اللقاء الإذاعي مع المناضل سعيد صالح مسؤول جهاز الأمن سابقاً لا يوجد شيء لم يقوم به أسياس ولكن يوجد الكثير الذى لا يعرفه الناس
ترجمة واعداد: فريق النهضة
أجرى راديو أسنّا حوارا مطولا على جزئيين مع المناضل سعيد صالج، احد الشخصيات التي تبوأت
مواقع هامة في جهاز حماية الثورة أثناء النضال وبعد التحرير، وقد عمل في منطقة (همبول)، وأيضا مكتب الاقتصاد، وقسم التحقيقات في وزارة الداخلية. تأتي أهمية حديثه من أهمية موقعه وأيضا استعداده للحديث بوضوح وشفافية حول كافة المعلومات التي يعرفها، كما انه ذكر اسمه الحقيقي وسمح بنشر صورته مما أعطى مصداقية حقيقية لروايته.
كما أنه تطرق لأشياء معلومة ولكن مجهولة التفاصيل وكشاهد عيان وثق أحداث كثيرة وهامة جدا فاضحا الاساليب القذرة التي اتبعها اسياس وزبانيته في قهر واذلال الشعب الإرتري، وسرق مكتسبات ثورته. ومن اهم ما تناوله برأ حركة الجهاد الإرتري من كافة الجرائم التي كانت تقترف باسمها وتلفق عليها، وذكر الجهة التي قامت بالأمر، وبذا كشف الحقيقة للشعب الارتري وكافة القوى المحبة للسلام.
شاهدة المناضل سعيد صالح وتوثيقه للمعلومات والحقائق وسرده لها بالأسماء والتواريخ ترقى لمستوى أدلة مادية دامغة تدين اسياس ونظامه ويعتد بها أمام محكمة الجنايات الدولية.
ولأهمية الحديث ولكي تعم الفائدة رأينا ترجمته وتلخيص ونشر المقتطفات الهامه فيه، ويمكن الرجوع الى الرابط في (اليوتيوب) لسماع الحوار كاملا، واذ نشيد هنا بدور إذاعة (أسنّا) والأستاذ أمانئيل في هذا العمل الصحفي الهام، ونلفت النظر بان الحوار كان باللغة التجرينية ولأن الكثيرين من الناطقين بالتجرينية ان كانوا من ملتزمي النظام أو المعارضة يجهلون خفايا أمور كثيرة لممارسات النظام، ولأهمية الموضوع حاولنا تسهيل ألأمر وترجمة أهم ما ورد فيه إلى اللغة العربية التي يفهمها كثيرون ممن لا يتحدثون بالتجرينية.
تعريف: سعيد صالح، مسؤول جهاز أمن يعيش في فرنسا حاليا.
مواقعه النضالية: جهاز الأمن في (همبول) - الاقتصاد، حشكب الامن، قسم التحقيقات وزارة الداخلية.
تعريف بسيط عن جهاز الأمن حماة الثورة (حلاوى ثورا):
ذكر اسم الجهاز يرتعد منه الجميع، لان أعدادا كبيرة من المناضلين الشرفاء قضي عليهم، معلومات كثيرة عرفناها من السابقين وكنا نعتقد أن من قضي عليهم هم خونه، ولكن بعد الاستقلال عرفنا الحقيقة المرة وهى أنهم أبرياء وتمت تصفيتهم من اجل اهداف خبيثة.
مواطنون مدنيون من داخل إرتريا، فيهم شيوخ وشباب، متعلمين، وتجار، هؤلاء تهمتهم دعموا الجبهة، لقد كان هناك هدف محدد هو إنهاء كل شيء يخص الجبهة لهذا تمت تصفيتهم، وعند السؤال عن سبب هذه التصفيات بلغنا بأنهم ضد أهداف تنظيمنا.
الكثير من مواقع الاعتقال يقع في المنطقة الوسطى لجهاز حماية الثورة، اعتقل فيها مناضلون قدامى، ونحن حتى الآن لا نعرف أهداف هذا النظام، ولا أستطيع ذكر الأسماء لأن المساجين يعرفون بأرقام، وهناك حادثة لا تفارق خيالي وهي: (رمضان آدم) له ابن جندي في حراسات السجون، لكن لا يعرف الابن بأن أباه مسجون وتحت حراسته لأن المساجين بالأرقام، والد هذا المناضل قبع في السجن أربعة أعوام تحت الأرض وابنه يحرسه فوق الأرض ولا يعرف عنه شيئا، عرف عن والده بعد أن فارق الحياة في السجن وتنادى الحراس بأن هناك أحد المساجين قد توفي وذكروا اسمه، ولكن ابنه لم يقم بأي إشارة تشير إلى أنه يعرف، لأنهم إذا عرفوا ذلك ستتم تصفية الابن فوراً، وقال (سعيد)، عرفت عن هذا الموضوع لاحقاً عندما وثق بي الابن ذكر لي المأساة، علماً بأن والده كان عاملاً بسيطاً في دكان صغير، لم يقترف شيئاً بل لفقت له تهمة التعاون مع الفصائل الأخرى.
ذكر المناضل سعيد بأن الجندي عندما يجند في جهاز حماية الثورة قبل أن يسأل عن اسمه يسأل عن تعليمه، لأن المطلوبون هم الجهلاء فقط، أيضا يتدرب على فنون التعذيب على أيدي خبراء التعذيب وهم يتعاملون مع البشر كالحيوانات،وأهم سؤال يوجه للمتدرب بعد أن يشاهد أسلوب معلمه في التعذيب هو:هل تستطيع عمل مثل هذا ؟ إذا كانت إجابته بلا يعذب بدلاً من السجين، و إن كانت بنعم يقوم بالدور فوراً ويعذب ضحيته، وهذا هو عبارة عن تدريب وليس استيعاب في الجهاز.
في البداية كنا مقتنعين بأن الذى يقوم به الجهاز هو لحماية الثورة من الأعداء، ولكن بعد فترة اكتشفنا بأن هؤلاء أبرياء، والذى يتم هو عبارة عن تصفية حسابات لأهداف غامضة ولصالح أفراد معينين.
ما دمتم مقتنعين بأن الذي كنتم تقومون به هو لصالح الثورة، لماذا يعرف المساجين بأرقام وليس بأسمائهم ؟
لأن التعريف بالأسماء سوف يجر خلفه تعريف عن الأهل والأسرة والقبيلة وبذا تتوسع المعرفة، لذا قيادات الجهاز وضعت هذا الإطار للسرية التامة، وأيضاً هذا الإجراء هو من سلطات أعلى من قيادة الجهاز أو المنفذين، لأن المعتقلين يكون من بينهم قادة وأبطال قادوا معارك كبيرة وحاسمة وإذا عرفوا بأسمائهم كمعتقلين فمن المؤكد أنه سيكون هناك تساؤل في الأمر، كما أن هناك معلومة لابد من ذكرها وهى أن السجين أثناء تحركه دائماً ينظر إلى الأرض وغير مسموح له أن يرفع رأسه، وإذا رفع أي واحد منهم رأسه يعالج بطلقة لأنه يكون قد تعرف على حارسه أو سجانه وهذه جريمة كبرى حكمها الإعدام.
هل تتذكر أسماء معتقلين وضعوا في السجون بعد التحرير ؟ وأيضاً ماذا عن عناصر (المنكع) العناصر الموصوفة باليمين ؟
بالنسبة (للمنكع) لا أعرف عنهم شيء، ولم أسمع بأن أي أحدِ منهم بقي حياً و وضع في السجن بعد التحرير، لأننا كعناصر أمن الثورة، اتصالاتنا وتواصلنا ببعضنا كبيرة سواء كانت مواقعنا في المنطقة الوسطى أو حشكب كنا نتبادل المعلومات، ولكن أعرف بعض الأسماء التي وزعت في السجون الإرترية بعد التحرير وماتوا في سجن (سنبل) وهم معتقلون أكثر من خمسة عشر عاما مثل حاج محمد صالح من منطقة منصورة، وعجيل عبد الرحمن أحد عناصر الخدمة المدنية في إرتريا في عهد الدرقي، وأيضاً منصور محمد منصور من منطقة عدردي، وتهمتهم التعاون مع الدرقي أو الجبهة.
ماذا عن الذين يعدمون رمياً بالرصاص ؟
هذه المسألة لا يعرفها إلا أفراد معينون، على رأسهم شخصيات يسمون (واردية أي الحراسة) وهذا الشخص غير مسلح يتحرك وسط المساجين وفى يده عصاة يضرب بها من يشاء، أما منفذو الإعدام يأتون من خارج وحدة الأمن في منتصف الليل، وقبل قدوم فرقة الموت يشغلون المعسكر بالخمرة وليالي السمر ولا يلاحظ قدومهم أي شخص، يستلمون الأشخاص من (الواردية - الحارس الخاص) بالأرقام وينفذون عليه الإعدام، و في اليوم الثاني تجد أرقام المفقودين ولكن ممنوع السؤال عنهم. وما عليك إلا أن تتعامل مع القائمة الجديدة، كل شيء يتم في سرية تامة، وأثناء التفقد تذكر أرقام المفقودين ولا يسأل عنهم، حتى المحقق لا يسأل عنهم لأنه يعرف ماذا حدث لهم، أما مسألة التخوف من الهروب غير واردة لأن السجون تحت الأرض ويستحيل هروبهم، بل يمكن أن تجد جثثاً وتسجلهم كمفقودين وليس هاربين، واليوم إذا سألت عن فرق الموت لن تجد منهم إلا أشخاصاً قليلين جداً لأن أسلوب هذا التنظيم الذى يؤمن بـ (نحنان علامانان / نحن وأهدافنا) أن المنفذين الذين يعرفون هذه الأسرار لابد من أن يختفوا و ذلك بتصفيتهم بعد انتهاء مهمتهم أو صلاحيتهم. وحالياً الذين يقومون بهذه المهام هم الجنود الصغار، وهؤلاء بدورهم سوف تتم تصفيتهم عندما تنتهي مهمتهم.
ماذا عن شخص اسمه (نأمن) سجن لمدة عامين دون ان توجه له أية تهمه ؟
نأمن مناضل قديم حضر من ألمانيا وقضى عامين ونصف في السجن ولم توجه إليه أية تهمة، وأطلق سراحه،فسأل سؤالاً مباشراً: ما هي تهمتي ؟ لم يجد جواباً بل طلب منه ان يجاوب عليه بنفسه، مثل هذه المسائل كثيرة فهناك من يسجن ولا يعرف من الذى سجنه، بل البعض من المسؤولين ينسون أنهم سجنوا شخصاً ما، بين كل فترة وأخرى تجرى مراجعة وجرد وأثناء ذلك نكتشف أعداداً كبيرة من هذه الفئة، ونتصل بالأشخاص الذين أحضروهم إلى السجن ونتفاجأ بأنهم قد نسوهم، او أحضروهم وهم في حالة سكر أو بسبب تنافس على فتاة بعينها، ويتم إطلاق سراحهم، وبعض المساجين نسألهم إن كانوا يعرفون أي مسؤول كبير لكي يتوسط لدى من اعتقلهم ويتم إطلاق سراحهم بعد الواسطة، بعض المسؤولين يرفضون أن يطلقوا سراح شخص معين وهذا الشخص يكون له واسطة كبيرة، فيتحرك واسطة هذا السجين ويعتقل أحد افراد عائلة المسؤول الذى رفض إطلاق سراح السجين و ذلك كعامل ضغط، ثم يلتقي المسؤولان و يقومان إطلاق سراح المعتقلين. إنها فوضى بحق وأسلوب عمل (شفته)، فمثلاً يحضر إليك أحد المسؤولين الكبار و معه مجموعة من المواطنين ويطلب منك سجنهم بناءً على سلطاته ودون أي إجراء قانوني أو تهمه، هؤلاء لا يستطيع أحد إطلاق سراحهم إلا الشخص الذى أحضرهم.
هل تعرف أي معتقلين بالأسماء في مواقع الاعتقال في أسمرا ؟
توجد أماكن كثيرة من السجون ومواقع التحقيق جزء منها وجدناه من أيام الإيطاليين وبعدها إثيوبيا، هذه المواقع مجهزة بأدوات التعذيب وهذه الأدوات جزء منها من أيام أثيوبيا وجزء آخر جلبه النظام، أما أسماء بعض المعتقلين الذين أعرفهم مثلاً: عنصر متهم من الجهاد، نأمن، في تودد ابرها،عبد يونس، وحسن كيكيا، بسرات سفير سابق المانيا، روما زوجة هيلى درع ومجموعة 09 (قسم جلب الاموال للحزب - شركة البحر الاحمر)، أسقدت زوجة سلمون، مريم عبده زوجة محمد سعيد باره، سمري كستي أيضاً كان هناك قبل هروبه، أيضاً معلمو المعاهد قبل نقلهم إلى موقع آخر، جزء منهم ماتوا هناك، وهناك موضوع أحد الشباب الذي لن يفارق مخيلتي أبداً وهو الشاب ابراهيم محمد وعمره 19 عاماً، بدلاً من محاورته وتغيير أفكاره وقناعاته عملوا على قتله، و تهمته أنه عضو في حركة الجهاد، و وضعوا خطة لتصفية هذا الشاب اليافع، ابلغونا بأن صلاة العيد ستكون جماعية، وحوالي مائتين وخمسين شخص صلينا معاً، وأمّنا هذا الشاب الذي تلى القرآن بطريقة جميلة أبكت كل المصلين، ويقول (سعيد) بأنه صلى معهم، وفى تلك الحظة أيقن (سعيد) إن هذا الشاب سوف تتم تصفيته،وفعلاً في اليوم التالي حضر أحد الأشخاص إلى السجن حوالي العاشرة ليلاً وطلب مقابلة الشاب باعتباره قريبه، هذا الشخص كان يحمل رسالة، اعترض الحارس على الزيارة لأنه ليست هذه ساعة الزيارة الرسمية، أحد المحققين اسمه (ود كبدي) أمر الحارس لكى تتم الزيارة، الشاب هو من قبيلة الساهو والزائر أيضاً، أدخلوا الزائر إلى زنزانة الشاب، وبعد نصف ساعة خرج الزائر وأبلغ الحارس بأن زيارته انتهت وغادر موقع السجن، بعد ذلك حضر الحارس إلى زنزانة الشاب لكي يقفلها، فوجد الشاب ميتاً، أبلغ الحارس ما حدث لإدارة السجن التي وجهت فوراً الاتهام إلى الزائر واعتبرته ابن عمه وله مشكله معه وانتقم منه، بذا أسدل الستار على مسرحية النظام في تصفية الشاب.
دائماً النظام له سياسة وهى عبارة عن المسلم يقتل أخيه المسلم والمسيحي يقتل اخيه المسيحي !! دائماً النظام قبل اتخاذ أي إجراء يجهز مسرحية لتنفيذ جريمته، الكل يعرف أسلوب النظام ولكن الخوف هو الذى يمنعهم، حتى المسؤولون الكبار من الجنرالات يسجلون عليهم مواقف وفضائح يهددونهم بها، إذ تجد جندياً صغيراً في منطقة معينة هو قناة الاتصال بمسؤولي النظام، يرفع تقاريره اليومية عن الجنرالات فيكون مصيرهم في يد هذا الجندي. عموماً أسلوب النظام معروف في تصفية المعتقلين فمثلاً شنقهم وتعليق الحبل ثم الإبلاغ عنهم بأنهم انتحروا.
كيف هرب سمري كستي رئيس اتحاد طلاب جامعة أسمرا سابقاً؟ وهل تم تهريبه من قبل النظام حتى يستفاد منه أم هرب بذاته؟
الذى هربه اسمه (محاري) أعرف جيداً أنه ألبسه ملابس عسكرية وهربه، وسمري حالياً توقف عن النضال ضد النظام و لا أعرف ما هو السبب ! فقد يمكن أن يكون باتفاق مع النظام أو أن يكون لدى النظام وثائق ضده، لا أستبعد أي شيء من النظام لأنه يستخدم الابن ضد أبيه ويتجسس الزوج على زوجته، أما لماذا توقف عن مقاومة النظام فذلك يسأل عنه سمري كستي.
ماذا تفيد السجون أسياس ؟
كل المتعلمين أو القيادات والأبطال في السجن، جراء التعذيب و الأساليب القذرة تمحى شخصيتهم وتمسح عقليتهم حتى يتم التأكد بأنهم أصبحوا غير مفيدين، حينها يطلق سراحهم.
أيضاً له أسلوب آخر هو: إذا أردت أن تجهل المتعلم اسجنه مع خمسة جهلاء وبالتالي تفرض آراء الجهلاء عليه وخلال فترة وجيزة يكون أجهل منهم. أسياس دائماً ضد المتعلمين والعلم ويحقد على المتعلمين ويعمل بكل الطرق لكي يمسحهم من الوجود.
في عام 1995م: أخذنا دورة أمنية أدارها خبراء أمنيون من هولندا، أهم ما تعلمناه فيها مثلًا: أن نقدم المتهم خلال أربعة وعشرين ساعة من اعتقاله إلى المحاكمة، والمحقق يطلب زيادة وقت للتحقيق إذا لم يكمل تحقيقه ولابد من موافقه القاضي، بعد إكمال الدورة أبلغنا أسياس في اجتماع تنويري بأن ما تعلمناه في هذه الدورة لا يعمل به في إرتريا، والدورة فقط للمعرفة وليس لكي نعمل بها. إذاً لا يوجد أي قانون يحكمنا وإن صحيفة الاتهام ونتائج التحقيق جاهزة، وما على المتهم إلا التوقيع عليها فقط. إلى حين تلك اللحظة يتم تعذيبه، أما قبل التحرير التعذيب يتم ليس من أجل التوقيع على اعترافات جاهزة إنما من أجل الاعتراف بتهم ملفقة، وقبل إطلاق سراح المعتقل يجلس معه المحقق ويوجه إليه سؤالاً: هل تعلمت شيئاً من المدرسة (السجن اسمه مدرسة لديهم) فتقر بأنك تعلمت الكثير، ثم يوجه إليه تهديداً مباشراً بأن لا يذكر لأي شخص بأنه كان في المعتقل أو يحكي شيئاً مما شاهده أو عرفه في السجن وإلا سوف يجلب خلال أربعة وعشرين ساعة، ثم يعصبون عينه ويدخلونه في سيارة مقفلة، و يجوبون به شوارع أسمرا لمدة ثلاث أو أربع ساعات ثم يرمونه في أقرب محطة مواصلات، فيعتقد المسجون بأنهم أحضروه من منطقة بعيدة وهو لا يعرف بأنه كان في أحد المعتقلات الكثيرة والمنتشرة في أسمرا.
والأجهزة الأمنية في أسمرا عددها أربع وهي، الأمن الرئاسي، و الأمن الوقائي، و الأمن الوطني، و أمن البوليس الإرتري، كما أن كافة القطاعات العسكرية لها أجهزتها الأمنية، وإن كل جهاز يقوم بعمله بشكل منفرد ولا يتدخل جهاز في عمل جهاز آخر، كما أن هناك سجون عدة في أنحاء البلاد وكلها تحت الأرض، و قد تم اختيار المناطق الحارة جدًا كسجون رئيسية مثل (ويعوا) وغيرها، كما جهزوا حاويات كزنازين في صحراء دنكاليا.
هل يمكن أن تعطينا أمثلة لأسلوب التلفيق وما يسميها النظام بأفلام ؟
الأفلام أو المسرحيات الملفقة التي يتبعها النظام لتصفية الشعب الإرتري - (اضرب المسلم بالمسلم والمسيحي بالمسيحي !!) فمثلا
في إرتريا من 94 إلى 95 حركة الجهاد الإرتري عملها كان كبيراً ومنتشراً في إرتريا، حتى أفراد النظام لا يستطيعون التحرك من منطقة لأخرى بعد الساعة الرابعة عصراً. لضرب أنشطة حركة الجهاد الإرترية ووجودها: طلب أسياس إحضار عناصر من الجيش يكونوا مسلمين ولهم بعض المعرفة بالقرآن، وتنفيذاً لهذا جمع أكثر من مائتين وخمسين شخصاً من كافة وحدات الجيش وأرسل هذا العدد إلى الساحل لأخذ دورة مكثفة عن أساليب معينة يتبعونها لمحاربة حركة الجهاد، قد طلب منهم إطلاق لحاهم، وأن يلبسوا الجلاليب القصيرة زرقاء اللون (ألبسة باكستانية).
أولا تم إطلاق اسم الجهاد على هؤلاء، و في الحقيقة ليسوا هم حركة الجهاد الإرتري الأصلية التي خرجت لإعادة حقوق الشعب الإرتري ومحاربة الظلم والفساد، إنما هم (جهاد أسياس) المكلفون بالمهام القذرة، ومهمتهم وضع ألغام لسيارات الشعب والسيارات التي تحمل مواد تموينية، فمثلاً إذا وجدوا مقاتلين يسألونهما عن اسميهما، فيطلقون سراح المسيحي ويذبحون المسلم أمام المواطنين بعد ان يوبخوه ويوجهوا إليه تهمة مرافقة المسيحي الكافر والانتماء للجبهة الشعبية الكافرة حسب تعبيرهم، مثلا في طريق (منصورة) دمر عناصر (جهاد أسياس) سيارتين واحدة للمواطنين والثانية سيارة تموين، بالنسبة لسيارة المواطنين لم يسألوا عنها، أما سيارة التموين فطلبوا من سكان المنطقة دفع قيمتها وهي عبارة عن مائتين وستين ألف أي أربعة آلاف لكل فرد، ويذكر سعيد صالح بأنه دفع نصيب ابن عمه الفقير رغم معرفته بأن الذى قام بالعملية هم جهاد أسياس وليس الحركة و ذلك لأن ابن عمه لا يستطيع دفع المبلغ. والهدف من هذه العملية هو زراعة الكراهية والحقد بين الشعب وحركة الجهاد، وإلباس كافة الأعمال القذرة للحركة، وبالتالي تفقد الحركة الحاضن الطبيعي لها و هو الشعب، بل الشعب يطاردها ويبعدها بنفسه من مناطقه أو يبلغ عن أي شخص يشتبه به بأنه من الحركة إلى زبانية نظام أسياس، كما أن الضحايا من الطرفين (المواطن و جهاد أسياس) جميعهم مسلمون، فالخسائر لصالح النظام. بهذا الإجراء استطاع النظام تحجيم نشاط حركة الجهاد الأصلية محققاً هدفه الذى من أجله كون جهاده، وبانتهاء مهمة جهاده تمت تصفية الغالبية العظمى من هذه القوة حتى لا ينكشف سره، وهذا أسلوبه الذى يتقنه والمتمثل في تصفية أي شخص بعد أن تنتهى مهمته و صلاحيته ليدفن سره معه.
و أيضاً هناك مثال لمسرحية أخرى قام بها أسياس لتصفية معلمي المعاهد الدينية وعلماء الدين، إذ أنه رصد أن هؤلاء يقومون بعملهم بأكمل وجه، وعلى رأس مهامهم تعليم وتربية الأيتام وحماية المجتمع من الفساد وخلق بيئة صالحة لبناء مجتمع سليم وهذا عكس نهج أسياس، فلذا وضع خطة لاعتقالهم بتهم باطلة، بدأت الخطة بأن يطلب منهم أن تأتي الأموال التي يقدمها المحسنون في السعودية وغيرها من الدول العربية عبر البنك المركزي الإرتري، فأبلغتهم الجهات المسؤولة بأن هذه المبالغ لا تخص مرتبات المعلمين فقط إنما فيها مبلغ لبناء المساجد ورعايتها و كفالة الأيتام وغيرها، فأبدوا استعدادهم لتنفيذ أمره رغم اعتراضهم على الأسلوب، وبعد أن أبلغوهم بالأمر بأسبوع فقط ضبطت سيارة تايوتا مليئة (بشوالات محشية) بأموال قادمة من السودان في مدينة تسنى حسب ادعائهم، وطبعاً الأموال والسيارة كلها تابعة للنظام وبتدبيرهم، كما وجد في السيارة قائمة بأسماء كافة معلمي المعاهد الدينية وعلماء الدين وأئمة المساجد، هنا أصدر أمر الاعتقال حسب القائمة بحجة أنهم بدلاً من أن يمتثلوا لأمر الدولة بإحضار الأموال عبر البنك هربوا الأموال عن طريق السودان، وأضاف على التهمه تهمة أخرى بأن جزءً كبيراً من هذه الأموال سيذهب إلى حركة الجهاد الإرترية في الداخل، وبهذا الأسلوب الملفق القذر، تخلصوا من أكبر مؤسسة تهدد نهجهم وخططهم في طمس و إفساد المجتمع الإرتري.
ماذا عن إدريس محمد علي ومجموعته ؟
إدريس محمد علي فنان وطني ملتزم بقضايا شعبه، ودائماً كان يعبر عن آرائه عبر أغانيه، بعد التحرير كافة أغاني إدريس محمد علي كانت تمر عبر مكتب الأمن ولابد أن تجاز الأغنية منهم قبل الأداء، لأنهم كانوا يخافون من كلمات أغانيه و يدققون عليها ويفسرون كل حرف فيها، عندما تحرك إدريس محمد علي كان هدفه مقاومة النظام من الداخل، ولكن للأسف فشلت خطته لأن النظام اخترقهم بزرع أحد عناصر الأمن في داخلهم وتم اعتقالهم قبل التحرك بيوم، كنت في تلك الفترة خارج البلاد ولفت نظري أن أحد عناصر الأمن تم اعتقاله ثم أطلق سراحه، وعندما سألت عنه ابلغوني بأنه هو الذى أفشل مهمة مجموعة إدريس محمد علي وكان مزروعاً في داخلها، كان مع إدريس محمد علي مجموعات من جهاز البوليس ذكر منهم عثمان أيكارع.
كما أن أسياس قد فبرك موضوع السوداني أبا الخيرات واتهمه بأنه كلف من الرئيس البشير لقتل أسياس، والهدف منه إظهار إرتريا بأنها تعاني من الارهاب العالمي مستعطفاً الغرب، كما أن توجيه تهمة محاولة اغتيال رئيس دولة تتيح فرصة لمحكمة الجنايات الدولية لجلب المتهم أمامها أي إحضار الرئيس البشير أمام المحكمة، اليوم العلاقة بين البشير و أسياس واضحة للجميع، فالفلم انتهى بانتهاء المهمة، و إنهم قد اطلقوا سراح أبو الخيرات لانعدام الأدلة، و لا أعلم أين هو الآن.
كثير من القيادات يعرف جيداً الأعمال القذرة لأسياس ولم يعترضوا، بل جزء كبير منهم ينفذون المهام التي توكل إليهم. بماذا تفسر هذا ؟
أسياس يستخدم الأخ ضد أخيه والابن يتجسس على أبيه، كما أنه لديه مستمسكات كثيرة على هؤلاء القادة، وإذا شعر بتململ أي واحد منهم يرسل إليه صورة من المستمسك عليه، فيراجع الشخص فوراً نفسه بل يبذل الجهد لإثبات ولائه، فهناك مثلاً السيد/ علي عبده اعتقل والده، وعندما أثبت طاعته رقي إلى درجة وزير، وعندما شعر بأن أسياس سيتخلص منه هرب. أيضاً السيد/ محمد سعيد باره اعتقلت زوجته لمدة ثلاثة سنوات ولم يحتج فرفع من شأنه، هذه أمثلة فقط.
هنا يلخص المناضل سعيد صالح بأن كل أعمال أسياس و نهجه تؤكد بأن أسياس دخيل على الشعب الإرتري ومكلف بإنهاء هذا الشعب الإرتري.
وأنهى السيد سعيد صالح إفاداته قائلاً: لا يفيد أن نسرد ونحكي المأساة ومعاناة الشعب الإرتري جراء ممارسات أسياس وعصابته، لاسيما نحن الذين عملنا مع النظام ونعرف تفكيره، إنما المطلوب العمل مع المقاومة الوطنية لإفشال مخططاته وبالتالي إفشال النظام بكامله والعمل على زواله.
هذا أهم ما أفاد به المناضل سعيد صالح لراديو (أسنّا) في حلقتين، ويمكن الاستماع للنص الأصلي بالتعامل مع الرابط المرفق، كذلك نتمنى من الإخوة المهتمين والعاملين في مجال حقوق الإنسان وفصائل المعارضة ترجمة إفادة المناضل سعيد صالح باللغات العربية والإنجليزية وتوثيقها وتقديمها إلى المنظمات الحقوقية الدولية وكشف النظام أمامهم وإخضاعه للمحكمة الجنائية الدولية تحت بند جرائم في حقوق الإنسان.
• بشهادة شاهد من أهلها حركة الجهاد الارتري بريئة من كافة ما نسب إليها في فترة التسعينات، و المجرمون الحقيقيون هم مجاهدو أسياس.