النظام الإريتري وصراعات دول الجوار

بقلم الأستاذ: سمير محمد - كاتب وناشط سياسي إرتري

النظام الإريتري لأكثر من عقدين من الزمن مازال يمارس همجيته وقمعيته الممنهجة

تجاه الشعب الإريتري المغلوب على أمره بالرغم من أنه لا مبرر له لممارسة تلك السياسة الوحشية من انتهاكات حقوق الإنسان كالاخفائات القسرية وزج أحرار الرأي في السجون والتجنيد الإجباري الغير منتهي المدة الذي يخدم فقط مصلحة النظام لتسيير أجندته والأفضل تفسيره بأنه أحدث أنواع العبودية في القرن الواحد والعشرين والتي مازالت الحكومة الإريترية تنفذها بحجة أمن الوطن ولا صحة لذلك بكل تأكيد.

ولكن كما هو معلوم بأن النظام الإريتري يتفنن في اختلاق الظروف والأسباب لتجنيد الشعب وزرع الأوهام في عقول الشعب بأن مازالت الدولة تحت خطر التهديد لما يتطلب تجنيد الشعب. ولكن في أرض الواقع لم تعد تلك الحجة فعالة بعد السلام الذي تم تحقيقه مع الجارة أثيوبيا وسقوط جبهة تحرير تقراي من سدة الحكم لأثيوبيا لهذا السبب لم تعد تلك الأسطوانة فعالة لنظام اعتاد على زرع المشاكل والخلافات مع دول الجوار في القرن الأفريقي لعسكرة الشعب لتنفيذ مخططاته واستمرار بقائه في السلطة.

لهذا السبب من الممكن وليس بمستغرب أن نرى خلافات مع دول الجوار كما حدث فعلا سابقا على سبيل المثال توتر العلاقات مع جيبوتي والسودان والتدخل الغاشم في الشأن الأثيوبي لدعم الحكومة المركزية ضد جبهة تحرير تقراي. في الفترة الأخيرة قام النظام الإريتري بحملات تجنيد إجباري واعتقالات تعسفية لمن لا يرضخ لسياسة العسكرة الهمجية التي تفرضها الحكومة الإريترية.

وبحسب مواطنين إريتريين في المنفى أقروا بحدوث ذلك الأمر بل وشملت حملة التجنيد الإجباري لتطال من هم ليسوا في الفئة العمرية للتجنيد!. بكل تأكيد تبين هذه السياسات من قبل النظام الإريتري في الوقت الحالي وفي ظل عدم وجود خطر يهدد أمن الدولة وحدودها بأن النظام يخطط لخلق أزمة جديدة كما اعتاد على خلقها لتبرير سياسته لزج هؤلاء المجندين في أزمة ونزاعات ليس لها داعي من الأساس.

وفي نهاية المطاف يدفع المواطنين الإريتريين الثمن ليس إلا لإمكان نظام يريد استمرار هيمنته على السلطة لتحقيق مصالحه دون غيرها على حساب الشعب. إن هذه السياسة أو المنهجية المتبعة من قبل النظام الديكتاتوري الإريتري ترى من أفراد المجتمع ما هو إلا أداة يتم استخدامها لضمان بقاء مصالحه دون اكتراث لعواقب تلك الممارسات.

ولعل لنظام استخدم كامل ممارسته القمعية المفرطة على المستوى الداخلي للبلد أن يبدأ بإشعال نزاع خارجي في المنطقة قريبا ولا يمكن استغراب ذلك هذا ما اعتدناه من النظام الإريتري طيلة فترة حكمه للبلاد وقد كانت أحد أهم ركائز بقاء هيمنته على السلطة.

هذا ما هو عليه الحال أصلا في منطقة القرن الأفريقي التي تشهد في الفترات الأخيرة تحولات خطيرة تبين حالات عدم الاستقرار لدول الجوار كالحرب الأثيوبية الأخيرة واشتعال النزاعات في الصومال بين الحكومة وحركة الشباب المتشددة. وقد أقرت الحكومة الصومالية بأنها أرسلت مايزيد عن أربعة آلاف جندي إلى إريتريا لتلقي التدريبات والاستعداد لمكافحة حركة الشباب في الصومال.

كما هو معلوم من طريقة سيطرة النظام الإريتري على حكم الدولة أن كل حالات عدم الاستقرار في المنطقة تصب في مصلحته لإثبات حالة الخطر المهدد للدولة وبذلك برمجة عقول الشعب لتأييد عسكرة الشعب وإظهار أحقيته للعب دور الأجدر لضمان أمان الدولة والتي في نهاية المطاف ماهية إلا لحماية النظام الحاكم واستمرار حكمه وبالطبع تحقيق مصالحه.

بالأساس منطقة القرن الأفريقي وما جاورها من دول مشتعلة بسبب خلافات مثل أزمة سد النهضة بين الدول الثلاث مصر وأثيوبيا والسودان واشتعال النزاع في الصومال بين النظام الحاكم وحركة الشباب المتشددة وحرب أثيوبيا بين الجيش الفيدرالي وقوات تقراي وتورط إريتريا بمساندة الجيش الفيدرالي الأثيوبي واندلاع الحرب حاليا في السودان والتي إذا جاز التعبير أن نسميها حرب الجنرالين والتي قد تشهد تحولات خطيرة في المنطقة وقد تصل صداها لدول القرن الأفريقي وأبعد من ذلك والتي قد تقود تداعياتها لحرب أهلية في حالة عدم التوافق بين طرفي النزاع. وبطبيعة الحال سيكون لإريتريا النصيب الأكبر من تداعيات النزاع الفتاك القائم في السودان، خصوصا أن العديد من أبناء الوطن الإريتري الفارين من حكومة أسمرا القمعية يعيشون في السودان وبطبيعة الحال يمكن فهم موقف إريتريا أنها سوف تنحاز للطرف المنتصر بكل تأكيد.

وكانت ولا زالت السودان وجهة العديد من معارضين الحكومة الإريترية على مر الزمان فبلا شك دعم الحكومة الإريترية سوف يكون للجيش النظامي لأنه لامحالة لقوات أو مليشيات الدعم السريع الصمود أمام الجيش السوداني ولكن قد يطول أمد الحرب بينهما. وهذا ما أكده تصريح الرئيس الإريتري في لقاء تم بثه على قناة ERI.TV الذي جاء مؤخرا بالرغم من بدأ النزاع لأكثر من ثلاثة أسابيع وقال فيه أنه يجب دمج قوات الدعم السريع مع الجيش السوداني.

فيمكن فهم من تصرف النظام الإريتري حيال الحرب في السودان أنه ليس في صالحه أن تستمر أزمة السودان لان تزعزع السودان قد يهدد عرش النظام القمعي الإريتري وقد يقود لشرارة انطلاق ثورة الشعب الإريتري لتوحيد صفوف العديد من معارضين الحكومة الإريترية وقد نشهد انحياز الجيش الإريتري في الداخل لصفوفهم الذي أنهكته سياسات نظام الاستعباد والزج بهم لخوض معارك ليس لهم بها أي مصلحة و حرب أثيوبيا الأخيرة خير شاهد على ذلك.

Top
X

Right Click

No Right Click