حوار ارتري خالص مع الروائي عبدالوهاب حامد
المصدر: صفحة الأدب العربي في إرتريا
الأستاذ عبدالوهاب حامد، كاتب وروائي ارتري له روايتين (وطن وأحزان) و (جرح الذاكرة)
بالاضافة للعديد من المقالات والأشعار والقصص القصيرة في العديد من الصحف والمواقع العربية والارترية، إلتقيناه في هذا الحوار كي نتعرف على تجربته الأدبية وغيرها من الأسئلة، فأهلاً وسهلاً به.
في البداية أستاذ عبدالوهاب حامد نحتاج انك تعرفنا عن الروائي والكاتب عبدالوهاب حامد وبداياته؟
أشكركم في صفحة الأدب العربي في إرتريا على الفيسبوك، وأتمنى أن أجيب على أسئلتكم بما يلبى طموحكم والقراء الكرام.
اسمي عبدالوهاب حامد علي شيخ. ولهذا الاسم 'عبدالوهاب' دلاله وارتباط بالثورة والقضية الارترية فقد نشأت فى كنف اسره تقدسها (أي الثورة) علمت بذلك فى منتصف الثمانينات حين أعلن المذياع عن تنصيب العميد عبدالوهاب عبدالرؤوف حاكماً للإقليم الأوسط بالسودان فما كان من والدى رحمه الله إلا أن صفق لقائده فى الجيش السودانى وصديق الثورة الارترية 'الملازم' آنذاك عبدالوهاب عبدالرؤوف الذى رفد الثورة بالذخيرة والسلاح حين كانت فى طور التكوين.
بعد أن عدد لى الوالد مجموعه من زملاءه السودانيين فى الجيش السوداني الذين تعاطفوا مع الثورة الارترية فى تلك المرحلة حدثني انه اطلق عليَّ هذه التسمية تيمناً بذلك الرجل الذى اعلن انحيازه لثورة الشعب الارترى مبكراً.
بالنسبة للمراحل الدراسية درست الابتدائي والمتوسطة والثانوي بالقضارف ثم تفرغت للعمل فى المملكة العربية السعودية التى غادرتها الى استراليا فى العام 2001.
اغلب الروائيين قبل أن تصدر رواياتهم تجدهم معجبون بأسلوب بعض الكتاب والروائين، بمن تأثر الروائي عبدالوهاب حامد في بداياته حتى الآن؟!
قد لا تكون الإجابة دقيقه إذا نسبت نفسى لمدرسه معينه، خاصة فى هذا النوع من الأدب لكن بشكل عام استطيع ان أقول اننى استفدت كثيرا من اطلاعي على كم هائل من الأدب الروسي فكنت اقرأ لميخائيل شلوخوف وفيكتور هيجو ديستوفيسكى وكذلك قرأت للكولمبى الملقب بكاتب الواقعية السحرية.. غابرييل غارسيا، والطيب صالح وحنا مينا وغيرهم ممن أوقدوا جذوة الحب والرغبة للرواية في نفسي.
حدثنا عن روايتك الأولى (وطن وأحزان)؟
رواية وطن وأحزان صدرت في العام 2006 عن (منشورات مجلة المؤتمر) بليبيا وقد استلهمت فكرتها من انطباعات احد أبطال الثورة (حامد صائغ) الذي جمعتني به الصدف الجميلة في الرياض، والصدف الجميلة أيضا لعبت دورا في طباعة الرواية ونشرها على حساب مجلة المؤتمر ولابد أن انتهز هذه السانحة لأشكر الصديق ابوبكر كهال والأستاذة الصحفية والشاعرة حواء القمودي التي ساهمت في إخراج النص لما وصل إليه.
لكل بداية تحديات وعقبات ما هيا ابرز العقبات التي واجهة مولودك الروائي الأول؟
ابرز الصعوبات التي تواجه الكاتب بعد انجاز النص هو الطباعة وللنشر.. بالنسبة للطباعة لم أجد صعوبة تذكر لكنى وجدت صعوبات في النشر حالت دون وصول الروايتين للقراء على نحو أفضل واعتقد أن وجود جمعيه أو اتحاد للكتاب الارتريين كان يمكن أن يساهم في تطور الأداء وحل كثير من المشكلات التي تواجه المبدعين والكتاب.
ما هيا الفترة التي انتظرتها حتى تشرع في كتابة الرواية الثانية؟ وهل هناك مدة زمنية متعارف عليها وسط الكتاب كي ينزل العمل الثاني؟
في العام 2006 أنجزت الرواية الأولى ثم شرعت في كتابة الرواية الثانية ولكن حدث أمر مؤسف جعلني اصرف النظر عن الكتابة إلا من بعض المقالات والخواطر التي كنت انشرها في بعض الصحف والمواقع، فقد افتقدت الكراسة التي كنت اكتب فيها الرواية وذلك حين جاوزت أكثر من الثلث الثاني للرواية ما أصابني بالإحباط لكنى عدت مره أخرى بعزيمة أقوى لأعيد كتابة النص من الذاكرة.
سبب آخر جعل المدة بين الروايتين تطول وهو إنني لست متفرغاً للكتابة فانا محاط بهموم والتزامات أسريه مكبله ومقيده مما يجعل إنتاجي الأدبي قليلا أو بالأحرى "جهد المقل".
ماذا عن روايتك الثانية (جرح الذاكرة)؟
أما الرواية الثانية و الأخيرة (جرح الذاكرة) فقد صدرت عن مكتبة بورصة الكتب للنشر والتوزيع بالقاهرة وفى هذه الرواية أردت أن احكي عن عظمة هذا الشعب وتضحياته وعن العسف والظلم الذي يلاحقه وعن النظام الشوفيني الذي يسعى لتزوير التاريخ وتجيير الاستقلال لرصيد قوميه كانت حتى الأمس القريب عقبه في طريق الثورة والتحرر.. الرواية باختصار تصور خيبة الأمل التي يحسها ويتجرع مرارتها كل الارتريين.
وماذا عن مشاريعك القادمة؟
أحاول أن اطرق باب القصة القصيرة ببعض النصوص التي آمل أن ترى النور قريباً، كذلك بدأت فى تجميع خواطر وأشعار سبق أن نشرت في بعض الإصدارات الارترية والعربية وتجميعها في دفتي كتاب تحت عنوان "كل شئ للوطن".
كيف تقيم الحراك الثقافي والروائي في ارتريا؟
اعتقد إن المثقفين الارتريين يؤدون دور فعال لتثبيت وترسيخ دعائم الثقافة العربية التي تتعرض للإقصاء والتشويه من قبل النظام الحاكم فى ارتريا.
أما الرواية فهي تسير بخطى واثقة وراسخة وتشكل حضورا في المشهد الثقافي أو الروائي في الوطن العربي بل أن بعض الروايات التي ترجمت إلى لغات أخرى كالتيتانيكات نالت استحسانا وقبولا خارج أسوار الوطن العربي.
أيضا فان مشاركة حجي جابر في أكثر من تظاهره ثقافيه وجائزة للرواية في الشارقة والخرطوم شاهد ودليل.
نلاحظ أن معظم الروايات تتمحور حول القضية الارترية.
ألا ترى في ذلك حصر وتقييد للرواية فى نمط محدد؟ هل يفيد ذلك أم يحد من مساحة الإبداع للكاتب؟
لا اعتقد أن في ذلك ثمة عيب فالحب كتجربة إنسانيه يتحول إلى قضيه تشغل بال الكاتب أو المبدع فتجود قريحته بأعذب وأجمل الكلام شعرا كان أو قصه أو رواية كذلك الوطن حين يصبح قضيه يتحول إلى ماده محفزه للإبداع ونحن لا نبدع إلا حين نكتب عن قضايانا أو تجاربنا، فلولا قضية الرق والاستعباد في أفريقيا لما استمتعنا برائعة أليكس هيلى الموسومة "الجذور" إذن الكاتب لا يجد نفسه إلا في النص الذي يعبر فيه عن قضيه أو تجربه وهنا يحضرني ما سمعته عن الشاعر القامة محمد مدني حين حاول احدهم أن يستدرجه بسؤال مفخخ في إحدى الندوات الثقافية داخل ارتريا.
لماذا لم تكتب عن تجربة الجبهة الشعبية واكتفيت في شعرك بالحديث عن جبهة التحرير؟
رد مدني بشجاعة وإفحام قائلا: أنا كتبت عن تجربتي التي اعتز بها وعلى شعراء الشعبية أن يكتبوا عنها!
من ناحية أخرى فلا أظن أن الرواية محصورة في الثورة الارترية أو تداعيات ما بعد الاستقلال.
صحيح أن معظم الروايات تتناول هذا الهم او تجعل منه منصة انطلاق لطرق جوانب وعوالم أخرى وفى هذا التزام من شأنه أن يدعم او يحقق شروط و دواعي الكتابة.
أستاذ عبدالوهاب الشكر لك على تجاوبك معنا في صفحة الأدب العربي في ارتريا في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، هذه مساحة حرة لتختم بها هذا الحوار.
أشكرك أستاذ ابوفارس على اهتمامك بالأدب الارتري واشكر هذه السانحة التي جمعتني بك في هذا الحوار واشد يدي على يدك وأنت تحاول أن ترتقي بالأدب والثقافة العربية إلى ما يجب أن تكون عليه في ارتريا.
هذي قصيدة مختارة من الاستاذ عبدالوهاب نتمنى ان تحوز على إعجابكم:
أحزان الرحيل...
توغل بحضورك المشرق فى دنياى
اعدنى سيرتى الاولى...
عش بين الثنايا واشغل فراغ الذاكره
رش نثار الماء فى هذا اليباب
تغلغل فى مفاصل غربتى..
وامسح غبار الحسره عن جبين الامنيات
ففى دنياى مذ فارقتك لم يشرق صباح
خواء هذا الكون دونك خواء.
الشوق يسكن فى الضلوع
وفى شغاف القلب يكتنز الحريق..
هوت شرفة الافراح وفى ظل المساءات الجميله..
لم تشدو النوارس لحنها
وما عدت اسمع غير صخب وعواء
خواء هذا الكون دونك خواء.
أيها القافى فوق اهداب الصباحات النديه
عد خطوتين الى الوراء..
تلمس فى هذا الزحام طريقك
واقدح ذناد الذاكره..
هل ادركت سر شقائي وحسرتى؟
كنا هنا قبل ان يجتاحنا مد الاسى
مرايا تحاكى الغيوم..
وترا يدوزن بهجة العرس الخرافى
فلما اجترحت اسباب الفراق
ولما اقتفيت آثار الرحيل؟
ايها القابع فى زوايا القلب
شد وتر الترانيم الجميله فما لى سواك
حين يتلفع الكون اغنية حزينه
وما لى سواك حين يخضب الحزن الطريق
وعلى المدى تمتد ألسنة الحريق.
تعبت خيول الشوق أرهقها السفر
شاخت حروف الوجد والتحنان..
وعلى حواف الافق إنتظمت قوافى الحلم
وانتحر الكلام..
ماتت حواس الدهشه والانبهار
ماتت على الشفتين اصداء الحروف.
رفقا بمن رام الوصال عد ايها الظل الندى
رطب بالرزاز حرارة الاشواق..
حطم أشرعة الوداع.
عد يا ربيع العمر من سكة السفر الطويل..
بلل يباس الشوق، غادر محطات الرحيل
جمر المسافات القصية حارق
والليل حين يطبق بأهداب الدجى
ويكحل الحزن رموش الامنيات..
قل لى بربك كيف امضى فى هذا الظلام؟
حين تمتد متاهات صحرائى
ويأفل النجم المضيئ...
حين يزبل فى بيادرى عشب الرجاء
وتنزوى خلف الغياهب كل القناديل.
كيف أعبر في هذا الزحام؟؟؟