وكالة زاجل الأرترية للأنباء في حوار مع المهندس فراس عثمان صالح سبي - الحلقة الأولى

سماديت كوم Samadit.com

حاوره الأستاذ: باسم القروي

• اعترضت على أسياس في عقر داره فكافأني بالسجن والتعذيب والطرد

فراس عثمان صالح سبيكل القرائن تعزز احتمال اغتيال الزعيم سبي تهيئة للنظام القائم الآن
والدتي من سوريا ساهمت في إخراجي من السجن عبر التواصل مع السعودية
خرجت بجلدي من أرتريا خاسراً شركة استثمارية رأس مالها 80 ألف دولار

الحديث مع ضيف زاجل اليوم له طعم خاص لأنه يفوح عبق التاريخ و شذا النضال و آلام الحاضر، يذكر بشخصية خالدة في أذهان الخصوم والأصدقاء على حد سواء إنه حوار مع شاب أرتري مكافح شق الطريق دون أن تدعمه سمعة أبيه ولا ممتلكات مادية تركها له أبوه وحال الأسرة اليوم شهادة تؤكد كيف خرج والدهم الزعيم من الدنيا نظيف اليد والمسيرة شهادة توضح أنه كان على سهر دائم من أجل إسعاد شعبه وتحرير وطنه.

يشهد فراس أن أباه عثمان صالح سبي - رحمه الله - لم يترك ثروة يتقلب الأبناء في نعيمها بعده لكنه ورثهم القضية والعمل من أجلها.

طلبت من فراس الحديث إلى القراء عبر وكالة زاجل الأرترية فرحب ولم يتردد وأفاض في الحديث حتى ذكر تفاصيل مجهولة عن الأسرة تعريفاً ونضالاً وظروفًا تكابدها وقال: إنه أول حديث يدلي به للإعلام عامة والأرتري خاصة، يذكر فراس أنه عاد بعد التحرير محملاً بأشواق الأمل وطموح البناء وشرع ليبني المستقبل فأسس شركة استثمارية بدت نشطة متفائلة فخنقها النظام وأراد تأسيس مشروع ثقافي تعليمي على نفقته الخاصة فخنقه النظام، يروي فراس تفاصيل عن استهداف شخصه بالاغتيال كما استهدف ماله واستثماراته بالتضييق وأفكاره الإيجابية وقال: خرج بجلده حياً لأن والدته السورية شكلت ضغوطاً عبر السعودية لضمان خروج ولدها سالماً دون السؤال عن ممتلكاته وأتت الأسئلة تتوالى على فراس سبي وهو يجيب بهدوء وثقة:

ماذا نقرأ في السيرة الذاتية لنجل الزعيم الوطني عثمان سبي؟

ولدت عام 1970 وترعرعت في دمشق من أب إريتري وأم سورية وطبعاً عشت في كنف عائلة أمي بحكم الولادة و طبيعة عمل الوالد الذي لم يكن له مكان ثابت وكذلك انشغاله الكلي بالقضية الإريترية، وأكملت دراستي في أماكن متعددة من ضمنها سوريا ولبنان و بريطانيا.

في ماذا تخصصتْ دراستك ؟ وكم من اللغات تجيد؟
درست الهندسة الميكانيكية وأعرف من اللغات العربية والإنجليزية والسويدية.

مات سبي فتلاشت الأضواء عن آل سبي فهل من تعريف بتفاصيل الأسرة من زوجات وأولاد.. تفاصيل لو سمحت؟

كان الوالد - رحمه الله - محباً جدًا لأسرته وقد أنجب 6 أطفال: ولدين و أربع بنات وكلنا من أب وأم واحدة. وعندما منع من دخول سوريا سنة 1985 بسبب اعتراض النظام السوري على دخول التيار البعثي العراقي في الوحدة الثلاثية التي تمت بين جبهة التحرير الأرترية (قوات التحرير الشعبية)، جبهة التحرير الأرترية (اللجنة الثورية)، جبهة التحرير الأرترية (المجلس الوطني) لم يكن أمامه سوى الزواج بثانية لكي تقوم على شؤونه لأن الوالدة لا تقدر على السفر والترحال بحكم أنها مسئولة عن رعايتنا فتزوج من قريبتنا وبمباركة من الوالدة ولكن لم يمهلها الأجل طويلا فاستشهدتْ وهم في طريقهم إلى الميدان سنة 1986 بعد 3 أو 4 أشهر من زواجهما، ثم تزوج مرة أخرى من باكستانية مقيمة في لندن وهنا لم يمهله هو الأجل فأستشهد هو بعد عدة شهور من زواجهما بدون أن يرزق بأي طفل منها.

أمك سورية وزوجتك تونسية.. هل ترى أن ذلك أضعف من دورك السياسي في خلافة أبيك الزعيم؟
أولًا- الموضوع ليس مسألة خلافة بقدر ما هو مسؤولية وواجب يمليه علي ضميري، ولا أعتقد أن هذا الأمر له تأثير على أرائي وتوجهاتي فأنا ابن هذا الوطن وأنتمي لهذا الشعب وجدانياً واجتماعياً أعيش أتراحه وأحزانه بشكل شبه يومي و منذ العام 1993. قد تبددت أحلامنا وسفهت وبدأت أتراحها أكثر من أفراحها فعلى الأقل كنا نفرح - فترة النضال - بانتصار في جبهات القتال أما الآن فبماذا نفرح ؟

هل كان الوالد حريصاً لتكون خليفته من بعده بمعنى هل بذل جهدًا تأهيلياً في صناعتك تعليماً وتربية وصحبة لتكون قائداً مستقبلا تملأ الموقع الشاغر؟
لقد كان الوالد يستغل كل فرصة تجمعنا ببعض ليزيد في داخلي حس الانتماء الوطني كما كان يزودني بأخبار الساحة الإريترية، وكان يحثني على قراءة الكتب والنشرات التي تعنى بالشأن الإريتري وكما يعلم الجميع فقد كان شغوفا بالعلم والتعلم وحرصه على تعليم أكبر قدر ممكن من الإريتريين بما فيهم أنا وأخوتي وكذلك كان بيتنا في دمشق مزارًا للإريتريين من طلاب وباحثين وتنظيمات سياسية ومنظمات جماهيرية وزائرين مما كان له الأثر في ارتباطنا بإريتريا.

اذكر لنا تفاصيل عن إخوان آل سبي وذرياتهم وإلى أي حد أنت على وفاق مع أسرة آل سبي سياسياً واجتماعياً؟

طبعا هنالك عمي الذي يعرفه جل الإرتريين الأستاذ محمود صالح سبي وقد ارتبط اسمه بجهاز التعليم الإريتري و علاقتي مع أبنائه علاقة وثيقة وحميمة وحالياً زاد ارتباطنا وتلاحمنا بسبب أزمة الأسرة في سوريا وأنا أستغل هذه السانحة لأتقدم لعائلة سبي الكبيرة بكل الشكر والامتنان لموقفهم النبيل تجاه أسرة عثمان سبي المحاصرة في سوريا. وطبعاً هنالك عماتي وأولادهم منهم من توفى ومنهم من ما زال على قيد الحياة والحمد لله علاقتنا ممتازة ببعضنا البعض.

يكتنف الغموض قصة وفاة الوالد الزعيم عثمان سبي وتحوم حولها شبهات القتل في مؤامرة كيدية قصدت أن تتهيأ الساحة لأسياس أفورقي.. فهل تعتقد الأسرة الصغيرة أنه مات اغتيالا وما الدليل على تقوية هذا الاعتقاد لديكم؟

كما تعلمون في تلك الفترة كان يتم إعادة تشكيل المنطقة برعاية العديد من القوى الدولية والإقليمية وكان سبي بتوجهاته رقماً من الصعب تجاوزه فلذلك أجدني أتماها مع سؤالك فيما يتعلق بحيثيات استشهاد عثمان سبي الذي توفي بسبب عملية جيوب أنفية!!!
لقد كنت هناك حين توفي الوالد ولا استبعد أن يكون عملاً مدبرًا لأن الوضع كان سيئا بشكل عام وكذلك لم يكن هناك إجراءات أمنية حتى في غرفة الإنعاش التي كان يرقد فيها الوالد .لذلك يبقى هذا الاحتمال وارد جدًا خصوصاً مع الفوضى التي كانت تعم المستشفى وكثرة الناس الموجودين في المستشفى الأمر الذي يوفر بيئة صالحة لتمرير وسائل ومكائد الاغتيال دون اكتشاف خيوطها.

دفن الوالد الزعيم عثمان سبي في السودان.. هل كان اختيارًا تنظيمياً أو رغبة الأسرة وما أسباب هذا الاختيار؟

سبي يرقد الآن تحت الثرى في مقابر السيد المحجوب في الخرطوم مثله مثل معظم قيادات الثورة الإريترية التي لم تُوارَ في ثرى بلادها.

هل زرت البلاد بعد الاستقلال وما الانطباع الذي خرجت به؟

أنا مثل كل الإريتريين التواقين إلى الحرية في وطننا ذهبت لأول مرة إلى إريتريا عام 1993 محملا بنضالات شعب أراد الحرية وقد كنت مفعما بالآمال والطموحات للمساهمة في إعادة إعمار بلدي، ومن هنا وعلى الأرض وبعد فترة وجيزة من وجودي هناك بدأ يتشكل لدى وعي جديد ابتدأ بصدمات وانتهى بي إلى قرار مقاومة الواقع المرير.

ما مصير أملاك أل سبي في أرتريا هل أصابها النظام بأذى؟

آل سبي ناضلوا لأجل حرية إريتريا ولم يكونوا إقطاعيين أو رؤوس أموال وإذا كان هنالك من يعرف أملاكا لآل سبي فليدلنا عليها لأننا بأمس الحاجة لها، وبالعودة إلى سؤالك لو كان لآل سبي أموال وممتلكات لما تورع النظام عن مصادرتها كما يفعل مع كل مناوئيه.

يا استاذ فراس. آل سبي كانت لهم أرض وبيوت في ارتريا منذ أيام الاستعمار في حرقيقو أو غيرها لأنهم مواطنون أصيلون مثل غيرهم.. ما مصيرها بعد التحرير كانت عندهم بيوتهم حرقها الاستعمار الغاشم الآن لا يوجد شيء في حرقيقو سوى أرض جرداء وبقايا المسجد والمدرسة وفي تلك الأيام بداية التحرير كان هنالك ناشطون يجمعون تواقيع أبناء حرقيقو لكي يوزعوا عليهم الأراضي وكان نصيب كل فرد منا 500 متر ولا أدري ماذا حدث بعد أن غادرت يعني أنا وأخوتي الخمسة يكون نصيبنا 3000 متر من الأرض الجرداء في حرقيقو حسب تقديرات تلك الأيام.

صوتك خافت لم لم تقم مقام أبيك تتحدث بصوت عال عن أرتريا الشعب والقضية

أولا: أنا لن أعيش في جلباب أبي مع أني أتشرف به.

ثاني: إن سبي وجيله كانوا يناضلون من أجل الحرية وقد تحقق الحلم، والآن أنا وجيلي ملزمون بالنضال من أجل المواطنة والديمقراطية وإعادة الحقوق لأصحابها وفق دستور يكفل حقوق جميع فئات الشعب الإريتري والتداول السلمي للسلطة والتوزيع العادل للثروة. وبناء على ما سبق كانت أول مواجهة لي مع رمضان محمد نور حيث كنت أسعى لتأسيس مشروع ثقافي تعليمي على نفقتي الخاصة لإيماني بأن هذه هي اللبنة الأولى في إعمار الإنسان والذي بدوره يتولى إعمار الأرض ولكن كان رده بمثابة صدمة بالنسبة لي حيث قال لي حرفيا: إنسى هذا الأمر وأعتبر أني لم أسمع شيئا وأرجو أن لا تردد هذا الكلام على مسامع الآخرين!

فكان جوابي مباشرة: لماذا؟ فأجابني: الأمر واضح فأنت تريد جمع الناس حواليك ما يعني أنك بصدد إنشاء حزب أو تنظيم وهذا الأمر مرفوض تماما. فتركته وذهبت إلى الأمين محمد سعيد لأعرض عليه ما بجعبتي ولم يكن رده بأفضل من سابقه! فلم أجد أمامي سوى الذهاب إلى كبيرهم إسياس أفورقي وهنا تغير الخطاب عن سابقيه ليصبح دبلوماسيا مع إعطاء بعض الأمل لتحقيق ما أسعى إليه فالرجل امتدحني وأشاد بالخطوة التي أريد أن أخطوها ولكنه قال أن هذا المشروع يحتاج إلى دراسة ومشاورة بين أعضاء الحزب الحاكم وضرب لي موعدا بعد أيام قليلة من لقائنا للرد على ما طلبت وجئت لموعدي وكلي أمل بأن أنال الموافقة ولكن كانت الصدمة الأخيرة فالرجل امتدحني مرة أخرى وامتدح المشروع ووصفني كأني عثمان سبي جالس أمامه ولكن هذا المشروع جاء في التوقيت الخاطئ والدولة مازالت حديثة وعندها أولويات أهم من العلم والمعرفة!!! فما كان مني إلا أن قلت له: الآن تأكدت أنكم لا تعملون لصالح هذا الشعب ونهضته إنما أنتم متشبثون بالكراسي التي جلستم عليها وأما الشعب فليخبط رأسه في حائط أو يحترق فهو آخر اهتماماتكم. ثم خرجت دون أن يعترض أحد علي ولكنهم قاموا باعتقالي بعد بضعة أيام حيث أخذوني إلى سجن والعصابة على عيني وهناك تم ضربي وكانو يقولون لي (نسخا ود سبي) بالتجرينيا ويضربونني فيا سيدي أنا رفعت إصبعي في وجه إسياس في عقر داره ورفضت أن يكون صوتي خافتاً حين كنت في إريتريا ولكن حين خرجت لم أجد أصواتًا مع صوتي رغم محاولاتي العديدة فالمعارضة تعاني من الهزال والتشتت.

هل مارست عملا اقتصاديا في أرتريا؟
لقد أسسنا شركة أنا وأخ من سكان أسمرا وكان رأس مالنا في وقتها حوالي 80 ألف دولار حيث كنا نمتلك حوالي 15 سيارة للإيجار غير السيارات التي نستوردها من السعودية والخليج ونبيعها وقد هرب شريكي قبل أن يعتقلوني لأننا أحسسنا بهذا الأمر وقد حاولت خلال الفترة القصيرة التي قضيتها بعد خروجي من السجن أن أبيع ما أقدر عليه ولكن كانوا لي بالمرصاد حيث حدثت سلسلة حوادث من أشخاص يأتون ليؤجروا سيارات ثم يقلبونها وقد حدث هذا مع 6 سيارات تقريباً في نفس الشهر!!! فمثل هذه المكائد تثبط الإنسان من النشاط التجاري والاستقرار النفسي.

فهمت من سياق الحديث أن خسائرك المادية على يد النظام تفوق 80 الف دولار والنظام اجتهد لإفلاسك مادياً والاغتيال كان محتملا؟

أكيد فقد رأوا أننا ننمو اقتصاديا وبدأوا بتحجيمنا والتضييق علينا حتى نخرج مجردين من أموالنا ومحملين بشوق إلى وطن يطردنا سلطانه.

خروجك بالمطار رسميا يدل على أن النظام راضٍ عن الخروج.. أليس كذلك

هم يريدونني أن أخرج لأنهم يعلمون أننا خارج البلاد لا نستطيع أن نفعل شيئًا لأن بأسنا بيننا شديد
وكذلك عندما خرجت من السجن لم يكن لأنهم يريدون اخراجي بل لأنهم احسوا بأنهم أخطأوا حين سجنوني وكان من الأفضل التخلص مني بحادث.

كذلك كان هناك تدخلات من عدة دول حيث أن الوالدة في سوريا أجرت اتصالات مع الاستخبارات السعودية وكانو يضغطون على أسياس لكي يطلق سراحي.

كم كانت مدة الاعتقال وأين؟
حوالي 3 شهور ونصف وكان السجن في أسمرا ولكن لا أذكر اسمه فقد طالت المدة.

هل سبق أن تم طردك قبل الطرد الأخير الذي لم ترجع بعده؟

في أول سنة لي في البلاد طردت بتاريخ 1994م إلى سوريا وهي قصة طويلة وقد رجعت بعد شهرين من الطرد ولكن هذه المرة كنت مصممًا على البقاء ويسبق حادثة الطرد الأول مبررات وهي أني كنت في البحرية في جزيرة دهلك ضيفاً على حساب النظام أتيت بدعوة منه وعلى نفقته و أن رمضان محمد نور كان مسئولاً عني بتكليف من إسياس وهو الذي اقترح أن أكون في دهلك مع الجنود لكي أتعلم اللغة وأطلع على أحوالهم بصراحة كانوا يعاملونني جيدًا في البداية وعندما مشيت إلى دهلك بدأت الأمور تتأزم لأني أقمت علاقات جيدة مع الجنود هناك وكنا نتكلم كثيرًا في أحوال البلاد والعباد وكنت انتقد أداء الحكومة وتعنتها في الكثير من الإجراءات ووجهت لي تحذيرات من الخوض في مثل هذه الأمور مع الجنود إلى أن جاءت القاصمة حين ضربت ضابطاً إسرائيلياً هناك فاستدعوني إلى أسمرا وهناك التقيت على سيد عبدالله الذي قال لي بالحرف:

ألا تشتاق إلى أهلك في سوريا؟ هذا جواز سفر وهذه تذكرة طائرة ومع السلامة.

يا سيدي عندي قصص كثيرة مع هذا النظام الذي لا أجد له وصفاً

Top
X

Right Click

No Right Click