هل كانت شطحات أم توضيحات؟

بقلم الأستاذ: إسماعيل موسى

ردا على أخي العزيز الدكتور عمر زرآي وإلى كل من يقرأ كلامي ويحاول أن يفهم قبل أن يحكم!

أولا: أشكر اللجنة التنسيقية ليوم المعتقل الإرتري على جهدها الجبار وما قدمته من عمل للتذكير بقضية المعتقلين

ثانيا: أريد أن أنبه إلى أن ما أكتبه أدناه هو مناقشة لما أورده الدكتور عمر في مقاله أو تعليقاته التي تلت المقال ولا يتعرض لشخصه بأي حال من الأحوال وأي تعرض له في شخصه سيتم حذفه من التعليقات. الرجل أعرفه وجمعتني به محطات ومواقف لمست من خلالها حبه لشعبه ووطنه ومدى حرصه على وحدة هذا الشعب.

وبعد هذه المقدمة أزدلف إلى الموضوع وأسلك فيه طريقته في السرد حيث سيكون على شكل نقاط أو "رسائل" ويكون المعني بها هو أولا وثانيا من أيده في ما قاله:

1. النقطة الأولى: هي قضية مسفن حزن وسأسميه حزن لأن حقوص بالتجرنية تعني الفرح أما هذا الرجل فهو في رأيي ورأي الكثيرين من أبناء هذا الشعب كان ضمن مجموعة ادخلت الحزن في الشعب الإرتري ولذالك حق لنا أن نسميه مسفن حزن بفتح الأول والثاني وسكون الثالث.

المعروف أن سيد حزن هذا كان أحد أعمدة النظام الذي أسر واعتقل أكثر من 500 شخص في أيام متقاربة بعد التحرير. كان يومها وزيرا للدفاع وهذا يعني أنه كان صاحب رأي وقوة في داخل النظام وكان له تأثيره وكلمته ومن يعرف إرتريا في التسعينات عرف أن أسياس لم يكن يحكم وحده وقوته الفردية وسطوته كانت نتاج قوى من حوله.

تنظيم الجبهة الأحادية الذي يحكم إرتريا اختار هذا الرجل وزيرا للدفاع وقائدا عاما لقوات الدفاع الشعبي فلماذا لم يستخدم قوته العسكرية لتعديل المسار وإحقاق الحق. لماذا لم يعترض على ما كان يحدث في الداخل؟ ما ذا كان دوره في الموقف الذي اتخذه التنظيم بإبعاد كل المخالفين والمعارضين عن أرض الوطن بعد التحرير؟ كثيرة هي الأسئلة ولا يجيب عليها إلا لسان الحال لأن لسان مقاله لا يتقن سوى التملق والكذب.

2. ثانيا: المسألة ليست مسألة دعوته بقدر ما هي مسألة دفاع حضرتك المحموم عنه وكأنك تدافع عن إنسان شريف لم يتعرض للشعب بشئ تدافع عنه وكأنك المحامي الذي درس المسألة من كل نواحيها فتوصل إلى أن الرجل شريف وبريئ مما حدث، ثم تنصب نفسك قاضيا لتعلن براءته وتعترض على كل من يتهمه أو يعترض على حكمك ببراءته. فما هكذا تؤخذ الأمور يا دكتورنا الفاضل.

3. ثالثا: هل الألقاب والأوسمة حجب أبدية؟
الألقاب توهب للشرف وكل شرف يهب لك من قبل الشعب يمكن أن ينزع عنك إن أتيت بما يخالفه. وأفعال الإنسان بأمس قد تعززها أو تهدمها وتنسفها أفعاله اليوم. ولهذا فإن كلمة مناضل عند الشعب الإرتري وسام شرف لا يستحقه إلا من أبلى البلاء الحسن من أجل هذا الشعب وثبت عليه.
تقول في بعض تعليقاتك: " الألقاب التي يحصل عليها المرء عن جدارة لا يمكن ان تمحيها العواطف" وأنا اقول لك نحن لا نتحدث بعواطف ولكن بمنطق أن الخائن خائن والألقاب التي ينالها الإنسان في فترة من حياته لا يمكن أن تكون درعا يقيه من المسائلة كما لا يمكنها أن تكون وسام أمان ينحت في جبينه لا يبدل ولا يغير مهما ارتكب في حق الشعب.

السيد مسفن حزن وغيره استحقوا لقب المناضل في الماضي لأنهم كانوا يناضلون من أجل الشعب، أما وقد خانوا العهد بعد التحرير ووقفوا ضد خيار الشعب وحاولوا استعباده فمن حق الشعب أن ينزع عنهم هذه الألقاب والمسميات. وبإختصار تصفيقنا لجدارتك بأمس لا تحتم علينا أن نصفق لإخفاقك اليوم.

4. رابعا: هل مسفن حزنك هذا حقا همام؟
ومواصلة مع طريقة سردك وإختيارات ألفاظك أقول أطلقت على مسفن حزن هذا "الرجل الهمام" فدعني أتوقف مع الهمام هذه، فالهمام قد تعني الاسد أو السيد الشجاع أو السخي الكريم وقد تعني غير ذالك ولكن هذه هي الاستخدامات الأنسب في سياق كلامك. فلست أدري عن أي سيادة أو كرم تتحدث. رجل لا يحمل في نفسه إلا التطرف والتفكير الأحادي. ولكن لا أرى هذا إلا حمية لا يحكمها عقل.

5. خامسا: الدعوة إلى الفعالية
بما أن الدعوة كانت عامة والرجل لم تقدم له دعوة شخصية بل أتى تلبية للدعوة العامة كغيره من أفراد الشعب، وبما أن منشورك لم يكن باسم اللجنة التنسيقية فبأي وجه تقول أن الرجل أهين في دارك. فالمكان لم يكن دارا لفلان وعلان بل كان مقصدا لكل الإرتريين وإن كان ثمة إعتذار فهذا يقدم من قبل اللجنة أما حضرتك كفرد لا يتوجب عليك وليس من مهامك أن تعتذر ولكن إذا قررت اللجنة أن تعتذر فذاك شيء آخر.
والعجيب يا دكتور أنك تقول "هذه هي المرة الثانية التي يلبي فيها العودة لفعالية تتاح لي فرصة تنظيمها" وبما ان الفعالية الأولى كانت بدعوة شخصية له فهذا يعني أن الرجل قدمت له دعوة شخصية وتلك مسألة أخرى ليس هذا محل نقاشها.

6. سادسا: فعالية 2003
من العجيب يا دكتور أنك أوردت حضوره للفعالية التي أقيمت عام 2003 في جامعة أفريقيا، وكأنه يمتن علينا، ولم تعلق بشي مما حدث في ذالك اليوم. لا أظنك يا أخي الفاضل أنك نسيت ما قاله وما حدث نتيجة لإجابته. دعني أذكرك إن كنت قد نسيت أو أنبهك إن كنت قد غفلت، أحدثك بما حدثني به من أدار الجلسة في تلك الأمسية. يقول محدثي عندما سأل مسفن حزن هذا عن المعتقلين في تلك الليلة أجاب بعدم علمه بشيء كهذا! أليس هذا عجيب يا دكتور. وأنا أتسائل وبعد مرور 13 عاما على تلك الجلسة كيف عرف هذا الرجل بوجود معتقلين اليوم وهو بعيد عن أرض الوطن ولم يعرف بوجودهم وهو في سدة الحكم. أم إنه كذاب منافق لا يهمه أمر الشعب ولا تلك البيوت التي لازالت تنتظر عودة آبائها بقدر ما يهمه نيل المكسب السياسي.

7. هل المتهم بريئ حتى تثبت إدانته؟
هذه الجملة تحمل في طياتها ثلاثة أشياء. الإتهام، البراءة والإدانة. وتبرئة القانون للمتهم لا يعني زوال الشبهة. فلو حسبنا الأمر بطريقة رياضية ومنطقية نجد أن احتمالي البراء والإدانة متساويان. بمعني أنه بريئ بنسبة 50% ومدان بنسبة 50%. أما إذا رجعنا إلى المغزى القانوني للعبارة فالعبارة مقصدها أن المتهم لا تطبق عليه أي عقوبات حتى تثبت عليه الجريمة ولكن لا يعني أنه لا يحقق معه ولا يحتجز أو يسائل. وعليه أن تقول أنه بريئ وتهبه الحصانة القانونية لا تعني بأي حال من الأحوال زوال التهمة.
وهناك ثمة نقطة أخرى تغافلتها حضرتك، وكل من استخدم هذه العبارة تعليقا على كلامك، وهي أن هذه المقولة صالحة في الأحوال العادية التي يوجد فيها القانون وهذا الرجل لم يؤسس لدولة القانون يوم كان في الدولة فلست أدري بأي قانون نحاكمه؟ أليس من العدل أن يحاكم بقانون عدمية القانون - أو اللاقانون - الذي أسسه. ولكن ومع هذا لأن في الضحايا "رجال همام" تأبى نفوسهم الظلم وتعشق العدل فسوف لن يحاكم على قانون الغاب الذي أسسه هو بل على قانون العدل والإنصاف الذي لا يكون إلا عن بينة.

8. ثامنا: الرعيل الأول مشكورون أم متهمون؟
في مطلع منشورك تشكر حيوتي على رسالته التي قدمها نيابة عن الرعيل الأول وهذا شي جميل ولكنك في ذات الوقت تستردف في بعض تعليقاتك قائلا: "من مزق الثورة وفتتها في رأيي هو من سلم سلاح الثورة وعرق الشعب الإرتري للجيران، وعاش يفرخ في الفصائل" ولا أرى هذا إلا تناقضا عجيبا لا يقبله العقل. وفيه قصور لفهم حقيقة ما حدث وعدم إدراك للوقائع التأريخية التي أدت إلى تلك النتيجة. أما التناقض فهو أن من بين الرعيل الأول من كان ضمن تلك المجموعة التي ذكرتها بأنها مزقت الثورة وفتتتها وبما انك كنت تقدم لهم الشكر فلم يكن من المناسب لفتح هذا الملف بهذه الطريقة العرضية التي أوقعتك في هذا التناقض. أما ما سميته بعدم الإدراك للوقائع فهو كلامك عن ما حدث وكأنه شي طوعي قاموا بها عن رضى نفس وطيب خاطر.

9. تاسعا: إننا نطالب بالحرية لكل المعتقلين ولكن في ذات الوقت فرق كبير بين أصحاب ال 25 عام وأصحاب العشرة والخمسة عشر أعوام. فبالحساب الزمني 10 أعوام عمر طويل في حياة الفرد فكيف بك تتهم أولئك الذين حاولوا أن يوضحوا هذا بأنهم "ضحايا".

10. عاشرا: قدمت العذر ولكن
اعتذرت مقدما ولكن ست نقاط من ضمن عشرة نقاط قدمتها كانت اتهامات وانتقادات بدلا أن تكون توضيحات. فبعض هذه النقاط بدأتها بالتهم وبعضها الآخر ذيلته بالتهم والإنتقادات حتى صارت توضيحاتك إبهامات.

11. الحادية عشر:
بما انك كنت ضمن اللجنة المنظمة فكان عليك توخي الحذر وعدم الخلط بين مهامك في اللجنة وآراءك الخاصة كفرد من أبناء هذا الشعب.
وأخيرا أتمنى أن تتقبل كلامي بصدر رحب. واعذرني ان كنت قد اخطات في حقك او بدر مني شي يسيئ اليك. وما قلنا ما قلناه إلا طلبا للإصلاح فإن وفقنا فذالك خير وإلا فلسنا عن آراءكم وتعديلاتكم بمعرضين.

والسلام على كل محب للعدل والإنصاف

Top
X

Right Click

No Right Click