الطبقية أو الفئوية في المجتمع المصوعي في القرن التاسع عشر - الحلقة الثالثة
بقلم الأستاذ: حسين محمد باقر - كاتب وبـاحث
بِسْمِ ٱللّٰهِ ٱلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
أفراداً آخرين عملوا إلى حد بعيد مع الإدارة المصرية في مصوع وحققوا أو أحرزوا رأس مالاً مقدراً
سواء كان ذلك نقداً أو غير ذلك كنتيجة للعمل في إطار الحكم المصري. الشيخ عبدالله بك الغول ومن بعده إبنه أحمد أفندي الغول (مصريين) جعلوا أو إتخذوا من مصوع موطناً لهم - كانوا دون أدني شك من أعمدة المجتمع في ما يتعلق في المجال التجاري وفي التواصل مع الحكومة ودورهم في الشئون العامة على مستوى المدينة وكذلك في إنشاء مؤسسات بداءً من عام 1860م حتى إلى فترة متأخرة من العهد الإيطالي.
مقاولين مثل عائلة الغول في مصوع ومصطفى شناوي بك في سواكن كانوا يتصدرون الأهداف الاقتصادية في الإمبراطورية المصرية في شمال شرق أفريقيا ومنطقة البحر الأحمر، حتى بعد جلاء المصريين وقيام الإستعمار الإيطالي، أفراداً من عائلة الغول استمروا في العمل كوسيط بين الحكومة والتجار المحليين الذين توحدوا أو إتحدوا حديثاً.
في عام 1900م وعلى ضوء الإنكماش التجاري الذي حدث في مصوع بسبب بروز أو نهضة ميناء جيبوتي وتحول صادرات وواردات أثيوبيا إليه. بسبب ذلك الحدث تشكلت لجنة ثلاثية من المشايخ الغول وباطوق وشنيتي، وقابلوا حاكم مصوع الإيطالي السيد/ مارتيني MARTINI حملت اللجنة مطالب محددة بهدف إيجاد حلول لمشكلاتهم التجارية، من خلال تعديل الشروط أو البنود التجارية. الوفد الثلاثي قدم مقترحات تمثلت في ما يلي:-
أولاً: تخفيض الضرائب الجمركية على أن تكون 8% بدلاً من 15% على خامة الصوف بمعنى كل ما يصنع من الصوف و 8% بدلاً من 10% على الحرير والقطن.
ثانياً: إنشاء منطقة تجارية حرة في مصوع.
مثال بارز ومشهور آخر عن الطبقة الثانية:
الشيخ على أفندي بن يحي بن علي أفندي كان مثالاً بارزاً أو مشهوراً في المجتمع المصوعي. ولد في منتصف القرن التاسع عشر تقريباً.
يقول السيد/ جونثان ميران. من الصعب تحديد أصول أو منشأ العائلة وخاصة لو علمنا بأن جدهم (علي) نال أو تحصل على لقب (أفندي) كاسم للعائلة في أوائل القرن التاسع عشر تقريباً. على كل حال مصادر مختلفة تشير بان أصول العائلة تعود إلى إسطنبول.
يقول جونثان ميران: بأنه قابل أفراداً من عائلة أفندي في اريتريا وقالوا له بأنهم لم يأتوا أو لم يقدموا من الخارج ولكنهم ينتمون إلى أحدي المجموعات أو القبائل الاريترية الناطقة بلغة التقري لكن دون أن يحددوا له الجماعة التي ينتمون إليها.
الشيخ يحي أفندي كان أحد أفضل التجار في مصوع. في عام 1870 وعام 1880م كان له تأثيرا قوياً في العلاقات التجارية المحلية في المنطقة، وفي الشئون الدينية وفي الميدان السياسي، وعُرف الشيخ يحي بـ (سِرْ التجار) على الأقل من أواخر عام 1870م. وقد فاز بهذا المنصب أو الإمــــــــــتياز تحت الحكــــــــــم المصـــــــري. كان الشـــــــيخ يحي أفندي أكثر من تصـــــــادق أو أقترب (وربما هو و عائلة الغول) مع السلطات المصرية.
الشيخ على أفندي تمكن من جمع أو توفير ثروة مقدرة أستثمرها في مجال العقارات.
وفقاً للمحاضر المسجلة في المحكمة الإسلامية بين عامي 1873م و 1889م بان الشيخ على أفندي اشترى عدد خمسة محلات تجارية وعدد من قطع أراضي في المدينة وعدد من مباني سكنية. كما كان الشيخ علي نشطاً وفعالاً في إنشاء مؤسسات وكان محافظاً على علاقات تجارية قوية وصلبه مع المناطق السودانية. وقام الشيخ على بمساعدة أهل (كرن) بكمية من طعام الذرة عندما تعرضت المنطقة لمجاعة (حسب ما جاء في كتاب جونثان ميران). وفي عام 1890م عين الشيخ على أفندي مساعداً للقاضي في المحكمة المدنية فضلاً عن منصبه كعضو لمجلس البلدية. في تقدير للحكومة الإيطالية وصف الشيخ على أفندي بأنه كان مؤهلاً وجاداً إلى أبعد الحدود.
نواصل في الحلقة القادمة انشاء الله