رمضانيـات عمـر أبـا يحي: خامـس رمضـان يمـر علينـا منـذ غيـاب أبـا يحي
بقلم الأستاذ: أبـو ايهـاب – لنـدن، المملكة المتحـدة
هـلا هـلال شـهـر رمضـان الكـريـم الـذى كان ينشـط فيه صديقنـا الـراحـل أبـا يحي ليكـتب تحـت عنـوان رمضانيـات،
ولـكن واأسـفاه جـاء المحبـوب وغـاب المحـب، وهـذا خامـس رمضـان يمـر علينـا منـذ غيـاب أبـا يحي الكاتب المثقف والمحـلل الفـذ والسـياسـى المخضـرم والناقـد المتوازن، نتـرحـم عليه ونواسي الـدكتورة أم يحي على رحيـل جابـرهـا (ابنهـا جابـر) الـذى لحـق بأبيه تاركـا أمه المكلومة وشـقيقه الوحيـد يكابـدون نـار الفـراق وألـم الـذكـريـات.
نعـم نتـرحـم عليه ونـذكـر بعضـا مـن خصاله الجميلة ومآثـره الحميـدة، أللهـم أرحـم اسـتاذنـا أبـا يحي الـذى كان يفكـر بعقلية الشـيوخ ويتحـدث بلغة الشـباب.
أللهـم أرحمه وأحسـن مثـواه، وآجـره بقـدر ماقـدم لأهله ووطنه. حقـا كان أبـا يحي يفكـر بعقلية الشـيوخ ويتحـدث بلغة الشـباب، وكانت الابتسـامة سـفيـره الـدائـم الـذى يسـبق حـديثه الـذى كان يبـدأه غالبـا بنقـاش سـياسى عميق وهـادف او اجتماعى مثمـر وجـاد ويختـمه بالتفاؤل وبالـدعـاء، حـيث أشـتهـر بـدعـاء التوصـل والتوكل الى الله فى قوله (كان الله فى عـون الشـعب الارتـري)، نعـم كان الله فى عـون الشـعب الارتـري الـذى غـابت نجومه المضيئة وفـرسـانه البواسـل.
كان أبـا يحي أديبـا متمكنـا وكان سـياسـيا ممارسـا وقارئـا مسـتوعبـا ومفعـلا، كان يهتـم اهتمامـا كبيـرا بـكل مـا يـدور فى السـاحة السياسـية والاجتماعية، يقـرأ ويكـتب دون كـلل أو مـلل، وفـوق كل ذلك كان أبـا يحي رجـل مجتمـع مـن الطـراز الأول، يجامـل ويواصـل فى الأفـراح والاتـراح، ويضحك ويبكي مثلمـا فعـل عنـدمـا جـاء معـزيـا فى وفـاة الشـهيـد محمـود حسـب وهـذا مارأيته بأم عينى فى صيـوان العـزاء.
كان أبـا يحيي واحـدا مـن الرواد الأوائـل الـذين أسـسـوا أو عاصـروا تأسـيـس العمـل الوطنى بشكله الـديناميكى الفعـال، كان الـراحـل عضـوا عاملا فى حـركة التحـريـر الارتـرية ١٩٥٨م، ومـن ثـم جبهة التحـريـر الارتـرية ١٩٦٠-١٩٦١م، وكان العضـو الأصغـر سـنا فى القيـادة الثـورية الاولى والتى كانت تقوم بمهام القنطـرة التى تـربط القيـادة السـياسـية فى الخارج والقاعـدة العاملة فى الـداخـل.
كنـا دائمـا نتفق معه فى الأهـداف ونختلف معه أحيانـا فى بعض السـياسـات والوسـائـل، وكان أبـا يحيـا متسـامحا معنـا على الـدوام، ذلك لأن قلبه الكبيـر لا يعـرف الخصومة او العـداء، كان يرحمه الله طـيب القلـب والسـريـرة ومـن الـذين لا يحتـدون أبـدا ولا يجاهـرون بالخصومة و العـداء.
كان فى بـداية حياته شـيخـا للشـباب، وكان فى آخـر ايامه معلمـا لهـم وصـديقـا للشـيوخ، ورغـم تكاثـر الأمـراض التى لازمته منـذ حـداثة سـنه ورغـم شـدتهـا وتأثيـرهـا السـلبى الـذى يتطلب الـراحة والسـكون والاسـتجمام، كان يـرحمـه الله يعشـق العمـل الوطنى بكل ما فيه مـن مصاعب ومشـاكل لا تهـدأ ولا تغـيب، ولأنـه ايضـا كان يعشـق القـراءة والكتابة لـم ينقطـع عنهمـا رغـم ما به مـن آلام حـادة، وآخـر مقـال له وهـو على فـراش مـرض الـرحيـل كان بتاريخ ٢٠١٤/٥/٢٢م تحـت عنـوان أقـلام ارتـرية حـيث أشـاد بجهـد كل مـن كـتب حـرفـا فى شـأن الـوطن مسـتحسـنا ومشـجعـا، وختـم حـديثه الشـيق بالثنـاء على كتـاب الاسـتاذ/ فتحى عثمان، والـذى جاء تحـت عنوان "ارتـريـا مـن حلـم التحـريـر الى كابوس الـدكتاتورية".
اللهـم أرحـم صـديقنـا واسـتاذنـا أبـا يحي رحمة واسـعة بقـدرما قـدم وأحـب وأصـاب وأخطـأ، اللهـم اسـكنه فى عال الجنان مـع الشـهـداء الأبـرار، وانـا لله وانـا اليه راجعـون، هـذا وكان الله فى عـون الشـعب الارتـري.