حوار مع الفنان المناضل محمد أحمد كتينا الملقب بـ محمد شعبي
حاوره الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ
قبل الدخول في تفاصيل الحوار لم أجد صورة للفنان الكبير محمد شعبي لاننى فقدت أرشيفي من الصور لانه
محاصر مع الشعب الارتري بأسمرا.
أجريت هذا الحوار مع الفنان محمد شعبي لانه من الفنانين الكبار الذين همشهم النظام وظل يعيش مع زوجته في منزل صغير بقانيو استيشن بأسمرا.
إلى تفاصيل الحوار مع الفنان محمد شعبي:
• الفترة التي قضيتها بالميدان كانت من أروع سنوات عمرى.
• التقاليد المحافظة كانت تعيق الفتيات عن ممارسة هواية الغناء.
ظل يصدح بصوته الشجي لأكثر من أربعة عقود من الزمان، غنى خلالها العشرات من الأغانى الوطنية والعاطفية، ويعتبر رقماً يصعب تجاوزه في خارطة الغناء في منطقة القرن الافريقي لما له من حضور في عدة دول، وله مستمعين منتشرين في نطاق واسع من المنطقة حيث يعبر صوته الحدود الجغرافية ليصل الى كل محبيه وعشاق فنه، خلال الأربعة عقود الماضية غنى للوطن وألهب حماس الجماهير وغرس في نفوسهم عشاق الوطن الذى كان يرزخ تحت سيطرة الأحتلال الإثيوبي الغاصب، تجولت صحيفة إرتريا الحديثة في دهاليز ذاكرة الفنان المناضل/ محمد شعبي وقطفت من بساتين إبداعه المخضرة دوماً بالآبداع زهور متعدة الألوان والرائحه نهديها للشعب الإرتري بمناسبة العيد العشرين للإستقلال واليوبيل الذهبى لإنطلاقة الكفاح المسلحة فإلى مضابط الحوار:
في البداية سألناه عن الإسم ومكان الميلاد ؟
فقال الاسم: محمد أحمد كتينا واللقب محمد شعبي، من مواليد برعسولي عام 1946م لقبت بشعبي في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي وذلك خلال إشتداد الصراع بين قوات التحرير الشعبية وجبهة التحرير الإرترية، كانت الأوساط الشعبية والشبابية في تلك الفترة تعانى من الخلافات السياسية وكنت أقوم بتجنيد الشباب للإنضمام لقوات التحرير الشعبية في "سدوح عيلا"، وعشقي للثورة جعلنى إحتك بالثوار وأتبادل معهم الحديث وكنا نتردد في معسكرات الثوار، وأذكر أن أحد المناضلين ويدعى محمد إبراهيم علي إستشهد فيما بعد هو الذى أطلق عليً لقب شعبي لعشقي للثورة والوطن.
وعن بداياته الغنائية يقول:
كنت أغنى مع الشباب في المناسبات الأجتماعية المختلفة خلال سنوات الشباب، وتلك الحفلات التراثية يطلق عليها "صدح" وتقام في الاعياد والزواج وبقية الأفراح، سبقنا في مجال الغناء عدد كبير من الشباب ونحن كنا مجموعة أيضاً سرنا على خطاهم، وبدأنا نغنى ونغنى تشتت الشمل وذهب كل واحد منا لحاله وإنتشرنا في مختلف دول الجوار، حين بدأت الغناء كان عمري تسع عشرة سنة وواصلت المسيرة حتى اليوم.
غنيت في مختلف المناسبات الاجتماعية ثم قررت السفر الى جيبوتى حيث أقمت هناك عدة سنوات كنت أغنى خلالها للشعب الإرترى وللثورة وللنضال، وأول أغنية غنيتها تحمل إسم "يعندقولا" وتعنى السهرة، وخلال وجودى في جيبوتى درست الموسيقي، ثم غنيت عدة أغانى جديدة أذكر منها أغنية "أيا نفسي" وهي تعكس الخطاب الداخلي للنفس الانسانية وأقول لنفسي أعرفي قدرك ولا تطلبي سوى المتاح لك، والاغنية لها دلالات إجتماعية وإن الانسان لا يكلف نفسه إلا وسعها. وفي عام 19977م غادرت جيبونى بهدف الإلتحاق بالميدان حيث وصلت الى اليمن ومنها إلتحقت بالميدان ووصلت الى أراق ثم الى كركبت التي تلقيت بها التدريب العسكرى.
ويقول عن إلتحاقه بالجبهة:
القيادة العسكرية والسياسية التي تتواجد في دنكاليا كانت تسمع بلاغانى التي كنت أغنيها في جيبوتى، وكان يتواجد في تلك المنطقة خلال تلك الفترة كل من المرحوم/ صالح شوم المشرف السياسي للمنطقة وكذلك إبراهيم محمد على والشهيد/ عبدالقادر رمضان وأخرون كثر، وكانو يرسلون لي الرسائل قائلين: يا شعبي لازم تعود الى بلادك وتغنى لشعبك وثورتك ونحن في إنتظارك، وفي إحدى المرات زرت دنكاليا وقررت الإلتحاق بالميدان حيث سافرنا عبر البحر الى عقيق ومنها الى الميدان، ومن هناك توجهت الى بركة ووصلت منطقة "عايلت" التي كانت مقراً للفرقة المركزية التابعة لجبهة التحرير الارترية، وأذكر من الفنانين الذين وجدتهم هناك:-
• برخت منقستأب ،
• يمانى باريا ،
• ظهيتو براخي ،
• حسين محمد على ،
• رمضان حاج ،
• أبرار عثمان ،
• محمد أحمد ،
وأخرون كثر عطروا ساحات الميدان بأغانيهم الوطنية.
وأول أغنية غنيتها بعد إلتحاقي بالثورة كانت بعنوان الانسان راحل ولا يقيم في هذه الحياة للأبد ولذلك يجب أن يخلد نفسه عبر المشاركة في العمل الوطنى، ثم غنيت أغنية "أنى ساكو كينونو" التي تعنى اليوم يومنا يجب نستفيد منه لدعم وحماية بلادنا، لأننا نحن أهل البلد، قضيت أكثر من ستة أعوام ضمن صفوف جبهة التحرير الارترية كفنان ومدرباً للمستجدين من الثوار، وفي عام 1983م غادر الميدان قاصداً اليمن منها دخلت الى جيبوتى ومكثت هناك حتى عام 1986م، ثم توجهت مرة أخر ى الى اليمن، حيث وجدت هناك العديد من المناضلين الذين كانو يرغبوننى بضرورة الخروج إلى الميدان، قضيت سنوات هناك عدة سنوات في منطقة "ميدى" باليمن التي يتواجد بها مكتب للقوات البحرية التابعة للجبهة الشعبية وهناك قابلت المناضل على شفا وشجعونى الخروج للميدان وبناءاً على رغبتى وفعلا قررت الذهاب الى الميدان والإلتحاق بالجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، وتحركت من اليمن عبر المراكب التابعة للقوات البحرية، وصلت الى الميدان وبمجرد وصولي الى هناك تم توزيعي في الفرقة الغنائية التي كان يطلق عليها "حيوت" وكان معنا في تلك الفرقة ودى تخول وتانكى وفاطمة سليمان وغال حلفا. في تلك الأثناء معظم الفنانين كانو يكتبون كلمات أغانيهم ويلحنونها ثم يؤدونها هذا هو التقليد الذى كان يسود بين الفنانين منذ بدايتى الفنية وحتى اليوم أكتب والحن كل الأغانى التي أغنيها.
وعن ذكرياته خلال سنوات النضال يقول الفنان المناضل محمد شعبي:
الثورة هي الثورة وطريقها محفوف بالمخاطر والصعاب وضنك العيش ورغم ذلك كان المناضلون يضربون المثل في كيفية التعايش والتغلب على الصعوبات والمعوقات وخلال المعارك التى درات في مواجهة العدو سقط الكثير من الفنانين الذين كانوا يؤدون واجبهم الوطنى، الشيئ الجدير بالذكر إن كل المقاتلين كانو يحبون بعضهم البعض لان الهدف كان واحد، وكانو يشكلون خلية واحدة لمواجهة العدو والهم الوحيد الذى كان يدور في الذهن هو كيفية تحرير البلاد ونيل الحرية والاستقلال لا أحد يفكر بغير ذلك، وأعتقد بأن السنوات التي قضيتها بالميدان من أروع سنوات عمرى.
بعد التحرير هل فكرت في طباعة شريط غنائي ؟
الاغنيات التي كنت أغنيها من قبل موجودة في الشرئط التي كانت تصدر في الميدان، وأيضاً بعد التحرير غنيت الكثير من الاغانى التي يتم تداولها عبر الالبومات التي بها عدد من ألأغانى لعدد من الفنانين، ولم أفكر حتى الان في طباعة شريط خاص بي، لاننى محتاج للوقت وإن مهمة تسجيل شريط غنائي سهلة جداً ولكن المهمة الصعبة تتمثل في كيفية إشباع رغبتى وقناعتى بذلك وأكون مستعداً لذلك ولكن الرغبة موجودة والزمن كفيل بذلك، وكل شيئ له وقته وحين يتم الموعد سوف أسجل شريط غنائي به أغانى جديدة وقديمة.
عن مواضيع أغانيه يقول:
معظم ألأغانى التي أغنيها هي للوطن وللجيش والبحر والسماء، وعندما كنت شاباً كنت أغنى للحب ولكن الان الحب له من يغنى له من فئة الشباب.
عن أغانيه الجديدة يقول:
العام الماضي غنيت أغنية وطنية جديدة بأسم "ستبر" وتعنى العلم، غنيتها تمجيداً للعلم الارتري، أما هذا العام لدى أغنية جديدة للعيد العشرين أتمنى أن تلبى الشروط المطلوبة تظهر في العيد.
كيف تقيم الاغانى التي تغنونها باللغة العفرية ؟
الغناء بلغة العفر بخير والاغانى الت ظهرت حتى جيدة من كل النواحى، وأستطيع أن أقول لو تم التعامل بين الفنانين يمكن ان يحدث تطور ملحوظ خلال فترة وجيزة، فمثلاً الان أنا الوحيد الممثل لقومية العفر في مكتب الشؤون الثقافية وهذا لايكفى والتراث لايمثله شخص واحد بأستمرار، والتراث يحتاج الى تضافر كل الجهود ويجب تدعيم الفرق بالفانين الشباب الموجودين في فرقة الجيش، وإن تجميع هولاء الفنانين في الفرق سوف يسهم في بروز أعمال أخرى بناءاً على التعاون بينهم وإن تجميع الشباب أيضاً سوف يساعد في الاهتمام بتراثهم والرقي به، ولكن الشتات الموجود الان لايساعد على تطوير الغناء ولا يسهم في حفظ التراث.
أرجو الاهتمام بالشباب من قبل مكتب الشؤون الثقافية وضم عدد منهم في الفرق المنضوية تحت سقف المكتب حتى يستفيد من التواصل الذى يهيئه المكتب وإن الفرقة التراثية التي تاتى مرة واحدة الى أسمرا للمشاركة في مهرجان إرتريا تعكس تراث قومية العفر ولكن هذا لايكفي لأن مهمتهم تنتهى بإنتهاء المناسبة، وهذا لايخدم التراث ولا يطوره، وأبناء القومية يجب أن يعملوا على تطوير تراثهم ودور الشعب في هذه الناحية مهم جداً.
كيف تقيم أعمال الفنانين الشباب ؟
خلال الفترة الماضية ظهر في الساحة الغنائية عدد من الفنانين الشباب أذكر منهم الفنان الشاب/ إبراهيم محمودة والفنان الشاب/ سعيد ابراهيم شحيم الحائز على المركز الثالث في برنامج سباق النجوم الشهير "بشنقروا" أيضاً هناك الفنانين كثر أذكر منهم أسر وأبوبكر عرومو وعبده باطع ومحمود حجى وعبد على ...الخ.
بماذ تفسر غياب الصوت النسائي في مجال الغناء باللغة العفرية ؟
في السابق المجتمع كان يتمسك بالعادات والتقاليد التي تحد من مشاركة المرأة، والتقاليد المحافظة كانت تعيق تقدم الفتيات لممارسة هواية الغناء، أما اليوم فهناك عدة فتيات إخترقنا حاجز الصمت ووصلن الى المسرح ليصدحن بأصواتهن، وهذا يعتبر تطور كبير بالنسبة للفتاة العفرية وهناك عدد من الفتيات يغنن في عصب اليوم.
كلمة أخيرة للشعب الإرتري بمناسبة العيد العشرين:
اولاً الشكر لله الذى منحنا الصحة حتى نعيش لنرى هذا اليوم وتحياتى للشعب الارتري والجيش الارتري.
وكل عام وانتم بخير.