الشاعر الفذ ود حواي

بقلم الأستاذ: عبدالعزيز إبراهيم العامري - كاتب وفنان تشكيلي

في قديم الزمان، عاش رجلٌ شاعرٌ من فرسان البني عامر يُدعی حمد ود حواي، كان يسكن في منطقة اف حارين،

ود عوال

وأنه كان يمتهن رعي البقر، يرتحل بأبقارهِ حيث هطل المطر، كدأب الرعاة والرُحل، وكانت في بقرهِ بقرة تدعی إنتأكمام، وأنها كانت أحب إلى قلبه من القطيع بأسره، يتحدث إليها وكأنها بشر، وإذا شرع في حلبها فلا يحتاج إلى حبلٍ ودُسُر.

نوی ود حواي ذات صيفٍ ان ينتقل ومن معه من الرعاةِ إلى مَقَدام (من خور بركه)، وبينما هم في الطريق، إذ أصيبت إنتأكمام بداء مُباغِت فلم تستطيع على المشي مع القطيع، فأمر ود حواي الرعاة بأن يواصلوا طريقهم شطر مقصدهم، وبقي هو مع بقرته وأخذ يسوقها برفق ولين، ولما غربت الشمس وأرخى الليل سدوله، أنشد قائلاً:

هِيري إنا وُإنْتَأكْمام
إلي هيرار إكون أتْكَراكابْ وطَلام
لَموت ديبكي إبَيا وحاريت ديبْنا مَدَقام
لالي ثلأث قَيوسا وَرِحْ كيما وأطلام
ولالي دِلامْ قَيْسا لَعاطوي تِمالئ وأشْرام
لالي إساتْ قَيْسا سَرَتْ نافْرَتْ إتْ عِلام
ولالي قِبؤ قَيْسا سبؤو قابئ حَنْ أدْوام
لالي وادي قَيْسا لَمَسْقَقْ مالئ من أدام
ولالي فاتي قَيْسا لَديرير وادي ديبْ بَعَلْ شام
لالي عَباسيتْ قَيْسا قَطا بالْسَتْ من حِسام
ولالي أنافيتْ قَيْسا سِبِكْ آمَتْ مَقَدام

شرح القصيدة منالتقرايت للعربية:

اتْكراكاب = المشي بخطواتٍ بطيئة
ورح = القمر
كيما = الثريا
اطلام = نظم الجوزاء
عاطوي = الغُدُر (مستنقع الماء)
أشْرام = بِرَك (المفرد بِرْكَة)
سَرَتْ = الشرارة
عِلام = الهشيم
قبؤ = رجلٌ قُتل ذويه
ادوام = المقابر
مَسْقَق = السَّفود (عود يُنظم فيه اللحم)
لَديرير = الهيام
بعل شام = المحبوبة
عَباسيت = الإبل
حسام (حَسْمَتْ) = الملح
انافيت = البقر
بدأ القصيدة بخطاب بقرته فقال: لا تتباطئ في المشي يا إنتأكمام، وأخشي على نفسك من الموت وعليَ من السمعةِ السيئةِ بعد موتك.

وفي الأبيات التالية شرع يُعربُ عن الأشياء التي تشبه حالتها كالحال التي هو فيها، فقال: أما الأشياء التي تمشي ليلاً هي:-

القمر والثريا ونُظم الجوزاء التي تسري طوال الليل من المشرقِ الی المغرب.

ساريةٌ من السحاب هطلت ليلاً فرَوت الأرض وملأت الغدير و البِرك.

شرارةٌ نشبت في هشيمٍ خاوٍ فأكلت الأخضر واليابس.

رجلٌ قُتلوا اقربائه غدراً فشرع يجوب الأرض ليلاً ليثأر لهم، ثم التقى بالجناة فأذاقهم طعم المنون، ونظم جثثهم كما يُنظم اللحم في السَّفود.

ورجلٌ عاشقٌ هام بحُبِ عشيقته، وجعل يترقب خروجها في الظلام من الغسقِ الی الفلق.

قافلةٌ محملة بالملح وخيرات البحر، قادمة من مصوَّع الى اف حارين (ليلاً).

بقرٌ نوی بعلها الرحيل من أدغالِ بركه إلى هضاب الساحل، فسلك بها طريقه شطر مَقَدام.

Top
X

Right Click

No Right Click