ذكريات رمضان شهر الرحمة والغفران والعتق من النار في مدينتنا العريقة قندع

بقلم الأستاذ: إدريس إبراهيم أيم (أبو بلال) كاتب إرتري - لندن، المملكة المتحدة

أجواء هذا الشهر الفضيل تقريبا متقاربة ومتشابه في معظم المدن الإرترية، ومن الذكريات التي استحضرها

مدينة قندع

أنه بعد منتصف شهر شعبان كان الناس يتهيأون لاستقبال هذا الشهر الكريم فتجد الكبار والصغار يتحدثون عن قدوم ضيف عزيز في كل مجالسهم، وكان أئمة المساجد يركزون في خطب الجمعة عن فضل صيام الشهر الفضيل وقيامه ويذكرون فضائل هذا الشهر المبارك،،، كانت تبدأ أجواء رمضان من بعض منتصف شهر شعبان الفضيل.

وكانت بعض الأطباق الشهية مرتبطة بهذا الشهر الفضيل مثل السمبوسة وشربة الشعير والمشبك حتى إخواننا في الوطن أقصد المسيحيين كانو يفرحون معنا بقدوم رمضان لكي يتناولون هذه الأطعمة الشهيه، وكانت تعرض في سوق قندع كل هذه الأطباق التي ذكرتها مضافا إليها الحلبة ولقمة القاضي والطعمية، ولكن معظم الأسر كانت تفضل عدم شراء هذه الأطعمة من السوق لأنها كانت تطبخ في المنازل، ولأنّ ربّة البيت كانت تتفاخر بصناعة رقاق السبوسة وحشوها باللحم المفروم المخلوط بالبصل الأخضر والفلفل الرومي (بربروني) والكركم والفلفل الأسود، وكان الكل يبدأ بشراء الشعير وتقوم النساء بغسله وتنظيفه وتكسيره وتخزينه حتى قدوم شهر رمضان.

وفي العشرة الأخيرة من شهر شعبان كان يشرب الكبار سنو (سنه مكه) والصغار زيت الخروع، وكان يفضّل أن يكون الجو مشمسا أو تكون هناك إجازة مثل يوم الأحد فتجتمع كل عائلة للقيام بذلك، وأذكر أننا كنا ممنوعين من تناول وجبة الأفطار ومن شرب الماء إلا من القشر والشاي ومرقة اللحم (برودو أو سليقة) وبعد شرب الدواء تكون الحلاوة جاهزة (كراميلو) حتى تقضي على طعم السنو أو زيت الخروع الغير المحببين لدى بعض الكبار وجميع الصغار، وبعدها يكون التسابق إلى بيت الأدب وتكون الأباريق مليئة بالماء وجاهزة.

لأنه عندما تتحرك المعدة ليس لدي الشخص الوقت الكافي لملئ الأبريق والكل يتباها كم مرة ذهب إلى الحمام ليقضي حاجته، وبعضالظهيرة يبدأ الناس بتناول وجبتي الإفطار والغداء معا.

وعند ثبوت رؤية هلال شهر رمضان ينادي المؤذن بعد صلاة العشاء ويقول بالعربي بكرة رمضان.

أذكر أنّ منارة مسجد قندع الكبير كانت فيه أنوار ملونة، حمراء وزرقاء وصفراء، وهذه الأنوار لا يتمّ إضاءتها إلا في ليلة رمضان وليلة العيد.

في هذه الليلة قبل اول ايام الشهر الفضيل ترى الكل يبارك للكل، وترى الفرح والسرور في وجوه الناس حتى المسيحين يباركون لنا.

وبعض صلاة العشاء تقام صلاة التراويح، ويتقدم الإمام ويقول صلاة التراويح اثابكم الله.

ويتقدم الصف الأول عالم قندع الشيخ الفاضل رحمه الله تعالى، الشيخ والقاضي عمر مودوي ووجهاء وأعيان قندع يتقدمهم العم الكوليري سعيد سفاف والجد حجي نوراي والعم بكري صايغ والعم موسى آيم والعم حامد تركي والعم علي قدم والعم محمود درير رحمهم الله جميعا وحفظة القرآن الكريم وطلبة العلم في معهد قندع الإسلامي.

وكانت الصفوف تكتظ بالرجال صفا بعد صف، وكنّا نحن الصغار ممنوعا علينا الصفوف الأمامية والمتوسطة، كان مكاننا في مؤخرة المسجد حتى لا نكون سببا في إزعاج المصلّينّ لأنّ الأطفال يميلون للعب والضحك ويجهلون قدسيّة المكان.

وأذكر بعد منتصف رمضان الكل يشتري ملابس عيد الفطر والكل يتهيأ لهذه المناسبة بفرحة وسرور.

وبعد انقضاء عشرين يوما من الشهر الفضيل كان الناس والجيران والأحباب والأهل يدعون بعضعهم بعضا في وقت الأفطار.

وكان المسحراتي (عمي هون) يتجول وقت السحور في الشوارع لكي يوقظ الناس للسحور حاملا بيديه الطبلة (الكبرو) ويضربها بعصى ويقول السحور يا صائم. وفي ليلة العيد كان يقوم عمي هون بالسير في كل شوارع وطرقات قندع ونحن وراءه نردد ودّع ودّع يارمضان ويمر ّ على أصحاب المحلات ويأخذ عيديته، رحمه الله تعالى وجميع موتى المسلمين.

و كان يقوم أصحاب المحلات وميسوري الحال قبل نهاية الشهر الفضيل بإخراج الزكاة وإعطائها لمستحقيها من الفقراء واليتامى وأبناء السبيل.

Top
X

Right Click

No Right Click