الفارس الإعلامي الغني عن التعريف الأستاذ محمد طه توكّل
بقلم الأستاذ: عمر نهاري (أبو حسين) كاتب إرتري - لندن، المملكة المتحدة
مرّ تقريباً عاما كاملا كانت فيه مشاركتي قليلة جدا! على أمل أن أكون خلال عام 2022 أكثر نشاطاً وتواجدا.
أفتتح العام الجديد بهذه المشاركة مقال عن السيرة الذاتية لشخصية عام 2022 فارس من فرسان الإعلام الإرتري - شخصية مرموقة وسفير متجول يعطي لمهنته حقها.. ويتحمل في سبيلها الخطب والصعاب.
هناك من الناس من يتحدّى كل المعوقات، لا يئن ولا يلين ولا يهدأ له البال حتى يصل لما يرمو له ويشق طريقه عصاميًا معتمداً على قدراته ومطوعا قدرات من حوله. وفارسنا هنا قد أجاد كل ذلك وأكثر في نقل الحقائق بكل تفاصيلها، وكما أكتسبها من طبيعة حياته في مقتبل عمره حيث البراءة والنقاء وتواتر الخبر كما سُمع وشُوهد، فطوّرها بحيثُ تتناسب ووسائل العصر الحديث كتابةً وقراءةً إنه الفارس الإعلامي الغني عن التعريف الأستاذ/ محمد طه توكّل
ولد محمد طه توكل وتربى في مدينة المدائن حرقيقو الصامدة التي أهدتنا رموزاً في كل مناحي الحياة وقادةً وكتاباً وإعلاميين، كانت بدايته في كُتّاب (خلوة) ابيه - رحمه الله - حيث اشتهرت الأسرة الكريمة بتدريس القرآن وتحفيظه، فكان والده من مشايخ القرآن يؤمه كثير من أبناء جيله لدراسة القرآن وحفظه، ففتح عينيه في هذا البيت، وتفتقت مداركه في بيت القرآن وعلومه، لتنهل من معينه.
وبعد أن قطع شوطا جيداً وتعلم أبجديات القراة والكتابة في الخلوة (وكما نقول بالتغرايت - عِنْ فَتْحَا) أي بدأ يميز ما يقرأ ويتهجأ الحروف التحق بمدرسة الباشا صالح كيكيا - المدرسة التي خرجت لنا شخصيات بقامة الوطن، يصعب أن يهملها أحد أو يتجاهلها التاريخ الإرتري، من أمثال الزعيم سبي والقادة عافة وعمرو وآخرون كثر.
وفي فترة دراسته كبقية أقرانه كان يتابع الحراك السياسي والصراع العسكري الدائر في الساحة الإريترية بين الثوار وجيش العدو الإثيوبي.. يتابع عن قرب وبكل إهتمام وجدية هذه التطورات، وازداد وعيه بما يسمع ويشاهد من تطورات بحكم أن مدينة حرقيقو هي - درة مدن سمهر - كانت مركز الإمداد والتموين، تتقاسم قوتها اليومي مع المناضلين، فيشاهد فارسنا المقاتلين كل ليلة يزورونها ويجتمعون بأعيانها.. عاش وسط هذه الأحداث الميدانية في المدينة.
وبمجيئ العسكر في سدة الحكم في أديس أبابا وسقوط اللاهوت هيلي سلاسي عام 1974 شهدت الساحة تطورات متلاحقة وساءت الأحوال وتأزمت الأمور اكثر مما كانت عليه، واستمرت المجازر والتصفيات وإحراق القرى والمدن الإريترية، تأسيا بكبيرهم الذي سبقهم في الكره والضغينة لهذا الشعب المظلوم. فكانت حرقيقو إحدى هذه المدن التي تعرضت لمذبحتين متتاليتين في عامي 1975 و 1976 راح نتاج هذا الجرم المئات من الشهداء، مما أدّى لفرار سكانها إلى مدن أخرى وبعض القرى المجاورة كما أن كثيرا منهم لجأ إلى السودان، وكمعظم سكان حرقيقو خرج محمد طه من بلدته المحببة مكرهاً عام 1975 ليلتحق بساحة النضال والوغى وهو مازال صبيٌ يافع، إلا أن مكوثه في ساحة القتال لم يدم طويلا وذلك لحداثة سنه، فتعدّى الحدود إلى بلاد المهجر وتنقل خلالها في عدة دول حتى استقر به المقام في آخر المطاف في دوحة الجزيرة العربية - قطر - عمل في الدوحة بوزارة الداخلية.
وفي قطر بدأ اهتمامه وعشقه للصحافة والإعلام، واصل اهتمامه بالإعلام ودراسته لفنونه من خلال قراءات مكثفة ليثقف نفسه ويوسع من مداركه ومتابعة كل شاردة وواردة بما يخص وطنه ومحيطه، ومن ثم تفرغ لمهنة المتاعب (الصحافة)، فكانت بداياته الأولى في جزيرة المحبة دوحة الإعلام - قطر - تلك المميزة الملتصقة بجسد الجزيرة العربية التهبت فكرياً وثقافياً وانتشر فجر التغيير والتجديد والتحرر من قنواتها الأرضية والفضائية فدخل المجال الإعلامي من أوسع أبوابه حيث وكالة الخليج للصحافة والإعلام ركز في الشؤون الإفريقية خاصة الحراك الذي كان دائرًا في السودان آنذاك وذلك بعد اعتلت السلطة ثورة الإنقاذ بقيادة عمر البشير، فكان مصدر جذب للصحافة، وظهرت إبداعاته وقراءته الثاقبة للوضع الراهن، فبرز نجمه في الصحافة والإعلام المرئي وحفر أسمه وصار له بصمة لا تخطئها العين، غطى أحداث كثيرة وكوّن علاقات مع بعض الصحفيين السودانيين مكّنتْه من فتح الأبواب أمامه واختراق المنظومة الحزبية الواسعة في الخرطوم وخارجها، تنقّل بين السودان وإثيوبيا، وفي هذه الفترة وخلال انتقالاته المتكررة تم اعتقاله من قبل الأمن الإثيوبي في مدينة الصوصا الإثيوبية وهو قادم من كرمك السودانية، وكان ذلك عام 1997 وتم الإفراج عنه بعد تدخل القيادة السودانية.
وكان له حضور ملحوظ في أحداث الربيع العربي الذي أطاح برؤوس الحكام وتغيير الأنظمة، كان هذا الصحفي يحمل أقلامه وصحائفه يجول في ارجاء المنطقة يرصد التغيير القادم ويحلم ان يرى منطقة القرن الأفريقي تحذوا حذوهم بتغير الأنظمة البالية.
وفي خضم هذا الحراك وخلال نشاطه الإعلامي التقى توكّل بكثير من قادة الفكر والتجديد الى جانب المعارضة والموالاة لأبناء القرن الأفريقي واقترب الحلم الى واقع.. وقام برحلات مكوكية بداءً من الصومال مروراً بجيبوتي وإثيوبيا واريتريا والسودان وتخصص في هذا الجانب، وقام ببناء علاقات مكّنته من فرض حضوره في الصحافة والإعلام بصفة عامة، فأصبح رقم لا يمكن تجاوزه حتى أضحت كثير من القنوات الفضائية تسعى لاستضافته، كما أنه أصبح من الصعب تجاهله لما يتميز به من علاقات شخصية مع عدد من الرؤساء وكثير من الوزراء الأفارقة فاستحال معها منافسة محمد طه توكل في الشأن الأفريقي، وخلق جيل من الشباب الأفارقة الإعلاميين ومنح فرص لكثير منهم للخروج علينا كمراسلين من موقع الحدث، وأثبت بجدارة عند ما تم تعيينه مديرا لمكتب قناة الجزيرة في أدّيس أنه لا يعني ذلك الجلوس خلف المكاتب بل البحث عن الحقيقة ونقل الخبر لحظة بلحظة كما فعل في تغطية الأحداث الأخيرة في إقليم عفر.
وفّق الله هذا الإنسان العفوي، يعيش على سجيته غير المتكلف.. يبحث ويغامر من أجل الوصول الى الحقيقة يتعرض للمخاطر في سبيل نقل الوقائع كما شاهدناه بأم أعيننا في الخلاف الذي نشب بخصوص سد النهضة بين مصر وأثيوبيا، والتغطية الإعلامية المحايدة التي كانت ديدنه في المقابلات واللقاءات التي قام بها. وأخيرا في الحروب الطاحنة التي تدور رحاها بين الوياني والحكومة المركزية في اثيوبيا، وكيف انه كان متواجدا في قلب الحدث يتسلق الجبال ويخترق المناطق الوعرة وأزيز الطيران لا ينقطع وهي تقذف في كل الإتجاهات وأصوات المدافع تزلزل الأرض ورائحة الموت تفوح في كل الارجاء.
حفظ الله أبو طه.. انه خير سفير، ومفخرة للوطن.
التعليقات
سيرة جيدة ، ناقصة تحتاج الى تدقيق خصوصا في بدايات الالتحاق بالعمل الصحافي و كذلك مقومات النجاح التي ساهمت في حضوره الاعلامي مثل وجوده بالقرب من الدكتور محمد عثمان ابوبكر.
أيضاً العلاقات الشخصية التي كونها في الدوحة و القاهرة.
شخصياً أراه عصامي جداً و ذكاء فطري استطاع توظيفهما للوصول الى ما وصل اليه.