في حوار مع إبراهيم محمد علي: التحالف ذو طبيعة تكتيكية وليست إستراتيجية والحديث عن العودة إلى الوضع السابق حالم

‎حاوره في الخرطوم الأستاذ: عبدالرازق كرار عثمان - كاتب وناشط سياسي ارترى

السيد إبراهيم محمد علي رئيس المجلس الثوري لجبهة التحرير الارترية

إبراهيم محمد علي(قيادة تشريعية) له طعم خاص ورائحة خاصة لجهة الآراء الصريحة والواضحة للرجل والذي عرف عنه عدم التردد في إبداء رائه بصرامة قلما يوجد مثيل لها في الساحة السياسية الارترية، كما يتمتع الرجل باحترام خاص في أوساط المعارضة الارترية ومجموع الشعب الارتري.

جلسنا إلية في عصر يوم مطير ليحدثنا عن أوضاع المظلة المنهارة ونعني التحالف الديمقراطي الارتري وعن الحلول الممكنة لقيام مظلة جامعة للمعارضة الارترية، كما تحدث عن الأوضاع التي تعيشها بلادنا وأوضاع القرن الإفريقي الملتهبة وخاصة الصراع الارتري الإثيوبي ونذر الحرب والخلاف الارتري الأمريكي وانعكاساته على مجمل الأوضاع الارترية الرسمية والمعارضة.

بماذا تعلق على تصريحات مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية جينداي فريزر والذي قالت فيه ان الإدارة الأمريكية تدرس إمكان أدراج اسمرا ضمن الدول الراعية للإرهاب. وما تأثير ذلك على وضع ارتريا والمعارضة والشعب الارتري ؟

ظل الامريكان يشكلون مظلة للنظام الارتري منذ الاستقلال، وكانت العلاقات وطيدة بين البلدين، لكن هذه العلاقة بدأت تتآكل وقد تسبب في ذلك وجود نقد مستمر من قبل الولايات المتحدة خاصة وزارة الخارجية لانتهاكات اسمرا المستمرة لحقوق الإنسان و مثل هذا النقد غير مقبول من قبل رأس النظام، أيضا عجز النظام وإخفاقه في حل النزاع الحدودي بين ارتريا وإثيوبيا خاصة بعد صدور نتيجة التحكيم، وكذلك تورط النظام في الصراع الصومالي الصومالي بين المحاكم الشرعية والحكومة المؤقتة ودعمه ومساندته للمحاكم على حساب الحكومة المؤقتة وأمريكا تعتبر المعركة في الصومال ومع الإسلاميين بالذات هي جزء من الصراع في محاربة الإرهاب كل ذلك أدى إلى تعارض واضح بين الطرفين مما يؤدي مستقبلا لتعميق الخلاف ولمزيد من العزلة على النظام على المستويين الإقليمي والدولي وهذا سيزيد الضغط عليه ويعجل بسقوطه في نهاية الأمر.

واعتبر إن هذا الموقف من قبل الولايات المتحدة موقفا ايجابيا بالنسبة لقضية الشعب الارتري، لان الولايات المتحدة هي القوى الوحيدة والمهيمنة في العالم وتستطيع أن تساعد الارتريين في الخلاص، وعلى المعارضة الارترية أن تنتهز هذه الفرصة لفتح قنوات اتصال مع أمريكا والعمل على استمالتها لصالح القضية الارترية، وهنا أشير إلى التحفظات الأمريكية في التعامل مع المعارضة الارترية بحجة غياب البديل وأحيانا مراعاة حاجتها للنظام الارتري في تنفيذ بعض المهام في المنطقة خصوصا في الصراع مع النظام في السودان ن لكن الآن يبدو أن هنالك تجاوز مثل هذه الأشياء والعلاقة بين الطرفين ساءت مما يخلق مناخا دولي للقضية الارترية، كما إن الأمم المتحدة اتهمت النظام في ارتريا بانتهاك قرار عدم تصدير الأسلحة للصومال. مرة أخرى أقول أمام المعارضة الارترية الفرصة الآن لتتحرك وتخاطب الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي للخروج من المأزق فلو أحسنا التصرف واستغلال الفرصة يمكننا الوصول لأهدافنا المنشودة.

على ذكر موقف الاتحاد الأوربي لاحظنا إن الموقف الأوربي كان أكثر مرونة تجاه ارتريا قياسا بالموقف الأمريكي المتشدد بدليل انه أتاح للرئيس الارتري زيارة الدول الأوربية حصل خلالها على دعم في مجالات متعددة لمدة خمسة سنوات. كيف تقيمون موقف الاتحاد الأوربي ودول أوربا تجاه النظام ؟

ما اعرفه إن أوروبا كانت لها تحفظات تجاه النظام، ولكنهم رأوا أن يعطى النظام الفرصة لحين انعقاد مؤتمره عام 1994م تم يقرروا بعد ذلك أسلوب التعامل معه بعد أن يعرفوا وجهته، لكن فيما بعد أصبحت هنالك قناعة لديهم بان لاجدوى في التعامل معه وزاد الطين بلة بطرد المنظمات الإنسانية من ارتريا والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الارتري وطرد بعض السفراء من دول الاتحاد الأوربي... الخ. وكان رأي الأوروبيين أن تتوحد قوى المعارضة الارترية حتى تنتصر وقد رحبوا بقيام تجمع القوى الوطنية الارترية في العام 1999م، لكن في نفس الوقت أقول ان لااحد يحارب نيابة عنا ويجب أن نمتلك القدرة لإحداث التغيير الضروري بقوانا الذاتية وطبعا بمساندة الأخريين وليس العكس وهذا ما فشلنا فيه حتى الآن خاصة في موضوع الوحدة والخطاب السياسي الموحد والحركة الموحدة على الصعيد الدبلوماسي.

واذكر هنا انه في بداية قيام التجمع دعت النرويج وفدا من التجمع لزيارتها وكانت خطوة مفاجئة بالنسبة لنا وكان يجب تطويرها وتعزيزها، فلو طورنا عملنا وتقدمنا بخطاب سياسي موحد للعالم وليس بأكثر من خطاب لاستطعنا إقناع الأوروبيين،عموما هنالك تعامل إنساني معهم وليس هنالك موقف سياسي. كما لاننسى أن أوربا تساير السياسة الأمريكية وهذا يعني إن أي تغير في السياسية الأمريكية سوف يتبعه تغيير في الموقف الأوربي وهذا يحتاج إلى حركة سياسية موحدة وخطاب سياسي واقعي وموقف موحد من القضايا التي تهم الغرب ولكن الموقف الارتري المعارض والماثل أمامنا لايدعو للتفاؤل ولكن يجب البحث بإصرار عن مخرج ملائم.

ماذا يعني بالخطاب السياسي الواقعي نرجو التفصيل ؟

اقصد بالخطاب السياسي الواقعي الخطاب الذي يقنع الغرب والآخرين وليس ما يقنعنا نحن، نحن نريد أن نتعامل مع الآخرين وفق رؤاهم ومصالحهم خاصة في الغرب الذي يسيطر على العالم لذا تصنع القرارات الدولية هناك وهذا يتطلب منا كمعارضة ارترية أن نصل لتقييم موحد بعد هذه الفترة الطويلة من العمل المشترك وما المطلوب اتخاذه من مواقف فيما يجري الآن حولنا حول كثير من القضايا الدولية كقضية الإرهاب وهي قضية دولية حتى وان واشنطن هي التي تقود المعركة. هل نملك رؤية حول ذلك ؟ هل نملك رؤية واضحة في الصراعات التي تجري في المنطقة والصومال مثال لذلك وكذلك يمكن أن ينفجر صراع حدودي مسلح بين ارتريا وإثيوبيا... الخ بالمجمل لابد أن نملك رؤية حول كل ذلك. فإذا كان النظام مغامرا فيجب علينا أن نقنع الآخرين بأننا نملك رؤية تختلف عن ذلك تؤدي للاستقرار في المنطقة وهنا أشير أن لا احد يسألنا عن قوانا العسكرية.

الآن المعارضة وبعد سبعة سنوات ونيف وصلت لطريق مسدود وشكل انهيار التحالف الديمقراطي الارتري في مؤتمره الثاني في أديس أبابا في فبراير الماضي إحباطا للشارع الارتري والذي لم يؤيد بالطلق المعارضة الارترية وكذلك الجهات الصديقة والداعمة السؤال كيف ترى الحل للخروج من المأزق ؟

أنا لم أفاجأ بانهيار التحالف لأسباب كثيرة، منها أن هذا الكيان الذي قام عام1999م تأسس بين قوى سياسية تختلف في الكثير من القضايا الإستراتيجية ولم تتفق عليها، فقد كان هنالك من يطرح الوحدة الوطنية من كان يتحفظ على ذلك ويطرح مقولة تقرير المصير للقوميات، وكان هنالك من يطرح دولة مدنية علمانية ومن يرى العكس ويطرح دولة دينية، وكذلك من يدعو إلى الديمقراطية كنهج ومن كان يتحفظ على ذلك، ومع ذلك تجاوزنا كل تلك المتعارضات وكنا نأمل أن يشكل "التجمع" مظلة لهذه الكيانات توفر مناخ حوار مستمر وعن قرب ومن خلاله التنظيمات تتجاوز هذه الخلافات حول هذه القضايا الإستراتيجية وتقرر رؤاها في قضايا الوحدة الوطنية والديمقراطية وطبيعة النظام السياسي.. وكان بالإمكان تجاوز هذه القضايا إما بالاتفاق وإما بالفشل ونصل لطريق مسدود وهذا ما حدث، التحالف يمكن توصيفه بأنه ذو طبيعة تكتيكية وليس تحالف إستراتيجي، وكل ما كان بيننا من اتفاق كلن حول نقطة واحدة فقط وهي إسقاط النظام، وبعد ذلك سوف ننفض وكل سوف يحاول تنفيذ مشروعه السياسي الذي يتعارض مع الآخر.

والذي فوجئت به أن الخلاف الأخير كان حول مواقع قيادية فقط، وخلال السنوات السبعة كنا نتصارع حول الفقرتين الرابعة والخامسة من الميثاق (تخص الشريعة وحقوق القوميات) فلو تحدثنا عن الوحدة الوطنية اعترض البعض على ذلك بحجة أن ذلك يتعارض مع حقه في تقرير المصير، وكذلك حدث جدل كبير حول موضوع الشريعة الإسلامية وأخيرا توافقنا حول صيغة توفيقية تقول مناطق المسلمين أن يتقاضوا وفق شريعتهم وكذلك المسيحيين، ثم بعد ثلاثة سنوات نعود إلى نفس الجدل العقيم.. إلخ، وهذه القضايا لا علاقة لها بقضية الجماهير ولا بالصراع مع النظام في الوقت الحالي والمستقبل شيء آخر.

لذا من الأساس أن التجمع ثم التحالف قام على طبيعة تكتيكية وليس على رؤية إستراتيجية لذا لا بد من الانهيار. الآن الحديث عن العودة إلى ما كان قبل الانهيار فهذا يعني حديث الحالم، فلا بد من إيجاد صيغ جديدة تتجاوز القديم وتجمع القوى السياسية على أسس مناسبة، فمثلا كل قوى تتفق على قضايا إستراتيجية تشكل تحالف بينها ن وليكن هنالك تحالفين أو كتلتين أو أكثر، وليكن هنالك صيغة تفاهم بين هذه الكيانات، تفاهم سياسي في قضايا المصلحة العليا للوطن.

مر عام على انعقاد المؤتمر السادس لتنظيمكم وقد اتخذت فيه قرارات مهمة جدا، منها قرار تحويل التنظيم لحزب سياسي، إلى أين وصلت جهودكم ؟

أنا للأسف عمليا لست في موقع القيادة نسبة لظروفي الصحية، وكنت قد اعتذرت عن شغل أي موقع قيادي، ونزلت تحت إصرار زملائي لأتولى مهام رئيس المجلس التشريعي للتنظيم وإدارة جلسات المجلس، لذا كنت بعيد عن العمل اليومي والتنفيذي، أما موضوع قيام الحزب فالفكرة قائمة، لكن تواجهها صعوبات على الأرض خاصة بالصيغة التي حددها المؤتمر وهي صعوبات عملية، ونأمل أن نتجاوز ذلك، وحقيقة إن الاسم الذي نحمله اسم (جبهة) ولكن البرنامج برنامج حزب، وعموما المسيرة في طريقها وقضايا التنفيذ على الأرض وتفاصيلها يمكن أن تلتقوا مع الجهة التنفيذية للتنظيم لتوضح ذلك.

نعود لموضوع التحالف الديمقراطي الإرتري الذي أفضى انهياره لبروز كتلتين وتنظيم خارجهما.. هل يمكن أن تحدث اصطفافات جديدة وتنقلات من وإلى.. إلخ خلال الفترة القادمة ؟ أم ترى أن هذا التقسيم هو التقسيم المناسب الآن ؟

يمكن أن تحدث اصطفافات جديدة هنا وهناك.. كما أحب أن أشير أن ساحة المعارضة الإرترية لا تتكون من الكتلتين فقط، هناك قوى أخرى خارج ذلك موجودة فعليا، الوضع لا يزال متحركا وغير مستقر على شكل محدد.. لذا نتوقع التحولات، والانشقاقات داخل كل كتلة موجودة، فنحن نسمع عن خلافات داخل مجموعة السبعة وكذلك الثلاثة، عموما أنا املك قناعة تقول أن تقوم التحالفات على قضايا أساسية وليس أمور فرعية، وكل كيان إذا أريد له أن يستمر أن يؤسس على أساس الاتفاق على الأسس الإستراتيجية حتى يضمن إستمراريته وانسجامه. كما أرجو بعد ذلك أن لا تكون هذه الكيانات جزر معزولة بل يجب أن تتفق على المصالح العليا للوطن، وتبتعد عن المعارك الجانبية والتي تضر بالمعركة الرئيسية مع النظام.

هل ترى الميثاق السياسي الذي تم إقراره في مؤتمر أديس أبابا قبل الانهيار يمكن أن يكون أساسا صالحا كميثاق يضمن التفاهم وليس كميثاق يصلح للتأطير حوله.. أيضا هنالك رؤية لدخول الجميع لمؤتمر حوار جامع يخرج برؤية مشتركة وتأطير التنظيمات ومنظمات المجتمع المدني والناشطين السياسيين ؟

الميثاق الذي تم إقراره عام 1999م لم تجري فيه تعديلات جوهرية حتى المؤتمر الثاني للتحالف، ولكن العمل الموحد بين الكيانات السياسية والثقافية والإجتماعية أمر ضروري، لكن الإشكال التعاون والتنسيق يختلف من حال لحال، والعمل الموحد والتعاون بين الأحزاب السياسية - بينها - ومنظمات المجتمع المدني شكلها مختلف أيضا،ولكن كما قلت ضروري، وهذا الكلام مطروح منذ عشرة سنوات ولم يحصل فيه شئ عملي يذكر وسبب ذلك أرجعه إلى : إما أن القوى السياسية غير صادقة أو منظمات المجتمع المدني غير موجودة، والمطلوب بالأصل هو أن تتوصل القوى السياسية إلى صيغة عمل وعلاقات مشتركة، وهذه تكون مقدمة لقيادة المجتمع المدني.و هنالك أسئلة كثيرة حول منظمات المجتمع المدني الإرترية، هل هي موجودة على الأرض فعلا ن ومن يحددها، وكيف..إلخ من الأسئلة.

الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي تزداد التهابا ونذر الحرب ما انفكت تلوح في الأفق.. والآن يزداد أوار المعركة الإعلامية بين إرتريا وإثيوبيا، هذا بجانب تأزم العلاقات الإرترية الأمريكية، وإعطاء الضوء الأخضر لإثيوبيا بان تلعب دورا مهما في منطقة القرن الإفريقي وترتيب الأوضاع في الصومال ..إلخ، هل تتفق مع الرأي القائل بأن حربا جديدة قد تندلع بين إرتريا وإثيوبيا مرة أخرى ؟

الحرب واردة في كل حين، لأن حالة اللاحرب واللاسلم لا تدوم طويلا، والنهاية تكون إما بالحرب أو السلام، الآن ومنذ نتيجة التحكيم الذي وافق عليه الطرفين، صحيح إن إثيوبيا اعترض لأسباب سميها عملية بشأن ترسيم الحدود، وطلبوا الجلوس مع الحكومة الإرترية، لا زالت هذه العوائق قبل الترسيم على الأرض لأن هناك ستحدث مشكلات جمة عند ذلك على طرفي الحدود، فقد تتبع قرى بكاملها لأثيوبيا وتقسيم قرى أخرى والعكس، والنظام الإرتري رفض ذلك مع العلم أن خمس الساحة الإرترية خارج سيطرة الحكومة الإرترية، وكذلك هو مهزوم لذا لا يستطيع إملاء شروطه، ومع ذلك يرفض كل الحلول التي تتيح له استرجاع أرضه الموجودة تحت الإدارة الدولية أو تلك الموجودة تحت الإدارة الإثيوبية وهذا شئ غريب !! والمر لن يستمر هكذا للأبد والبديل لذلك سوف تكون الحرب، والحرب يمكن أن تندلع لأي سبب حتى الصدفة والنظام الإرتري يتحمل مسئولية ذلك.

يأتي هذا الحوار في ظل حلول شهر سبتمبر عيد الكفاح المسلح، كيف تنظر للأمور بعد مرور46 عام على اندلاع ثورة الفاتح من سبتمبر ؟

في سبتمبر1961م وعواتي مطلق الكفاح المسلح، كان الوضع آنذاك أفضل بكثير من سبتمبر2007م، كان وقتها الإرتريين في أراضيهم مع أنه كان هنالك إحتلال أجنبي وكان هناك طموح وأمل بالتحرير. أما اليوم فإرتريا المستقلة وعضوا في الأمم المتحدة، ولكن بالنسبة للشعب الإرتري الوضع أسوء بكثير مما كان أيام الإحتلال، لذا فإن التغيير جاء للأسوء وليس العكس، صحيح إن الجبال والوديان والأشجار ..إلخ محررة، لكن الإنسان الإرتري مقيد ومغترب ومهان داخل بلده وخارجه، لذا يحلم الناس بالذي كان، نأمل في ذكرى سبتمبر يكون هنالك تغيير لخروج البلاد والناس من المأزق بشتى الصور.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click