محنة اللجوء واللاجئين الإرتريين منذ عام 1967 - الحلقة الأولى
إعداد: صفحة حامد إديس عواتي
عودة اللاجئين الإرتريين الى اراضيهم الأصلية، الى اراضى اجدادهم من "الثوابت الوطنية" وجميع المستوطنات
والمستوطنين تعتبر غير شرعية وغير قانونية وعليهم ان يعلموا ان الأراضي ليست "أرض بلا شعب" ولكن شعبها محبوس وممنوع من العودة حسب اجندة استيطانية ممنهجة وخبيثة من قبل العصابة المتحكمة على السلطة المغتصبة فى ارتريا، ولكن غدا لا بد رجوع الحق الى اصحابه بعد رحيل النظام الطائفي والإقصائي البغيض.
إنّ تاريخ وقصة اللجؤ واللاجئين فى ارتريا قصة مثيرة، دراماتيكية، مخجلة ومؤلمة لأنها منسية ومهمشة من الجميع ومستمرة حتى بعد تحرير الأرض، التى حررت بدمائهم منذ البداية ودفعوا الثمن غاليا من التشرد، اللجوء، الدمار منذ تفجير الثورة والسبب، تحَكم على الوطن عصابة غير شرعية بقيادة الطاغية أفورقْ، التى عرقلت متعمدة رجوع اللاجئين الى اراضيهم الأصلية المحررة.
عكس من ذلك لقد سلبت اراضيهم واستوطن فيها شعوب آخرين من مناطق ارتريا آخرى وهذا ليس مصادفة ولكن تمشيا مع منهج وبرنامج "اندنت - نحنان علامانان" الذي يتبناه الديكتاتور، والهدف واضح وهو استيلاء على الأراضي وخلق واقع جديد وتغيير ديمغرافي اما اللاجئين يمكنهم ان يستمروا العيش فى معسكراتهم الى الأبد كما ذكر (فى مقابلة سخيفة من وزير خارجية افورق ذو مستوى ثقافي متواضع مع صحيفة سودانية) أو "يتسودنوا" (يحصلوا على الجنسية السودانية) ويعيشوا فى السودان تحت حكومة الشمال المتحكمة على ارض السودان وشعبه، كما هو الحال مع "خدام" افورق يرددوا ما يقوله سيدهم وبأسلوبهم الخاص وعلى حسب فهمهم.
• لماذا لم يعودوا اللاجئين الإرتريين الى بلدهم واراضيهم بعد استقلال ارتريا؟
• لماذا وزع اراضيهم واستوطنوا فيه اقوام آخرين، واصحاب الأرض الأصليون والحقيقيون يعانون فى معسكرات اللاجئين منذ عام 1967؟
• لماذا الشعب الإرتري نسى وتناسى "اللاجئين" الإرتريين؟
• ماذا فعلت التنظيمات السياسية من اجل اللاجئين؟
• ماذا قدمت وتقدم المنظمات الإنسانية والحقوقية للاجئين الإرتريين؟
• هل نحن مقصرون تجاه اللاجئين الإرتريين؟ ماذا نستطيع ان نفعل ونقدم؟ وما هي الحلول؟
قصة اللجؤ بدأت عام 1967 (قبل 44 عاما) وكانت الى شرق السودان، ويتواجد لاجئون ارتريون بأعداد كبيرة فى كل من السودان، اثيوبيا، اليمنوجيبوتي، كذلك يعيشون كلاجئين ومغتربين فى كثير من دول العالم مثل دول الخليج، مصر، اوروبا، امريكا، استراليا الخوكذلك حصل لجؤ داخلي من القرى المحترقة ومدمرة الى داخل المدن مثل كرن واغردات وغيرها.
اما الأعداد غير معروفة لأن لا توجد احصائيات دقيقة ولكن يقدر اعداد الإرتريين فى السودان اكثر من مليون نسمة، واللاجئين فى اثيوبيا حوالي 70.000 نسمة، هذا غير العائشين هنالك منذ سنين مغتربين أو مواطنين
واللجؤ لا زال حتى يومنا هذا مستمر (بعد 20 عاما من التحرير) والجميع يعلم ويسمع قصص اللاجئين الإرتريين الذين يموتون فى الصحراء والبحار وفى سيناء وسجون ليبيا ومالتا ولا يزال مسلسل اللجوء مستمر.
كيف بدء اللجوء وماذا كانت الأسباب؟ جولة حول ما كتب عن هذا الموضوع فى هذه المحاولة المتواضعة للبحث فى العمق عن هذا الموضوع المهم والحساس.
هكذا بدأت القصة: "من المعلوم أن أول فوج تم إستقبالهم كلاجئين علي الحدود السودانية كان في مطلع شهر مارس من عام 1967م في منطقة قلسا الحدودية الي الجنوب الشرقي من مدينة كسلا وكان عددهم الف لاجئ ولم تمضي اسابيع حتي تضاعف العدد ليصل الي أكثرمن سبع عشرة الف لاجيئ"
وهذه كانت اسباب اللجؤ: "فعندما ألغت الحكومة الإثيوبية الحكم الفيدرالي وضمت إرتريا الي إثيوبيا قامت بتصفية الوطنيين من الإرتريين وعندما عجزت عن أخماد جذوة الثورة لجأت الي الإنتقام من المواطنين العزل بمعاونه وتنفيذ عملائها من حزب الأندنت ومليشياتهم التي كانت تعرف بالشفتا والتي تم إعادة تدريبها بواسطة خبراء إسرائيلين وتم تسميتها "الكوماندوس" والتي ارتكبت كل جرائم القتل والحرق والإبادة الجماعية التي طالت كل الريف الإرتري".
"سياسة الأرض المحروقة لتجفيف منابع الثورة: هذه السياسة وضعها الإمبراطور هيلي سلاسي ثم صهره الأمير أسراتي كاسا ممثل الإمبراطور في إرتريا حيث قال الأول: (أنا لا أريد شعب ارتريا ولكن أريد أرضها) وقال الأخير: (سأجعل ارتريا جرداء مثل صلعت رأسي - لأنه كان أصلعاً) كل هذه التهديدات راحت أدراج الرياح وأصبح الريف الارتري مرتعاً للثوار فبدأ العدو بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة بهدف تجفيف منابع الثورة وهو الشعب الارتري وخاصة إنسان الريف الذي تحمل إطعام الثوار وإرشادهم ونقل الأخبار وتحركات قوات العدو لهم، فكما تقول الحكمة الشهيرة ( إذا أردت قتل السمك، جفف البحر) فبدأ العدو بحرق القرى وقتل المواطنين ونهب مواشيهم وكان لهذه الفئة المجرمة الآثمة الدور الكبير في ارتكاب أكبر الجرائم وأبشعها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر."
حكومة الإقطاعي والفاشي هيلى سلاسي كانت تتبع "سياسة الأرض المحروقة" وكان همهم الأول والأخير "الأرض والبحر الإرتري" وليس الشعب. وكانوا يظنون ويتوهمون باستطاعتهم تدمير الشعب الإرتري واستيلاء على ارتريا عن طريق التخويف، القتل، الذبح والحرق ولكن لم يستطيعوا مع انّ الثمن كان غالي جدا ولم ينجحوا في ذلك بل فشلوا وانهزموا ودحروا من ارتريا وفرّ مهزومين وثورة ارتريا التى اطلقها الشهيد البطل حامد ادريس عواتي غيرت مجري التاريخ والخريطة فى المنطقة بأكملها. ولكن الشعب الإرتري دفع الثمن غاليا الضحايا من الموتي، المعوقين واللاجئين الذين فرّ بعد ان احترقت قراهم بأكملها من طرف "الكوماندوس المجرمين" و"طورسراويت المتوحشين" و"الباندا طرق المتزمتين" و"الجواسيس والعملاء المندسين من بقايا "حزب اندنت" وآخرون..
الأطراف الأساسية التى ساهمة فى حرق القرى الإرترية هي:
حكومة هيلى سلاسي الإقطاعية وجيشها من الطور سراويت (اثيوبيين)
الكومندوس (الكومانديس) قواة خاصة من الإرتريين المسيحيين (اكثر من %95 مسيحيين ومن المرتفعات الإرترية)
المساعدات المادية والعسكرية الإمريكية وخبراء ومستشارين من الإمريكان.
المساعدات الإسرائيلية وخاصة فى تدريب الكومانديس فى دقي امحري.
بقايا "محبر اندنت" من الجواسيس، والموظفين (خدام اثيوبيا).
اقتصر تجنيد "الكومانديس" على شباب المرتفعات المسيحيين ومن عوائل مخلصين خدموا إثيوبيا بالوراثة واول جنرال للكومندوس كان جنرال قويتؤم قبرزقي - من مواليد عام 1925م فى قرية مفالسو من قرب من مندفرا (سرايي). عمل كمدرب فى دقي امحري وبعده اصبح جنرال آخر وهو زرأماريام أزازي (من قبائل المنسع) الذي استطاع ان يجند نفر من المنسع، كما تمكن السيد امبايي هبتي من تجنيد نفر من البلين (ترقى) ونفر قليل من الكوناما وكان شامبل ياسين مشهورا بعدائه وتحديه للجبهة حتى هلك فى معركة ضد الثوار كما هلكوا وذاقوا الويلات جميع الكومندوس الذي وقفوا ضد ثورة الشعب الإرتري وفى النهاية انتصرت ثورة الشعب الإرتري وهزمت امبراطورية الجهل والحقد مع معاونيها من كومانديس وغيرهم واصبح التراب الإرتري مستقل ولكن لا يزال الشعب الإرتري يكافح من اجل حريته التى اختطفها منه الطاغية افورق وزبانيته أليوم الشعب الإرتري بعد ان ضحي لأكثر من 30 عاما، يعاني من نظام عصابات غير قانوني وغير شرعي يتفنن في تعذيب الشعب الإرتري ولا بد للشعب الإرتري ان "يثور" ضد الظلم والطغيان لتحرير الوطن من الإستبداد.
"الكومانديس" وما ادراك ما "الكومانديس؟ سباب اساسي ومباشر للجوء الإرتريين!
قصص وروايات عن "الكومانديس" (ينطق هكذا بدل "كومندوس" من كثير من ناطقين التجرنية) كانت كثيرة ونحن اطفال وشباب كنا نحكي ونعيش مآسي ومعانات الشعب التى كان هؤلاء الأغبياء يسببونها للشعب وهم كانوا من تسببوا فى حرق وقتل عشرات الألاف من الشعب الإرتري، وفرّ الكثير منهم الى السودان لاجئين، حتى اليوم منذ عام 1967 (شيئ لا يصدق، بعد 20 عاما من تحرير الوطن لا زالوا لاجئين!!!).
المجند لكي يُقبل ويصبح "كومانديس" يمر بعدة اختبارات ومنها:
الفحص الطبي (متعافي تماما وطول معين)
يكون شخص أمي وأحمق (جاهل ومتعافي) وكان يسألوه اسئلة مثل: كم لتر يمكن للثور ان يحلب؟ اذا اعطى ارقام ينجح (لا يميز بين الثور والبقرة) وهو من نفس الفصيلة وهذا كان المطلوب (هذه من بعض النكات المتداولة فى تلك الأيام).
يكون من الأرياف جاهل ومتشبع بكراهية واحتقار المسلمين (لأن اثيوبيا كانت تتهم الثوار الأحرار الإرتريين بأنهم عصابات مسلمة وهدفهم بيع ارتريا للمسلمين والعرب، فويل للمسيحيين اذا انتصرت ثورة المسلمين. لقد نجحت هذه الرواية التافهة لخلق جيش من الكومانديس حاقدين ومستعدين ان يحاربوا ويموتوا من اجل الدفاع عن اثيوبيا الأم والمسيحية).
شخص جاهل ومصدق بأن الثورة الإرترية مكونة من "شفتا" المسلمين وعصابات وليس ثوار.
الكومانديس و "باندا طرق" و"نطي لباش" كانوا من المعاونين من المليشات الإثيوبية من الإرتريين من اخوان الكومانديس والهدف كان محاربة الثورة الإرترية وابادتها تماما.
سبب اللجؤ من المدن والقرى الى الثوار والى السودان كان بسبب الكومانديس وجرائمهم ولكن تاريخهم وجرائمهم لم تكتب وتوثق حتى الأن لأننا نسينا أو تناسينا أم ماذا. لست أدري؟
والكومانديس اصبح شخص مكروه ومحتقر فى المجتمع الإرتري ولكن عند اهله كان يعتبر بطل، يحارب المجرمين وكانوا يغنون فى زواجهم بمثل الكلمات التالية:
"تعاويتولي كومانديس كوينوليي كومانديس اذي حادي وديي كومانديس كوينولي كومانديس تخاحلى انكيلاي كومانديس ايي بلا كومانديس"
"فزت يا فرحتي اصبح ابن الوحيد من الكومانديس قل للفتاة الكَحِيلة انك من الكومانديس"
يعني فرحين به هذا الجاهل المتعافى شيء عجيب.
دور ومشاركة الكيان الصهيوني كان واضحا، فهم كانوا يدربوا الكومانديس فى مدينة دقي امحري (حوالي 35 كيلومتر جنوب-شرق العاصمة اسمرا).
"كان لدى إسرائيل دزينة أو أكثر من المستشارين لمكافحة التمرد متمركزة في اريتريا. هؤلاء المستشارون نظموا ودربوا وزودوا القوات الخاصة الاثيوبية (كوماندوس) وحرس الحدود، وكان عددهم 3200 (كوماندوس) و 1200 (حرس الحدود)، بحلول عام 1974. كذلك، شارك الإسرائيليون عندما امتد النزاع الاريتري عبر الحدود الى السودان.
المصدر: "النزاع" ربع سنوية: اسرائيل واثيوبيا: من العلاقة الخاصة إلى علاقة براغماتية
تأليف: Michael B. Bishku صفحة 46"
قصة اللجوء واللاجئين الإرتريين قصة مؤلمة وطويلة ولم تنتهي حتى بعد 20 عاما من تحرير ارتريا المآسي لا تزال مستمرة التشرد فى ازدياد وربنا يهون ويفرج ان شاء الله.
أُمُّةٌ لَا تَعْرِفُ تَاَرِيِخَهَا، لَا تُحْسِنُ صِياغَةُ مُسْتَقْبَلُهَا!