لابد من قول الحقيقة حتى إن لم تعجب البعض منا - الحلقة الخامسة
بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح
التاريخ حقائق والحقيقة لا تتحمل الكذب والتزييف أياً كان مصدره! ونحن الارتريين نتعامل مع التاريخ بالغش والتزييف،
وبالمرور عليه دون ذكره أو نذكر ما يخدم مصالحنا وإلا فلا، ولقد حدث الكثير من الأخطاء في الماضي الارتري السياسي وأنا ذكرت منه بعض المعلومات على استحياء من حتى لا يقال ما أكتب هو مضر بالوحدة الوطنية التي نتشدق بها دون أن يكون لها وجود في الواقع الارتري المعاش الذي لا توجد فيه وحدة ولا ثقة بين المكونين الرئيسيين المسلمين والمسيحيين وأما التغني بالوحدة لا يعدو كونه تقية سياسية نمارسها كل بطريقته الخاصة حتى يمرر ما يريد من التطرف القومي المتفشي فينا بشكل مرضي لا نشفى منه ما لم نعود إلى الصواب الذي يهيئ لنا سبل العيش المشترك دون إقصاء بعضنا البعض وهذا الصواب الذي أعنيه هو الاعتراف بالأخطاء التي وقعنا فيها في الماضي، وأن نتجنب التبرير والبحث عن الأسباب للتهرب من تحمل المسؤولية لما حدث في الماضي!
العامل المساعد للوفاق الوطني حالياً كما يبدو لي أفضل من الماضي؟
الإخوة الوطنيين من مسيحيي إرتريا مع قلتهم بدأه في الطريق الصحيح، ومنهم الأخ المناضل تسفاي تمنوو وقبله الأخ المناضل قبري مدهن زقرقيــس عضو (جبهة التّحرير الإرترية - المجلس الثّورى) ترجمة: عبد الفتّاح ودّ الخليفة - المملكة، في كتابه ناي عيني مسكر أب تاريخ سورا إريترا شاهد عيان على تاريخ الثورة الارترية، هذه الشهادات المعتبرة والمعلومات الدامغة لم تكن معروفة في الماضي وهذا إن دل فإنما يدل على أن مستوى الوعي الثقافي الوطني قد تطور ولو نحسن استثماره كما ينبغي سوف يساعدنا بكل تأكيد لوضع الأسس المتينة التي ننطلق منها في المستقبل الذي يضمن لنا العيش المشترك الذي يعتمد الدولة المدنية المؤسساتية المبنية على قواعد دستور يشارك في صياغته وإقراره الكل دون إقصاء أو التهميش.
العقبات التي تعترض السلم الأهلي في ارتريا كثيرة وأخطرها ما زرعه النظام في الـ20 سنة الماضية من عمر الدولة الارترية؟ النظام زرع الحقد بين مكوني الشعب الرئيسيين عندما بداء بالاعتقالات التعسفية بعد التحرير مباشرةً ضد المسلمين واستمر في ذلك من عام 1993م إلى عام 2000م والتي بدأ فيها باعتقالات ضد من كانوا معه في الحزب المشئوم الذي يسمونه زوراً للعدالة والديمقراطية!! وعند ذلك بدأ الرأي العام ينتقد النظام ويطلق عليه نظام دكتاتوري وغير شرعي ولكن قبل هذا لم نسمع من الإخوة المسيحيين شيء ذو بال عن المشايخ والمدرسين الذي اعتقلتهم الحكومة المؤقتة المستمرة حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور اليوم الذي يصادف 5-2013م، وأفورقي ما يزال رئيس هذه الحكومة المؤقتة منذ العام 1992م وكنا نطلب من الإخوة المسيحيين المعارضين للنظام 11 والمؤيدين له أن يتحدثوا عن هذه الجرائم التي سوف تؤثر على المدى البعيد والقصير في الوحدة الوطنية المغشوشة أصلاً في اعتقادي الشخصي. أقول هذا بناء على المسيرة الوطنية السياسية التي مررنا بها من الأربعينيان وما بعد الثورة وما لحقنا في فترة الثورة وكان نتاج ذلك ما نعيشه الآن في الدولة الفاشلة التي وصلت إلى حد لا يطمئن ولا يبشر بخير وإن لم يتولانا الله بلطفه فإن هذا النظام يريد أن يذهب حين يذهب غير مأسوف عليه أن يأخذ معه ارتريا ولحماية ارتريا من الذهاب معه كدولة ينبغي أن يكون مسؤوليته على كل منا اليوم وقبل فوات الأوان.
متى وجدت المؤشرات الخطيرة التي تعتبر بذرة من بذور الفتنة التي تقودها الدولة؟
1. محاربة اللغة العربية وهذا يعني بصريح العبارة محاربة المسلمين بعيداً عن المجاملات.
2. محاربة كل من يطالب باتخاذ العربية كلغة رسمية في ارتريا والتدريس بها وعلى سبيل المثال المناضل إدريس أباعرى الذي اعترض على التدريس بلغة الأم ومحاربة اللغة العربية فكان مصيره السجن أسأل الله له وللمدرسين وكل سجين رأي في ارتريا السلامة والعودة إلى أهاليهم سالمين.
3. اعتماد العطلة الرسمية الأسبوعية في الدولة يومي السبت والأحد فقط!! وهذا يعني إلغاء نصيب المسلمين من هذا، لماذا هذا الإلغاء؟ هذا سؤال يحتاج إلى الجواب من الإخوة المسيحيين ويقولوا للنظام هذا خطاء لا يخدم العيش المشترك، عندما يقولون كلمتهم قبلنا سيكون هذا أفضل وأجمل ويكونوا مهدوا الطريق للاحترام المتبادل بيننا، وسيتضح لنا حينها بأن معنا شركاء وطنين حريصين على الوحدة الوطنية مثلنا مثلهم وهذا هو المطلب، ومن هذا المنطلق كنت أطلب من المثقفين المسيحيين أن ينتقدوا ويستنكروا بل ويدينوا عملية الاعتداءات التي تعرض لها المدرسين في المدن الارترية ويبدوا عدم رضاهم بهذا المسلك العدواني الذي يزيد الفرقة والتشتت بيننا، ولكنهم لم يفعلوا ولزموا الصمت حتى أتى لهيب نار هقدف إلى عقر دارهم ودخل الكلام الحوش كما يقول أشقائنا في السودان حيث اعتقل بطريارك الكنيسة الأرثوذكسية في ارتريا وكانت مواقف المثقفين المسلمين الإدانة المباشرة بمجرد ورود خبر الحدث وكان منطلق تلك الإدانة الشعور الوطني ورفض الظلم ضد الكل بدون تمييز وهذا ما نفتقده عند المثقفين المسيحيين مع الأسف الشديد.
إن أخطر ما سمعت وأصابني بالصدمة ما ذكره المناضل تيدروس بلاي في الأمسية التي كان فيها ضيفاً في البالتوك وتحديداً في غرفة الحوار الوطني العربي عندما قال بأن المسلم الإرتري ممنوع من العمل في الطيران وإذا عمل فلا يسمح له بالطيران ولا يسمح له بدراسة علوم الطيران في إرتريا ومن أتى منهم طياراً متدرباً من الشرق الأوسط يعمل في الأرض فقط وكلنا يعلم ما يمثله الطيران في المستقبل وهنا الطامة الكبرى وسلموا لي على الوحدة الوطنية والتعايش السلمي؟. والأخ ودي بلاي كان من منسوبي الفرقة72 الأمنية ما قبل التحرير وأمن الدولة بعد التحرير وهو لا يقول هذا الأمر إلا وهو متأكد مما يقول.
4. الأخ المناضل سعيد صالح أحد الذين عملوا في أمن الثورة المعروف بــ (حلوا سورا) ماذا يقول؟
ذكر الأخ سيعد في المقابلات التي أجريت معه الكثير من جرائم النظام وكما يقول سعيد أن النظام لم يتورع عن القيام بأي فعل قذر، ثم أردف: وبتالي يمكنني القول بأنني لم أتحدث عن كل الجرائم التي قام بها النظام لكثرتها ومن هذه الجرائم والحديث للأخ سعيد: عندما بدأت حركة الجهاد الإسلامي في ارتريا أدخلت الرعب في النظام، فقام النظام بتأسيس حركة جهاد من صنعه ومن أجل ذلك قام بسحب أفراد من جيش الدفاع الارتري ممن يجيدون اللغة العربية ويحفظون بعض من آيات القرآن والأحاديث النبوية لزوم التنويه ودربوا تدريباً عسكرياً متقدماً في الساحل وأعفوا لحاهم لينتحلوا دور المجاهدين المناوئين فبدأ هذا الجيش الجهادي المزيف يقوم بقتل الأبرياء من أبناء الشعب الارتري في الريف الارتري بتهمة العمالة للنظام تارة وبالتبليغ عنهم بعدما يوهمون المواطنين بأنهم مجاهدين فيضيفونهم ثم بعد الفراغ من تناول الطعام يغادرون القرية ثم يقومون بإبلاغ أقرب معسكر لقوات الأمن بأنهم تناولوا الطعام في القرية الفلانية فيأتي رجال الأمن ليقتادوا المواطنين وتكون النتيجة خلق هوة بين المسلمين وقد تم تغييب المئات بل الآلاف من المسلمين في معتقلات النظام السرية ولا يعرف عن مصيرهم والقادة المتنفذين في هذا الملف هم من المسيحيين وهنا تكمن الخطورة ما لم نتصدى لها قبل فوات الأوان وعلى الإخوة النصارى أن يعطوا هذا الأمر الأولوية.
وليس كما فعل الأخ ولديسوس عمار في يوم من الأيام عندما قال نحن لا نريد وادي سوات!! ما أجهله وأعوجه وهو مناضل قديم في الثورة الارتري؟!!
فما هو الحل بعد ما ذكرنا هذه المشاكل العويصة التي تهدد الكيان الارتري؟
على المسلمين أن يتحدوا ويؤسسوا للعمل الجماعي وينبذوا الفرقة والتشرذم، لأن بكل صراحة إن وحدة المسلمين هي التي تضمن وحدة الشعب الارتري، ولولا المسلمين لما كانت الحركة الوطنية التي نادت باستقلال ارتريا في أربعينيات القرن الماضي بينما غيرهم كان ينادي بالوحدة مع العدو الأثيوبي، ولولاهم أي المسلمين لما قامت الثورة الارترية وحررت ارتريا وهذه الحقائق قد لا تعجب البعض ولكن لابد من قولها ولابد من أن يقبلها الكل ولا يتهرب منها، لأن الهروب منها لا يزيد الأمر إلا تعقيداً.
علاوة على ذلك فإن المسلمين يشكلون الأغلبية في الأمة الارترية، ويتميزون بعدم الظلم والاحتواء وإقصاء الآخر ولكي أقرب المسألة لو كان الرئيس اسياس أفورقي من المسلمين لم يكن ليقوم بما قام به من اعتقالات ضد المدرسين والمشايخ أبداً حتى لو كان هذا المسلم فاسقاً، أقول هذا وأنا أعي وأعني ما أقول ولا يمكن للمسلم أن يقدم على اعتقال القساوسة والرهبان لمجرد أنهم لا يدنون بديانته هذا الأمر معروف عند المسلمين، ومادام الأمر كذلك فعلى المسلمين أن يتحملوا مسئولية إنقاذ الوطن بوحدتهم والتفافهم حول المائدة المستديرة ودراسة الأمور العالقة التي تعيق عملهم بشكل موحد، ووحدة المسلمين وتماسكهم تعني وحدة الأمة الارترية لأن التجارب أثبتت بأن المسلمين يحافظون على حق المسيحيين أكثر من المسيحيين أنفسهم، وعندما توجد قيادة أمينة لا يظلم عندها أحد يتحقق الأمن والأمان.
ولا يوجد ما يمنع المسلمين القيام بالمسؤولية الوطنية التي فيها الخير للمسلمين والمسيحيين، ولكي يكون الأمر أفضل قبولاً لابد أن تكون البداية على النمط الجغرافي أو الإقليمي وهذا مفيد لنا ويجنبنا التكتل القبلي الذي لا يصح أن يكون له دخل في القضايا الوطنية وتكون البداية بعقد مؤتمر وطني للمسلمين في كل ارتريا ويكون التمثيل نسبي وجغرافي أي على سبيل المثال:
1. الإقليم الجنوبي الشرقي ويمثل العفر والساهو والجبرتة.
2. الإقليم الشرقي الشمالي يمثل من مصوع إلى قرورة.
3. الإقليم الأوسط يمثل مدينة كرن.
4. الإقليم الغربي يمثل المنطقة الغربية ومن الضروري أن يكون مع الأمة العامرية الكسر بشكل عام وتحديداً كل من الكوناما والباريا واعتقد الوفود التي تمثل الأركان الأربعة من الأمة الارترية لو قدر لها أن تعقد هذا المؤتمر سوف تحل الكثير من الإشكاليات وتضيق الفجوة بين المسيحيين والمسلمين بشرط أن يفهم المسيحيين أنهم فشلوا في قيادة الأمة بطريقة عادلة وتسببوا في خطر محتمل الحدوث في أي وقت لا سمح الله وبالتالي هم غير جديرين أن يكونوا في المقدمة لكي يقودوا الأمة بعد الآن ويكفيهم أن يقودوا مناطقهم في إطار الدولة المدنية الحديثة التي تعتمد ألا مركزية الحكم بعيداً عن الهيمنة والتسلط الذي عانيناه منهم طوال الــ 20 سنة وهم مسيطرين على كل شيء من أدنى مسؤول إدراي إلى أعلى مسئول في الدولة والنتيجة ما نعانيه اليوم.
وفي الختام تحياتي حتى الحلقة القادمة إن أمد الله في العمر...