حدود وشروط المرونة في اتفاقات الوحدة والكيانات المشتركة

بقلم الأستاذ: عثمان صالح - كاتب ومفكر سياسي

ملامح الوحدة والعمل المشترك قبل التحرير:

على الرغم من عديد الضرورات التي تطلبت عملا مشتركا بين فصائل الثورة الارترية

في مرحلة النضال من اجل التحرير الا ان تلك الفصائل فشلت فشلا تاما في تحقيق اي قدر من العلاقات النضالية التي يمكن ان تؤدي الى اتفاق يؤمن ادنى مستوى من عمل مشترك بينها او حتى علاقات نضالية إيجابية خلال معظم سنوات حرب التحرير.

هذا الفشل في ذاته امر محير الى حد بعيد فقد كان عاريا تمام العري عن أية مسوغات موضوعية او مبررات وطنية او مصلحة سياسية بل كان في ظاهره متعارضا مع كل الدعوات والبرامج المعلنة لكل تلك الفصائل فقد كان جميعها يدعو الى الوحدة والتماسك والتكامل ويمارس عكس ذلك تماما.

فكل المحاولات الارترية (الذاتية)، وكذلك مبادرات الاشقاء العرب (المبادرة العراقية السودانية اتفاق ستمبر عام 1976م بين الجبهة وقوات التحرير الشعبية، المبادرة السودانية الصومالية التي ادت الى اتفاق اكتوبر عام 1977م بين الجبهة والجبهة الشعبية، مبادرة جامعة الدول العربية لحوار وحدوي بين الفصائل الارترية، المبادرة الصومالية عام 1983م للحوار بين الجبهة والجبهة الشعبية، مبادرة المملكة العربية السعودية التي اثمرت ما عرفت باتفاقية جدة بين التنظيمات الثلاثة عام 1983م) كل تلك المبادرات لم تنجح في تحقيق اتفاق قادر على الخروج الى النور من غرف المناقشات الرسمية بين القيادات وظل معظم ان لم نقل كل تفاصيل المداولات ونتائج وخلاصات الحوارات طي الكتمان وحبيس ادراج وفود التنظيمات المشاركة الامر الذي افقدها عنصر المتابعة والمراقبة الجماهيرية وهو من اهم العوامل الاساسية والمحفزة والدافعة نحو التطبيق.

كما ان ما خرج الى حيز الوجود منها مثل اتفاقية جدة التي ادت الى ميلاد ج. ت. إ. (التنظيم الموحد) بين التنظيمات الثلاثة، ولد وهو يعاني امراض الشكوك وانعدام الثقة بين اطرافه كنتيجة لضعف او انعدام الايمان بالوحدة وبالتالي النفور من متطلباتها.

وهذه العوامل (انعدام الايمان بالوحدة / وفقدان الثقة في الشريك) ظلت تشكل عائقا باستمرار امام كل المحاولات لان الشركاء ظلوا باستمرار يغفلون عن حقيقتها التي هي عوامل (ذاتية) ينبغي توفرها في قناعات وضمائر الافراد والجماعات لكي تكبح في دواخلهم النزوع نحو الانانية وتطرد من مخيلتهم خيالات واوهام الاستفراد والاحتكار.

ان (الايمان بالوحدة /والثقة في الشريك) ليست عوامل تزرعها الثقافة ولا تقدم معلبة على سبيل الهدايا والهبات والمساعدات ولا تستجلب بمال اصحاب المبادرات وحسن نواياهم. هذا التناقض بين الظاهر المسوق والحقيقي المخفي حوّل التعامل مع مسألة الوحدة الى حالة من المداهنة والممارسة غير الصادقة فالجميع يعلن لجمهور التنظيم وعموم الارتريين ما يحبونسماعه (اتفقنا على الوحدة) ثم لا حرج بعد ذلك في ممارسة ما يخالف المعلن او يضر به او يعرقله وفي احسن الاحوال التعامل معها على اساس انها (مرغوب لا يجوز التناقض معه ظاهريا، او هي مبادرة صديق يجب كسب وده).

هذا موقف تكتيكي في مسألة استراتيجية ولذلك كانت اضرار هذا النهج كبيرة على مسيرة الثورة وعلاقات فصائلها، فمثلا (ج. ت. إ.) إتهمت الجبهة الشعبية باتخاذ اجواء حسن النية الذي تطلبته اتفاقية اكتوبر بين التنظيمين غطاء للاعداد لشن معارك التصفية ضد الجبهة، والقيادات والكوادر العسكرية في الجبهة اتهموا قيادتهم بالاهمال وسوء التقدير وافتراض حسن النية على مجرد ارضية الاتفاق. والحقيقة ان هذا الاسلوب في التعامل مع مسألة الوحدة لم يقتصر على تنظيمات بعينها بل شمل جميع اتجاهات مكونات الساحة السياسية الارترية.

وحتى المحاولات الوحدوية التي تمكنت من العبور لم تنج من هذه النتائج والانعكاسات السلبية التي باعدت بينها بدل ان تقرب وزادت من شقة الخلافات ودعمتها بالمزيد من عوامل الديمومة..

مرحلة ما بعد التحرير والاستقلال:

ورغم بروز مستوى لا بأس به من التفهم لمتطلبات العمل المشترك وارتباط الجهود ونماذج العمل المشترك بين الفصائل التي ظلت تقاوم السلوك الانفرادي والمنهج الدكتاتوري والاقصائي الذي طبع مواقف الدولة الوليدة (دولة تنظيم الجبهة الشعبية في البدايات، ثم دولة حزب الجبهة الشعبية لاحقا، ثم دولة اسياس افورقي اخيرا) ولكن استمر هذا الاحساس وسوء السلوك المتولد عنه يخيم بصورة واضحة على كل الجهود التي بذلت لتحقيق تكامل بين التنظيمات والفصائل والاحزاب التي ظلت توصف (بالمعارضة الارترية) على امتداد السنوات الثلاثين المنصرمة من عمر الدولة المستقلة. ولنأخذ بصورة عامة نموذجين من هذه المحاولات التي ظلت تحت تأثير عاملي (فقدان او ضعف الايمان بالوحدة، وانعدام الثقة في الشريك) لنستخلص منهما تأثير انعدام هذه الضروريات المفقودة والخطر الذي ظل وسيظل يخيم على اية محاولة وحدوية من عدم تحديد مستوى الالتزام الذي تفرضه الاتفاقات تحديدا دقيقا وتجاهل حدود المرونة المتاحة للشركاء بصورة تجنب الشراكة اخطار التفلتات والفوضى.

الوحدة الاندماجية:

تمت اكثر من تجربة لوحدة اندماجية في الساحة السياسية الارترية قبل التحرير، وفي ساحة المقاومة لنظام اسمرا منها ما عجز عن الاستمرار منذ البداية ومنها ما انهكته وشغلته الحراسة الدائمة لحماية التجربة من سلوكيات التخريب والتعبئة المضادة التي تتغذى على الامراض التي اشرنا اليها واهمها (عدم الايمان بالوحدة من حيث المبدأ من ناحية / وعدم الثقة في الشريك من ناحية اخرى/ ونوازع الانانية وطبائع التسلط والاحتكار لدى البعض من ناحية ثالثة).

ماهي النواقص التي تصاحب اتفاقات الوحدة الاندماجية؟

علاوة ما ذكرنا من اخطار كامنة في النفس تهدد تجارب الوحدة هناك نواقص سياسية وعيوب في الثقافة التنظيمية رافقت ميلاد التجارب الوحدوية في حقبتي ما قبل وما بعد الاستقلال:-

1. فمثلا من النواقص السياسية التي اضرت بتجارب الوحدة التنافس السياسي بين الشركاء في غير مكانه ولا زمانه، فمع علم الجميع واقتناعهم التام بوجودهم مجتمعين خارج الساحة المؤثرة ومعرفتهم ان التنافس بينهم سيعيق طموحهم الجماعي في العودة الى ميدان التأثير يظل الشركاء في تنافس ومشاكسات تقتل أية امكانية في تجاوز هذه الحالة المؤذية والعبور نحو الهدف.

2. ومن مظاهر نواقص الثقافة السياسية او قل عدم نضوجها التي تجد في بيئة الوحدة مساحات وفرصا للتخريب، ذوبان المسافة بين العام والخاص اي عدم تمييز البعض بين المصلحة العامة المتحصلة من تكامل الجهود وبين المصلحة والمكاسب الشخصية التي قد تتأثر بتحقيق الوحدة.

3. من مظاهر النواقص السياسة ضياع حدود الاخلاق بحيث لا يتحرج المتنافسون من استخدام الاساليب الرخيصة وافتراء الاكاذيب وسوق تهم تقدح في نزاهة وامانة واخلاص الشريك.

4. ومن اوضح المظاهر الناتجة عن اعوجاج وعيوب الثقافة السياسية التي كانت الكيانات الموحدة ضحيتها بروز ظاهرة وسلوكيات (استغفال عموم الجماهير وقواعد التنظيم بشكل خاص) وتعبئتها وشحن عواطفها بالمتناقضات كتسويق الانشقاق بانه خطوة نحو الوحدة او ان الفرقة والانقسام طريق الى القوة والنجاح والفاعلية او هو مطلب وطني وما الى ذلك من اساليب اشتغفال الجماهير وخداعها..

الثقافة التنظيمية المعيبة:

1. ومن عيوب الثقافة التنظيمية وقصورها المضر بالكيانات الموحدة او بالعمل المشترك جهل بعض الشركاء بشروط ومواصفات الكيان المعنوي المسمى بالتنظيم السياسي. فعلى الرغم من الاتفاق على البرامج السياسية والتنظيمية و الهيكل التنظيمي المتمثل في القيادة الواحدة والفروع الموحدة وهي الشروط المطلوبة لتأسيس الكيانات السياسية وبالتالي هي اعمدة وقواعد كافية لوجودها تجد بعض الشركاء يبحثون عن التنظيم خارج هذه الاسس ولا تستغرب ان وجدت بعض شركائك يبحث عن التنظيم الذي هو (كيان معنوي) في الفرد والشلة وما شابه ذلك من صور بعيدة كليا عن أية مفاهيم تنظيمية.

2. هدم المؤسسية هو من صور المعاناة الدائمة التي ظلت تنخر في الكيانات الوحدوية الوليدة عن الصيغ الاندماجية والتي تصيب تلك الكيانات بشيخوخة مبكرة او بالموت التدريجي. ان هدم المؤسسية نتيجة مباشرة للفهم المعيب للنظم والضوابط التي يتم اقرارها كأسس حاكمة وطرق متفق عليها لضمان حلول مناسبة لكل ما يمكن ان تتعرض له الكيانات الموحدة باعتبارها جهدا بشريا وتحسبا لكل ما يطرأ من خلافات حول تسيير النشاط وادارته، تتم محاولات عديدة للالتفاف عليها والركون الى الامزجة والرغبات والمساومات والترضيات، ولكي يسهل عليها مثل هذه الاختراقات غالبا ما تحرص القيادات على ما يمكن ان نطلق عليه (الامية التنظيمية) أي تجهيل عموم منتسبي التنظيم بالقواعد واللوائح والنظم التي تتبناها المؤتمرات لإدارة نشاط التنظيم وضبط علاقات اجهزة وافراد التنظيم وتحديد صلاحياتهم واختصاصاتهم..للاسف هذه امراض عامة خلفتها مرحلة طويلة من الصراعات والعلاقات المتوترة بين القوى السياسية - لا يسلم منها الا من رحم الله - لكن التبرير لاستمرارها امر غير سليم بل محاربتها امر واجب.

اطر العمل المشترك - التحالف والمجلس الوطني:

على الرغم من ان تجربة سلسلة التحالف جاءت بعد المرور بعدة انتكاسات لتجارب سابقة،والمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي كان مولود القفزة الخامسة في مشوار العمل المشترك لقوى المقاومة الوطنية الارترية، فقد حملا بذرات خلل سياسي وتنظيمي في اوجه عديدة موروثة من الكيانات المشتركة التي سبقتهماوكانت هذه البذرات سببا او غطاء لاضرار كبيرة اصابت مسيرتهما واقعدتها عن اداء مهامها واخيرا نالت من وحدتهما.

تجربة سلسلة التحالف:

ولدت فكرة تأسيس الكيانات المشتركة ذاتها بعد مخاض طويل ومناقشات جدية ومطولة في عام 1996م اجتماعات متواصلة وحوارات صريحة وقد استغرق عمل لجنة التحضير شهرا كاملا بين المؤسسين الاوّل (جبهة التحرير الارترية / جبهة التحرير الارترية - المجلس الوطني - حركة الجهاد الاسلامي الارترية - الجناح الذي كان يطلق عليه حينها القيادة الشرعية) الحوارات كانت صعبة لكن الاصرار على تحقيق اختراق في جدار الآثار التي خلفتها مرحلة الخلافات ومراراتها كان ايضا قويا.

فالاطراف المشاركة الى ذلك الحين كانت على قدر كبير من التباين على كل المستويات من حيث المشروعات والاهداف والمواقف - وهذا في تقديري ما دفع الجناح الآخر من حركة الجهاد وج. ت. إ. المجلس الثوري للاحجام عن الاشتراك في تلك الجهود. علاوة على ما ظل عالقا بالنفس من مخزون وذكريات اليمة بين طرفين من اطراف الحوار وخاصة (رموز الجبهة / رموز حركة الجهاد) لكن رغم كل ذلك فان القادة المشاركين كانوا يتمتعون بقدر عال من الاحساس بالسئولية والحرص على بدء مرحلة جديدة من العلاقات الايحابية بين تشكيلات الساحة التي اجبرها موقف قيادة الشعبية السلبي من المصالحة الوطنية والحقوق السياسية والتعددية ودولة المؤسسات على مقاومة الدكتاتورية.

لقد شارك في الجهود والنقاشات المسئولة عدد مقدر من الاشخاص محور الذكريات السلبية في المراحل السابقة وهؤلاء المعنيون في ذات الوقت كانوا هم المعول عليهم في وضع لبنات وقواعد العمل المشترك لمرحلة النضال من اجل استعادة التوازن وبناء المستقبل وكان للذين شاركوا في الجلسات الختامية لهذه الجهود دور حاسم في تخطي الصعوبات وتدشين اول تجربة عمل جماعي بعد الاستقلال (عبدالله ادريس، محمد اسماعيل عبدو، حامد تركي، آدم صالح شيدلي) رحمهم الله رحمة واسعة وانزلهم منازل الصالحين، اضيفت اليهم جهود ومساهمات آخرين مشهود لهم بموقفهم الايجابي من مسألة الوحدة منهم الاستاذ حسن علي اسد والشيخ آدم مجاوراي مد الله في اعمارهم وأخرين تجاوز عددهم ال(15) من الاطراف المشاركة.

ذكرت كل هذه الملامح لكي اقول ان ميلاد اول عمل مشترك كان صعبا وبطبيعة الحال فإن الصعوبة متصورة في كل بداية كما ان القواعد التي تأسس عليها اول كيان مشترك كانت ارضية لما بعدها من كيانات تالية. إذن ولد التحالف الوطني الارتري (الاول) وانطلق العمل المشترك بتفاؤل كبير ببرنامج طموح ومعقول على قاعدة الحد الادنى لكنها كانت امتن مما جاء بعدها. هذا الكيان الاول لم يكن مبرءً بطبيعة الحال بل شابته عيوب هي ذاتها العيوب التي رافقت كل اتفاقات العمل المشترك فيما بعد ودرجت تجاربنا كلها على تجديدها دون مراجعة بل صارت مراجعتها من الممنوعات. وما لم نواجهها بصدق ونتجاوزها فستظل كوابح دائمة تبقى اية تجربة وحدوية في مربع الجمود وقد تودي بحياتها في خاتمة المطاف منها على سبيل التمثيل لا الحصر:-

1. تفضيل مشاركة اوسع ولو على قاعدة التقاء ضعيفة: ان العمل الذي يؤسس على هذا الفهم يفترض من البداية القبول بحصاد ضعيف بمستوى الارضية التي بني عليها لانه يتم في الاصل على اقرار اوسع المساحات والمرونة الكافية والمرضية للكيانات المشاركة وبقدر التوسع في اعطاء المرونة تقل الشروط والالتزامات الجامعة وبالتالي تكون النتيجة الاولى هي التقليل من مساحة التلاقي وضوابطها (أي كلما زادت مساحات المرونة كلمات ضعفت عوامل فاعلية ونجاح الكيان الجامع ووهنت روابط التقارب والوحدة).ليس هذا فحسب بل اكثر واخطر من هذا، ففي سبيل رؤية الجميع داخل حظيرة هذه الكيانات تم التهاون والقبولبخلو اسماء بعض الكيانات الشريكة من اسم الوطن (ارتريا), واذكر عندما تقدمت (الحركة الديمقراطية لعفر البحر الاحمر) بطلب الانضمام الى التحالف اقترحت على القيادة العليا للتحالف المطالبة باضافة كلمة (ارتريا) الى اسم الحركة كشرط لقبولها عابوا علي واستهجنه البعض والبعض قالها لي بوضوح انت (بتاع مشاكل). وقد اسعدني كثيرا ان يقوم الاخوة العفريون بهذا التصحيح المهم في الحركة والحقيقة هو تصحيح (مقاصد ومشروع وانتماء).

2. مشكلة سواسية كاسنان المشط: في تصوري ان قاعدة (تساوي الجميع) التي درجت عليها كل تجارب العمل الارتري المشترك حتى الآن بحسن نية وعلى سبيل التحفيز على الشراكة قد حجمت من حيث النتيجة من مردود العمل المشترك. هذه النقطة كانت في البدايات محل نقاش لكن كلما تم التغاضي عنها اصبحت من قبيل (القدر) ويحضرني في هذا خصوص (المسألة المعضلة) مثالان ففي زمن تجمع القوى الوطنية عندما طرحت الالتزامات المالية تجاه الكيان المشترك (الاشتراكات) طرحت معها مسألة فرض مبالغ متفاوتة على الشركاء بحسب الاحجام والامكانيات، واذكر ان المناضل ابراهيم محمد على علق على ذلك بالقول (موش معقول يتم التمييز في الواجبات ولا يعمل به في الحقوق، كيف يفرض على تنظيم اشتراك كبير ويتساوى في الحقوق مع التنظيم الذي يدفع اقل او التنظيم المعفي تماما). والمثال الثاني عادت هذه المسألة مرة اخرى وفرضت نفسها في بدايات التحالف الوطني (الثاني) اظنه في الاجتماع الثاني للقيادة المركزية وكونت لجنة لوضع معايير يعتمد عليها في تصنيف الشركاء حينها تقدمت الى اللجنة بتصور لاهم الاسس المعقولة التي ينبغي اخذها في الاعتبار منها: (المسيرة السياسية للتنظيم اي عمر التنظيم النضالي / عدد المؤتمرات العامة للتنظيم / عدد قيادة التنظيم / المنظمات الجماهيرية للتنظيم وعضويتها في المنظمات المثيلة / وجود جناح عسكري للتنظيم / العلاقات السياسية ووجود مكاتب وممثليات معترف بها / المنابر ووسائل الاعلام الناطقة باسم التنظيم) وعلى اثر احتجاجات من الجميع تم اغلاق هذا الملف واظنه الى الابد.

3. ضياع الملامح في كيان الشراكة بين القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنابر والافراد: وهذه من الاعوجاجات التي لاتزال سائدة ليس هذا فحسب بل تمت التضحية حتى بالاسس التنظيمية المستقرة في النظم الخاصة للتنظيمات. ومن اضرار هذه المجاملات غير الضرورية خروج (ج. ت. أ. المجلس الثوري) من التحالف حيث عبر عن ذلك بوضوح للاجتماع رئيس التنظيم حينها الراحل سيوم عقباميكائيل احتجاجا على اختيار رئيس حزب التعاون الارتري حرويتدلا بايرو رئيسا للقيادة التنفيذية للتحالف وهو الذي التحق بالتحالف في ذات الاجتماع الذي تم اختياره فيه رئيسا للجهاز التنفيذي للتحالف.

تجربة المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي:

للاسف ان كل الذي سقته من عيوب في تجربة التحالف ورثه وطبقه المجلس الوطني. وكنت اول من علق في عدة حلقات على وثائق المفوضية الثلاث قبل انعقاد مؤتمر اواسا ٢٠١١م باسابيع واستعرضت العديد من فقرات النظام الاساسي المتداخلة والمتضاربة وتوقعت ان تتسبب في عرقلة وتعطيل نشاط اجهزة المجلس الوطني (وهو ما حدث في الاشهر الاولى من بدء اعماله). ورغم الاخذ ببعض التعديلات في المؤتمر الثاني إلا ان الصيغ الفضفاضة وغير المنضبطة استمرت وهو ما ادى باستمرار الى بروز الاختلافات وتباين الاجتهادات حول (المهام او الاختصاصات والاولويات). ان اسباب عدم قدرة المجلس الوطني على تصعيد وتيرة نشاطه وتحقيق تطلعات الشعب الارتري او في اضعف الحالات تحقيق قدر من الانسجام بين مكوناته.. اقول ان هذه الاسباب تتشابه في جزء كبير منها او قل هي ذاتها التي وقفت عائقا امام كل المحاولات التي تمت بهدف احداث نقلة او تصعيد في جهود وأداء القوى التي تقاوم الدكتاتورية.

ومن ابرز المعيقات التي عرقلت مسيرة المجلس على مدى اكثر من عقد من الزمان: المعيقات الموروثة: مما يدعو الى الاستغراب ان المجلس الوطني يعتبر آخر محطات (تقريب / تنسيق / توحيد) الجهود الارترية ومع ذلك ارتدى ذات التفصيلات التي حجمت او قضت على كل محاولات التقارب التي سبقته وبالتالي ورث كل السلبيات وأصيب بكل امراض المراحل السابقة (فلدغنا من ذات الجحر عشرات المرات).. استبساط عقبات المرور السطحي على النظم والضوابط وعدم الاهتمام بالتدقيق والتجويد اللازم وصرف كل الاهتمام على توفيق قوائم المرشحين وتضييع الزمن في الترضيات والنسب ثم يتفاجأ الجميع بعد انفضاض المؤتمرات ان اصل الداء يكمن في اللامبالاة في تمرير الانظمة والضوابط حمالة الاوجه والقابلة لان تكون ميدانا فسيحا للاجتهادات المتناقضة بالدرجة الاساس وليس في اشخاص القيادات المكلفة.. على الرغم من ان ساحتنا شهدت انشقاقات في كياناتنا السياسية على اكثر من نصف قرن لم تتحسب مؤتمرات المجلس لهذا الداء الذي لازم مكوناته اذ لم يتضمن نظامه الاساسي حلولا معقولة ومنطقية لمثل هذه الحالات وتتم معالجة الظاهرة بعد وقوعها بصيغة الطوارئ وهنا تتدخل الاهواء والامزجة والمحاباة والمكايدات ليستعاض بها عن تغطية هذا الخلل في انظمة المجلس وبالتالي معالجة مسألة العضوية في المجلس معالجة خاطئة.. التضحية بالنظم المنصوص عليها صراحة: في اواسا كان النظام الاساسي للمجلس قد نص على كيفية وشروط اكتساب الكيانات العضوية في المجلس لكن لوحظ اكثر من مرة القفز على هذا النص في منح العضوية.. وهنا لابد من الاشارة الى ان الاصل في الخلل طبع الافهامثم خيم على الممارسة. ان النظم عادة تتحسب للمشكلات قبل حدوثها وتضع لها الحلول، وتقر مطلوبات الانتساب الى المجلس قبل ان تعرف من هو الذي سينتسب، لان هذا الترتيب يضمن مجموعة فوائد للعمل العام اذ يدفع الجديد لتوفير المتطلبات ويغني القيادة عن تجاوز النظم من ناحية، ويحجم الى حد كبير نوازع الانقشاقات بمجرد معرفة صيغة المعالجات في انظمة المجلس من ناحية اخرى.

متطلبات تحسين تجربة المجلس الوطني:

تحديد المبادئ والاسس الجامعة المتوافق عليها تحديدا دقيقا لا يقبل تفسيرات متعددة وعدم التسامح مع اي خروقات (مثلا اذا كان هدف المجلس العمل من اجل تغيير الىظام فلا يجوز ان يدعو اي من اعضائه الى موالاة النظام او يعمل لصالحه باي حال / المجلس يتبنى التعددية فيجب الا يدعو اي عضو فيه الى حزب واحد/ المجلس يتبنى وحدة ارتريا فلايجب ان يدعو العضو الى تجزئتها / المجلس يتبنى مبدأ علاقات حسن جوار فلا يجوز ان يدعو عضو في المجلس الى اقامة علاقة حرب مع مع دول الجوار)

العمل وفق (القليل قوي التماسك افضل من الكثير ضعيف التماسك).

احترام حدود المرونة المتاحة للكيانات المتشاركة للتباين مع الارضية المتوافق عليها (الكيان الجامع) (مثلا المجلس يتبنى نظاما لا مركزيا فمن حق اي عضو فيه ان يتبنى اية صيغة من الصيغ التي تدخل في مفهوم اللامركزية).

الايمان بان القفز على النظم اكثر ضررا على الكيان الجامع من تطبيقها.

مغادرة قاعدة التساوي تاسيسا على ان العمل بالتساوي يقتل مبدأ المنافسة.

على (المجلس الوطني) ان يعي تماما اهمية الكيانات المكونة للمجلس لان وجوده يتوقف على هذه المكونات فلا ينافسها ولا يسعى بأي حال الى طمسها او التقليل من شأنها او اضعافها بل عليه ان يزودها بعوامل الفعالية والنجاح لان نجاحها نجاح له وليس خصما عليه بأية حال.

Top
X

Right Click

No Right Click