عن أي شمل يتحدثون؟ بقوع لترئيتو ودي وحوان مولاد لعلِّب

بقلم الأستاذ: شوماي محمد دروي

بعد صدور بيان سمنار رابطة أبناء المنخفضات أطلق البعض لقلمه العنان وقد لفت انتباهي مقالتين

للأستاذين صلاح أبوراي وأبو بكر كهال فبينما استخدم ألأول أسلوب التعويم ومحاولة إظهار الإخوة مؤسسي الرابطة بالسذاجة كان أسلوب الأخير أكثر قسوة على الرابطة ومؤسسيها بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين عنون لمقالته بــعنوان غريب (السمنار الخديعة وتفريق الشمل...) ثم وجه حديثه إلى من شاركوا في السمنار أن يتبرءوا منه! ولا أدري هل كان الأستاذ كهال ممن خدعوا إذا سلمنا جدلاً بتصنيفه الغريب للسمنار بالخديعة وهو الذي لم نقرأ له حتى الآن موقفاً واضحاً من التجمعات القومية والقبلية التي تأسست منذ استقلال إرتريا؟ أما موقف الأول (صلاح أبوراي) فواضح ولا يحتاج إلى كثير جهد لفك رموزه وطلاسمه لأن الأستاذ أبوراي مشكوراً ذكر بأنه ينتمي إلى مجموعة (سدري) التي لم تخطوا (سدري = خطوة) واحد إلى الأمام منذ نشأتها من قبل النخب الكبساوية وتضم في صفوفها ثلة من أبناء المنخفضات ومنهم أخونا أبوراي وذلك من أجل إضفاء صفة وطنية وهي المجموعة التي تسعى إلى التغيير (الناعم)، قد كفاني رأس النظام في الرد عليهم بكلمة قاطعة وعلى الهواء في لقائه الأخير الذي أكد فيه لكل الحالمين بالتحول الديمقراطي أن ينسوا هذا الحلم الذي طالما راودهم وهو اقتناع النظام بالتحول أو إقناعه من قبل هؤلاء المتوهمين الحالمين بل وصف من يحلمون بهذا التحول بسكان كوكب آخر.

أعود إلى ما جاء في مقال الأخير الذي مارس أو حاول فيه ممارسة الأستاذية ثم الاستدلال بأحداث تاريخية لم يكترث بها القوم الذين يحرص بل يستميت على الاستمرارية معهم وهم لم يعيروه وقومه اهتماماً وها هم يمارسون الإقصاء والاستيطان والتعدي على أراضي وأعراض الآخرين دون الالتفات إلى الخطر الذي يشكله ذلك الخلط والتداخل الذي يتم رغم أنف أصحابه الذين غيبوا إما داخل سجون القوم أو منعوا من العودة إلى أرض الوطن حتى لا يقلبوا المعادلة السياسية من خلال تواجدهم في أراضيهم التي أصبحت مشاعة لكل من هب ودب من غير أصحابها الأصليين.

• يقول الأستاذ كهال: (من أراد أن يتبرأ من مبادرة ما بات يعرف بـ "وثيقة مبادرة جمع شمل أبناء المنخفضات" من الذين ساهموا فيها وفي ظنهم أنهم يخدمون الوطن وقضيته فليفعل الآن وقبل فوات الأوان.

• أقول: وهل وصل بك الأمر إلى وصف أبناء الشعب الذين ساهموا بالغباء إلى درجة يحتاجون فيها إلى ناصح فيما ينفع ويضر؟ أما الجزئية الأخيرة فأقول لك اطمئن فإنهم لن يكونوا خطراً على الوطن الذي لا تملك فيه شيء إلا الانتماء لأن من تخشى عليهم من (الحبايب) لا يقيمون لك ولبني قومك أي وزن اللهم إلا الاستفادة منك في مثل هذه المواقف التي تضخ الدم في شراريين النظام المتجمدة (المدسكلة).

• ومن يشعر أنه قد تم تضليله والتغرير به ومخادعته لوضع توقيعه عليها فليتبرأ منها فوراً وأن لا ينتظر وقوع الفأس في الرأس.

• أقول: عن أي فأس تتحدث أستاذي وقد وقع الفأس وأصبحت أراض المنخفضات وثرواتها نهباً لفئة بعينها بعد أن أفرغت من سكانها الأصليين ومن وجد منهم كان مصير القتل العمد (كما حدث لأهل بيشة) أو السجن والتذويب.

• والذين جلسوا بدون أدنى خلفيات وبحسن النية تحت سقف تلك القاعة اللندنية وتوضح لهم إن ياقات قمصانهم البيضاء الناصعة قد تلوثت بوحل ما لم يكن في الحسبان. فالفرصة مواتية لينفضوا عنهم ما علق بهم من ملوثات.

• أقول: تبدأ بالهجوم بوصف السمنار بالخديعة ثم تمارس أسلوب (الاختراق) وهذا ما يدل عليه حديثك الأقرب إلى المغازلة منه إلى النصح والحرص والإشفاق، فأقول لك ما هكذا يا كهال تورد الإبل وأن هذا أسلوب غفا عنه الزمن، لأننا في زمن تقنية المعلومات التي جعلت العالم قرية واحدة فعلاً لا قولاً.

• فالمبادرة وحسب ما يتضح من بنودها لا تقيم وزنا للوطن الواحد الموحد بل وحتى لا يهمها أمر استمراره!!.

• أقول: وهذه فرية أخرى فلا أدري عن أي وطن موحد تتحدث؟ عن وطن يعيش أبنائه في المهجر والشتات؟ أما وصفك بأن المبادرة لا تقيم وزناً للوطن فقد تحدثت فيها بما يكفي ولكن هذا الوصف غريب بعض الشيء خاصة أن يأتي منك يا من تعاني في الغربة بعيداً عن هذا الوطن بعد أن نال استقلاله.

• قد يرى فيها البعض مجرد خطوة جهوية أخري... إلا إنها في الحقيقة تختلف عنها... فهي أقرب شبها بالمشروع البريطاني الذي كان يهدف لتفتيت الوطن وتوزيع جغرافيته وناسه وتاريخه بين أثيوبيا والسودان.

• أقول: ألا توافقني يا أستاذ كهال بأن ما يقوم به النظام وقوميته التي لم تتبرأ منه إلا بعد أن مكن لها في أراضي الغير وأحست بقرب زواله يعملون للمشروع الذي على أساسه أرادت بريطانيا تقسيم إرتريا ما بين أثيوبيا والسودان وهو أن إرتريا ليس لها مقومات الدولة وبالتالي نرى تقسيمها؟ لأن النظام وقوميته التي نتباكى من أجلها ونستميت في التمسك بها قد أوصلوا إرتريا إلى مرحلة لا دولة وقد قرأنا لآراء نخبهم من أمثال د. تسفاطين مدهانيي الذي يرى الارتباط الكنوفردالي مع أثيوبيا بينما المبادرة موضوع المقالة تنادي بترابط أبناء مجتمع المنخفضات. ولم اسمع لك أو لمن سبقك ولمن سيلحق بك من المخذلين أي صوت أو موقف تجاه رؤية د. تسفاطين أم أن ذلك من المسكوت عنه (سرع تو). ثم تأتي لتوجيه النصح في:

• أن كل ما أرجوه هنا هو إن ينتبه الإخوة والأخوات أصحاب المبادرة لخطورة ما تمخض عنه سنمارهم، لأن المخاوف من المبادرة كثيرة. والتوجس من إفرازاتها السالبة على المجتمع أيضا كثيرة وبلا حدود. وان الدفاع عن الوثيقة وسلامة توجهاتها من قبل من بعثوا بها إلى الوجود سوف لن يقبل في رأيي، وسيكون بلا معنى خاصة حين تتكلم "الوثيقة" وبمنتهى الصراحة والوضوح عن عدم اكتراثها بـ "بقاء الوطن ووحدته واستمراره".

• أقول: أخي كهال إن رجاءك في محله إذا كنت ممن ينتقدون الفكرة من باب النقد البناء ولكن أرجو أن لا يكون دافعك هو مخاوف القومية السائدة لأن القومية السائدة هذا دأبها والتوجس الدائم من أي توافق يرعبها بل تعمل على إيجاد من يرفضه ويدافع عنه وأنا بدوري أرجو من الله أن لا تكون أحد المدافعين المغرر بهم دون أن يدروا بخطورة ما يقومون به تجاه بني قومهم، وعدم قبول الوثيقة شيء طبيعي لأن (رضا الناس غاية لا تدرك)، وأهم ما في الأمر هو اقتناع أصحاب المشروع، أما أن الوثيقة لا تكترث ببقاء الوطن فليتك أسعفتنا بالفقرة التي تتحدث صراحة بهذا الشكل، لأن الكمال لله وحده.

• بالقطع سيتواجه المبادرة بمعارضة قوية أولاً لجهويتها الصارخة... ولنقرأ... (أن لا تخصم فاتورة بقاء الوطن ووحدته واستمراره من رصيد مجتمع المنخفضات بمفرده).

• أخي كهال: نعم يجب أن يدفع فاتورة الوطن الكل وليس جهة بعينها فلا أدري أين وجه الغرابة؟ فقل لي بربك بماذا تفسر وجود معسكرات اللاجئين في كل من:(ألبو - موقولو - كرن - قندع) وأغلب سكانها من أبناء المنخفضات وهي معسكرات لا تتوفر فيها أبسط وسائل الحياة بينما سمح للمستوطنين ببناء البيوت ودور العبادة واستصلاح الأراضي التي ترجع ملكيتها لساكني المعسكرات.

• فللنظر ونتمعن في الفقرة الطويلة الموالية... حيث ترغب الوثيقة في تغيير الحدود الموروثة عن الاستعمار والمعترف بها على مستوى العالم كله بهدف خلق واقعا جديدا ينسجم ويتطابق مع مشروع التقسيم ويؤيد مخرجاته.

• أخي كهال: وهل توافق على الوحدة القسرية التي كانت نهايتها حرباً استمر لأكث من نصف قرن في جنوب السودان حتى باتت تهدد كيان السودان؟ فأي شيء قسري نهايته هي الفشل أو الاستمرار بدون تراضي أو العيش في ظل بلد تسوده طبقتين سادة وعبيد، ومن أجل ذلك جعل الله الطلاق مخرجاً للزوجين فما بالك بأجناس وقوميات لا تتوافق في الفكر والتوجه ولا تقبل ببعضها البعض.

• (وهي كافية للتدليل على نية التقسيم: (إن التدخل القسري للاستعمار الغربي في العالم الثالث بشكل عام والإيطالي في إرتريا بشكل خاص لم يعمل على إجهاض التطور الطبيعي لهذه المكونات الاجتماعية فحسب، بل تسبب في احتواء مكونات غير متجانسة في حدود دولة واحدة من ناحية، في حين فصل بعض المناطق عن امتداداتها الطبيعية عبر حدود دولية تفصلها من ناحية أخرى، الأمر الذي حال دون اكتمال بناء وحدات قومية متجانسة ثقافيا واجتماعيا ضمن إطار الدول الناشئة، مما أدى لحالة من عدم الانسجام وضعف عناصر التوحد التي تشكل ملامح الدولة الأمة ضمن الحدود الجغرافية للوطن المشترك) إلي أن تقول: (لا يمكن إن يظل المجتمع "المنخفضات" أسيرا للتصورات المثالية بـ تحمل مسؤولية حماية الوحدة الوطنية من جانب واحد، على حساب مصالحه وحقوقه).

• أخي كهال: وهل تشكك في ذلك؟ أقول هذا لعلمي بأنك رجل واعي ومثقف وتعرف ما يعيشه المجتمع الارتري الذي أوجدته إيطاليا في هذه الرقعة التي اقتطعتها من أصلها الذي كان جزءا من الحبشة التاريخية وأطلقوا عليه الاسم الذي يحمل.

• ومن حسن الحظ ان اليد العجولة والضائعة التي صاغت النقاط "بيت القصيد" تكشف عن نفسها ومراميها المفضوحة. ولتتمعن معي عزيزي القارئ حول السهم الذي رسمته تلك اليد عن إقليم دنكاليا وكيف أنه يشير على الإقليم أن يذهب ناحية أثيوبيا... ومع كونه جزء من المنخفضات وتربطه بها أواصر الدين والثقافة... والإقليم الجغرافي، وله خياراته وقواه السياسية في إطار العمل الوطني، ولديه امتداداته عبر الحدود الإثيوبية والجيبوتية.

• ألا يشير السهم بوضوح وجلاء إلى الاتجاه الذي يجب إن يتجه إليه إقليم دنكاليا العزيز على قلب كل إرتري؟ هل نحن أمام مؤامرة حقيقية تم فيها تقرير مصير إرتريا ونحن نيام؟

• هذه الجزئية من تعليقك تدخل في باب (كلمة حق أريد بها باطل) أما قولك إقليم دنكاليا العزيز على قلب كل إرتري تذكرني بترديد السودانيين لكلمة مشابهة تجاه الجنوب سابقاً وتجاه الغرب والشرق حالياً فإذا وجد شخص من أهل الغرب أو الشرق يسأله بالطريقة السودانية (من وين في الأهل؟ من الشرق: ايوا من شرقنا العزيز - أو غربنا العزيز) وهذه عبارات للاستهلاك المحلي ولا مكان لها فيما يتعلق بالأوطان لأن أبناء القومية السائدة أيضاً يستخدمون كلمات مشابهة خاصة إذا حمي الوطيس كأن يطلقوا كلمات التمجيد والثناء والإطراء (أييه جقننت، مساخوم ولا كم عيني مرفيء تطبب - عدي بجكاخوم وانا يبلان ...إلخ) ثم بعد انقضاء المعركة أو المصلحة (بعب نسخن - جلفافات - عباي سودان - طحاي سودان - عدي بدمنان بقلظمنان أمطيئنايا ...إلخ) وغيرها من الألفاظ الاستفزازية، أما المؤامرة التي تحاول إلباسها بني جلدتك الذين تستعير منهم فقد دفعنا ثمنها أكثر من أربعون عاماً قبل الاستقلال وأكثر من عشرون عاماً بعده فمن الذي يتآمر على من؟

ختاماً:
أرجو من الأستاذ كهال إعادة قراءة التقرير مرة أخرى ويتواصل مع أصحبا المبادرة وطرح ما يراه دون خلط الأوراق لأن تشتيت الأفكار يخدم أصحاب الأجندة الخفية والمؤامرة الحقيقيين لأن إرتريا منذ أن اكتسبت اسمها لم تؤتى من أهل المنخفضات ومن يقول غير ذلك فليأتنا بدليل مشكوراً مأجوراً. وقديماً قيل (بقوع لترئيتو ودي وحوان مولاد لعلِّب) والمعنى القوي يفعل ما يريد والضعيف يراعي صلة الرحم.

والله الموفق

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click