علاقة الدين بالسلطة في تدافع الإرتريين السياسي مناقشة لبعض الاستشكالات

بقلم البروفسور الدكتور: جلال الدين محمد صالح

بقيت العلاقة بين الدين والسلطة علاقة شائكة وحساسة، منذ أن كان الدين والسلطة قائمين

جـلال الدين محمد صالح معا، في حياة الإنسان، فعلى مدار تاريخ وجود السلطة والسلطان، لا تخلو السلطة في علاقتها بالدين، بين أن تكون على وفاق معه، إيمانا وتصديقا، أو تكون في شجار معه، ونفور عنه، كفرانا وتكذيبا، أحيانا تضطهده، وأحيانا تستغله، وأحيانا تهادنه، وأحيانا تحالفه، حسب قوة ونفوذ كل منهما في علاقته بالآخر، وحسب حاجة أحدهما إلى الثاني، وحسب خوف كل منهما من الآخر، وما زال كل من الدين والسلطة منذ القدم محل تدافع في حياة الانسان وتنازع، وسيبقى كذلك ما بقيت الحياة، وبقي الانسان فيها على أشده، إذ لا سلطة بغير إنسان، ولا إنسان من غير دين، وسلطة، ومجتمع.

والإنسان في تطلعه إلى السلطة وسعيه إليها، قد يكون مراده تمكين قيم الدين الذي يعتنقه، أيا كان هذا الدين وضعيا أم سماويا، ولكن أحيانا قد تشوبه حظوظ ذاته، مهما كان تمكين الدين حاضرا في قلبه ومعظما، وقليل من تنتفي عنه هذه الحظوظ انتفاءا كليا، أو غالبا، وفي هذه الحالة قد تحمله حظوظه الذاتية إلى أن يستصحب معه الدين تابعا لحظوظه هذه، في مواجهة خصومه، وتعزيز موقفه أمامهم، برفع لواء الدين عليهم، مع رميهم بالمروق عنه، وتحريفه، أو التآمر عليه، والأمر نفسه قد يفعله خصومه به، فيرمونه بخيانة الدين، واستغلاله، أو اضطهاده، وقد يزايدون عليه في المنافحة عنه، تجريدا له من أهم سلاحه، واستغلالا للدين منهم مقابل استغلال مضاد منه، إذا ما اقتضى الأمر ذلك، وبهذا يكون الدين نفسه محل تنازع، وقد يصدقون في فعل ذلك، من منطلق إيمانهم الصادق بالدين، وإخلاصهم له؛ ولكن أيا كان الأمر، فالمسألة جِدُّ خطيرة ودقيقة، لا تكاد تتبين معها الصادق من الكاذب، وسر دقتها هو التشابك الحاصل بين الدين والسلطة في حياة الانسان.

ومع أن الناس كثيرا ما يميزون بقرائن وبراهين يلمسونها، أو يلحظونها، بين من يريد السلطة لإقامة العدل للجميع، ولحماية حرية الدين والتدين للجميع، وبين من يريد الدين والتدين لحماية سلطتة الظالمة من الزوال والسقوط، يظل التشوش والغموض في تبين أي الطرفين أصدق من الآخر، قائما وحاضرا، وفي ظل هذا الغموض والتشوش، ربما يؤدى تمادي الطرفين في استغلال الدين ضد الآخر، إلى بلوغ حد الإنفجار، والإقتتال الطائفي، وهو ما يكون بالتأكيد دمارا على الجميع، ووبالا على الكل، ولا سيما في مجتمع كمجتمعنا الإرتري، التدين فيه متجذر عصبية لإرث الآباء والأجداد، لا فقها بالدين نفسه، وبمقتضيات الإيمان به.

لهذا قلت في مقالي الذي نشرته في عدد من المواقع الإرترية، بعنوان (ليس بالمواثيق وحدها تضمن حقوقك): "التدافع السياسي في إرتريا ليس تدافعا دينيا، وحذاري حذاري أن ندفع به نحو التدافع الديني، فيسلك مسلكا طائفيا... إنه تدافع سلطوي، بكل ما تمثله السلطة لكل الأطراف المكونة للمجتمع الارتري، من حماية للثقافة، والمصالح، والمعتقدات...".

كانت هذه الفقرة من المقال، هي أكثر ما أثارت تعقيبات وتعليقات بعض الأخوة المعترضين عليها، وكان من أهم هذه التعليقات - وكلها مهمة - ما استشكله الأخ حامد محمد علي (حركة) إذ رأى تناقضا بين سطورها، ففي حين ينفي السطر الأول منها أن يكون التدافع دينيا، جاء السطر الثاني ليؤكد إنه تدافع سلطوي، بكل ما تمثله السلطة لكل الأطراف المكونة للمجتمع الارتري، من حماية للثقافة، والمصالح، والمعتقدات".

فكيف تكون إذن السلطة بمفهومها هذا نقطة التدافع ومركزه، ولا يكون التدافع بشأنها في الوقت نفسه تدافعا دينيا ؟!.

إنه استشكال وجيه، وأفضل مدخل إلى مناقشته - كما يظهر لي - تحديد مدلول مصطلح (التدافع) بوصفه هو المستخدم في المقال، عوضا عن مصطلح (الصراع) أو (الصدام) وذلك من خلال توضيح مسألتين مهمتين في نظري هما.

أولا: مصطلح التدافع مصطلح قرآني، وهو أكثر دقة في وصف مختلف التجاذبات والتنافرات البشرية على سطح الأرض، وهو على نقيض مصطلح (الصراع) أو (الصدام) يتضمن التسالم والتعايش، بينما أول ما يتبادر إلى الذهن من مصطلح (الصراع) هو الحدة والعنف، في المواجهة، مع إفناء وإزالة أحد الطرفين للآخر، ولا يشتمل أبدا على معنى التعايش، والتنافس، والقبول بالآخر، مع الإختلاف معه، فالذئاب، والأسود، والفهود، والنمور مثلا، كلها حيوانات كاسرة، كل منها يتدافع فيما بين فصيله، لكنه لا يتعايش مع غيره، من الأبقار، والغزلان، والإنسان، وعلاقة هذا النوع من المخلوقات مع ذلك النوع منها، علاقة (صراع) لا علاقة (تدافع) بحكم أن أحد النوعين لا بد أن يقضي على الآخر ويزيله من الوجود نهائيا، والأقوى منهم هو من يزيل الأضعف.

ثانيا: التدافع منه ما يكون بالتي هي أحسن؛ لإنهاء حالة الصراع والعداوة مع الطرف الآخر، وتحويلها إلى حالة وفاق ووئام وتسالم وتعايش، كما في قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) وقوله: (ويدرؤون بالحسنة السيئة) أي يدفعون بالحسنة السيئة، وهو ما لا يكون مع الصراع أبدا.

ومن التدافع ما لا يكون إلا بالتي هي أسوء؛ لدفع ما هو أظلم، لا يمكن دفعه بالتي هي أحسن؛ لأسباب خارجة عن رغبة الذات وإرادتها، تفرضها إرادة الطرف الآخر وعدوانيته، كما في قوله تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) لكون الذين ظلموا يتعذر دفعهم سلما، وتصعب مجادلتهم بالتي هي أحسن، وغالبا ما يكون هؤلاء الظلمة من أهل الكتاب حملة نزعة طائفية عدوانية تآمرية، عكس من عداهم من عقلاء وحكماء أهل الكتاب، الذين لا يتدينون تدينا طائفيا في علاقتهم مع الآخر المخالف لهم، وقد يكون القتال هو وسيلة دفع ظلم الذين ظلموا، أيا كانوا، ومع ذلك يبقى القتال مجرد آلية دفع لا غير، من آليات التدافع الاضطرارية، يُسْتَخدَم في حدود مدلول التدافع، ومفهومه، ليس الغاية منه سحق الآخر وإفنائه، واجتثاثه من جذوره، عرقا وعقيدة، كما حدث للهنود الحمر في أمريكا، ولإنسان أستراليا الأصلي في أستراليا، وكما يحدث للفلسطينين في فلسطين المحتلة، أو تذويبه في كيان الغالب المنتصر بإكراهه على تبديل دينه، واعتناق عقيدة المنتصر، أو ترحيله قسرا، كما حدث للمسلمين واليهود في الأندلس، إذ (لا إكراه في الدين) وإلا لما رأينا لأهل الكتاب وجودا في عالمنا الإسلامي؛ لأن التدافع يجب أن ينتهي أيا كانت الآلية المستخدمة فيه إلى التعايش، والتسالم والتحاور، ثم من شاء فاليؤمن، ومن شاء فاليكفر.

من هنا كان تعبيري بمصطلح (التدافع) مقصودا لذاته، وحصرته في الحالة الإرترية على النطاق السلطوي، دون الديني، ليس من باب إنكار التدافع الديني، فهذا كما قلت فطري، فالأديان تتدافع فيما بينها تدافعا سلميا، مداره المجادلة بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا، فإنهم وحدهم من يؤجج المشاعر الطائفية، سواء كانوا من هذا الطرف أو ذاك، وفي هذا الإطار من التدافع يجب أن يكون الدين والتدين حقا مشاعا للجميع، تحميه السلطة بشكل حيادي، لا انحياز فيه إلى طرف دون آخر، وبهذا يكون قولي: (إنه تدافع سلطوي، بكل ما تمثله السلطة لكل الأطراف المكونة للمجتمع الارتري، من حماية للثقافة، والمصالح، والمعتقدات...) منسجما ومتوافقا مع قولي (التدافع السياسي في إرتريا ليس تدافعا دينيا) إذ لا تلازم أبدا بين التدافع السلطوي، والتدافع الديني، تلازما يلزم منه وجود أحدهما ضرورة من وجود الآخر، ولا يحدث هذا التلازم إلا في حالة واحدة، وهي حين يكون هذا الدين قائما على هذه السلطة، وهذه السلطة قائمة على هذه الدين، كالدولة الصهيونية في فلسطين، مربوط وجودها بوجود وهيمنة الديانة اليهودية، ومربوط وجود الديانة اليهودية وهيمنتها على أرض فلسطين بوجود الدولة الصهيونية فيها، بمعنى أن زوال أحدهما من هذه البقعة في الأرض، يعني بالضرورة زوال هيمنة الآخر، تماما كما حصل للاتحاد السوفيتي، إذ كان سقوط الماركسية سقوطه، وسقوطه بالضرورة هو سقوط للماركسية، أو حين يكون تدخل بتوظيف واستغلال أحدهما في خدمة الآخر؛ لأمر ما، وهو ما يمكن أن نطلق عليه (خلط الأوراق).

من يقوم بخلط الأوراق بين الدين والسلطة، في إدارة تدافع السلطة، أو تدافع الدين، هم العناصر الطائفية، من أي الأطراف كانوا؛ لأهداف سياسية يكنونها، فيؤلبون طائفة على قهر الأخرى، أو دين على آخر، ويخوفون هذا الدين من ذاك الدين، وهذه الطائفة من تلك الطائفة، استغلالا للورقة الطائفية في إدامة سلطتهم، كما هو جار الآن في سوريا، وهؤلاء مرضى هوس السلطة والاستبداد بها، لا يمانعون من تدمير وإحراق كل شيء في سبيل أن يبقوا هم على السلطة.

ليس بالضرورة أن يكون هؤلاء متدينون في أنفسهم، وإنما لأن الدين هو أفضل وسيلة متاحة في الزمان والمكان الذي يوجدون فيه إلى استحواذ السلطة والتشبث بها، يلتصقون به نفاقا، ويتظاهرون به رياءا، ويتبنون في هذه الحالة من تدينهم المزيف خطابا دوغماتيا، تحريضيا، بغرض كسب طرف من الأطراف، ويوجدون في المسلمين، كما يوجدون في المسيحيين، والبوذيين، واليهوديين، لا يخلو منهم دين أبدا على وجه الأرض.

وربما يوجد فيهم من يكونون متدينين في أنفسهم حقا، ولكن يغلب على تدينهم المشاعر الطائفية، كراهية الآخر فقط، والشك في نواياه، دون أدلة وبراهين حقيقية؛ لمجرد أنه مخالف في الدين والطائفة، وعلى أساس من هذه المشاعر، يتدافعون بشأن السلطة، ويرسمون ويتصورون علاقتهم فيها بمخالفيهم، إن لم يضطهدوهم فسيضطهدونهم، وإن لم يخضعوهم لسلطتهم، فسيخضعونهم لسلطتهم.

ومع تصور وجود هذا النوع من التدين في الحالة الإرترية، إلا انه سريعا ما سيضمحل ويتلاشى، من خلال التدافع بالتي هي أحسن، في ظل حيادية السلطة، وتوزيعها بين الجميع، وفي ظل فصل التدافع الديني عن التدافع السلطوي.

تأسيسا على هذا الفهم لعلاقة الدين بالسلطة، وعلاقة كليهما بالتدافع الكائن في إرتريا، علينا أن نعي خطورة المنحنى الذي يود الطائفيون من هؤلاء وهؤلاء، أن يجرون إليه، بتفسير التدافع السلطوي على أنه تدافع ديني، أو التدافع الديني على أنه تدافع سلطوي، ونعمل معا بموجب هذا الوعي في تجنب السقوط على هذا المنحى والمنعطف القاتل والمدمر، وبهذا نستطيع أن نعزل مجموعة إسياس من استغلال واستخدام هذا السلاح ضدنا ولصالح هيمنتها.

ومع ضرورة فهم التدافع على هذا النحو، بعيدا عن هذا المنزلق الخطير والكبير، أرى من المهم أيضا إدراك أهمية الوعي بالوقائع التالية، مع التأكيد أنها وليدة اجتهاد استنباطي، جاء من التدبر لحالة التدافع في الواقع الإرتري وهي:

أولا: أن طائفية أفورقي ومجموعته، مشوبة بنزعة شيفونية أكسومية دكتاتورية، وليست طائفية تدين وتعبد، تباركها الكنيسة، وإنما هي تستغل الدين فقط وتوظفه لإدامة نفوذها، وإدامة النفوذ الأكسومي الموالي لها، ومن عارضها من الأكسومين أطاحت به.

ثانيا: ليس كل الجماعة الأكسومية على وفاق مع هذا النهج الطائفي لمجموعة أفورقي، فالأحرار منها، والمخلصون للمبادئ الوطنية الجامعة، يدركون خطورتها على الجميع، ويحذرون من مآلاتها الضارة بالوطن كله.

ثالثا: إن سياسة أفورقي هذه حققت كسبا سياسيا، وثقافيا، واقتصاديا، للجماعة الأكسومية، مقارنة بما أصابت به الجماعة البجاوية، والإيفاتية، من ضرر سياسي، وثقافي، واجتماعي، واقتصادي، بالغ وكبير.

رابعا: على الجماعة الأكسومية ضرورة الوعي بخطورة هذه المكاسب الآنية، في مستقبل علاقتها بالجماعة البجاوية، والإيفاتية، وعلى الجماعة البجاوية، والإيفاتية، مضاعفة مزيد من الجهود، في مواصلة النضال، من أجل استرداد الحقوق.

خامسا: تواجه كل من الجماعة البجاوية، والإيفاتية، ومعهما شرفاء الجماعة الأكسومية، أصحاب النزعة الوطنية، ضد النزعة الطائفية، مشروعا شيفونيا حادا وقاسيا وجادا، وليس فردا دكتاتوريا، بمجرد زواله يزول كل شيء، كلا، فقد يعود هذا المشروع مرة بوجهة أخرى، وشخصية أخرى، متى توفرت له ظروف العودة ومناخاتها المناسبة.

سادسا: وعليه، المطلوب من الجميع مواجهة هذا المشروع، بمشروع آخر وطني، يجعل من السلطة حقا مشاعا للجميع، ويحول دون احتكارها من قبل أي جماعة من المكون الإرتري، المتدافع بشأنها، ويحول دون عودة المشروع المضاد بخديعة وأخرى.

سابعا: القيم الدينية، والأعراف الحميدة، جزء لا يتجزأ من ثقافة المكون الإرتري، من الجناية الكبرى توظيفها في إحداث وتعميق إزمة ثقة بين المجتمع الإرتري، مع ضرورة الاعتزاز بها، وحمايتها من العدوان، والإساءة، من كل من يتطاول عليها، ويحاول تجاوزها، أو إلغاءها.

ثامنا: الاتجاهات الاسلامية في التدافع الإرتري هي اتجاهات فكرية، تجعل من الدين مرجعا لها في خياراتها الأخلاقية، ومن التدين أساسا لها في بناء الذات، ولا تحمل مشاعر طائفية، تبتغي من ورائها ظلم الآخر، وإقصاءه ثقافيا، أو سياسيا، أو إقتصاديا، كما يفعل نظام أفورقي بمخالفيه، المعارضين لوجهته في إدارة السلطة، وتوزيع الثروة، دون أن يعني ذلك انتفاء من يحمل مشاعر طائفية بين صفوفها.

تاسعا: فهم التدافع على أنه تدافع سلطوي في أساسه ومنبعه، وليس هو صراعا دينيا في أصله، يساعدنا في تبني حل سياسي، يكفل للجميع المشاركة العادلة في السلطة والثروة، ويحمينا من التردي في الهاوية الطائفية السحيقة، وبهذا تكون السلطة على وفاق مع أديان الجميع، ومعتقدات الجميع، وتبقى مجرد جهاز إداري، مهمته خدمة المجتمع، وحماية مصالحه المتنوعة، وليس جهازا عقائديا، مهمته فرض العقائد وإلزام الآخرين بها، كما كان مؤملا من الدولة الماركسية، التي كانت الأحزاب الشيوعية الإرترية في الجبهة الشعبية، وجبهة تحرير إرتريا، تخطط لها، وتتعبأ بثقافتها، من قبل أن تفاجأ بظهور جورباتشوف، وأفول النظرية، ثم بظهور ملامح المشروع المضاد على السطح، وهيمنته بعد ذلك على الدولة والسلطة، عبر مسيرة من الخداع والتضليل للرفاق المتفانين الذين نجح في استثمار نضالاتهم الجبارة لصالحه.

في الختام الشكر موصول لكل الأخوة الذين قرأوا المقال، والذين أثروه بالنقاش، والذين نقدوه واختلفوا معه كليا أو جزئيا، والذين أثنوا عليه، وهم: الأخت مرام، والأخ أبو صالح، والأخ الجبرتي، والأخ ود عبي، والأخ محمد رمضان، والأخ محمد علي حامد (حركة) متمنيا لهم ولسائر الأخوة القراء التوفيق والسداد.

Top
X

Right Click

No Right Click