سمنار لندن لأبناء المنخفضات طفرةُ كُبرى إلى الخلف 1-2
بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب ارترى
بالطبع فإن المجتمعات الأرترية المختلفة خانتها محفوظة، ومكانتها مُحترمة، وتاريخها مُصان،
وحقوقها ليست موضع مُساومة، وبعيدةُ عن التقليل والإستصغار كما يفعل البعض ويهوى! نقول ذلك صادقين لأن أواصر التاريخ والدم مهما حاول البعض بترها ستظلُ راسخةُ ثابتة لا تهزها عاصفة فضلاً عن سمناراٍ هنا أو حلفٍ هناك! وإيراد التسمية (المنخفضات) فى صياغ المقال وعنوانه لا يعنى مطلقاً التقليل من خانة أبناء المنخفضات فمقامهم التاريخى محفوظ ودورهم مشهود لكننا نرفض الزج بإسم منطقة جغرافية كان لها الدور الأبرز فى عملية النضال التحررى!
سمنار لندن الذى عُقد بتاريخ 2014/3/29 وتمخض عنه تكوين رابطة لأبناء المنخفضات وضمت بعضاً من أبناء العفر.
أثار ضجة فى الوسط الأرترى بين مُؤيد، ومتوجس، وصامت، وذلك لما تُمثله التسمية من حساسية بالإضافة للتوصيف الجغرافى الذى حددته الرابطة كخارطة لها وشمول تلك الخارطة تكوينات لاترتضى الإسم وتختلف جوهرياً مع مثل هكذا مشاريع أو تسمية وهى ضمن الخارطة الجغرافية موضع التسمية والتكوين!
فعلى الرغم من تلك الضجة فأنا على قناعة تامة بعدم نجاح أى فكرة لا تعتمد الرؤية الوطنية الشاملة كحل، لكن من باب التوثيق لتجربة نكتب وأتناول عبر مقالى المتواضع هذا وفى إشارات مختصرة عن ماهية هدف التكوين للرابطة، ونكتب عن سلبية الفكرة فى خضم تلك الإشارات ونُحلل أسباب قيام الرابطة وتأثيرها على وحدة الصف الوطنى والقوى الوطنية المناهضة للنظام فضلاً عن تأثير الخطوة بصورة سالبة على التغيير بمُجمله وعلى الخارطه السياسية للوطن برمتها.
أسباب القيام:
لا شك بأن تجاربنا الوطنية تلعب دوراً فى نشوء وقيام التكوينات السياسية والإجتماعية تجربة (جبهة التحرير - حركة الجهاد الإسلامى) وأخيراً تجربة المؤتمر الوطنى الذى تمخض عنه تكوين المجلس الوطنى وإختيار قيادته، ومثلت هذه العوامل جوهر أسباب قيام الرابطة وعقد السمنار بإعتبار أن التجارب الوحدوية فشلت فى خلق توليفة وطنية تُحقق تطلعات الجميع فى التغيير ولعل ذلك مثل إنتكاسة مما حدا بالبعض تكوين كيانات على أُسسٍ جغرافية بحتة!
وكذلك إختلاف وجهات النظر فى قضايا الأرض هى من أسباب قيام الرابطة، ثم تأتى عملية البحث عن دور والطموح الشخصى لدى البعض تأتى فى مراتب لاحقة من هدف التكوين! لكن هذه الخطوة ستكون خصماً على مفهوم إسترداد الحقوق فى إطار الوطن ككل وتُضعف مفهوم وحدة الأرض ووحدة الشعب، وفى تقديرى فتوفر بعض المُبررات لا تُسمح مطلقاً بإقامة رابطة على أساسٍ جغرافى صرف فيه الكثير من الحساسية والتوجس.
فكرة التكوين:
ترتكز فكرة الرابطة على النهوض بمجتمع المنخفضات وتبصيرهم بحقوقهم الوطنية وتستند فى ذلك على مظالم بحق المجتمع أرتكبها النظام فى تلك المناطق تتعلق بالحقوق وتغول النظام على أرض المجتمع وجعلها أرضاً مشاع، وترى أن مكانة المجتمع التاريخية تُخول لها أن تكون فى الصدارة وتسعى الرابطة أن تعود بالمجتمع للصدارة وتُعيد التوازن الإجتماعى لتحقيق الإستقرار، حسب فهمى لما تضمنته الوثيقة وتبرير طرح المؤيدين للفكرة! وهو فى تقديرى عمل لاخلاف عليه بناءاً على واقع مجتمعنا وحالة الشتات والتشذى الذى نعيشه! لكن كان يجب أن يتم ذلك دون تحديداٍ جغرافى وجعله إطاراً لها ومسار تحرك! ونسى هؤلاء بأن هذا التوجه سيستدعى القوى الإجتماعية الأخرى خارج توصيف الوثيقة البحث عن صيغ تحالفات جديدة يخسر المجتمع المسلم برمته مكانته وتاريخه! وكان المفروض بدلاً من تكوين كيانات على هذا النحوأن يخوض الجميع حواراٍ إجتماعياً شفافاً يضع لمسات لمجتمعٍ يراعى مصالح البعض ويحفظ جميع حقوقه ويضع النقاط فوق حروف السلبيات القاتلة التى هى السبب فيما نحن فيه اليوم، لأننا حين رفعنا شعار المناطقية والقبيلة ذهبت شوكتنا وأضحينا رماداً تزروه الرياح!
أقول ذلك وأعلم بأن منطقة المنخفضات نالها الكثير من الإجحاف لكنه قطعاً إجحافاً لم تسلم منه بقية المناطق الأرترية ولو بدرجةٍ متفاوتة!
ملمح الرابطة:
تُمثل الرابطة وجهة سياسية تسعى جاهدة لتصنع خارطة سياسية جديدة على أرض الوطن وفى ذلك لاتُمانع من دراسة مشاريع الفصل لوحدة الوطن وإن لم تصرح به بصورة واضحة فى أدبياتها لكنها أقرت أحقية العفر بوضع ٍخاص لتحقيق مطالب من هكذا نوع، وكتب بعضاً من منظرى الفكرة كالدكتور/ جلال الدين محمد صالح فى مقاله المنشور بعنوان:
(يا قبائل اللويوجيرقا... اتحدوا) بضرورة مراجعة مشروع على رادآي التقسيمى وتقنينه ليكون الخارطة السياسية لمجتمع المنخفضات!
وتُحاول الرابطة عبر وثيقتها بوضع ترتيب للتكوينات الأرترية وجعلت العفر التكوين الأرترى الثالث على مستوى التكوينات الأرترية فى عملٍ سياسي صرف القصد منه النيل من التكوينات الإجتماعية الأخرى لتدعيم الحلف الإجتماعى الجديد مع أبناء العفر وهى خطوة ستؤكد الأيام عدم جدواها وفاعليتها لأن التكوينات المقصودة من التوجه بصورة غير مباشرة هى التى صنعت الخارطة النضالية وأسهمت فيه بدوراٍ فاعل كغيرها من التكوينات وبالتالى لا تكترث قطعاً بما يكتبه الحالمون فى أدبياتهم والترتيب السكانى عمل إحصائى تقوم به الدولة لا تقوم به حتى الكيانات السياسية فضلاً عن روابط لا يتجاوز تأثيرها الأدراج والغُرف وفى أحسن الأحوال المشاهد الإحتفالية والصور.
مشروع الإسم ومدلوله (المنخفضات):
تسمية المنخفضات للرابطة كان من الأخطاء القاتلة التى أرتكبها أصحاب الفكرة وعلى الرغم من ذلك فحسب تقديرى ما كان لهم الخيار فى أى تسمية أخرى بديلة تحتضن فكرتهم وتُحقق تطلعات القائمون على السمنار لتحقيق التأطير المرجو من الرابطة لكن ستظل التسمية هى المُعضلة التى ستُسجل الإخفاق المُبكر لفكرة الرابطة فالمنخفضات ليست حكراً على التكوينات التى يعتمد عليها القائمون على الرابطة كما أن هنالك من أبناء المنخفضات من يرفض الفكرة بل ويُناهضها بقوة فضلاً عن أن هنالك تكوينات تصل إمتداداتها معظم ربوع أرتريا منخفضاتها ومرتفعاتها لا ترضى بذلك قطعاً!
ما يعنى أن مشروع الإسم يحمل بذرة فنائه بنفسه! وأن مدلوله يحمل الكثير من المخاطرة السياسية وكان من الأجدى أن يرفع الأخوة راية القبيلة التى غطوها عبر مشروع التسمية ويُكونوا مجلساً للقبائل التى يضمها المشروع النهضوى بدلاً من الزج الجغرافى.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.