذكرما قاله لي الدكتور برخت أروي ماقاله لي القائد عبد الله إدريس عندما كنا سوية في القاش.

قال لي عبد الله:

- يا أحمد إن قيادة الجبهة الشعبية غارقة في الخيانة حتى هامة رأسها ومن الأهمية بمكان أن تسمع مني ما أود قوله لك من المعلومات الهامة التي أدلى بها المواطن الإرتري (تخلي ميخائيل جورجي) المعروف (ود جورجي) وهو في السبعينيات من عمره حول تورط أسياس أفورقي وعلاقته بالمخابرات الأجنبية، يتابع عبد الله إدريس ويقول إن ود جورجي فال لقد تم تجنيد أسياس أفورقي في البداية في إطار المخابرات الإثيوبية عام 1966 عندما كان طالبا في جامعة أديس أبابا وفشل في مهمته الدراسية وتم تجنيده بواسطة العميل (تسفا يهنس برهي) بتكليف من المدعو العميل الخائن (إسرات كاسا) الذي كان ممثلا للإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي في ارتريا وبالفعل تم زرعه في الثورة حيث التحق بها في نفس العام 1966 الذي تم فيه تجنيده ومن المصادفات الغريبة إنه أرسل بدورة تدريبية خارج ارتريا، بعدها عاد والتحق بالميدان حيث عمل تحت قيادتي إلى أن انعقد مؤتمر عنسبا الذي انبثقت منه الوحدة الثلاثية وكان ذلك في شهر سبتمر 1968 واستمر حتى مؤتمر أدوبحا عام 1969 وأنت تذكر يا أحمد مؤتمر أدوبحا وفي هذا المؤتمر تم اختياره عضوا في القيادة العامة ومعه عدد من المقاتلين الذين جندهم لصالح مهمته الخيانية.

دعني أعود يا أحمد إلى حديث ود جورجي الذي يقول فيه الآتي:

بدأ أسياس أفورقي اتصالاته بالقنصل الأمريكي في أسمرا حيث كان يعسكر هو وبعض الأنفار فيه وبالقرب من القاعدة العسكرية الامريكية حسب الخطة التي وضعت له وبعد لقاءات متعددة ربط هو وجماعته بقائد القاعدة الأمريكية الكانيوستيشن ليقدم له ذلك القائد كل ما يحتاج إليه من مال وبرامج وتوجيهات وهنا أود أن ألفت نظرك بأن قائد المنطقة الخامسة (إبراهام تولدي) استطاع أن يحصل على معلومات حول علاقة أسياس أفورقي بالقائد الأمريكي المذكور وقد تأكد له تورط العميل وضلوعه في خيانة وطنه ضد الثورة الإرترية عند ذلك قرر إبراهام التصدي لأسياس وكشف عمالته أمام الجماهير الارترية لتقول فيه كلمة الحق، إلا أن العميل أسياس أفورقي استطاع أن يغدر بالمناضل إبراهام تولدي وتم اغتياله في عام 1970 قبل أن يتمكن من كشف المؤامرة وبهذا الارتماء في أحضان الأعداء أصبح أفورقي مصدرا هاما لكل من المخابرات الأمريكية والاسرائيلية والاثيوبية في آن واحد وأخذ يمدهم بما يحتاجون إليه من معلومات عن الثورة وقياداتها ومصدر أسلحتها التي كانت من سورية والعراق ويستمد منهم كافة الوسائل التي تمكنه من تخريب جبهة التحرير وتمزيقها من الداخل وفي هذا التوجه تمت عملية التحالف بين الجبهة الشعبية وجبهة التجراي الاثيوبية فهي عملية مدبرة ومرتبة تدخل ضمن المخطط التآمري الكبير الذي استهدف الثورة الارترية ومرتكزاتها الوطنية وذلك بمحاولة إنهاء دور جبهة التحرير الارترية وتصفيتها عسكريا وإبعادها عن ساحة المواجهة مع قوات الاحتلال الاثيوبي... يا أبو حميد.

- نعم يا أخ عبد الله.

وكان أفورقي يقوم باللقاءات والرحلات المكوكية من وإلى أتلانتا ونيروبي وانتهاء باللقاءات التي تمت بين الجبهة الشعبية وجبهة التجراي الاثيوبية من جهة وبين رجال من المخابرات الامريكية والاسرائيلية في لندن...

التتمة في الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click