الطبقية أو الفئوية في المجتمع المصوعي في القرن التاسع عشر - الحلقة الأولى
بقلم الأستاذ: حسين محمد باقر - كاتب وبـاحث
بِسْمِ ٱللّٰهِ ٱلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الطبقة أو الفئة الاولى من اعيان المدينة كانت تتكون أو تتالف من بعض العائلات العريقة في مصوع،
والكثير منها كانت لها جزور أو خلفيات إجتماعية صلبة وقوية في مدينة حرقيقو وبين قبائل الساهو والعفر المجاورة، للمدينة وكذلك بين سكان الارياف الناطقين بلغة التجري وبين البدو القادمين من مناطق نائية.
هذه الطبقة أو الفئة كانت مؤهلة لان تصبح من وجهاء الشوطئ تقليدياً، وكذلك كانت تضم أو تشمل فروع البلو المختلفة التى تنتسب اليها عائلات النائب. وكذلك عائلات البلو الاخرى القوية - بلو (عامر) وبلو (يوسف) كانت ضمن هذه المجموعة.
إحدى تلك الامثلة لعائلات الاعيات والنخب والتى تنتمي الى بلو (يوسف) كانت عائلة شنيتيالشيخ عثمان بن سعيد حمدوي وشقيقه الشيح أحمد بن سعيد حمدوي وكلاهما أبناء الشيخ سعيد بن محمد حمدوي توفي عام 1870م. وقد احرز أو حقق مكانه إجتماعية رفيعة في المجتمع المصوعي، كتاجر ومالك عقارات مابين عامي 1870-1880 ومسقط رأسه مدينة حرقيقو التأريخية.
إن عائلة حمدوي كانت مثالاً حياً للعائلات ذو المستوي الاجتماعي المتميز وكانت تستمد قوتها من قاعدتها الصلبة سواء كانت في داخل مدينة مصوع أو من خارجها.
الشيخ أحمد سعيد كان معروفاً كأبرزأعيان مصوع وكان مسجلاً في سجلات المحكمة الاسلامية في حين أن شقيقه عثمان سعيد حامدوي كان خليفة في الطريقة الختمية.
مجموعة أخرى ضمن هذه الفئة العريقة كانت تلك العشائر تنطق بلغة الساهو ثم تبنت لغة التقري بعد نزولها او انتشارها في الشواطئ. وأصولها تعود إلى منطقة (زولا) ومنها تحركت شمالاً وإستقرت في حرقيقو ومصوع وذلك في حقبة العثمانيين.
الفرعين المهمين في تلك المجموعة تنسب جذورها الى فقيه محمد الزبير من قبيلة بيت شيخ محمود فرع بيت أب صالح.كلا الفرعين كانا لهما إعتبارهما ونفوذهما الديني والاجتماعي. عائلات مثل عائلة: بيت فرس وبيت بادوري وبيت سراج وبيت طعدوي وبيت حبيب (حمد شكر) وبيت حيدرة كانت ضمن هذه الفئة وكانت قوية من خلال قواعدهم في كل من حرقيقو ومصوع. الشيخ عمر بن محمود بن شيخ عمر بادوري من حرقيقو على سبيل المثال شغل منصب قاضي مصوع ما بين عامي 1840م و1850م.
عائلات رئيسية أخرى تنحدر من قبيلة الاساورته وبعض العشائر الناطقة بلغة الساهو نذكر منهم: بيت ذكاري وبيت جابيرا وبيت عدولاي.
عائلة عريقة اخرى كانت تتمتع بمركز إجتماعي ومالي فريد ولا تقل شئنًا ومكانةً من عائلتي (شميتي ومنتاي) هذه العائلة هي عائلة (الناتي) واصول هذه العائلة يعود الى قبيلة (طاورة). أفراداً من هذه العائلة مارسوا النشاط التجاري في مجال العقار والمقاولات. كما فازت بثقة العوائل العريقة مما مكنها من الحصول على توكيلات شرعية من بعض العئلات المشهورة كما اشتهرت عائلة (الناتي) بتوريث الممتلكات والعقارات وتقييدها في المحكمة الشرعية.
مثال اخير لعوائل الاعيان والوجهاء في مصوع كانت عائلة (دنكلي) وهي من اصول عفريه حيث كانت تعمل في مجال العقارات.في عام 1860م تمكنت العائلة من بيع قطع أراضي عند تاجر أجنبي إسمه إستيفن (Stefan) وتم قيد أو تسجيل البيعة في المحكمة للحصول على سند البيع.إرتبطة عائلة دنكلي بعلاقات مصاهرة مع عائلات مصوعية معروفة من بينهم الشيخ عبدالله محمد سعيد شنيتي الذى اتى ذكره انفا.
ونظراً لتدهو الحالة الاقتصادية التى تعرضت لها المنطقة مابين عام 1880م و عام 1890م فان عائلات كثيرة فقدت الكثير من ممتلكاتها ومن ضمنها عائلة بيت (الناتي) الثرية.
مجموعة جديدة من التجار والمقاولين معظمهم منالحضارم واليمنيين والمصريين قدمت الى مدينة مصوع.إن هذه المجموعة كان لها ارتباطات تجارية جيدة مع مواني البحر الاحمر، ممامكنهم من شراء أراضي وعقارات سكنية ومحلات تجارية.استنادا على ماكان مقيداً في المحكمة الشرعية فان التجار الجدد (الاجانب) تمكنوا من شراء العقارات والاراضي والمحلات من العائلات التى تعرضت للخسائر ومن العائلات التى فقدت عائلها.
نواصل في الحلقة القادمة انشاء الله