مقابلة تاريخية مهمة مع المناضل الفنان الكبير إدريس محمد علي - الحلقة الثانية
إعداد الأستاذ: حسين حب الدين زمزمي
لقد توقفنا في الحلقة الفائتة عندا وصولي الي مدينة بورتسودان ووجودي للعمل. حينها قد التحقت بمدرسة "ديم النور" والتي تقع
بين حي ديم النور وحي الترانسيت وواصلت دراستي بها. كنت شغوفا با العلم لذلك كنت كنت احفظ المقرر بكل اهتمام وإخلاص.
ولكن في تلك الفترة وبعد وصولي الي الي السودان بستة اشهر قد حدث انقلاب علي السلطة مما إدي الي سقوط ابراهيم عبود والذي إدي الي انفتاح السودان في التعامل مع الثورة الارترية وقتها قد التحت باخلايا السرية للثورة الارترية في مدينة بورتسودان، فبالرغم من حداثة سني قد أصبحت رئيساً لخليتي في فترة وجيزة بعدها ذهبت الي مدينة كسلا عام 1967 وشاهدت اول فوج من اللاجئين الارتريون الذين هجروا ارض الوطن جراء المجازر والدمار الذي لحق بقراهم، وقد كتبت في ذلك الوقت قصيدة غنائية بعنوان "ارتريا سفللكو عجي ديبا واذكر" أيا جيست كبودا، سمسم حلفت اتهرب "اي تجامم عنتاجي وايتبكي تقبلو عدكا صبر ودي"
وقد ظهرة في عام 1967 بدايات الحروب الأهلية في "عيلا طعدة" وكانت صورة سيئة بالنسبة للثورة الارترية التي كانت في بدايتها فقد أثرت في هذه الأحداث وهزتني من أعماقي فاستنكرت هذه المواقف بشدة في أشعاري حتي وإنني قد تعرضت للسجن نتيجة هذه المواقف.
وقد التحقت با لثورة عام 1966 أثناء مصادرة الحكومة السودانية الأسلحة والتي جاءت الينا من سوريا وقد اعتقل بسببها المناضل الشهيد عثمان صالح سبي. وقد خرج حين ذالك (150 شابا) من بورتسودان الي الجبال الواقعة في الحدود السودانية وقد كانت رحلة شاقة للاتحاق با الثورة الارترية. وكاناخي الشهيد قد سبقني با التحاق با الثورة.
وكان ذالك سببا لعدم قبولي في صفوف المقاتلين لان الثورة الارترية لم تكن تقبل الأشقاء في العمل العسكري - فقد دعاني اخي عبدالرحمن والشهيد عمر إزاز مارسا علي الضغط لكي أتخلي عن العسكرية لكنني قد رفضت، ولكنهم عندما اغروني با الذهاب الي سوريا لمواصلت دراستي قبلت با العودة الي السودان أمام هذه الإغراء الكبير ولكنهم لم يفوا بوعدهم بعد عودتي الي السودان - مما جعلني التحق با الثورة مرة أخري عام 1974 ذهبت الي مدينة كسلا لزيارة اقربائ وكانت هوايتي للفن كبيرة جدا وكنت اعيش في حلم ان اكون فنانا غنائيا.
بعد ذلك ق ذهبت الي مدينة "حلفا" بحثا عن العمل ثم الي مدينة "عطبرة" وقد عملت في منتزه في كفتيريا في تلك المدينة وقد شكلت با النسبة لي هذه الفترة الفرصة الأولي للوصول الي ما كنت أتمناه فقد كنت ادرس في الصباح واذهب في المساء الي نادي الفنانين - وقد اشتركت بعد تعب وعناء شديدين في دورة موسيقية كان ينظمها الاستاذ/ محمود الحجازي المصري الجنسية في العزف علي آلة العود وكان يساعده في ذالك بعد الأوقات الاستاذ والفنان المعروف حسن خليفة العطبراويوكنت انتظر دوري بفارق الصبر حت ان تصلني آلة العود التي كنا نعزف عليها با التناوب وقد كانت واحدة فقط وعددنا سبع تلاميذ وكنت حريصا جدا ان لا افوت أية نغمة يلقبوني إياها أساتذتي فبعد ان وصلت الي مرحلة "السوايفيج" في النوتة الموسيقية وهي مرحلة تعتبر من مراحل أبجديات الموسيقي ذهبت الي الخرطوم واشتريت عود بقيمة سبعة جنيهات سودانية، فعندما ملكت هذا العود أحسست بأنني قد ملكت الدنيا وثقتي في نفسي كانت كبيرة جدا بان أصير فنانا وان اصل تلي ما أصبو اليه كانو ينادوني بابن الشرق لأنهم ام يكونو يعرفون. عن ارتريا شيئا، ولم اكن قد عرفتهم عن هويتي الارترية كانو يحبوني ونشاطي وجديتي.
ففي اليوم الأخير من نهاية دورتنا الدراسية والتي كانت مدتها ثلاثة اشهر وفي احتفال التخريج كانت هناك جائزة مالية مقدارها (10) جنيهات سودانية وقد سمح لكل واحد منا بأداء ثلاثة أغنيات، وكانت الأغنيات الثلاث التي غنيتها هي، اغنية "انا لبي بقوها" للأستاذ الأمين عبد اللطيف، وأغنية "ارض المحنة ومن قلب" الجدير للفنان محمد مسكين وأغنية "شالو القطار" للفنان السوداني التاج مكي.
كان الموقف صعب با النسبة لي ولكن مع كل ذالك لقد تشجعت ففي البداية قد ارتجفت وارتبكت من هيبة الناس. وكانت تضيع مني الأوتار أثناء العزف وكنت آخر من غني من المجموعة. وعندما أنهيت الوصلة الغنائية الأولي قد فوجئت بتصفيق شديد من الجمهور مما أعاد في تماسكي فاغنيت الأغنيتين. الأخيرتين بثبات وثقة وكانت وكانت النتيجة جيدة جدا.
فقد كنت الاول علي دفعتي لآنال بذلك الجائزة في اول خطوة فنية في حياتي وكان ذلك الحافظ. قد أعطاني دافعا كبيرا لمواصلت مشواري الفني فيما بعد، وفي عام 1972 رجعت ألي مدينة كسلا بأربعة أغنيات ملحنة وهي "معدني لقليل" و "ايتاجمم عنتاتجي" و "ارتريا سفللكو" واخير با اللغة العربية اغنية "بنات بلدي" وهي من كلماتي وألحاني.
وقد بدأت اغني في مناسبات أهلية وكانت اول مناسبة غنيت فيها فيها هي في حفل زواج المناضل صالح قلبوب كانت مفاجأة بالنسبة للمستمعين في تلك الفترة وقد بكي الناس لان ذلك الوقت لم تكن توجد أغنيات ثورية واضحة بهذا المعني اذا استثنينا الفنان الذي سبقني في هذا المجال وهو الفنان "محمد عبدالله باعيسي" والذي كان يغني بلغة التجري وكان عازفا ماهرا علي آلة العود وهو الآن في السعودية والذي كان له دور كبير في تأثري بأغنية الثورة، ومن هنا كانت الانطلاقة.
الى اللقاء فى الحلقة القادمة...