عيلا برعد

بقلم الأستاذود عد - كاتب وناشط سياسي إرتري

1. أصل ومعنى الاسم:

عيلا برعد تعني بلغة التقري (بئر البقر السمان) لأن كلمة عيلا هي بئر

عيلا برعد

وكذلك يطلق على البئر عيلا بالتقرينية وبالساهو حيث يقول أهلنا الساهو (عسا عيلا) وتعني البئر الحمراء. وكلمة برعد تعني البقر السمان. كان الاسم السابق لعيلا برعد أيضاً مأخوذ من طبيعتها حيث كانت تسمى (چنـــدق) ومعناها المكان الغزير المياه وأهلنا في بركة يسمون الچـندق (تنجق) وهو غزارة الماء. وأول من سماها بهذا الاسم (چنـــدق) كان ترقي جد البلين بيت ترقي وبقيت على هذا الاسم إلى أن مر بها قوم أسموها عيلا برعد بسبب ما رأوه فيها من بقر سمان وبئر غزيرة الماء.

2. الموقع:

تقع بلدة عيلا برعد في الطريق الرئيسي ما بين العاصمة أسمرا ومدينة كرن حيث تبعد عن العاصمة اسمرا 68 كيلو مترا وعن مدينة كرن 23 كيلومتراً بالتمام والكمال تقع عيلا برعد على أهم طريق مؤدية إلى مرتفعات المنسع (رورا منسع) حيث يأتي الناس من حاضرتي المنسعتين محلاب وگــلب إذا رغبوا بالسفر إلى أسمرا أو كرن أو حين عودتهم ثم يتجهون إلى ديارهم.

تتبع عيلا برعد إداريا مديرية سنحيت التي تحولت بفعل الجبهة الشعبية إلى إقليم عنسبا وتقع بين حدود مديرتي حماسين وسنحيت لأن الجسر (الكبري) الذي يفصل المديريتين يقع على بعد كيلو متر واحد والكبري قائم على وادي فاشوا الذي هو الحدود الطبيعية بينهم وتتكون عيلا برعد من عدة قرى مجاورة. يمكن ذكر بعضها:-

• دبور،
• ترنكوا،
• شعيرت،
• محسي سروا،
• حوظيت،
• أقلعما،
• محبش،
• إيدن،
• دمبي أبعور،
• قابقابو،
• عد ندلي وعد درع،
• عد سمير،
• شيكا،
• ودق جعاي،
• عدي بربري،

• عد قرجن وحمرت،
• أبيتاق (ينحدر منها مفتي ارتريا السابق الشيخ الأمين عثمان)،
• حركوكيا،
• گـوش،
• واسدمبا،
• استاسيوني ( وهي محطة قطار عيلابرعد)،
• كــــــودي،
• أقبر حا،
• مدنّك (بتشديد النون)،
• كاري كو،
• قوبا راكي،
• يقعر،
• قرظاي وشعير حدراي،

هذه بعض القرى المحيطة بعيلا برعد والتي كان يعمل أغلب سكانها لدى السنيور دناداي في مزرعته العامرة.

3. السكان:

سكان عيلا برعد الأصليين هم البلين ولكن لقربها من بلاد المنسع والدمبزان والحماسين يتكون سكانها حسب معلوماتي القديمة من كل مكونات الشعب الارتري ومن وراء الحدود وقد يتوقع البعض أن المعنيين بوراء الحدود هم من التقراي أو الأمهرا ولكن سكنها الإيطاليين بحكم الاستعمار واسم عدي بربري هو نسبة إلى (عائلة بربري الايطالية) وهناك قرية بالقرب من كبري نهر فاشوا المشار إليه تسمى باسم (عد باسكوال وهم عائلة باسكوال، لقد عرفنا في عيلا برعد التقراي والأمهرا ومن طرائف عيلا برعد كان يسكنها رجلان اسمهم واحد (يحي) لذلك حمل أحد أحياء عيلا برعد (عدي يحي) وهم العم: يحيى هارون من تشاد والعم يحيى حامد من نيجيريا هذا ما تأكد منه بنفسي حيث كان عندي حب استطلاع معلومات المحيطين - رحمهما الله - إلا أن الذي كان يميّز كل من سكن عيلا برعد الشعور أن من حوله هم إخوانه وليس غرباء وكان المرء لا يشعر بالغربة إلا حينما يأتي جنود العدو من الكمندوس والطورسروايت ليعكروا عليه صفوه.

4. حياة الناس:
معظم سكان عيلا برعد إن لم يكونوا كلهم كانوا يعملون في مزرعة السنييور گــويدو دناداي (Guido Denadai) المزارع الايطالي المشهور والذي كان مرتبطاً برجلي الأعمال السعوديين الشربتلي ثم أبار وزيني حيث كانت تلك المزرعة نموذجية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى كان بها كل أنواع الفواكه ومزرعة للألبان ومصنع للصلصة وثلاجة لحفظ لخضر والفواكه تمهيداً لتصديرها إلى السعودية وأوربا وعدد 7 سدود تسقي المزرعة والحرث والنسل. كل الناس يعملون في شتى المجالات والحرف والمهن حيث بلغ عدد العاملين في تلك المزرعة أكثر من 2700 للتأكيد ألفين وسبعمائة من الجنسين وهذا رقم من مصدر موثوق.

5. طبيعة ومناخ عيلا برعد:

تتميز عيلا برعد باعتدال مناخها طوال السنة جو ممطر بانتظام خضار يغطي كل البلدة (الكلام دا قديم يا جماعة) ناس يعيشون حياة مبرمجة ومنتظمة بسبب محدودية دخولهم، المزارع الأهلية المحيطة بعيلا برعد لا تخلو عاماً من الزراعة تقل وتكثر حسب إمكانيات المزارعين كما كانت هناك مزارع الطماطم والجوافة وبعض الفواكه خاصة ببعض المزارعين المستنيرين وكان أشهرها مزرعة العم عبد الله ليمان رحمه الله ومعظم المزارع تقع بالقرب من نهر عنسبا الموسمي الشهير.

6. سكان عيلا برعد والثورة الارترية:

بالرغم من وجود نقطة لشرطة العدو مهمتها مراقبة الناس وتحركاتهم والتجسس عليهم لم يسلم سكانها مما تعرض له الوطن من التضييق لأن معظمهم كانوا ملتزمين بخط الثورة وكانت المنطقة تتعرض من حين لآخر وخاصة القرى المجاورة إلى القتل والنهب والحرق ومصادرة المواشي بواسطة قوات العدو التي غالباً ما كانت من رجال الكمندوس ومليشيات العدو التي كانت تعرف (بباندا جرقي) وقد تعرض الكثير من وجهاء البلدة وأحرارها للاعتقالات المتكررة مما اضطر الكثير منهم للالتحاق بالثورة في وقت مبكر من سبعينيات القرن الماضي وقد حكم على الكثير منهم بالسجن تراوحت ما بين سنتين إلى خمس سنوات، أما قرية دباليقو (إيدن حالياً) فقد تعرض سكانها إلى التشريد والتهجير المتعمد وذلك بعد الحملات التي طالت مجموعة من الخياطين وبعض مراسلي الجبهة وهم متلبسين بتفصيل الملابس للثوار وتوصيلها ولم تسلم حتى النساء اللواتي كن يعملن في الخياطة من هذه الاعتقالات التعسفية وتم مصادرة كل ممتلكات من حامت حولهم الشبهة والذي عزز من كل هذا هو أن وحدة من الكمندوس تعرضت لضربة قاسمة من الجبهة في ضواحي بلدة دباليقو وكان ذلك في أواسط العام 1969م نتج عنها مقتل عدد من أفراد وحدة الكمندوس ما بين قتيل وجريح ومن ضمنها لغم أرضي بتر يد أحد الأفراد وكان إدخال نظام الألغام الأرضية صدمة لقوات العدو التي كانت صاحبة اليد العليا بسبب العدد والعتاد تم تشريد وتهجير البلدة وتفريغها من سكانها بقرار فوقي وسجن معظم الأحرار (كلمة أحرار كانت تطلق في الماضي على الناس الملتزمين بخط الثورة لذلك لزم التنويه بقصد تعريف الجيل الجديد مفردات الثورة) شهدت عيلا برعد عملية استشهاد اثنين من أبطال الثورة الارترية داخل منزل حينما خان أحد الأشخاص العهد وأغلق عليهم الباب من الخارج بحجة أنه سيأتي إليهم باحتياجاتهم ثم ذهب إلى مركز العدو الذي كان يعج برجال الكمندوس فتم محاصرتهم في البيت الذي كانوا ينزلون فيه وطلبوا منهم تسليم أنفسهم إذا كانوا ينشدون السلامة فما كان من أولئك الأبطال الذين لم يحملوا السلاح إلا فداء للوطن إلا المقاومة حتى الشهادة وقد استغرقت المعركة الغير متكافئة بين شخصين محاصرين داخل أربع جدران وبين مركز كامل لا يقل عدد أفراده عن مائتين فرد مدججين بشتى أنواع الأسلحة بينما الشهيدين لم يكن معهما إلا قطعتي سلاح وكمية محدودة من الذخيرة لم يتغلب عليهم العدو إلا بعد نفادها.

7. الحياة الاجتماعية:-

أ) الأفراح:

لقد عرف أهل عيلا برعد بحبهم للغناء والرقص في المناسبات السعيدة كالأعراس والأعياد. بل اشتهرت عيلا برعد أنها منطقة مليئة بالمبدعين في الفن الشعبي العام مثل السسعيت والقوليا والودسوميا والـچفرا والمرقدي والكودا وقد يرجع ذلك إلى وجود هذا العدد الهائل من جميع شرائح المجتمع الارتري. وعرف عنهم التعاون مع صاحب المناسبة بالدعم المالي والعيني متمثلاً في جمع الحطب وجلب الماء لزوم المناسبة بل والمشاركة في بناء البيت الجديد للعريس عن طريق النفير حيث يقوم صاحب المناسبة بإبلاغ الناس للتعاون معه في بناء البيت الجديد أو في تنظيف (حش - هرمو) المزرعة فيأتي الناس طواعية لمساعدته، ويقوم هو بإعداد وجبة غداء حسب إمكاناته (الجود بالموجود). وفي العيدين يتجمع سكان القرى المجاورة والمشار إليها آنفاً في مصلى العيد وهو ملعب كرة القدم حيث كان يؤم الناس فضيلة الشيخ/ إدريس علي بن الشيخ حُمد آل الشيخ معلم - رحمه الله - ثم يخطب فيهم وكان يكرر كلمة (الفرج قريب). ثم بعد الاستماع إلى الخطبة يتوجه الناس كلهم وهم يرددون الأناشيد والمدائح إلى مسجد عيلا برعد يسبقهم أهل عيلا برعد كل إلى بيته ليأتي كل بما عنده من طعام، يتناول المصلون طعام الإفطار في باحة المسجد أكلات متنوعة، عصيدة، قراصة، انجيرا، باستا في جو ملئ بالبهجة رغم ما كان يدور حولهم من قتل وتشريد وحرق للبيوت ونهب للمواشي من قبل قوات العدو. ثم ينطلق الناس لتبادل التهاني والتزاور فيما بينهم لأن العيد كان الفرصة المناسبة للتواصل خاصة لمن يأتون من الأماكن البعيدة. هذا في جانب المسلمين أما في جانب المسيحيين فكانت تقام في المدينة أعياد مزدوجة نسبة لاختلاف المذاهب النصرانية: الكاثوليك، والارثودوكس حيث يحتفل أتباع كل مذهب بنفس المناسبة حسب التقويم الذي يتبعه فالكاثوليك يحتفلون بالتقويم الميلادي الروماني، بينما يحتفل الأرثودوكس بالتقويم الغئزي الذي يسمونه تقويم الرحمة (عمتي محرت). ويشترك في الفرحة الكل بلا استثناء حيث التعايش كان غير مصطنعاً وبعيداً عن التعصب لمعتقد أو مذهب. فيهنئ المسيحي المسلم في عيده ويزوره ويبادله المسلم نفس الشعور. ثم يذهب الشباب من الجنسين ليحتفلوا بالعيد على طريقتهم التقليدية فتستمر الاحتفالات أكثر من ثلاثة أيام.

ب) الأتراح:

يشترك الناس في المآتم وتعزية بعضهم البعض بل يشارك البعض في عملية جمع الحجارة عند المقابر حيث جرت العادة أن يأتي كل من يشارك في مراسم الدفن بحجر يحمله من خارج المقبرة من أجل التخفيف على الناس مشقة جمعه.

8. شخصيات مشهورة من عيلا برعد:

يمكن ذكر بعض الشخصيات العامة وليس كلها وأرجو أن يسعفني من يعرف ما نسيت بسبب طول المدة بعضها أمثال: الجد آدم إدريس عبيلو (أب محمد)، الجد محمد إدريس إبراهيم، الجد أحمد موسى سعيد أمور، العم عيبو قلتي، العم الشيخ أحمد بن محمد إبراهيم آل الشيخ معلم الشهير بخليفة (حمد)، العم تخلي ماريام بخيت، العم شقا فسهاطيون، العم تسفاهنس باربا، العم عبد الله ليمان، العم محمد سالم ابراهيم، العم عثمان جابرا، العم محاري ولدو، الأعمام يحيى هارون ويحيى حامد، العم أسناي آدم، العم قرسلاسي هيابو مدير شركة دناداي، الجد عثمان قداداي، العم عمر سامي، الجد باشاي ولدي ابن كنتيباي مدين، العم قلتا سرعتو، الجد تولدي برهان دروب (دناداي)، الأعمام موسى ومحمد فاقر ليمان، العم الأمين محمد قرجن، العم جمع سالم، العم تولدي أتوشم، العم الشيخ إدريس علي بن الشيخ حمد آل ملعم، العم بخيت آدم عبيلو، العم آدم إبراهيم عشكراي، الجد إسماعيل علي نور، العم إدريس موسى داين، الأعمام إبراهيم محمد ناصر وإبراهيم قلاتي، العم علي إبراهيم (ابراح)، العم مسقنا دبساي (موجه السياراة - رجل المرور في بوابة المزرعة الرئيسي - البورتا)، العم قويتئووم سلطان، العم قرماي أبرها، العم طهايي، العم محمد حاج أري، العم مانا نقاسي، العم صالح إبراهيم، العم محمد سعيد كامل، العم آدم عتيل، العم نابوتي إيلوس وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم.

9. الرياضة في عيلا برعد:

لم تكن عيلا برعد بمنأى عن الرياضة وذلك أولاً: بسبب قربها من مدينة كرن وثانياً لوجود الخواجات فيها. وبعيداً عن الخواجات فقد ازدهرت الرياضة في عيلا برعد بسبب تنوع سكانها حيث جمعت الكثير من الرياضيين الذين جاءوا للعمل فيها وبدءوا يمارسون الرياضة بشكل فردي وقد اشتهر السيد قويتئوم سلطان بحبه الشديد للممارسة الرياضية إلى أن تطور الأمر فتكشفت مواهب بل قامات رياضية كان أشهرهم الأستاذ تولدي يوهنس (ممهر تولدي) وهو أحد مؤسسي فريق لاسالي المعروف في مدينة كرن وهو من درب حارس مرمى فريق حماسين في أسمرا وفي الوقت نفسه حارس المنتخب الإثيوبي في البطولات الإفريقية يوهنس جوكر وكان يعرف في كرن قبل انتقاله إلى أسمرا بيوهنس كركاس. هذا النشاط الرياضي نتج عنه تأسيس فريقين محليين هما: عنسبا والبحر الأحمر وفريق منتخب من الفريقين يمثل عيلا برعد في دوري كرة القدم الممتاز وفريق في دوري الدرجة الأولى في مدينة كرن. بالإضافة إلى فرق من الدرجة الثالثة كانت موسمية حيث كانت تتكون من الطلبة الذين يأتون لقضاء عطلات المدارس مع أهاليهم كان أهمها: فريق نبلبال (وتعني اللهب باللغة الأمهرية) وفريق زرأي درّس.

10. التعليم في عيلا برعد:

كان التعليم من الأزمات الرئيسية للسكان وخاصة أن معظم أبناء العاملين كانوا يدرسون في المدارس الحكومية في اسمرا وكرن وحديش عدي ضواحي عيلا برعد وعدي تكليزان لأن المدرسة الوحيدة في عيلا برعد كانت مدرسة ايطالية الهدف من وجودها تعليم أبناء الايطاليين وأبناء العاملين الراغبين الدراسة فيها وكان التعليم في هذه المدرسة حتى الصف الخامس ابتدائي ثم يمنحون دبلوماً يؤهلهم للعمل في الوظائف الصغيرة مثل كاتب ومراقب عمال ومشرف وغيره ومن أراد مواصلة دراسته فكان يضطر للذهاب إما إلى كرن أو إلى أسمرا وكانت المدرسة تسمى باسم (دانتي ألجيري) الشاعر الايطالي الشهير.

هذه بإيجاز نبذة تعريفية مختصرة لمنطقة (بلدة) عيلا برعد أرجو أن تكون إضافة معلومات لمن لا يعرفونها وتذكير لمن عرفوها فما كان من معلومات صحيحة فمن فضل الله على العبد الفقير ولا يسلم المرء عن السهو والنسيان والمجال مفتوح للاستفسار والسؤال عما التبس من معلومات والتصويب متاح لكل من له معلومات إضافية.

تنبيه: هذه المقالة بداية كانت منشورة في منتديات إرتريا الحبيبة.

ومنكم نستفيد...

Top
X

Right Click

No Right Click