مقابلة تاريخية مهمة مع المناضل الفنان الكبير إدريس محمد علي - الحلقة الاولي
إعداد الأستاذ: حسين حب الدين زمزمي
ابو خالد اين انت يا ملهم الثوار والجماهير بحزن عميق وبقلب موجوع اشاطر وديان بلادي الحزينة لغايابك، طلعته السمهرية قامته
كنخلة مكابرة علي ضفاف القاش، اناقته المتأصلة بلا تكلف او بهرجة، صوته العذب المهذب الخفيض، نظراته الحالمة تفسح لك عن مكنون نفسه الطيبة قبل مساحة المكان.
ملامحه تعطيك إحساسا بالألفة والشهامة والسماح والأمان في (مرحباً - اهلا وسهلا) وان الدنيا مازالة بخير. انه من جيل العطاء، الجيل المعلم، إخواننا الكبار الذين حملونا الأمانة كاملة وعلومنا معني الرفض وركوب المخاطر والتضحية وقهر الصعاب وإلا مستحيل مع الإرادة والطموح والعمل.
انه احد المناضلين الذين كرسو حياتهم لرفعة هذا الوطن. حمل البندقية امتهن الكلمة المقاتلة الا تذكر.
ارتريا ياجارة البحر وامحلكم اب عونا وأب شهدانا كلوم اغلي ما املك يا قلبي مهرا لعيون الحرية انه يحمل ذاكرة جراح المرحلة، غدر الأخوة، ظلم الأعداء، بطولات الرفاق عذابات الشعب في المهجر وويلات الحروب.
تراه يحمل قيثارته ويغني للجمال وإشراقات الحياة يقاوم القبح والاستلاب. يغرز سيف البسالة في الأعماق. يستميت من سعادت شعبه وسلامة الوطن.
يبكي ولا يستسلم يتألم ولكنه يفتل شواربه في آباء كبطل من أبطال القصص الأسطورية يستشرف الصباح.
مازالت في دفاتره قصيدة لعشق هذا الوطن وفي ظلال عينه با الرغم من وعورة الطريق وغشاوة الغيوم شمعة تضئ لنا ولكل الاجيال
دروب البسمة والأمل.
انه الفنان القدير المناضل (ادريس محمد علي) لقد أجرينا معه هذا اللقاء وقد أحببنا ان انترك له فرصة الاسترسال والسرد بدلا من إلقاء الأسئلة عليه ليحدثنا عن تجربته، وسيكون اللقاء علي حلقات سننشرها تباعا...
إذ يقول: احب ان إبداء با الحديث عن فترة النشأة لانها تنعكس وتنصب بصورة تلقائية في بدايات اي تجربة فنية، بل في مكاني القول انها الأساس والمرجعية في كل مراحل التكوين الشخصي وهي لبنة الخلف والإبداع التي تلونك وتشكلك وتعطيك تفردك وطابعك ونكهتك الخاصة.
اسمي ادريس محمد علي ولدة 1949 في قرية " قام جيوأ. في منطقة "ناورو" وترعرعت في وسط عائلي تميز بتمسكه الديني في جو عابق با المدائح النبوية. وقرية قام جيوأ كانت اقرب الي التمدن وقتها نسبة لوجود اول مدرسة انشأها الإنجليز في الساحل - وقد تخرج من هذه المدرسة أكبر عدد من المدرسين الذين عرفوا في منطقة الساحل وحتي كرن ايضا.
زد علي ذلك ان هذه القرية كانت غنية جدا با الثروة والحيوانية، والثروة الزراعية با الإضافة الي كل هذا كان التماسك الاجتماعي والطيبة والتآخي بين أهل هذه القرية السمة الأساسية، ولا عرف في طفولتي ان شاهدة او حضرت اي مشاحنات او جرائم في القرية.
والمنطقة بصورة عامة كانت منطقة عامرة وغنية ليس فقط قرية قام جيوأ بل هنالك أيضاً أهلنا وشيخونا عد شيخ عمار ود الأمين في
"عناقد" هذه القرية التي تتميز با الثقافة الدينية من المدائح النبوية وخلاوي تحفيظ القران الكريم.
وقد كان لهذه الأجواء كلها التأثير المباشر في. تكويني الفكري والفني اي كوني قد ترعرعت بين هؤلاء الشيوخ الأجلاء، ونظار القبائل - وكبار مداحي المدائح النبوية - ومنطقة الساحل في ذالك الزمان كانت محافظة علي تكوينها القبلي والطبقي، وكانت تمتاز بوجود عدد كبير من النظار.
وفي هذا الواقع كان الناس يتغنون با الأغاني الشعبية في الأفراح والأعياد. وكان هناك اشهر الشعراء اغنية "التجري" أمثال - ودامير الذي كان الناس تلهج بأغنيه "ود بتشفير" و "محمد نور كماجنا" وقد كنت اغني في هذه الفترة بنوع من البراءة - وقد حفظت الكثير من الأشعار الغنائية لهؤلاء الذين ذكرتهم سالفا. كما كنت احفظ أشعار المدائح النبوية عن ظهر قلب.
أما با النسبة لأسرتي فانا من أسرة بسيطة متواضعة محبوبة لدي شعب او مجتمع الساحل، واذكر ان والدي - محمد علي وعمامي - صالح علي - وإبراهيم علي رحمة الله عليهم، كانو يجتمعون في منزل احد منهم بصورة دورية لتناول القهوة وكانت بينهم ألفة
ومحبة شملونا بها نحن أبناء هذه الأسرة.
فبالنسبة لأسرتي انا أصغر أشقائ وكبير البيت "حامد سعيد" ثم عمر محمد علي والشهيد في 1974م في وكي زاكر - والمرحومة خديجة محمد علي ثم علي محمد علي أطال الله في عمره. الشهيد عبدالرحمن وحامد سعيد قد حازا علي شئ من التعليم في المدرسة الإنجليز السالفة الذكر - وأما بقية الأخوة فقد كانت دراستهم متقطعة - كما كانت دراستي كذالك نسبة لظروفنا المعيشية التي كانت تعتمد علي الرعي حيث كانت اجبرنا ثروتنا الحيوانية في التنقل رالترحال من منطقة رعوية الي أخري "اي سبك ساقم" وكانت رغبتي في التعليم شديدة جدا مما اضطرني ان اذهب الي السودان عام 1964 بدون موافقة او استشارة ولأسرتي كنت حينها يافعا.
وباختصار شديد قد ذهبت الي مشروع "مرسيقلبوب" الذي كان يملكه الإيطالي "براتلوء" بحجة العمل للحصول علي المال الذي استطيع الوصول به الي السودان فورا وصولي الي مدينة بورتسودان عن طريق سيارات مكافحة الحشرات استقبلني اخي الشهيد عبدالرحمن محمد علي الذي كان قد سبقني الي هناك وقد ساعدني الي ان وجدت عملا مناسبا يسمح لي بمواصلة دراستي.
الى اللقاء فى الحلقة القادمة...