لابد من قول الحقيقة حتى إن لم تعجب البعض منا - الحلقة السادسة والعشرون

بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح

في يوم 9 من هذا الشهر (مايو 2015م) انعقدت ندوة في غرفة الحوار الوطني، وكان الضيف المناضل تسفاي تمنوو

الذي كان مناضلاً في صفوف الجبهة الشعبية، حيث التحق بالثورة في عام 1971م أو 72 لا أدري بالتحديد رغم انني استمعت لشهاداته في راديو وقاحتا الناطق بالتقرنية بشكل متسلسل تجاوز الـ 35 حلقة، وقد روى في حلقاته ضمن ما روى معاناته في السجن الانفرادي وما تعرض له من اغتيال نفسي خطير وطريقة التحقيق التي كانت بالمراسلة من اسياس نفسه والتي امتدت لشهور كما قال في شهاداته وكانت الطريقة التي استجوب بها: أن تصله رسائل ورقية مكتوب فيها أسئلة ولم تترك هذه الاسئلة شاردة ولا واردة عن حياته كما يقول السيد تسفاي تمنوو بما فيها حياته في الطفولة ومع من كان يلعب وماذا كان يحب من الألعاب وماذا كان يكره؟! والحكاية طويلة ومثيرة ولمن يريد الاستماع إليها فسيجدها في أرشيف المواقع الكترونية.

وقد كان عنوان الندوة الشراكة الوطنية الحقيقة، وبما ان أمر الشراكة من اهم الأمور التي تهم صناع الرأي في ارتريا كنت حريصاً على حضور الندوة والاستماع لذلكم المناضل العنيد الذي تحمَّل ما لا يطاق من التعسف الهمجي الذي وقع عليه من رفاق الدرب، وتأتي أهمية المناضل تسفاي في القناعة التي وصل اليها وهي الاقرار بالأخطاء والتجاوزات التي حدثت في الماضي في الثورة الارترية بشكل عام وفي الجبهة الشعبية بشكل خاص.

كانت الندوة مقتضبة جداً والضيف لم يتحدث إلا وقت قصير لا يتعدى النصف ساعة من الزمن، وكانت البداية من الاستاذ ابو خالد مدير الغرفة وكان تقديمه ايضاُ مقتضبا، وهذا كان امر جيد منه كمقدم، وكان حديث الضيف غير كافي لقصر الوقت ولأهمية الموضوع المعروض للنقاش اود ان ادلي بما لدي واقول:

الامة الارترية لم يكتب لها النجاح في الشراكة الوطنية قديماً في اربعنيات القرن الماضي، عندما بدأت الحركة الوطنية السياسية والحزبية بالمطالبة بالحرية والاستقلال بعد خروج الدولة المستعمرة لارتريا مهزومة في الحرب العالمية الثانية على يد الحلفاء برئاسة البرطانيين، وأعني المستعمر الايطالي الذي احتل ارتريا مدة 60 عاما متكاملة.

ما معنى الشراكة الوطنية وما هي الضوابط التي ينبغي أن تكون متوفرة؟

الجواب على هذا السؤال: حرية الصحافة لابد من ذكرها في الدستور حتى يكون الأمر تحت الرقابة المستمرة من الصحفين.

بعد هذه الشروط التي ذكرت يأتي السؤال الذي يتكرر بيننا نحن معاشر الارترين وهو كيف يكون ذلك ومتى ومن يقوم به؟ ومستحيل وانت تحلم وهل تعتقد أن الأمر بهذه البساطة والقصص التي شبعنا منها لدرجة الإدمان والكل شاطر في وضع العقبات والعوقات والتقليل من قيمة العمل الجماعي وهذا امر خطير اسمه قتل المشروع الجماعي وان كان في طور التكوين اي مجرد فكرة في الاورق وهذا عربون للقراء حتى لا يسرفوا في التشاؤم من الفكرة ويخرجوا لي طرف اللسان المعهود من الكسالى الذين يريدون ان تمطر لهم السماء ذهباً دون ان يتبعو الأسباب، وهنا تحضرني قصة من الأثر عن أمير المؤمنين، أنه وجد يوماً رجلاً مستقبلاً القبلة ورافعاً كفيه يدعو الله وبجواره بعيراً أجرباً، فاقترب منه أمير المؤمنين فسأله ماذا تصنع يا هذا؟ فقال أدعو الله أن يشفي بعيري هذا من الجرب. فقال له الفاروق رضي الله عنه: ادعم دعائك بالقطران (علاج الجرب) انتهى كلامه وهذا حث على إيجاد السبب. وقال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم) أي يبارك الله في عملكم.

من هم الذين يتأمل منهم القيام بهذه المطالب المذكورة؟

الجواب: كل من يعارض النظام من الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحتى الافراد فهم اصحاب المصلحة الريسية ان يقوموا بالامر والا يكونوا مسؤولين امام الشعب في المستقبل.على انهم لم يقوموا بما يجب القام به.

الخريطة السياسية الارترية التي تمثلها الأحزاب المعارضة من المسلمين والمسيحيين والذين اعتبرهم انا شخصياً هم المؤهلون والمسؤولون لانجاز هذه المطالب التي ذكرتها في المقدمة.

وهل أهليتهم و مسؤوليتهم تضمن قيامهم بالمسؤولية على الوجه المطلوب؟

جوابي على هذا السؤال نصف الاجابة أي 50٪ كيف يكونذلك؟

الجواب: المسلمين هم من يقوم بذلك بكل صدق واخلاص ودون التقية السياسية في الوقت الحالي ودون شرروط مسبقة وهم اهلا لذلك اكثر من اي وقت مضى، وبعد المراجعات التي جرت عن الماضي الذي امتد لأكثر من 60 سنة من الشراكة الوطنية الغير مؤسسة والتي تعتمد على عدم الصدق والمصارحة وعلى أرضية مهترئة، واتسمت بالغش والتحايل السياسي من قبل مسيحيي ارتريا في الماضي وما تلاها من التسلط والانفراد بالسلطة بعد الاستقلال وهيمنة التقرينية على مقاليد الحكم في البلاد لمدة 25 سنة وما نعانيه من الحيف والتسلط يستدعي منا المراجعة الكاملة في تاريخ النضال المشترك بيننا والحصيلة كانت ان نسمي الاشياء بأسمائها وان نضع الاوراق كلها فوق الطاولة لمناقشة الامور بشفافية وان نأسس الشراكة الوطنية على ارضية صلبة وعلى الاسس التي تقدم ذكرها في المقدمة.

وهل الجانب الثاني من المعادلة أمين على هذه المطالب وتنفيذها وأعني بهم المسيحيين؟ جوابي على هذا السؤال ايضاً نصف الاجابة!! الحقيقة تقول انهم غير أمينين حتى اللحظة، فلو تتبعنا أساليب المسيحيين المحسوبين على المعارضة نجدهم بعيدين كل البعد عن اللحمة الوطنية بمفهومها الذي يؤمن به المعارض المسلم الذي يستميت على التمسك بالمبادئ التي تضمن الشراكة الوطنية بشكل جدي مقابل المعارض المسيحي الذي لا يريد الحديث عن مستقبل الشراكة الوطنية بل يهرب الى الاسطوانة المفضلة عندهم لا للقبلية ولا للدين ولا للإقليمية والأثيوبية حرام وهذه نكتة بالنسبة لي لأن أثيوبيا صارت عليهم حرام وعلينا حلال وهذه مغالطة غير موفقة منهم، وكل هذا اللف والدوران انهم لا يريدون الشراكة الوطنية وغير امينين وغير مستعدين لها حتى الآن وفي هذه الحالة هم المسؤولين عن أي اشكال يحدث في المستقبل من عدم الاستقرار الوطني وتعرض البلاد لما لاتحمد عقباه.

العودة الى المقدمة والضيف تسفاي تمنوو هل هو من الوطنيين الذين يومنون بالشراكة الوطنية؟ أعتقد انه رجل عاقل مر بتجربة مريرة في النضال وتعرض على يد بني قومه للتعذيب والتنكيل ويعرف ما معني الظلم وبتالي اعتقد انه يؤمن بالشراكة من حيث المبدأ دون الدخول في التفاصيل التي يتمتع بها من فهم الشراكة الوطنية وامكانياته المعرفية في فهم الدولة المركزية من الدولة اللامركزية والى أي مدى انه محرر من سطوات القومية الكبساوية التي لا ترحم من لا يخدم المبادئ الطائفية وانني ارجو ان يكون الاستاذ تسفاي محرر من هذه الهيمنة الطائفية التي لا ترحم احد.

وهل من العدل ان أقول على المسيحيين أنهم غير أمينين على الشراكة الوطنية؟

الجواب على ذلك التاريخ دونكم وراجعوا المراحل التي مرت بها ارتريا من ايام الحركة الوطنية ومروراً بالثورة والآن على مستوى الدولة الفاشلة والسبب هم وليس غيرهم وهذه حقائق مريرة ومع ذلك لا تمنع فاعل هذه السوابق من العودة الى الرشد واصلاح ما أفسده الدهر وعلى ان لا يكررها مرة اخرى، ولكن هذا الامر لمن يريد ان يكون انسان طاهر من الأقصاء والتسلط ويفهم الوطنية على حقيقتها ويزيد عليها ان ارتريا ملك الأمة التي تعيش فيها وليست مزرعة لأحد او ملك يمين لاسياس وأمثاله.

وهل لا يوجد أي أمل من مسيحيي ارتريا أن يرتقوا الى مستوى المسلمين بالمفهوم الوطني والقناعة بالشراكة الوطنية مثل المسلمين؟ ج- للأسف الإجابة نافية وحتى اكون دقيق لننظر الى الخريطة السياسية التي يمثلها المسيحيون بشكل كلي أو جزئي، فهل منا من يتوقع من حزب الشعب شيء هذا الجواب متروك للقارئ المتابع لقضية المعارضة، وهل الدكاترة الذين عقدوا مؤتمراً في أمريكا مطلع هذا العام وكتب عنهم الاستاذ صالح قاضي وكلهم دكاترة وكانت النتيجة ما قرأناه والسلام على الشركة الوطنية التي يحلم بها السياسي المسلم، وانا اقول بشيء من الجدية أن الشراكة من طرف واحد يعني الشراكة مفلسة وغير مربحة وبالتالي لا يمكن تحقيق الشراكة من طرف واحد فقط دون وجود الطرف الثاني.

فما هو الحل؟

على المسيحيين الارترين ان يتعلموا من التجارب التي مررنا بها، وان يتحرروا من الجشع السياسي والهيمنة وان يعلموا ان رتريا لا يمكن ان تستقر الا بالشراكة الحقيقية في الثروة والسلطة والمساوات في الحقوق والواجبات، وتداول السلطة بطريقة ديمقراطية على اساس العقد الاجتماعي الذي يشارك فيه كل الارتريين دون اقصاء او تهميش وبدون ذلك يكون الوطن معرض لعدم الاستقرار والنزاع الذي قد يهدد وجوده كبلد محرر من الستعمار بعد نضال دام ثلاثون عاما وهذا ما لا يرضاه اي عاقل من المسيحيين فضلاً عن المسلمين الذين هم احرص الناس على الوحدة وعلى الشراكة الوطنية فهل المسيحيين على هذا القدر من المسؤولية الجواب متروك لهم؟

المطلوب من النخب المسيحية والاحزاب ومنهم حزب الشعب ومدرخ الشعبية المصغرة والاساتذة والمفكرين رؤيتهم في المستقبل عن الشراكة الوطنية حتى نعرف ماذا يريودن كشركاء في الوطن؟

Top
X

Right Click

No Right Click