الطبقية أو الفئوية في المجتمع المصوعي في القرن التاسع عشر - الحلقة الثانية
بقلم الأستاذ: حسين محمد باقر - كاتب وبـاحث
بِسْمِ ٱللّٰهِ ٱلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
خدمة لدى الحكومة At Goverment Service عائلات الطبقة الاجتماعية الثانية
التي تعتبر من الفئات المصوعية العليا استمدت أو إكتسبت مرتبتها أو منزلتها العليا من مصادقتها أو مزاملتها أو خدمتها مع السلطات في مصوع. المصادقة مع الحكم العثماني والمصري رفع المرتبة العائلية إجتماعياً. إحدى هذه المجموعة من الأعيان التي لعبت بعض أدوار سياسية بكفاءة عالية كوسيط بين الحكومة والشعب وهم النواب وعائلاتهم كانوا في مقدمة هذه المجموعة على أساس شرعيتهم ومستوى الدور الذي لعبوه في السياسة الإقليمية منذ أن عينهم العثمانيين كحكام الأمر الواقع في مصوع والشواطئ.
عائلات، على وجه التخصيص من حرقيقو التي إكتسبت نوع من الميزات بحكم علاقتها مع العثمانيين أولئك الذين من استمدوا أسماء عائلاتهم بالعلاقة بمهامهم أو وظائفهم وخدماتهم للاتراك. لقد اشرنا سابقاً بأن عائلات مثل كيكيا، آغا، ساردال، عسكر، كردي، بشناق شاوش وأخرون تستمد أسماء عائلاتهم من الحقبة العثمانية في مصوع. لكن في النصف الثاني للقرن التاسع عشر بأن منزلة هذه العائلات قد انحصرت في حرقيقو.
بكل وضوح بأن في تلك الفترة تطلب أو استدعى إعادة هيكلة أو تطوير الشبكة التجارية في شمال غرب منطقة المحيط الهندي التي كانت تعوزه القوة والبراعة أفضل مما كانت تمارسه النخب الشاطئية التقليدية.
أن سيطرة أو هيمنة النواب السياسية قد تقلصت وذلك بسبب تزايد النشاط السياسي المصري وتوسعهم في المنطقة ومراقبتهم المباشرة لكل الأمور وذلك في منتصف القرن التاسع عشر. لكن أن سلطة النواب لم تنتهي بشكل كلي، حيث استمروا في تدبير أمورهم في المقام الأول من خلال السيطرة على الشبكة التجارية الواسعة بين ميناء مصوع ووادي النيل، وكذلك حافظوا إلى حد ما على قواعد سلطتهم الإقليمية.
ونظراً إلى أن المصريين تحت حكم الخديوي إسماعيل فكروا في تطوير ميناء مصوع وربطه بممتلكاتهم ومشاريعهم في وادي النيل مما أضطرهم للتنسيق والتعاون مع النواب المتواجدين أصلاً في منطقة وادي النيل وذلك من أجل المصلحة المشتركة بين الطرفين.
قال السيد/ جونثان ميران كاتب كتاب مواطني البحر الأحمر:-
قامت الحكومة المصرية بجهود جبارة من أجل أن تتحكم أو تستحوذ على شعوب المنطقة الخلفية لمصوع أي المنطقة ما بعد الساحل هذا مما استدعى إيجاد صديق وَفيِ للقيام بإستمالة تلك الشعوب وضمان ولائها للحكومة المصرية. هذه المهمة قد تكون ملائمة مع شخصية النائب إدريس حسن بحكم حنكته السياسية وكريزمته العالية. عاش النائب إدريس حسن من عام 1825 حتى عام 1905م.
وتولى منصبه كحاكم لأم كلو وحطملو في أوائل عام 1850م عندما تمرد ضد الحكم العثماني بسبب رفضه تحصيل الاتاوات في منطقة الحباب. لكن التمرد لم يستمر طويلاً فسرعان ما تحول إلى تفاهم وتنسيق عندما فكرت الإدارة المصرية تحت حكم الخديوي إسماعيل في منتصف عام 1860م. بتطوير ميناء مصوع وربطه بمشاريعهم وممتلكاتهم في وادي النيل. في تلك الفترة بدأ النائب إدريس حسن في العمل مع إدارة مصوع التي تعاملت مع النواب بخبث وسياسة فرق وأحكم Divide & Rule بين عائلات النواب. النائب إدريس حسن كان مساعداً وفياً في تأمين مراقبة منطقة زولا وأبوك في الساحل العفري والصومالي.
في أوائل عام 1870م منحه الجيش المصري وساماً كما منحه درجة عسكرية فخرية برتبة رائد MAJOR وعين ناظر سمهر. استمر التعاون مع الحكومة حتى أوائل حقبة الاستعمار الإيطالي.
منذ القرن الثامن عشر في العهد العثماني والمصري وفي العهد الإيطالي ايضاً الذي يبدأ من عام 1885م. استفادة كل الحكومات الإستعمارية من الصراع التاريخي بين طرفي عائلة النائب (بيت حسن وبيت عثمان) وقد استغُل ذلك الصراع بأساليب غير سليمة وغير شريفة مما أضعف مكانتهم وقلص سلطاتهم وحرمهم من الإمتيازات التي كانوا يتفردون بها.
في العهد الإيطالي عملوا النواب مع الإدارة الإيطالية في وظائف مختلفة وكانوا يتقاضون على إعانات مالية من الحكومة الإيطالية وحافظوا على مكانتهم ولكن في الحدود الأدنى من الصلاحيات في إطار حكم محلي. الذي كان محصوراً في قراهم. في كل من حرقيقو (بيت حسن) تحت حكم النائب عبد الكريم بن عبد الرحيم وأم كلو (بيت عثمان) تحت حكم النائب إدريس حسن الذي عينه الإيطاليين في مناصب مختلفة.
في عام 1898م قدم النائب إدريس حسن دراسة أو تقرير عن منطقة سمهر وشعوبها ومكوناتها الاجتماعية وعاداتها وتقاليدها والذي صنفه الإيطاليين بأنه كان شيئاً نفيساً لا يقيم بثمن. أعتمد عليه السيد/ دانتي ادوريزي DANTE ODARIZI حاكم اريتريا في رسالته أو دراسته Monograph التي قدمها إلى الحكومة الإيطالية والتي نالت إحسان المسئولين وكان ذلك في عام 1911م.
بالمناسبة بأن النائب إدريس حسن هو خال لزم لجدي موسي باقر لأن والدة جدي موسي هي ستل حسن نائب شقيقة النائب إدريس حسن وأخوانه، مما يعني باننا أهل وليست مجرد صلة قرابة ولا يستطيع أحد أن يزايد علينا.
أما النائب عثمان حسن شقيق النائب إدريس حسن لقد أعدمه الطليان في (خور جسم) في ظروف مشبوهه بسبب المؤامرة التي دبرت له وشاركت فيها أطراف كثيرة. لا يمكنني الخوض فيها لإعتبارات كثيرة.
أعتذر للأخطاء المطبعية الفاحشة التي ظهرت في الحلقة السابقة والتي شوهت موضوعنا شكلا ً ومضموناً. وأتمنى أن لا تتكرر الأخطاء.
نواصل في الحلقة القادمة انشاء الله