المهندس سليمان هندي لـ”زينا“ النظام الأرتري طائفي شوفيني

حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي  المصدر: وكالة زاجل الأرترية للأنباء - زينا

• تعرضت لمحاولتي اغتيال بسبب اختلافي مع أسياس أفورقي.

سليمان أحمد هندى 2ضيف ”زينا“ اليوم ولد عام 1950م بمدينة مصوع، وأكمل فيها دراسته الأولية، وأتت إليه أخبار الثورة وهو طالب فالتحق بها عام 1967م وظل في الميدان حتى يوم مغادرته مهاجرًا 1988م رجاء السلامة من التهديدات المباشرة بالتصفية الجسدية التي لاحقته حتى في دار الهجرة فنجا منها بفضل الله تعالى الذي خيب مسعى الجناة الغادرين.

تأهل عسكريًا في سوريا وفي الميدان، درب وتدرب، وأخذ وأعطى وكان من مؤسسي سلاح المدرعات والهندسة العسكرية في الميدان، لقد أمضى واحدًا وعشرين عامًا في الميدان وواصل النضال السلمي الذي أمضى فيه حتى الآن 33 عاماً لتكون مسيرته النضالية 54 عامًا حتى اليوم وهو يحلم بوطن الحرية والأمن والتنمية. وعلى الرغم من أنه يعيش في دار الغربة آمنا مستقرا ويعيش متاعب 71 من العمر لا يزال قلبه مملوءاً بحيوية النضال والعمل من أجل الوطن الغالي يضيف جهده مع جهد الآخرين العاملين الصامدين ويحدوه الأمل أن تثمر الشجرة التي يتعهدها بالعمل الدءوب.

يأتي المهندس سليمان أحمد هندي ضمن القيادات الكبيرة التي تحدثت بشجاعة عن مسيرة النظام الأرتري الطائفية متهمًا إياه بأنه يحارب الإسلام والمسلمين واللغة العربية والقيم المجتمعية النبيلة الموروثة عبر الأجيال مقابل تقوية اللغة التقرنية والطائفة المسيحية وأهل كبسا.

فهذا هو الجسم الواحد الذي يتكون من الثالوث الذي يحكم أرتريا الآن. وفي حديث مع وكالة زاجل الأرترية للانباء ”زينا“ تحدث بوضوح عما تعرض له من محاولة اغتيال غادر بسبب أنه كان يختلف مع أسياس أفورقي كثيرًا في مسائل تنظيمية ومبدئية ونضالية حيث كان يصر أن يكون للغة العربية حضوراً واعترافاً إلى جانب اللغة التقرنية بينما التنظيم كان مشى بعيدًا في توظيف كل شيء لصالح الطائفية المسيحية واللغة التقرنية والانحياز لسكان إقليم كبسا.

اكتشاف الخطر الطائفي:

وأكد سليمان هندي في حواره مع ”زينا“ أنه تعارك مع أسياس أفورقي في أكثر من مرة مختلفا معه وتعرض لتهديدات مباشرة خاصة بعد مقتل إبراهيم عافا مغتالاً. وأكد سليمان هندي أنه كان قد أدرك خطر الخط الطائفي الذي ينتهجه النظام منذ انشقاق المناضل إدريس حسن كنتيباي عام 1979م الذي أصدر بيانًا في بورتسودان - وهو كان عضو المجلس المركزي للتنظيم - بعد أن تمكن من الانشقاق يتهم تنظيم الجبهة الشعبية بأنه طائفي مسيحي.

قال سليمان: مثل هذه البيانات كنت أكلف بترجمتها من العربية إلى التقرنية لأعضاء التنظيم فأنا تفطنت لطائفية التنظيم منذ وقت مبكر عبر هؤلاء المثقفين الذين كانوا ينتقدون التنظيم بكل وعي وإدراك لمخاطره القادمة.

تأهيل عسكري وتوريث بريء:

سليمان هندي تلقى في سوريا عدة دورات بينها دورة القادة، وتخصص في الهندسة العسكرية من كلية الهندسة بحلب، ولهذا أصبح قائد سلاح الهندسة كما أنه كان مدرب هندسة وقاد سلاح المدرعات في حرب التحرير وقال في حواره مع ”زينا“:

دربت في جبهة التحرير أربع سرايا:

سرية منصور محمد سعيد
سرية محمود قدوي أخو علي إبراهيم
سرية بخيت حشليت
سرية سليمان أحمد هندي
هذه السرايا الأربع شكلت بداية عام 1970م في منطقة مشلل

أما في قوات التحرير الشعبية والجبهة الشعبية فقد دربت قوى كبيرة من الجيش الشعبي كنت أوزعهم وأخرجهم قادة الفصائل الكتائب وكلهم تدربوا تحت إمرتي في الهندسة.

أنا أول من قاد مدرعة شارك بها في حرب مصوع عام 1977م، وذكر أن كثيراً من القادة المسيحيين قد تدربوا على يديه أمثال: بطروس سلمون - (كان عضو مجموعة الــ 15 وقد تم اعتقاله وغيب واختفى) ثم تدرج سلمون إلى وزير الدفاع ليكون أعلى رتبة من مدربه سليمان هندي، وكان في الأساس جنديًا من جنود سليمان وقد تدرب على يده، وتسفاي إساق المعروف بــ (تسفاي قيحيتاي) الذي تم تعيينه نائبا لي وكان أسياس يحاول تسليمه قسم الهندسة بدلي وهو ما كان يعرف ولا خبرة له. وضمن من تدربوا على يدي : فساهي أفرو الذي ترقى في الرتب والمناصب العليا بينما مدربه سليمان هندي تطارده محاولات الاغتيالات!

ثالوث الطائفية:

قال سليمان هندي جوابا على سؤال ”زينا“: كنا نتعامل بثقة وعطاء لكل الثوار لتوريث الخبرة العسكرية لكن الطرف الآخر كان يسلك النهج الطائفي، كان يسعى للسيطرة والاستحواذ على التنظيم ونحن لم نكن ندرك بداية هذا المخطط الماكر. الذي اتضح لنا لاحقاٌ أنه كان يعمل لترجيح ميزان القوة في التنظيم لصالح:-

القومية التقرنية، والإقليمية أهل كبسا، والدينية طائفة الأقعزيان المسيحية الشوفينية التي تتميز بالتعصب المقيت والتعامل القاسي ضد المخالف وفي غياب تام لرزانة العقل والمنطق ومراعاة حقوق الشركاء مقابل التفاني في خدمة التكتل الحزبي الطائفي المتعالي. الباطش وتسخير كل شيء لصالح سيطرته واستخدام الأساليب القذرة لتحقيق الأهداف الطائفية.

أسباب محاولة الاغتيال:

سألته ”زينا“ عن أسباب محاولة الاغتيال التي تعرض لها في أواخر الثمانينات فقال:

كنت على خلاف شديد مع أسياس أفورقي ومع توجهات التنظيم وممارسته الطائفية. وكانت الخطة أن يقوم التنظيم باغتيالي ثم يلبس الجريمة لعبدالله إدريس رئيس جبهة التحرير الأرترية بناء على أنه خصم عنيد للجبهة الشعبية ودخل معها في حروب.

أحسست بمحاولة الاغتيال والتصفية الجسدية وأنا في الميدان ولهذا غادرت الوطن حتى وصلت السودان بأعجوبة تجاوزت فيها كل الحواجز الأمنية التي كانت تترصد العابرين مستفيداً من معارف وعلاقات مع المناضلين وأفراد من رجال الأمن. وحسن التصرف وقبل ذلك توفيق من الله.

و بعد وصولي إلى بورتسودان تواصلت معي الجبهة الشعبية عبر وسطاء كبار في التنظيم أمثال حمد كاريكاري وعثمان ريدو.. يريدون إعادتي إلى موقعي في الخدمة فرفضت العودة لأني أعرف كيد رئيس التنظيم ومكره وغدره فكم من الأشخاص تمت تصفيتهم جسديًا بعد استدعائهم إلى الوطن وفي بالي كثير من المناضلين بينهم قائد كتيبة عمر سفاف وهو من قدامى االمناضلين وقد اختلف مع الجبهة الشعبية ومشى إلى السودان ثم رجع إلى التنظيم مرة أخرى بعد طمأنة تلقاها من مسئولين قالوا له أنك تعود إلى قيادة كتيبتك ورتبتك العسكرية وبعد العودة إليهم وجهوه إلى معركة ثم اغتالوه فيها من الخلف. والقضية معروفة. ومثل ذلك حدث لكثيرين.

ولهذا رفض سليمان هندي الاستجابة لكل الوساطات التي أتت إليه في السودان تدعوه إلى العودة فقرر التنظيم اغتياله أو اختطافه. وروى لـــ”زينا“ تفاصيل القصة:-

تاريخ محاولة الاغتيال:

جرت لي محاولتا اغتيال باءتا بالفشل بتوفيق من الله وكان السبب أني مختلف مع التنظيم من حيث المبادئ والأهداف والسلوك وأني خبير عسكرياً خبرة لا يروق لتنظيم الجبهة الشعبية أن يراها في غير طائفته وهذه الخبرة تم استنساخها إلى عناصر موجهة من المسيحيين ليكونوا البديل الذي يغنيهم عن قائد ميداني مسلم ويحسبون أن اغتياله يقضي على خبرته وعلى رأيه المعارض.

المحاولة الأولى:

تمت محاولة الاغتيال الأولى عام 1988م عندما كلف التنظيم شخصا يدعى عامر عرب باستدراجي إلى موقع قصي في بورتسودان فيه امرأة مسيحية تبيع الخمر ولها مهام أخرى… وهي ضمن تسعة آلاف من النساء والفتيات العاملات في البيوت والمطاعم - بعضهن من تقراي والبعض الآخر من أرتريا وكن في تنسيق محكم بينهن ومع تنظيمهن - وكلهن يعملن في مناشط مشبوهة ويدفعن الاشتراك للتنظيم وينفذن مهاما تجسسية.

أدركت بحسي الأمني مهمة عامر عرب فصارحته أن أسياس أفورقي لا يريد للمسلمين خيرًا وشتمت أسياس أمامه بغضب، وعبت عليه العمل مع عدوه، وطلبت منه أن يساعدني في الإمساك بالقتلة الذين يأتون لاغتيالي أو اختطافي فوافق. كلمنا الأمن السوداني ليصاحبنا إلى موقع الحدث وليلقي القبض على المجرمين.

ذهبنا هناك وطلبنا - من باب التغطية - خمرا من المرأة صاحبة المحل وتظاهرنا بأننا سكرنا وأخذنا في تضاحك السكارى. تأخر المجرمون المكلفون بتنفيذ مهمة الاغتيال أو الاختطاف وتأخر أيضا رجال الأمن السودانيين فانصرفنا، وعلمنا فيما بعد أن الأمن السوداني حضر وألقى القبض على المرأة وعلى المجرمين بتهمة بيع الخمر.. وهي سلعة لم يكن مرخصًا بها في تلك الفترة. في السودان الذي أعلن الحكم بالشريعة.

وتم اقتيادهم إلى السجن لكن بعد مساومات مع ضابط سوداني اتفقوا معه على إطلاق سراحهم مقابل رشوة تمثلت في منحه سيارة كبيرة وخدمات.

علمت فيما بعد أن عامر عرب تم اختطافه من قبل الجبهة الشعبية واقتياده إلى منطقة ”عريرب في الحدود بين أرتريا والسودان ثم اختفى ويتناقل الناس معلومات أنه قتل بتهمة عدم المساعدة في مهمة اغتيال سليمان هندي.

محاولة الاغتيال الثانية:

كنت أقيم عند ناس أختي في بورتسودان وكانت لديهم خادمة لا يعرفون أنها ضمن استخبارات الجبهة الشعبية وكانت قد تركت العمل معهم ثم رجعت بعد وصولي إليهم فوافقوا على توظيفها خادمة لتقوم بما كانت تقوم به من الخدمة في المنزل دون أن نتنبه لمهنتها الحقيقية التي أرسلها التنظيم لأدائها.

هذه الخادمة هي التي كانت تنقل إلى الجبهة الشعبية كل التفاصيل عن نشاطي وتحركاتي وإجراءاتي التي كنت أقوم بها للسفر إلى خارج السودان.

عزمت الجبهة الشعبية على تعطيل مهمة السفر و تنفيذ مشروع الاغتيال فأرسلت سيارة لاندي كروزر فيها عدة أفراد مسلحين كمنوا أمام مسكننا صباحاً، وبينما كنت أتهيأ للسفر إلى الخرطوم وأنا حاجز على بص وقد أجرت عربة ”بوكسي“ لتوصلني أنا وولدي إلى الموقف أتى إلينا من كمين قريب من البيت هجوم مباغت بالرصاص من مسدس صغير الطلقات، واحدة استهدفت سائق البوكسي وقد جرح على أثرها جرحا خفيفا وهو سوداني شمالي وثلاث رصاصات توجهت إلي يدي ورئتي وقد أدت إلى كسر أحد عظمي اليد وتمزيق جزء من الرئة وقد سلم القلب ولهذا كتب لي الحياة مرة أخرى، الاستهداف كان متوقعاً لكني لم أكن مسلحًا بناء على حظر حمل الأسلحة في السفريات هرب الجناة وهم يظنون أنهم قد نجحوا في اغتيالي.

السائق السوداني بلغ الشرطة واستلمنا منها مستند تصريح العلاج في المستشفى الذي مكثت فيه عشرين يوما أتعالج من الجراحات التي أصبت بها

طلبت من السودان التصريح لي بحمل مسدس شرعي لحماية نفسي من اعتداء محتمل لاحق. فرفضوا محتجين بأني غاضب فلا يأمنون تنفيذ ثأر أقوم به تجاه المعتدين.

وجدت الحماية والرعاية من التنظيم الموحد الذي كان يقوده المناضل القائد عمر البرج وقد سافرت إلى الخرطوم بعد ثلاثة أشهر تقريباً من محاولة الاغتيال.

وفيها استأنفت إجراءات السفر إلى جمهورية مصر العربية و كانت قد تعطلت بسبب الإصابة الغادرة التي تعرضت لها بتاريخ 13 يونيو عام 1989م.

سطر أخير:

كان افورقي يتستر تحت عباءة الوطنية والاشتراكية لكنه عملياً كان يطبق أفكار طائفة الأقعزيان الشوفنية والتقرنية والكبساوية ومن هذا الثالوث تكون التنظيم الطائفي المسيحي الحاكم في أرتريا، كان يعمل لتحقيق هذه الغاية دون أن يدرك المناضلون والشعب الأرتري مقاصده الطائفية لكن البعرة تدل على البعير والأثر على المسير والإناء المغطى انكشف مع مرور الزمن ولن يلدغ المؤمن مرتين من جحر واحد ولهذا يلزم المواطنين شد الأحزمة لحماية سفينة الوطن من الغرق، وليس بيد أسياس أفورقي من المؤهلات ما يعزز مستقبله ليبقى إلى الأبد.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.

Top
X

Right Click

No Right Click