الأستاذ عبدالرحمن السيد في حواره مع زينا: العالم لا يريد انهيار دولة جديدة حفاظاً على مصالحه ولهذا يدعم نظام أفورقي - الحلقة الثانية
حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي المصدر: وكالة زاجل الإرترية للأنباء
استهداف المعلمين والدعاة والأعيان والمثقفين سياسة يستخدمها النظام لقتل الذاكرة المجتمعية.
ومعسكر (ساوى) وبرنامج الخدمة الوطنية وسائل غير شريفة لتنفيذ تلك الأهداف العدوانية.
توجد أصوات مسيحية تعاني من أزمة الهوية مثل النظام الحاكم ولهذا تنشر العداء والكراهية ضد المسلمين في أرتريا وهي ظاهرة قديمة متجددة.
قرابة 150 عاماً ناضلها الشعب الأرتري.. نعم يستحق تحقيق أحلامه في الحرية والديمقراطية ودستور عام 1952 منهج للحكم ناضج.
جهات غربية وسودانية قالت لي: النظام الأرتري لا يريد عودة اللاجئين ولا يريد إتاحة فرص العمل لهم في الخارج.
التنظيمات المطلبية إسلامية كانت أو إقليمية تسبب إرباكاً في أولويات النضال.
استهدف النظام الارتري عقب التحرير مباشرة المعلمين المسلمين والمعاهد الإسلامية.. هل من مبررات معقولة تجعله يستنفر مستعجلاً ضد فئة من المواطنين مدنيين مسالمين؟
استهداف النظام الارتري للمعلمين بعد التحرير مباشرة هي نفسها السياسة التي استخدمها للمشايخ واعيان القبائل في الساحل والأراضي المحررة وحتى في ما بعد كل ما توسع نفوذه في المناطق الارترية أو كل من يستهدفهم دائما تكون الفئة المستنيرة من المعلمين والمثقفين واعيان البلاد. الهدف الأساسي بالنسبة لعصابة الهقدف هو صراع استئصالي لا يسمح باستمرارية أي نوع من الحياة في أي مجتمع، فالعصابة تحاول قتل المجتمع من خلال قتل الذاكرة الجمعية التي يحملها الكبير والمعلم والمثقف و أعيان البلاد هذا الذي ينبغي أن نفهمه، وهذا النوع من الصراع الاستئصالي يعرف ب Conflict Transformation بمعني ان تدخل في صراع ليس فقط لتنتصر على الذي تصارعه وإنما لتستأصله، يعني استئصال وتغيير كل معالم وجوده في هذه البقعة، هذا الذي اعتقد تخوضه عصابة الهقدف منذ زمن طويل ولكن لم نكن نكترث إليه بشكل دقيق وكنا نعتبر هذا مجرد انتهاكات لحقوق الإنسان والآن اتضح انهم يعملون إلى تغيير ارتريا ديمغرافيا و ثقافيا و اجتماعيا كليا، من يعود إلى ارتريا بعد فترة من الزمن قد لا يجدها كما كان يعرفها قبل 10 أو 20 عاماً أو أكثر بقليل.
عرف من مسيرة الشعب الارتري أنه شجاع ويأبى الضيم و يتجيش ضد عدوه.. وهو مدرب ومسلح.. ما الذي يكبل يده الآن عن الثأر من نظام يؤذيه ويحاربه، لم يلوذ هذا الشعب بخيار الهجرة دون خيار المقاومة حتى تلتهمه المهالك بعيدًا عن الوطن وهو في حالة هروب خائف؟
صحيح الشعب الارتري خاض طبعا معارك تحرير سياسية و عسكرية وانتصر لكن الذي ممكن الجميع لم يكترث إليه أن هناك كان سرطان يتربى ويتوسع في داخل هذا المجتمع وهي العصابة الحاكمة الآن في اسمرا، هذه العصابة هي كانت تعمل بشكل ممنهج في استئصال المجتمع الارتري ثقافيا وقتل رموز و قادة الشعب الارتري وتغيير معالم البلاد وكبت الحريات وممارسة ما كانت تسميه ب “الهندسة الاجتماعية” (Social Engineering) وذلك من خلال تجنيد صغار السن في الأرياف قبل التحرير ومشروع ”ساوى“ للتجنيد الإجباري بعد التحرير، وهذا الأخير أصبح يعرف بالاستعباد المفتوح حيث يؤخذ فيه الشباب قبل إكمالهم لامتحانات الشهادة الثانوية ومن هذه اللحظة تجعل منهم العصابة مجرد “أدوات” استعبادية تستغلهم للعمل في المناجم والجبال و المكوث في معسكرات الجيش إلى مالا نهاية، لهذا يجد الكثيرون الهروب من هذا الجحيم هو الخيار الأوحد.
العمل الثوري يحتاج إلى قيادة و تنظيم، العصابة تدرك هذه الحقيقة ولهذا تمكنت من حرمان الشعب الارتري من القيادة المستنيرة والتنظيم منذ زمن بعيد عندما جعلت من أولياتها محاربة واستئصال جبهة التحرير الارترية و إضعاف المجتمع بنيويا وثقافيا من خلال محاربة العلم والمتعلمين و المثقفين، الأمر الثاني طبعاً هناك جرت حالة إرهاب ممنهج من قبل السلطات التي تعاقبت على حكم ارتريا منذ العهد الإيطالي، فالشعب منهك ومتعب من كل هذه الممارسات ويحتاج إلى متنفس بالإضافة إلى غياب تنظيم، كما أسلفنا، يستطيع أن يؤطر ويوجه الشعب، كل هذه العوامل تساعد في عدم القيام بثورة شعبية جماهيرية عارمة لبعد الوقت لكن هذا لا محال سيأتي عندما تنضج الأمور وهي غير بعيدة ان شاء الله لأننا بدأنا نلاحظ في أوساط المثقفين و المهتمين إعادة القراءة لممارسات النظام ومعرفة أسلوبه و أهدافه الجهنمية وهذا بالتأكيد سوف يساعد في إتباع استراتيجيات مدروسة وواقعية قابلة للتطبيق إن شاء الله.
المعارضة الأرترية تعجز أن تتوحد، والمثقفون الأرتريون كلهم ينشد الوحدة ويعجزون أن يجعلوها واقعاً والتمزق سيد الموقف البائس.. أين العلة؟
بالنسبة للمعارضة الارترية فإنها تنقسم إلى أكثر من قسم، هناك معارضات أو تنظيمات أو فصائل الثورة الارترية التي وجدت نفسها أمام حالة استمرار بعد التحرير وهي فصائل جبهات التحرير التي لم تتمكن من الانتقال من حالة الثورة التحررية العسكرية إلى ثورة مدنية لقيادة مجتمع مدني، هذا التحول لم يحدث فيها بدليل أن خطابها السياسي وأسلوبها النضالي لم يتغير كثيًرا على الحالة التي كانت سائدة أبان فترة الكفاح المسلح، لهذا هناك عجز ذاتي واضح في التحول من حالة إلى أخرى وهذا بالنسبة للشق الأول من التنظيمات، أما الشق الثاني من تنظيمات المعارضة هي تلكم التي قامت كرد فعل على ممارسات وتجاوزات الجبهة الشعبية مثل “حركة الجهاد”، هنا أيضا حصلت إشكالية يمكن أن نسميها “فقدان البوصلة” حيث سرعان ما تحولت الحركة، مثلا، من موقع المدافع والمطالب عن الحقوق التي انتهكت من قبل الشعبية إلى مشروع إقامة “دولة إسلامية”، هنا حصل فقدان لبوصلة النضال و المسار الصحيح له وتحولت الحركة من حركة تطالب بحقوق المسلمين المشروعة إلى حركة تُطَاَلَبُ بحقوق الآخرين في حال تم لها إقامة ”الدولة الإسلامية“، و في ظل عدم تمكنها على الإجابة على السؤال المطلبي كان من البديهي أن ينحصر دورها وتغرق في خلافات بينية وانقسامات، المشكلة حتى بعد هذه الانقسامات لم تحاول إصلاح نفسها بل حاولت أن تكون امتداداً لمدارس فكرية من ”سلفية“ الى ”إخوانية“ وما بينهم من أفكار تعج بها الساحة العربية والإسلامية، ومع احترامنا وتقديرنا لعوامل بروز هذه المدارس في المناطق ذات الأغلبية الإسلامية والعربية التي برزت فيها إلا إنها لم تكن ملائمة للواقع الإرتري ولا ينبغي أن تكون من أولويات النضال، ولكن يمكن أن تبحث الأفكار والمدارس في إطار المثقفين ومنابر المثقفين, أما الشق الثالث من المعارضة هي الفصائل التي حاولت رفع لواء استعادة الحقوق الاثنية والقبلية والمناطقية وهنا أيضا إشكال لأن البعض منها يعبر عن نفسه على أنه تنظيم أو حزب سياسي ولهذا تجد عندما يتم الحديث عن تجمعات وتحالفات يحاولون أن يكونوا في صف التنظيمات السياسية وهم ليسوا كذلك باعتبار أن أي حركة مطلبية لها مطالب لفئة معينة من المجتمع ينبغي أن تكون حركة مجتمع مدني لأن عندما تطرح مشروعاً سياسياً للوطن فلا يمكن أن تكون مرتكزاً بالأساس على مطالب فئة من الفئات وليس كل الفئات، وهذا أيضا مما يضعف موقف هذا الشق من المعارضة، هذا ما كنت أقوله دائما منذ سنوات وتعرضت في قوله لكثير من الانتقادات والإساءات. أرى من المفيد معالجة الحالة الذاتية ونحاول وضع الأمور في نصابها وإعادة التموضع من خلال أعمال ومواقع تساعد وتدفع بالنضال إلى الأمام، لا خلاف بل لا مشكلة أن تطالب بحقوق فئة محددة من المجتمع في أي حال من الأحوال وفي أي لحظة من اللحظات بل بالعكس هذا مهم جدًا سواء كان قبل انهيار النظام أو بعده لا بأس في كل ذلك لكن علينا أن نختار الوسائل والنهج الصحيح لمثل هذه الأمور. لا يمكن أن نخلط هذه الأمور ونجعل منها مشاريع أحزاب سياسية لأن ذلك يسبب إرباكاً في الأولويات وتبعثر في الطاقات و الإمكانات وهذا لا يكون إلا لصالح النظام.
النظام الأرتري عمد على طرد مواطنين من أراضيهم برًا وبحرًا وشواطئ وأسكن فيها قومًا آخرين، وقام بتوزيع أراضي زراعية لمواطنين بعد نزعها من مواطنين مالكين مما سبب أحقاداً بين المواطنين.. إلى أي حد تصدق المخاوف من اشتعال حروب أهلية مستقبلاً بين الظالم والمظلوم ؛ الأصيل والمستوطن؟
هذا ما ينبغي قراءته بتأني، النظام كما قلت يعمل على إعادة صياغة ارتريا بشكل مختلف عن الواقع والطبيعة والأصل من الاجتماع إلى الثقافة إلى غيرها وحتى الديموغرافية إسكان مجتمع في مكان مجتمع آخر وحرمان المجتمع الأصلي من العودة. اذكر موقف في مطلع التسعينيات كان لي لقاء في لندن بمسئول كبير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين و سألته عن إعادة اللاجئين إلى ارتريا فقال لي بالحرف الواحد إن النظام هو المعيق هو الذي لا يريد هؤلاء الناس أن يعودوا وعليه نحن لا نستطيع أن نفعل شيءاً، وأضاف قائلاً إنهم لا يستطيعون فهم نظام ناضل من أجل تحرير وطنه ولا يريد عودة شعبه، فلماذا كان يحارب كل هذه السنين إذن؟! فقد اتضح لي منذ ذلك الوقت أن النظام لا يريد عودة اللاجئين إلى بلادهم و أراضيهم، و الأمر الثاني اذكر في منتصف التسعينات أني التقيت ببعض الكوادر السودانية وسألتهم عن مفاوضات كانت تجري بينهم وبين النظام اعتقد بواسطة يمنية لحلحلة الإشكالات التي كانت قد ظهرت بينهم وفوجئوا بها حينها، فسألتهم ماذا كانت مطالب النظام الارتري فقالوا لي انه كان يحاول مطالبة النظام في السودان أن لا يجند الارتريين في جيش الدفاع الشعبي وإلا يعطيهم فرص العمل، فالنظام لا يريد أن يعود الأرتري إلى بلاده ولا يريد أن يستفيد هذا الارتري من خلال وجوده داخل السودان واكتسابه لحق الجنسية وحق العمل والالتحاق بمرافق الدولة من جيش وسلطة مدنية وغير ذلك، هذا أيضا وضح لي أمراُ مهماً جدا انه يفكر الآن تفكير استراتيجي باعتبار أن السودان قريب من ارتريا فإذا تمكن الأرتري بأخذ الجنسية السودانية قد تكون هناك قوة مؤهلة تعرف أصولها وجذورها فبالتالي قد تسبب له إشكالية في المستقبل المنظور، لأنه في رواندا عندما حصلت المجازر قبل التسعينيات هاجر الروانديون إلى يوغندا فالجيل الحالي الذي يحكم رواندا تربى في ثقافة يوغندا الإنجليزية وثقافة في حين ثقافة رواندا هي “فرانكوفونية” باعتبارها كانت مستعمرة من قبل بلجيكيا، ففي يوغندا حصلوا على كل فرص التعليم والعمل و الالتحاق بالإدارات المدنية وهذا مكنهم من استعادة الحقوق التي فقدوها قبل نحو30 عاما أو اقل بقليل فبالتالي أسياس يدرك انه إذا ترك الارتريين في السودان أو شرق السودان وشأنهم قد يفكرون في العودة واستعادة الحقوق المسلوبة لهذا لن يعيش قرير العين مستقراً حتى يرى الارتريين بعيدين عن ارتريا كل البعد من حرمانهم من ليس فقط من العودة فحسب و إنما أيضاً من العيش الكريم في المهجر وتحديدًا في شرق السودان، وما إشعاله لتلك الحروب في شرق السودان إلا لهذا السبب والعداء مع السودان كان من طرف واحد اي من عصابة الهقدف، والآن يواصل نفس هذه السياسة في الخارج في أورويا حيث يجاول إقناع السلطات الأوربية أن الشباب الذي يأتي إلى أوروبا لا يعاني من مشكلات سياسية وإنما يبحث عن فرص اقتصادية و يأتي إليهم بدليل أن من يأتي إلى أورويا ويأخذ الإقامة وحتى الجنسية يعود إلى ارتريا ويشارك في المهرجانات التي يقيمها النظام وذلك للإضرار بمصالح الارتريين داخل ارتريا و خارجها وهذا يشير إلى أن هذا النظام هو معادي للشعب الارتري وليس فقط لفئة تنافسه في السياسة أو السلطة.
ما أرتريا التي تحلم بها؟ ارسم لنا صورتها التي تنمو في أمانيك؟
ارتريا التي أحلم بها هي صراحة أن تكون ارتريا للارتريين في الدرجة الأولى لان هذا الشعب الارتري ناضل لفترات طويلة جدا يعني قرابة 150 عاما منذ عهدة الاستعمار الايطالي وما بعده ظل يبحث عن أن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة ويعيش فيها بحرية و سلام، وللشعب الإرتري مقدرة في تحقيق هذا الشيء ولوحظ في الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي عندما تم صياغة دستور ارتريا عام 1952م، لقد قرأت هذا الدستور مرات عديدة فوجدت فيه الوعي والبسالة والتعمق في معرفة أرتريا وكيفية حكمها، شعب ناقش و تحاور و أنتج مثل هذا الدستور والذي اظهر فيه حرصه ليس فقط على حقوق كل مكونات المجتمع الارتري بل حتى على حقوق الجاليات الأجنبية المقيمة في ارتريا، في الغالب مثل هذه الجاليات تدار شؤونها من خلال وزارة الهجرة والحكومات القائمة لكن دستور ارتريا لعام 1952م أقر حتى بحقوق هذه الجاليات دستورياً و أعطاها نوعاً من الحكم الذاتي الثقافي تستطيع أن تدير شؤونها وفق أعرافها وثقافتها، كان هذا عام 1952 فما بالك اليوم، ارتريا التي إن شاء الله سنراها قريبًا هي ستكون دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وحقوق المجتمع و حقوق كل المكونات الارترية وهي أصلاً هوية جامعة تجمع ثقافات وحضارات ولغات فهكذا تكون لكل الارتريين إن شاء الله و تعكس كل الارتريين وطموحاتهم وتطلعاتهم بإذن الله وهذا ما نتمناه وهذا ما نسعى إليه بإذن شاء الله.
توجد أصوات مسيحية تجاهر بدعوات عدوانية ضد المسلمين وتدعو إلى التوحد مع ”تجراي“ لتعزيز موقفهم لإبعاد المسلمين عن خريطة أرتريا بدعوى أنهم وافدون من الجزيرة العربية.. إلى أي حد تمثل هذه الدعوات خطورة على وحدة الشعب والتراب الأرتري.
نعم هناك أصوات برزت في التواصل الاجتماعي تحاول أن تنشر العدائيات والكراهية ضد المسلمين أسوة بما يحصل في بعض المجتمعات الأوربية والغربية من القوى اليمينية المتطرفة والفاشية، كما يحصل امر مماثل في الهند ومينمار وإفريقيا الوسطى وغيرها التي بها احزاب متطرفة فاشية تعادي المسلمين عداء مجتمعياً وترتكب بحقهم المجازر والاعتداءات، وفي أرتريا هذه الأصوات ليست جديدة بل قديمة وكلما تجد فرصة تحاول أن تظهر وتلعب في هذا الوتر لكن طبعا ً التدقيق والتعرف إليها عن كثب مهم جداً حتى لا نحمل أطرافاً ليست لها أي علاقة بها. والظاهر أن هذه الأصوات بدت تظهر لأنه القوى الوطنية التي كانت تحاول بناء حركة وطنية قوية قد خفت صوتها و ضعفت قليلا، لأنها تعرضت الى هجوم من القريب والبعيد مما فتح الفرص لمثل هذه الأصوات ان تعلن عداءها لمكون اصيل من مكونات المجتمع الارتري،
الأمر الثاني أن هذه الأصوات تعاني أيضا من أزمة هوية هي قد لا تنتمي إلى إرتريا أو قد لا تحس بالانتماء إلى ارتريا كما هو الحال للعصابة الحاكمة في أسمرا وهذا حسب ما أفاد به السفير عندي برهان ولدي قرقيس في كتابه الأخير عن تجربته في إرتريا أظهر بأن اسياس يعاني من أزمة الهوية لأنه في مجتمعات المرتفعات الانتماء إلى الأرض و إثبات الهوية مهم جدا بغض النظر عن الفترة الزمنية التي عشت فيها في إرتريا، لهذا تجد من يعاني من مثل هذه الأزمات يسعى للعب دور الحريص على وحدة المسيحيين في أرتريا وشمال إثيوبيا، هذا الطرح لم يجد قبولا عندما طرح في الأربعينيات، وحاول أسياس استخدامه لترويع المسلمين وتبرير انتهاك حقوقهم في فترة النضال من خلال فزاعة أن المسلمين ارتكبوا أخطاءً أو قتلاً بحق المسيحيين، كما حاول أيضا اسكات صوت المسيحيين الوطنيين حتى لا يقيموا وحدة وطنية مع إخوانهم المسلمين، هو استخدم هذه الوسيلة والآن لا استبعد أن يكون له دور في دعم مثل هذه الأصوات العدوانية بدليل عندما تحركت قوى من الجيش الارتري في عام 2013 بقيادة الشهيد على حجاي سرعان ما خرج النظام لوصف هذه المجموعة بأنها هي مجموعة إسلامية كانت تحاول إقامة دولة إسلامية وهو مستمر على هذا النهج لأن هذا في اعتقاده قد يساعده في إسكات صوت المسيحيين من خلال صناعة عدو مشترك للمسيحيين بشكل عام و لكسب تعاطف القوى الفاشية حول العالم المعادية للإسلام والمسلمين والتي قد يكون لها هواجس لكون ارتريا لها حضور إسلامي وميول عربية في منطقة تعتبر هي بحيرة عربية أي والبحر الأحمر الذي تحيط بدفتيه دول عربية أو تكاد تكون كلها عربية. وعلى كل حال هي أصوات فاشلة لا تحظى بتأييد واسع لا في ارتريا ولا حتى داخل تقراي في شمال اثيوبيا، من يرفع هذه الشعارات هم من يعانون من أزمة الهوية قد يكونوا ارتريون بلا شك لكن لهم إشكالات في الهوية وعلينا أن نعرف هؤلاء الناس بدقة حتى نعرف كيف نتعامل معهم، وما أخشاه هو أن ينزلق البعض جهلاً بالمجتمع الارتري ومن ثم توصيفهم بأنهم يمثلون فئات المرتفعات أو المسيحيين. علينا أن نكون حريصين جدا وان نستمع إلى بعضنا وان نتعرف إلى كل صوت يأتي من كل جهة ولماذا وكيف ومن خلفه والى ماذا يرمي؟. الانفعالات العاطفية لا تفيد وفي نهاية المطاف هي قوى هزمت في الأربعينيات وهزمت في الخمسينيات وهزمت في الستينيات عندما تكونت منها قوى لضرب الثورة الأرترية فانتصرت عليها الثورة وأسياس أيضا حاول أن يستغل النهج نفسه ولم ينجح ولن ينجح إن شاء الله.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
باسم القروي: كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم.