تقراي الكبرى إطلالة على شواطئ البحر الأحمر والحلم المستحيل
بقلم الأستاذ: محمد عمر عبدالقادر - كاتب وناشط سياسي ارتري
المتتبع لمسيرة الكيانات الإرترية التي تنشط في دول الغرب والمرتمية في أحضان جبهة التقراي
يلحظ انكشاف أمرها أمام الشباب الإرتري المغرر به، فطيلة السنوات الفائتة ما فتئت تلعب دورا سالبا في أوساط هؤلاء الشباب حتى إنجلى أمرها مؤخرا وتكشف للقاصي والداني أن هذه الفئة الضالة ما هي إلا حالة نشاز وأداة من أدوات الوياني تأتمر بأوامرها وتجلس في نهاية كل شهر لتراجع أجندة أسيادها المطلوب منه والمنفذ في إطار سياسة توجيه المُوَجِه.
الأوضاع داخل الوطن لا تخفى على أحد ولكن سواء كان المطلوب إصلاحا للنظام أو تغييرا جذريا له لا يمكن أن يكون عبر هؤلاء الرجرجة التي لا تؤمن إلا بحق القومية التي تنتمي لها، أما بقية القوميات الإرترية فعليهم البحث عن وطن بديل، وما دعم الوياني لهم إلا في هذا الإطار والرؤية المشتركة بينهم هي إبادة الجميع أو تهجيرهم قسرا وإقامة دولتهم الكبرى على أنقاض الدولة الإرترية التي استشهد من أجلها الجميع.
توالت الصفعات على سفهاء الأوباش عندما افتضح خطل أفكارهم، وتفطّن الشباب بأن هؤلاء ليس الأمل المرتجى ولا هم أُمناء على وطن يئِن من كثرة البلاء والإبتلاء طيلة قرن من الزمان، نعم تفطّن الشباب حين صرح أحد الرجرجة بأن لا بأس من ترك بعض المدن للوياني إن كانوا يقدمون لنا يد المساعدة للتخلص من النظام، وعندما تستتب الأمور ندعوهم لإعادة أراضينا لأنها أراضي إرترية، إذا هل هؤلاء هم دعاة التغيير وصناعه؟، الوياني تزيل لهم النظام القائم ومن ثم بعد أن يفيق هؤلاء من سكرتهم يقدموا طلبا للوياني بغرض الإنسحاب من الأراضي الإرترية وتسليمها لهم، أي سذاجة هذه !!، الوياني الذي نهب ثروات الإرتريين في إثيوبيا دون أية جريرة ارتكبوها غير أنهم مواطني دولة إرتريا، وتوغل داخل الأراضي الإرترية وعاث في الأرض فسادا ليكمل ما بدأه في أديس أبابا مستوليا على ممتلكات سكان بارنتو وتسني وصنعفي والمدن والقرى على طول الشريط الحدودي مع إثيوبيا حين اندلعت حرب ضروس بسبب مثلث بادمي، إلا أنهم عادوا أدراجهم بعد أن توالت عليهم الضربات وتم تقطيع أرتالهم إلى مجموعات انقطع بها السبل وتاهت حتى أُبيدت، ومن نجا منها عاد يجرجر أذيال الخيبة إلى حيث أسياده فاغراً فاه من الدهشة، إذْ كان يظن أن الجيش الإرتري سيكون لقمة سائغة أمام الأمواج البشرية للجيش الإثيوبي الذي كان تحت أمرة الوياني حينها، ولكن إستراتيجية قوات الدفاع الإرترية كانت سحب العدو داخل الأراضي الإرترية ومن ثم تقطيعه لمجموعات وقطع خطوط الإمداد بينها وكان النجاح لتلك الإستراتيجية في تحقيق المراد منها، لذا ليس هنالك وطني غيور يضع يده في يد الوياني مهما كانت الأسباب وهم اليوم أوهن من ذي قبل إلا من يرى أنّ مصيره والوياني سيان، لذا فالشعب الإرتري لا يرضى أن تستباح كرامته وتدنس أرضه بأقدام العملاء، عليه فإن عطاءهم هذا هو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وأن مثل هذه الأقاويل ما هي إلا بالون إختبار لمدى تقَبُل الرأي العام الإرتري لمثل هكذا أفكار بغرض تهيئته لما هو آت، وإلا أي مُستعمرٍ هذا يدخل طوعا ويخرج طوعا، وخاصة عندما يكون مثل الوياني الذي يحلم ليل نهار بملامسة أقدامه لشواطئ البحر الأحمر.
لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة أنّ جبهة التقراي لا تحتضن هؤلاء سوى أنّهم الأقرب إليها دماً ونسباً وأنّ هذه المجموعات هي التي يتم من خلالها تنفيذ كل ما يضر بوحدة الشعب الإرتري وتفتيت نسيجه المتماسك نتيجة النضال المشترك، وإلا لماذا لم يتم تسخير الإمكانيات المادية والإعلامية للمعارضة الإرترية التي كانت تتخذ من أديس أبابا مقرا لها حين تم التضييق عليها في الخرطوم وحاول ملس زيناوي الإستفادة منها لتحقيق مآربه ولكن كان حصاده الفشل الذريع لتباينات جمة كان أهمها في القوميات التي تنتمي لها قيادات غالبية الكيانات المعارضة، لذا يصعب إنْ لم يستحيل تنفيذ أجنداته عبر هذه المكونات، لذا ما كان أمام الوياني سوى الإستعانة بتقراي تقرنيا ومن على شاكلته، لأن عديمي المروءة والإنسانية يعملون ليل نهار لإرضاء أسيادهم، حيث ظهر لنا مؤخرا كبير منظري الرجرجة والذي درج على مهاجمة العروبة والإسلام مدعيا في كافة مداخلاته مسيحية إرتريا، وما الإسلام إلا دينا دخيلا في المجتمع الإرتري إذ يجب اجتثاثه ليؤسس هو وزمرته دولتهم المسيحية على الضفة الغربية للبحر الأحمر، ليعيدوا أمجاد أجدادهم حسب زعمهم ولكن هيهات، لم نجد لأجدادهم مجدا يُفْتَخَرُ به، ولكِنا وجدنا في تأريخهم كل ما هو سئ دينا وعُرْفا، إذ كان أجدادهم يعبرون الحدود بغرض نهب ممتلكات الإرتريين والعودة إلى أكواخهم بعد أن يسرقوا ما يغطي لهم قوت عام كامل وهي سمة متوارثة بينهم عبر كافة العصور، ظهر كبير السفهاء مواصلا لسلسلة إفكه، مدعيا أنّ الحكومة الإرترية منعت الرئيس الصومالي من تفقد قواته التي تتدرب في إرتريا منذ ثلاثة سنوات، وتم منعه من القيام بأية زيارة خارج العاصمة أسمرا، ظانا أن الرئيس الصومالي سيقوم بزيارة غير معلنة ومن ثم يتم تصديق خطله وتنطلي هذه الأكذوبة على الجميع، ولكن رُدّ إليه إفكه في ليلته حين ظهر الرئيس حسن شيخ محمود متفقدا قواته، إذا لو كان لهذا ذرة من الحياء لخرج معتذرا عما ارتكب من جرائر في حق الشباب الإرتري طيلة السنوات الفائتة ولكن أمثال هؤلاء عبارة عن عملاء فاقدي الدين والضمير لذا يمسون ويصبحون على دين أسيادهم دون إكتراث لأقوالهم وأفعالهم، وما هذه المعلومات المضللة سوى غيض من فيض تم تمريرها لخدمة الوياني وشيطنة الحكومة، وأن محاولة التذاكي هذه كان مصيرها الفشل الذريع، ليثبتوا لنا المرة تلو الأخرى مدى الغباء المستفحل في أوساط هؤلاء، لذا نقول للشباب قولوا في الحكومة ما لم يقله مالك في الخمر لتقصيرها في تحقيق تطلعات الشعب الإرتري منذ فجر الإستقلال إلى يومنا هذا، وأجلدوا المعارضة الحقيقية ظهرا وبطنا لفشلها الذريع في خلق أرضية مشتركة تنطلق منها، ولكن لا تكونوا مِعْولَ هدم لوطن أُنْتُزِعَ من فك القوى الكبرى، وإياكم أنْ تُستخدموا كخنجر يُطعن به ظهر شعب أعزل يكابد من أجل مستقبل مشرق، ووطن ينتظر أبناءه لِيُسهموا في التنمية والرخاء، فالوطن والمواطن في إنتظار من يخرجهم من قاع البئر للنهوض نحو آفاق أرحب.