الشيخ حامد دلشاي: حزب العمل قتل جبهة التحرير الارترية، وبعض السلفيين قتل وحدة المسلمين في حركة الجهاد - الحلقة الرابعة
حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي المصدر: وكالة زاجل الارترية - زينا
• اختلاف الأرتريين جعل ملف اللاجئين بيد غيرهم في السودان.
• حادثة وقوع عربة ”لوري“ المجاهدين في كمين العدو من أفعال المنشقين.
• ضغوط السلفيين هي التي صعدت أبا سهيل للمكتب العسكري دون سند لائحي ولا مبررات ترقية إنجاز.
• لاحظت نقاط ضعف في المكتب العسكري فرفضت إدارته محاولات الإصلاح.
• مبادرات إيجابية أنشأت الاتحاد العام للطلاب الأرتريين وملتقى اللاجئين فخذلها كثيرون.
يواصل الشيخ في الإدلاء بشهاداته في فترة قيامه مقام الأمير في إدارة حركة الجهاد.
موقف لترتيب الإعاشة للمجاهدين بالداخل:
عندما بلغني أثناء تكليفي بمهمة القائم بالأعمال بأن بند الإعاشة وميزانيته تتطلب المراجعة طلبت تقريراً من المكتب العسكري يضعني على الصورة وبالفعل أدركت أن هناك حاجة لتنظيم الوضع وقمت بتكليف لجنة تضع تصورًا مناسبًا يساعد في الترشيد ويكفي حالة المجاهد بشكل مريح جدا وجاء رد الفعل المتهم لي بأنني أريد تجويع المجاهدين وحرمانهم ولكني في حقيقة الأمر كان ذلك معالجة حقيقية للابتزاز والعبث بالمقدرات المالية للحركة الأمر الذي جعلني من واقع الأمانة والحرص على أداء المسؤولية أطالب أن يتم تنويري من القائم بالعمل العسكري أبي سهيل محمد أحمد صالح بحالة العتاد وكميته وكيفية تخزينه إلى آخر.. فرد على المذكور أن هذا الأمر لا يملكه حتى الشيخ عرفة نفسه ناهيك أن يملكه قائم مقامه. سألته لماذا ؟ وأنت تعلم أن المسؤولية هي واحدة لا تتجزأ، فإذ كنت أنا مسؤول عن عضوية الحركة كلها بالداخل والخارج حتى يصل الأمير ويستلم مني المسؤولية فما هو المانع من تنويري بالشيء الذي أطلب؟ وهل أنت أحرص مني في أسرار الحركة ومن الأمير عرفة ؟.
إنها حالة الغرور والاغترار تفعل بالإنسان الأفاعيل وتجعله يقف ضد قناعته الداخلية للأسف وأذكر حالة الغرور هذه حيث صدر من الشيخ إبراهيم مالك أبو يس كلام أثناء مناقشة وضعية أبي سهيل في رئاسة المكتب العسكري وهو خارج عضوية مجلس الشورى واعتبر ذلك يتعارض مع النظام الداخلي للحركة فرد أبو يس قائلاً: ما دون أبي سهيل يعتبر صفراً ويجب إبقاؤه على المنصب وكانت تأتي هذه المواقف استجابة لمناصرة حزبية وكيد سياسي لا علاقة لها بالنظام الأساسي الذي يضبط العمل وهي أخلاق سيئة من شأنها أن تحدث إرباكا للقيادة وتميع قراراتها وتضعف من شأنها فلا يستطيع عمل جماعي أن ينمو نموًا طبيعياً ويسلم من الانكسار إلا من خلال لوائح ضابطة وقيادة لها حق السمع والطاعة والاحترام.
ما يعرف بحادث اللوري:
إدارة المكتب العسكري وبرئاسة أبي سهيل وقبل إخطار القائم بالأعمال قامت بتجهيز شباب للخروج إلى الميدان بالتنسيق مع الخائن حاج محمد علي وتم تحديد اليوم والساعة والوسيلة كان اللوري. وبناء على ذلك تم التحرك، وحاج محمد علي كان على اتصال بالشعبية لينصب كمينا في الطريق للوري وما يحمله اللوري من عتاد وشباب، كان الحادث الأليم بتاريخ: 1993/5/27م. و قد علمت به بعد ثلاثة أيام عن طريق الأخ أبو تقوى عثمان عنجوت حفظه الله والأخ حسن حلبيت رحمة الله عليه ومن خلال التقارير التي استلمتها من اللجنة التي كلفتها بإجراء التحقيق الكامل وذلك بعد مرور أكثر من ثلاثة أيام من غياب اللوري، واللجنة هم أعضاء المكتب التنفيذي برئاسة أبي سياف ضياء الدين ومقررها أبو شاكر محمد طاهر شنقب وأعطيت اللجنة صلاحيات كافية لاستجواب أي شخص تعتقد أن له صلة بالحادث من أعلى مستوى إلى أدنى مستوى مسؤول، وقامت اللجنة بالتحري وجلست بكل الأطراف المعنية واتضح لها وبإقرار من إدارة المكتب العسكري بأن القائم بالأعمال لم يعلم بالخروج قط وأدلوا بهذه الشهادة للجنة المكلفة وفي الوقت نفسه كانوا يروجون بأن القائم بالأعمال كان السبب في حادث اللوري. انظر مدى الافتراء والكذب والعياذ بالله، والحمد لله المحضر والتقرير الذي يحمل توقيعات اللجنة موجود كشاهد على كذبهم ومزاعمهم الباطلة وأن بعض القيادات التي تكونت منها اللجنة موجودة شاهدة والحمد لله، وأن حاج محمد علي يبدو وعدهم لكي يمدهم بالسلاح واستدرجهم هذا الخائن وباعهم على العدو الجبهة الشعبية بثمن بخس وفي النهاية أن الحادث بكل ما فيه- من تفاصيل مؤلمة يتحمله المنشقون فهو يأتي ضمن قراراتهم المتهورة التي أثمرت الكوارث على الإسلام والمسلمين في أرتريا هداهم الله.
المكتب العسكري:
وجدت واقع المكتب العسكري بحاجة لموقف يساعد في الحل والمعالجات والاحتكاكات القائمة بين أفراده الإداريين فطلبت جلسة مع الإدارة لمناقشة الأوضاع ووضع حد للقضايا التي بدأت تتطور وخلفت حالة من الأزمة داخل المكتب العسكري تكاد تكون محصورة في الأنشطة التالية:
• حالة التغييب والتهميش لبعض مؤسسات الشعب الإدارية.
• ظاهرة الاختراق المؤذي والمتكرر.
• التعبئة المكشوفة والاستقطاب للتمثيل لعضوية المؤتمر الثاني للحركة.
• سحب ميزانيات ضخمة تحت مسمى إعاشة المجاهدين بالداخل وإنهاك الخزينة العامة.
• تفريغ المستودعات من داخل المدينة بود شريفي بشكل سري للغاية اتضح فيما بعد أنه كان عملاً مدبراً ذا نوايا سيئة تمهيدًا للخطوة المشؤومة.
• الترويج لجزء مبتور بغرض سيء منزوع من سياقه من بيان القيادة الخاص بإعلان استقلال أرتريا من الاحتلال الاثيوبي وذلك بقصد تشويه القيادة. نسخة من البيان كان قد سربها المنشقون خيانة دون إذن من القيادة وقبل أن يطبع البيان الكامل وينشر وهم لم يكنوا يرون جواز بيان التهنئة للشعب الأرتري بالاستقلال.
وكوني منطلقاً من واقع المسؤولية والحرص على أداء الأمانة التي كلفني بها الأمير الشيخ عرفة قمت بما يلزمني من المراقبة والمتابعة والتوجيه والتصدي للمخالفات ولكني تعرضت لصدمات وملاسنات حادة خالية من الاحترام والأدب تماما حيث الغرور والاعجاب بالنفس وظن السوء بالآخر والتهور وقلة التجربة في العمل العام لا سيما في المجال السياسي كل ذلك حال دون الوصول مع هؤلاء الشباب إلى شيء من التفاهم والتقارب المطلوب وإصلاح الاعوجاج لأنهم يرفضون آليات الإصلاح من لوائح وأخلاق وآداب الخلاف واحترام حق الجماعة وحق القيادة في السمع والطاعة والاحترام.
الاتحاد العام لطلاب الأرتريين:
تكون الاتحاد العام بمبادرة ذاتية من وسط الطلاب الارترين بالجامعات والمعاهد العليا بالسودان فهو ثمرة لمبادرة قام بها شباب حركيون بالتعاون مع آخرين تم حشد الطلاب لها بهدف تكوين جسم يجمع أفرادهم وينهض بتقديم خدمات لهم وقد كان ذلك من أجل ايجاد المنح و السكن للطلاب وبالفعل قام الكيان العام خدمة للطلاب الارتريين دون فرز ولا زال يقوم بدوره الخدمي حسب إمكانياته وظروفه، ولكن قيام الاتحاد هذا أصبح خميرة عكننة في مزاج الاخوة أهل الخطوة المشؤمة وطلبوا من مسئول المكتب التنظيمي - حامد دلشاي الذي أضيف لاحقاً له منصب قائم مقام الأمير حله فوراً وصدرت اتهامات منهم تتهم المكتب التنظيمي بأنه وراء إنشاء الاتحاد العام ودافعت الحركة عن نفسها تنفي صلتها التنظيمية بالاتحاد العام وانها لا تسعى لعرقلة مسيرته الخدمية بل تبارك كل جهد يقدمه الاتحاد لصالح أرتريا ولم ينكر المكتب التنفيذي للحركة قيام الاتحاد الذي سيخدم الشريحة الطلابية من مختلف الجهات وبالفعل الاتحاد حقق الكثير والكثير من الانجازات المهمة على مستوى الطلاب داخل السودان وكذلك على مستوى الوطن حيث حرك عددا من القوافل الطبية والثقافية. فكان محل اعجاب وتقدير في وسط الشعب بالداخل والخارج أما أهل الخطوة فيريدون دائمًا أن لا يحسب للأخرين أي انجاز مهما كان وكانوا يرون في الاتحاد بأنه أداة وذراع من أذرع الإخوان المسلمين وإن تخفى، وكانوا يحسدون ما حققه من نجاح على الصعيد الطلابي، وعلى صعيد تقديم الخدمات للاجئين أو الأرتريين في داخل وطنهم. و لا يفوتني هنا أن أقدم التحية الحارة للاتحاد العام للطلاب الأرتريين و لقياداته الوطنية المخلصة المتعاقبة على إدارته و أقول لهم: إن الوطن العزيز لازال ينتظر منهم الكثير حتى يوفوه حقه.
مساعي الصلح:
عندما سعى الخيرون من الدعاة للوساطة من أجل المصالحة بين الأطراف الثلاثة بالسعودية، القيادة الشرعية وحركة ابي سهيل الإصلاح وجماعة الشيخ أبي يس إبراهيم مالك تخلفت حركة أبي سهيل عن الحضور زمانًا ومكاناً لأنها خشيت من الهجوم العنيف الذي كان يطلقه الشيخ أبو يس ضد هؤلاء دون هوادة وفي المقابل أعلن أمام الدعاة الخيرين الشيخ أبو يس أعلن براءته مما كان يقال ضد الأمير الشيخ عرفة وقياداته من جميع التهم والأكاذيب التي كانت تروج ضدهم بأنهم خانوا الجهاد وتصالحوا مع العدو الجبهة الشعبية فقد صرح بوضوح أنها كانت أكاذيب مفتعلة من أجل تحقيق مقاصد شخصية وحزبية وحظوظ نفس.
أين مصير مساعي المصالحة بين الإسلاميين ؟
محاولات المصالحة التي قام بها أرتريون ودعاة أجانب من السعودية وغيرها لم تصل لنتيجة إيجابية فقد لبى النداء الشيخ عرفة والشيخ إبراهيم مالك، وتم تأجيل اللقاء من أجل أبي سهيل نعم تأجل لأكثر من جلسة فرفضوا عمليًا خوفًا من حجج وشراسة الشيخ أبراهيم مالك أبي يس.الأمر الذي أدى في النهاية إلى إعاقة المساعي الخيرية من الوصول إلى صيغة الوحدة الاندماجية بين الإسلاميين ومع ذلك توجد نتائج إيجابية بين الأطراف من حيث التنسيقات في المواقف والتواصل الإيجابي أقل من الطموح لكنها مبشرة.
أراك منفعلا ً.. لماذا لا تتجاوز مرحلة الانشقاق بهدوء في سردك للتاريخ وشهادتك ؟
في التاريخ الإسلامي عدل ودروس وعبر ولهذا ثبت القرآن الكريم أحداثا أليمة مثل ما فعله الرماة في معركة أحد،وحاطب ابن أبي بلتعة في محاولته كشف سر المسلمين، وفرار الصحابة في غزوة حنين… ثم روى التاريخ توبتهم كما روى خطأهم، لقد تجاوز الصحابة رضي الله عنهم الأحداث الأليمة بعافية حميدة، لكنهم لم يتجاوزوا الاحتفاظ بذكرها وروايتها حتى وإن كان صناعها من كبار الصحابة المشهود لهم بالجنة وأنهم قد حسنت توبتهم عنها، فهذا القرآن الكريم والسيرة النبوية والتاريخ يخلد لمواقف سالبة قد وقعت في زمانهم فتابوا عنها علنًا كما قد فعلوها خطأ، فكيف لا نذكر الفعل المشين الذي يتباهى به فاعله ولم يعتذر عنه، يمزق صف المسلمين باسم الله، ويكذب على إخوانه باسم الله ويتهم، وينكث بالعهود والبيعات باسم الله، إن التاريخ لا يتعاون مع المجرمين أو المخطئين وإنما يشهد بما يقع في المكان والزمان دون ظلم لأحد و دون تمجيد لأحد بغير فعله إلى درجة أن اعتذار المخطئين وتوبتهم لا يمحو فعلهم الشين السابق وإنما تمحو المؤاخذة عليه فسوف يظل وصف خالد بن الوليد أنه قتل الصحابة في أحد وأنه سيف الله المسلول بعد إسلامه وتوبته، ونحن من طرفنا لا نعيش ذلك الألم دوما لكننا نذكره رواية عابرة حينما يأتي الوقت المناسب وفي هذه المقابلة التاريخية نقدم شهادة لله بما عايشنا من مسيرة جبهة التحرير وحركة الجهاد، والانشقاق واحد من المشاهد المخزية التي لا يمكن تغطيتها بثوب سميك..ورواية التاريخ سنة إسلامية متى ما التزمت الأدب والصدق والموضوعية والعدل فلا حرج أن نقول إن آدم - عليه السلام - عصى ربه فغوى ثم تاب واجتباه ربه فهدى فالتاريخ الذي لم يرحم المخطئين التائبين أتراه يتعاطف مع المنشقين غير التائبين؟.
الشيخ حامد نريد أن تحدثنا عن اللاجئين و قضاياهم ومستقبل مصيرهم باعتبارك كنت المسؤول الأول في رابطة اللاجئين الارتريين سابقاً و لاحقاً عن ملتقى اللاجئين الارتريين في المهجر الذي عقد بقاعة الصداقة بالخرطوم في يوليو 1997م ؟
الحديث عن اللاجئين سيكشف لنا مدى الظلم و التهميش و الاخفاق من شتى الجهات و في مقدمتها قيادات الثورة و المفوضية السامية و السودان و حكومة اسياس افورقي، فقيادة الثورة الارترية تدرك تماماً بأن اللاجئين هم من أزالوا الستار وحطموا التعتيم الذي كان مضروباً على الثورة الارترية من لحظة انطلاقة الشرارة الأولى بقيادة االشهيد ” حامد إدريس عواتي في عام 1961 وحتى عام 1967 ” بتدفق ودخول اللاجئين الأراضي السودانية هربًا من الإبادة الشاملة التي انتهجها الجيش الاستعماري الاثيوبي و كان من البديهي أن تجد قضايا اللاجئين الاهتمام و العناية من قبل قيادة الثورة الارترية وذلك من أجل الكسب السياسي و الاجتماعي ولكن الاهتمام أصبح قاصرًا على الكسب التنظيمي فقط ولم يكن هناك تطلع إلى البعد السياسي الذي سوف يتحقق من خلال اللاجئين للثورة الارترية، فقيام رابطة اللاجئين الارتريين تابعة لجبهة التحرير الارترية في بداية السبعينات كان من أجل الكسب التنظيمي و تأكيد الولاء لجبهة التحرير ليس إلا ومن الطبيعي أيضا ان تلتف قيادات الثورة حول اللاجئين باعتبارهم العمود الفقري للثورة لكن هذا الشعور كان غائبًا للأسف في فهم الكثيرين منهم.
وفي عام 1997 قامت مبادرة هادفة في أوساط اللاجئين عندما ساءت الأوضاع المعيشية بسبب توقف الدعم و المساعدات الإنسانية من قبل المفوضية السامية و فشل مشروع العودة الطوعية، فتحركت المبادرة و طالبت بعقد مؤتمر عام للاجئين ومدارسة أوضاعهم و مشاكلهم و هم الأجدر في تشخيص وتقديم الحلول المناسبة لقضاياهم. وجدت المبادرة التأييد المناسب من قيادة حركة الخلاص الإسلامي الارتري - الحزب الإسلامي الأرتري حاليا - فتكونت لجنة للتحضير لهذا المؤتمر من أبناء اللاجئين الخريجين وتم إعداد أربع أوراق علمية باللغتين، ”الانجليزية و العربية“ والاوراق هي: ورقة الخدمات بين الواقع و المطلوب، حيث كشفت الورقة التباين بين ما يقدم للاجئين الارتريين و بقية اللاجئين في العالم فكان نصيب اللاجئين الارتريين يساوي 3% مما يقدم للاجئين الآخرين في العالم، ورقة ثانية خاصة بفشل العودة الطوعية و أسباب الفشل محملة نظام الجبهة الشعبية و الأسرة الدولية ممثلة في المفوضية السامية مسؤوليه فشل العودة الطوعية، ورقة ثالثه تتعلق بالتأثيرات النفسية التي أصبح يتعرض لها اللاجئ خارج وطنه، و الورقة الرابعة ورقة الميثاق التنظيمي للملتقى و مُثِّلت في هذا المؤتمر جميع المعسكرات البالغ عددها في ذلك الوقت ”26“ معسكرًا ووجهت الدعوات لحضور الجلسات الافتتاحية و الختامية إلى المفوضية و المنظمات الطوعية العاملة في السودان و السفارات العربية و سفارات الدول المانحة، كما وجهت الدعوة للسفارة الإرترية بالسودان وجميع التنظيمات الارترية فشارك المدعوون باستثناء الاخوة في حركه الإصلاح - جماعة أبي سهيل - الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لإفشال عقد المؤتمر ولكن لم يفلحوا فتم إجازة الاوراق الأربع و تم إعلان القيادة لملتقى اللاجئين الارتريين في المهجر وتمت تغطيته إعلامياً من قبل القناة الرسمية للسودان.
استبشر الجميع بميلاد الملتقى الذي سيقوم بدوره الإنساني لكنه جاء في الزمن الخطأ لأن المفوضية السامية أعلنت قراراً بقفل ملف اللجوء لإرتريا نتيجة لإيقاف الدول المانحة من تقديم المساعدات لهم و قيام الملتقى يتعارض تماماً مع أهداف و برامج المفوضية و بالتالي رفضت تقديم التعاون و التزكية لقيادات الملتقى لجلب المساعدات من الجهات الداعمة، و الجهات الداعمة طالبت قيادة الملتقى بضرورة الحصول على تزكية من المفوضية لتقديم المساعدات كما أن قيادات الفصائل بدأت تتراجع من مواقفها السابقة بحجة غالبية كوادر الملتقى هم من حركة الخلاص الإسلامي الأرتري – الحزب الاسلامي حاليا - منطلقين من الحقد و الغيرة و قصر النظر فأصبحوا يعيقون مسيرة الملتقى و يتحملون وزر تلك المواقف السالبة، أما حكومة اسياس افورقي و المفوضية السامية للاجئين يتحملون فشل مشروع العودة الطوعية التي تعتبر الخيار الذي تمسك به اللاجئون لحل قضاياهم ومشاكلهم، فالنظام الأرتري لا يرغب في عوده اللاجئين لان عودة اللاجئين في نظره تؤثر تأثيراً مباشراً في سلطته أما السودان فبالرغم من استضافته الكريمة فإنه حرم أبناء اللاجئين من الوظائف في مختلف ادارات اللاجئين و استأثر بها للسودانيين حاملي الجنسية رغم وجود كفاءات و مقدرات عالية من أبناء اللاجئين.
وكانت الحملة الإعلامية لعودة اللاجئين الارتريين إعلاماً استهلاكياً فارغاً ليس له مضمون وهو من أجل مصالح مشتركة بين الحكومة الارترية و موظفي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حيث قامت الاخيرة بالتنسيق مع نظام اسياس و معتمدية اللاجئين بوزارة الداخلية السودانية بحملة اعلامية تروج لمشروع العودة، شملت جميع المعسكرات و كانت الدعوات بمكبرات الصوت ومنشورات باسم الحكومة الارترية فيها تحمل قوانين الحكومة لحماية البيئة حسب زعمهم كما تمنع الحكومة اي شخص ان يختار العودة الى وطنه السابق حيث الحكومة الارترية هي التي تقرر وحدها اين يتم اسكانهم كما هي المسؤولة باستلام المساعدات من المبالغ المالية المقدمة من المفوضية لللاجئ لتوفيق أوضاعه المعيشية داخل الوطن فأصبحت حالة اللجوء غير مفارقه خارج وداخل وطنه الأم.
حضرت هذا اللقاء الكبير باعتباري من أعيان ”قريه سالمين“ فتحدث الجميع من اعضاء الوفد فقام الوفد الحكومي ”الارتري“ مبيناً ضرورة احترام قوانين الحكومة الارترية حتى لا يعرض اللاجئ نفسه للمساءلة القانونية و السجن ورد عليه الحضور قوانينكم تحترم البيئة ولا تحترم الانسان وهي تصادر حريته و كرامته ابتداء من منع العودة إلى وطنه الأصلي و حرمانه من توظيف مبالغ المساعدات و النظر إليه كأنه قاصر لا يستطيع إدارة نفسه وجميع المساعدات المقدمة وظفت لشراء الحيوانات لهم و غالبيتها نفقت ولم يستفد منها العائدون في الماضي.
أنا كنت اول المتحدثين قائلا: إن شروط العودة غير متوفرة و حرية وكرامة الانسان معدومة، الحرية التي ناضل الشعب الارتري من أجلها لأكثر من ثلاثة عقود ضيعها نظام اسياس حيث رفض اشراك الفصائل الوطنية المشهود لها بالنضال و تمادى في مصادرة الحريات و قطع الطريق أمام شركاء الوطن وصار اللاجئ يتمسك بحبل البقاء خارج أرض وطنه و يتجرع مرارة و قساوة اللجوء من بعد إعلان الاستقلال و صار الاستقلال فارغاً تماماً من مضامين الحرية و الكرامة و اصبح استقلال للتراب ليس للإنسان و مشروع العودة ولد ميتاً و فاشلاً مهما روج له من قبل المفوضية و حكومة اسياس كما ان الشعب الارتري يتشاءم من الامم المتحدة و من قراراتها لأنها كانت السبب في معاناة الشعب الارتري بقرارها الظالم بضم ارتريا قسرًا الى الامبراطورية الاثيوبية دون أن يراعي مطالب الشعب الارتري في الحرية و الاستقلال و لا زالت الامم المتحدة ممثلة في المفوضية السامية تتمادى في الظلم حيث كان بإمكانها أن تمارس ضغوطها ضد الحكومة الارترية لقيام مصالحة وطنية بينها وبين الفصائل الوطنية الاخرى الذين شاركوا في عملية التحرير. عندئذٍ انفعل مسؤول وفد الحكومة الارترية فقال: ”لا تحلموا ان تأتوا على دبابات أثيوبيا لتغيير النظام“ فتلاسنا ورددت عليه: انتم اول من ركب دبابات اثيوبيا وابعدتم القوة الوطنية من الساحة الارترية بتعاونكم مع ويني تقراي الاثيوبية فلا يكون حلال عليكم وحرام علينا، وختمت حديثي بطلب خاص باسم اللاجئين لممثل المفوضية السامية لاعطاء اسياس افورقي دورة خاصة تحت اشراف الزعيم الافريقي المناضل مانديلا الذي حرر جنوب افريقيا من سلطة البيض العنصريين واشرك معه في السلطة البيض الذين سجنوه وعذبوه لكنه لم ينتصر لنفسه ابدًاً وقدر مصلحة الوطن العليا وأقام الشراكة بين أبناء الوطن و لعل اسياس يفهم هذه القيمة الاخلاقية عندما يجلس مع الزعيم مانديلا.
كم عدد اللاجئين وماذا عن أوضاعهم:
أوضاع اللاجئين الأرتريين غير مريحة لأنهم خارج أرضهم، ولهذا يتعرضون للحرمان من الحياة الكريمة وينتظرهم المستقبل المجهول على الرغم من أنهم وصلوا مواقع يبحثون عن أمن فيها وسلام وعمل أتوا إليها فرارا من النظام الجائر، بناء على أن مخاطر الهجرة بما فيها من الموت عطشا أو غرقا أفضل بكثير من المعيشة مع النظام القمعي ولهذا أخذ اللاجئون يتشبثون بالهجرة وهم يدركون مخاطرها في الطريق ويدركون أن دار الهجرة حتى لو كانت الدول الغربية الغنية والآمنة ليست مثل دار الوطن الغالي والإقامة وسط الأهل والأحباب والانساب والأحساب والتاريخ التليد والحاضر الأحلام هذا بالجملة وفي التفاصيل عن الهجرة يمكن التأكيد أنه يقيم في السودان ما يقدر بقريب من مليون أرتري معظمهم غير مسجل في فئة اللاجئين التي تضم ما يزيد عن 100 ألف لاجئي أرتري تقريباً ويقيم في إثيوبيا ما يقدر بــ 200 ألف لاجئي أرتري تقريباً وفي السعودية ما يقدر بــــ 50 ألف بصفة عمال وموظفين لا بصفة اللجوء والآن أخذوا يتحولون عنها إلى دول أخرى كمصر وتركيا، وفي دولة قطر جالية أرترية 17 ألف نسمة وهناك عدد من اللاجئين الأرتريين في اليمن يعيشون المأساة مع مواطنيها وكثير من دول العالم كل ذلك يدعم معنى أن السواد الأعظم من الشعب الارتري خارج وطنه بسبب سياسة النظام الطاردة.
وكان قد بدأ اللجوء عام 1968م عقب حرب الإبادة التي قام بها الجيش الإثيوبي وكان وقتها معدل عبور الحدود 1600 لاجئ شهريا ولا تزال الهجرة عن الوطن مستمرة تقصد دول الجوار من إثيوبيا والسودان بداية ثم ينطلق كثير من المهاجرين إلى الدول الغربية عبر التهريب كما توجد حالات مهاجرة توجهت إلى عدد من الدول المرحبة مثل سويسرا وأمريكا وكندا وألمانيا في أوقات مختلفة.
ومن حيث الدعم فإن اللاجئين الأرتريين في السودان قد انقطعت منهم المساعدات الدولية منذ سنوات وقد رغبت الأمم المتحدة إدماجهم في المجتمع المحلي وأمسكت دعمها وقد جوبهت هذه الرغبة برفض سوداني مما جعل اللاجئين يعيشون في أجواء من معاناة قاسية ولم يبق تحت مظلة مفوضية اللاجئين سوى عدد قليل من معسكرات مثل معسكر شجراب يتلقى دعما رمزيا يبقي شعرة التواصل بين المفوضية وبين اللاجئين ولهذا يستقبل اللاجئ الأرتري المعاناة في أرض الهجرة فيبحث عن مخرج حتى لو كان البديل أن يسلم نفسه إلى يد المهربين وتجار البشر أو المخاطرة بالنفس في الصحراء أو البحار على أمل الوصول إلى أرض عمل وأمان وأماني حالمات أو يتجرع خيار الموت المفضل بدل البقاء في أرضه مع النظام الطارد.
أنتم مع موعد في الحلقة الخامسة الأخيرة: (هذه إنجازات الحركة بعد الانشقاق، الإسلاميون يطرحون خيار الدولة المدنية لحكم أرتريا فهل يرضى به الإقصائيون).
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.