لابد من قول الحقيقة حتى إن لم تعجب البعض منا - الحلقة الرابعة عشر
بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح
في البداية أعتذر للإخوة الذين أساءوا الظن بي على ما ذكرته بحق إخواني في المرتفعات، وهذا حقهم علي وعلى من يعتدي علينا،
ولم أقصد أهلي في المرتفعات بشكل عام، إنما قصدي كان من يعمل في السياسية هذه الأيام وأيام الجبهة، في زمن حزب العمل المشؤوم، فلا يعقل أن يكون كل الشعب الارتري بفئاته وشرائحه وتخصصاته وحرفة المختلفة في المرتفعات والمنخفضات يمارس أو يتعاطى السياسة، لأن الشعب اليوم في ارتريا لا يعنيه ما ذكرت في المقالة إنما يعنينا نحن المطالبين بتغير النظام، وحتى أكون دقيقا في ما قلت في الماضي كنت اقصد به ماضي جبهة التحرير التي مزقت وتشتتت بأفاعيل ومكائد من كان يقودونها والحمد لله على ذلك حيث كانت شر مستطير مثلها مثل هقدف الحالي بقيادة الحزب الشيوعي الملحد الذي كان يسمى حزب العمل، أعتقد وضحت قصدي وهذا يكفي.
أخي الأستاذ محمد علي حامد ذكرت الشهيد سعيد حسين رحمه الله الذي قتل غدراُ وهو مؤسس جبهة تحرير ارتريا مع من كان معه من الطلاب في القاهرة وقلت لي ماذا تقول عنه وإخوانه الشهداء الذين قضوا معه؟! أقول فيهم ما قاله الله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً) الأحزاب: 23، ولا نزكيهم على الله، أستاذي محمد علي حامد، وكان مقتلهم على يد من ذكروا في الأخبار والتقارير وإن جاءت متأخرة وليس من العدل والإنصاف نسبة هؤلاء إلى مسلمي المرتفعات أو المنخفضات.
نحن بشر ولسنا ملائكة! الإنسان معرض للخطأ والثواب والأفضل الذي يتراجع عن الخطأ ويتعلم منه ليتجنبه فيما بعد، وهل نحن المسلمين خالين من الأخطاء ؟ كلا بل هي كثيرة ومتكررة وهذا هو سبب الضعف الذي نعيش، نعم نحن المسلمين كنا المبادرين كما قال أحد الإخوة في مداخلته ابتداء من تأسيس الرابطة الإسلامية إلى حركة التحرير التي كانت مثل البطيخة خضراء من الخارج و حمراء من الداخل كما قال الشيخ عبد الحميد كشك رحمة الله عليه واصفاً كتاب القذافي الأخضر!! والسؤال ماذا كانت النتيجة من كل هذا وما هي الفوائد التي جنيناها من المبادرات التي ذكرت؟ لا شيء والسبب لأننا لم نكن منظمين أو نعرف العمل الجماعي بمعناه العام والرابطة الإسلامية على سبيل المثال لم تفشل إلا لهذه الأسباب دون الدخول في تفاصيل تلكم الأيام، ولم تكن هناك مشاكل في الماضي بين المسلمين كما تفضل الأخ تكاس في مداخلته وقال من هذه المشاكل انفصال الرابطة الشرقية واعتقد انه يقصد السيد كيكيا باشا الذي انفصل عن الربطة بصفته الشخصية وهو كان رجل أعمال قبل أن يكون سياسياً وأن يكون معه بعض الأفراد من منطقته فهذا شيء طبيعي جداً والباشا كيكا الله يرحمه كانت له مصالحه الخاصة التي انفصل بسببها ولم يكوّن حزب كما قال الكاتب الم سقد تسفاي في كتابه لن نفترق وكتابه الثاني فيدرالية ارتريا مع أثيوبيا الذي فيه تزوير للحقائق والكثيرين من المسلمين معجبين بالكتاب ومنهم الأخ تكاس الذي أوغل في تعييري وشتمي دون مناقشة الفكرة وتصويبي كما فعل أستاذي محمد علي حامد حفظه الله، ونفس الشيء ينطبق على ما عرف بالرابطة الغربية وصاحبها السيد علي راداي ولم تكن هي أيضاً حزب وكان من قام بها لنفس الغرض وهي المصلحة الشخصية وكلتا الرابطتين المذكورتين ولدتا خداجاً (premature) وماتتا قبل موت مؤسسيهن ولا يجوز من يقول لغيره أنت جاهل أن يعتمد هكذا تاريخ ويستشهد به ما لم يكن عبداً مأمورا أو إمعة يردد ما يقول غيره دون تفكير أو تمحيص (إن جاءكم فاسق بنباء فتبينوا) وهذا وارد في هذه الأيام التي نسأل الله فيها السلامة!
لا توجد بين مسلمي إرتريا أي مشاكل لا في الماضي ولا في الحاضر، وأعني بذلك أنه لا يعرف بيننا كمسلمين مشاكل أو حروب واقتتال في الأرض ولا في الزراعة بل على العكس عندما تعرض مسلمي المرتفعات في زمن الإمبراطور الهالك هيلى سلاسي لتعديات وشردوا من ديارهم لم يجدوا من إخوانهم في المنخفضات إلا الترحيب والحفاوة ومن يعرف منطقة القاش بشكل جيد يعرف ما أقول وأنا حقيقة لم أكن أعرف هذه الأمور وكنت اعتقد بعدم إمكانية حدوث ذلك إلا عندما وجدت من يتحدث بالساهو والتقرى في بركة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وعندما سألت عنهم عرفت الحقيقة التي كنت أجهلها، هذا من الناحية الأهلية أي على المستوى الشعبي بين العمد والمشايخ، ولكن ماذا عن السياسيين، وماذا فعلنا من أجل الاتحاد أو توحيد العمل؟ الجواب لم نفعل شيء يقارب بيننا منذ الأربعينات حتى اليوم، ولهذا نسير من السيئ إلى الأسوأ وسوف تزداد الأمور سوءاً ما لم نتدارك أمرنا في الوقت المناسب وهو الآن وليس غداً، ولنبدأ من الآن فصاعداً بإصلاح البيت من الداخل وبشكل جدي وبعيداً عن العواطف التي لا تصمد أمام العواصف السياسية، كالمثاليات والإسراف في التملق بالوطنية لمجرد إرضاء المسيحيين بينما العدل أن تحافظ على حقوقك وحقوقهم دون الانبطاح والتشدق بالوطنية ووصف المسلمين بالطائفية والرجعية والقبلية من أجل إرضائهم، هذه هي الحالة التي نعيش الآن ومن ينظر للأحزاب التي جلها من المسلمين من المرتفعات يجد التقارب أو التحالف الذي لم يوافقني فيه بعض الإخوة وهو ماثل للعيان لا يجهله المتابع دون التطرق للأسماء التي يتكون منها كل حزب أو تنظيم، هذه هي الفئات التي اقصدها دون غيرها. وعندما قلت التحالف من الصعب أن أقول هذه حالات فردية لسبب بسيط، ن من يقومون عليها يقولون أنهم يمثلون الشعب الارتري كله وعندما يصلوا إلى السلطة سوف يقولون كما يقول اسياس وبتالي علينا أن نعالج الإشكالية بكل شفافية في الوقت الحاضر وبأسرع ما يمكن قبل حدوث فراغ أو فوضى في الوطن وتخرج الأمور من اليد ويتحكم علينا من له مليشيات مسلحة من المسلمين والمسيحيين!
المطلوب من المسلمين رص الصفوف وصيانة البيت من الداخل.
ما دام المسلمين ليس لهم ماضي من المشاكل فما الذي يمنعهم من العمل المشترك ؟ سؤال بحاجة إلى جواب بكل صدق وأمانة، ومن هذا المنطلق أرجو أن نبتعد عن تعقيد الأمور كما قال الأخ محمد علي حامد، وأنا أوافقه على ما تفضل به بشرط دون أن يكون هذا على حساب إنكار المنكر الذي لم يأتي بمنكر أعظم منه وهذه من شروط الإصلاح لمن يريد إصلاح ما أفسده الدهر، وهذا يتطلب عمل جماعي من الكل والجدية والتحرر من التخندق خلف صغائر الأمور مثل إقليمي ومنطقتي وأن يكون الهم الأول الأمة، وبعدما نصل إلى الطريقة وندرس الماضي وتبعاته التي أوصلتنا لما نحن فيه ونحدد الأسباب التي جعلتنا لا نتفق في أمر من الأمور التي تقوي شوكتنا وتصون كرامتنا وتحمي أرضنا وعرضنا، وهذا لا يعني إطلاقاً إنشاء تكتل للعمل ضد المسيحيين. فللمسلمين حقوق كما للمسيحيين وهذه الحقوق تعرف بحقوق المواطنة، والشراكة في الثروة والسلطة بموجب القانون الذي يتفق عليه من المكونين، و بما أنه لا توجد الآن دولة مؤسسات في ارتريا ولا دولة قانون فعلينا البحث عن ذلك بشكل جماعي ولكن على المسلمين أن يتفقوا حتى لا يصيبهم ما أصابهم في فترة تقرير المصير مع الأندنت آنذاك، وحالياً مع هقدف وهذا الظلم والإقصاء الذي واقع علينا لا يرفعه أحد منا إلا النضال والعمل من أجل استرداده بقوة المنطق والحق بالطريقة السلمية وان لم تنجح فلكل حدث حديث، ولكن المؤكد أن المسلمين إذا اتفقوا لا يجرؤ أحد على رفض مطالبهم وحقوقهم التي ليست مناً من أحد ولا هبة، والمشكلة التي نعاني منها أن مسيحيي إرتريا الأكسوميين الكبساويين وليس كل مسيحيي إرتريا في المنخفضات لا يشملهم ذلك فهم مثل المسلمين وحتى ثقافتهم وقيمهم لا تسمح لهم بالظلم والتعدي على حقوق الغير مثل الأكسوميين، والدولة المدنية المستقرة في ارتريا المستقبل خيرها سيكون للكل مسلمين ومسيحيين وخير لنا ولهم أن لا يكون هناك عائق يعيق ذلك الهدف النبيل، الوطن لنا ولكم ومن الحكمة أن نجد الصيغة التي تضمن لنا تداول السلطة بطريقة ديمقراطية، ومن يفوز من الأحزاب يحكم وفق الدستور المتفق عليه.
الأفكار الفردية إذا كانت مطلوبة الآن؟
على المفكر أن يكون عامل مساعد لحل المشاكل التي يعاني منها شعبه أو أمته، وهذا الذي ينعدم عندنا الآن وحتى في الماضي النضالي لم يكن المثقف الارتري يلعب الدور الإيجابي بل لم نؤتى إلا من قبل المثقفين لتحزبهم وانشقاقهم مع كل من ينشق عن تنظيمه أو حزبه، والآن زادت على الأمور إشكالية جديدة اسمها إقبال المثقف الارتري المتعلم على تأليف الكتب وبذلك سوف تزداد الأمور صعوبة أكثر من ذي قبل، فالكتابة لا تترك لصاحبها أي متسع من الوقت لأن تأليف الكتب ليس بالأمر السهل حتى يجد من يقوم به متسع من الوقت لكي يعالج القضايا العامة، ومنها توحيد العمل العام للمسلمين الذي ينبغي أن تكون له الأولوية القصوى دون غيره من المسائل الأخرى، والحقيقة أن عالم تأليف الكتب أثر بل أضر كثيراً على الساحة الإعلامية ومنها الشبكة العنكبوتية الناطقة بالعربي حيث كانت قبل عشر سنوات عامرة بكتاب مقتدرين أما الآن فلا أجد لهم شيء يذكر مما كان لهم في الماضي من مشاركات تحليلاً وتصويب كلما اقتدت الضرورة، والآن نفتقدهم في هذا الظرف العصيب لانشغالهم بتأليف الكتب ومن يدخل عالم تأليف الكتب لا يجد الوقت حتى لأولاده فضلا أن يجد الوقت للعمل العام الطارئ الذي ذكرت، وهنا تحضرني قصة الكاتب المشهور محمد حسنين هيكل على لسان احد الكتاب الذي قال عنه يقول فيها: (لا تفتكروا مشوار الشهرة يأتي من فراغ بل له ضريبة على حساب الأهل والأولاد) والسيد هيكل على سبيل المثال لم يره احد في حياته الخاصة مع زوجته وشريكة حياته في منتزه أو في أي نادي أو منتجع أو مطعم!! وأنا حقيقة لم أقرأ له فيما كتب مع انه الكاتب الذي يشار إليه بالبنان والمعرفة بالسياسة العربية والدولية وهذه حقيقة لا ينكرها أحد، ولكني لم أجده إلا رجل ربط علاقاته مع الأنظمة الاستبدادية العسكرتارية والملكية ولم تفد كتب السيد هيكل الصالح العام بل كانت تفيد نخب الحسرة من الانقلابيين والذين يرثون الحكم عن آبائهم وأمهاتهم ليس إلا، وعلاقته كانت بهم حميمة! وأرجو من الكتاب الارتريين أن لا يقعوا في ما وقع فيه الباشا هيكل، والكتابة ليست شهرة وحسب بل تجارة ومال وهذا الذي أخشاه على المفكرين الارتريين من الكتاب بينما الشعب ينتظر منهم الكثير والكثير.
الوحدة أو العمل الموحد للمسلمين وإلا؟
على المسلمين توحيد الجهد والمجهود الجماعي السياسي في ارتريا وإعطائه الأهمية القصوى دون تأخير والقيام بذلك بشكل سريع والتنادي من أجل ذلك فمن يرى على نفسه المقدرة والتنسيق مع الذين لهم الاستعداد للعمل الجماعي وعلى هؤلاء المفكرين والكتاب والمثقفين والسياسيين الذين لهم التجربة في العمل النضالي والسياسي في الماضي، وهذا الأمر ممكن ولا توجد أي صعوبة للقيام به.
الثوابت التي تجمع ولا تفرق هي:-
- وحدات الترب الارتري.
- دستور ينظم حياة المواطنين.
- التعديدية السياسية.
- تداول السلطة عبر الصناديق.
- الشراكة الحقيقة في الثروة والسلطة.
هذه هي المشتركات التي لا يختلف عليها المطالبين بالدولة المدنية الحديثة، ومن لا يتفق على ذلك لا يريد دولة المواطنة والقانون، وبتالي لا نستطيع أن نصل معه إلى شيء مفيد مستقبلاً، بجانب المشتركات الخمس التي ذكرت بقيت الأمور المختلف عليها وتعتبر من الفرعيات التي لا تؤثر على العمل العام الذي ينظم حياة الناس.
لابد للكل أن يشارك.
لضمان ونجاح العمل العام والمطالب التي نريد تحقيقها، لابد أن يشارك فيها الكل ويعني الكل الذين يهمهم الأمر وأعني المسلمين الذين وقع عليهم التهميش والإقصاء وأصبحوا في مؤخرة القافلة بعدما كانوا في أولها والمبادرين فيها منذ بداية الحركة الوطنية ومروراً بالثورة المسلحة ثم حدث لهم ما رأينا وما نرى وهو من صنع أنفسهم وليس بأي حال من الأحوال نتيجة قوة الشوفينين الأكسوميين، إن الذي يحدث لنا هو من عدم ترتيب البيت من الداخل وهذا لا يعني أننا نعاني من مشاكل فيما بيننا بل الأمر بكل بساطة عدم الترتيب والتنظيم الذي يقتدي أن يكون في كل بيت مهما صغر حجمها أو كبر، وعدم تنظيم الأمور في أي عمل هو من أسباب الفشل كما هو حال الشركات التجارية والبنوك التي تعلن إفلاسها بين فترة وأخرى نتيجة وجود خلل أو تلاعب واختلاسات، وقد يكون الأمر مجرد تسيب في العمل والإهمال والتقاعس عن أداء الواجب وعدم الاهتمام وانعدام روح العمل الجماعي وعدم إعطاءه الأهمية التي يستحق، وهذا ما نعاني منه مع الأسف الشديد.
وصيانة البيت من الداخل مسؤولية الكل بدون تمييز بين من كان في جبهة التحرير الارترية والجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، وان لا ننصب له محكمة سياسية ونحن في هذا الوضع المزري الذي لا نعرف فيه من أخطاء على من فيما بيننا والشيفونيين الأكسوميين يسرحوا ويمرحوا في البلاد طولاً وعرضاً بلا حسيب ولا رقيب والتقرينية لم يسلم منها شيء في الوطن حيث تم (تقرنت) كل شيء، لدرجة انك تشك أن هناك قومية غير قومية التقرينية! فالتلفاز الارتري اليتيم كل ما يعرض فيه 90٪ بالتقرينية، وحتى تمثيليات التقري يتم ترجمتها على الشاشة من أجل خاطر عيون الفئة الحاكمة.
هم محل التقدير ولاحترام ما لم يركنوا الى الظالم! المناضلين الذين كان لهم الفضل على اسياس في الشعبية الأحياء منهم في السجون والشهداء منهم هم محل التقدير والاعتبار الذي لا ينبغي أن نستهن به، والذين على قيد الحياة وخارج السجون مطلوب منهم الكثير وبتالي لا ينبغي التقليل من أهميتهم في مستقبل ارتريا ما بعد هقدف، وهم أبطال وما كان اسياس أن يفعل ما يفعله لولا أنه غدر بهم وأدخلهم السجون لكي تتسع له الساحة دون رقيب وبعد أن حاصر البقية منهم في الإقامة الجبرية والحراسة المشددة وعدم السماح لهم بمغادرة البلاد تحت أي ظرف من الظروف، بعدما تبين له أنهم كشفوا أجندته وأهدافه الخبيثة في الوقت الضائع، ويأتي عمرو من الناس ويقول عنهم كومبارس وأدوات على يد أفورقي، ينبغي أن تؤجل هذه الأمور الآن وإلى الأبد إن كنا نريد أن ننهض بالأمة، ويتطلب منا النظر إلى أبعد من أرنبة أنوفنا ونقدم المشروع الوطني قبل المشروع الإقليمي، وهذا الذي ينعدم عندنا كمسلمين في الماضي والحاضر وأنا عندما قلت مسلمي المرتفعات كنت أعني ما أقول في الوقت الحالي وفي أيام الثورة المسلحة، وهذا لا يعني القدامى من مسلمي المرتفعات بأفضل حالا مما نحن عليه الآن والدليل لم يستطيعوا جمع إخوانهم من المنخفضات حولهم على اعتبار أن وضعهم وحالهم كان أفضل من إخوانهم في المنخفضات من الناحية التعليمة والسياسية بحكم تواجدهم بالقرب من مركز الحكم والحكام، بل الأدهى والأمر إنني لم أجد من الأساس في الأربعينيات والخمسينيات أن مسلماً من المرتفعات اي من السياسين ذهب إلى كرن أو نقفة أو تسنى أو أغوردات وألقى محاضرة أو عقد ندوة أو أحيا أمسية يشرح فيها لإخوانه ما كان يحدث من الأندنت إلا ما كان من الرابطة ورجالها المحسوبين في المنخفضات والذين كانوا أكثر حركة من غيرهم في المرتفعات ولماذا التركيز على مسلمي المرتفعات؟ لأنهم أهل المدنية والمقدرة العلمية والمادية وإخوانهم في المنخفضات في ذلك الزمان الرديء ما كان لهم إلا الزراعة ورعي البقر والإبل وكان التعليم المدني الحديث شبه معدوم، وبتالي اللوم يقع على من كان له الزاد من المعرفة بالمشكلة ولهذا يقول المولى جل جلاله في القران الكريم: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكّر أولو الألباب) أقول هذا من الباب الغيرة والقبط حتى لا يشن على الإخوة حملة مضادة ظناً بي التعنصر الإقليمي أعوذ بالله من هذا التعنصر الذي نهى عنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: (دعوها فإنها منتنة... دعوها فإنها منتنة... أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم) لما حدث بين بعض المهاجرين والأنصار، لكن لا يدخل في ذلك الأمر المغفور له بإذن الله الشيخ إبراهيم المختار مفتي الديار الارترية السابق عليه رحمة الله.
المعادلة الخاطئة!
في المقالة السابق عندما ذكرت الهند تلكم الدولة الكبيرة في القارة الهندية والتي تعرف بدولة ديمقراطية الفقراء كنت أقصد انه يوجد فيها الاستقرار السياسي مع أنه يوجد فيها الفقر المطقع كما يوجد فيها الغناء الفاحش ومع كل ذلك توجد فيها الحقوق التي تتيح حرية التدين والمسلمين حقوقهم مكفولة في قوانين الدولة الهندية وليس الأمر كما هو عندنا تحارب المدارس الإسلامية والمعاهد الدينية وعلى القارئ الكريم أن يعرف المدارس الإسلامية الخاصة في الهند مثل دار العلوم في حيدر آباد وهي جامعة عالمية معروفة تُدرس فيها كل العلوم التي تخطر في بال الطالب من هندسة والطب وعلم الحاسوب و لا تتدخل الحكومة الهندية في الأمر أو تمنع بل تسهل الأمر للقائمين عليها وكما تعلمون الكثيرين من أبناء الدول العربية يدرسون فيها ومن السودان أعداد كبيرة من الطلاب يدرسون ومنهم ارتريون بطبيعة الحال وعدد الطلاب فيها أكثر من 10000 طالب والأمور تسير على خير ما يرام هذا ما كنت أود أن أضرب به المثل ولكن أحياناً عندما أطيل في الكتابة أو الحديث يحدث ما لم يكن في الحسبان. وأما الصين ما كان لها أن تقارن بالهند التي تعرف بأنها اكبر بلاد العالم ديمقراطية وان كانوا يعبدون البقرة ومع ذلك نظام الحكم عندهم لا يظلم المسلمين في شيء ومن العدل أن ندور حيث يدور الحق ولو كان على أنفسنا لأن ذلك من صميم ديننا قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). وأما الصين ما أقول فيها إلا هذه الطرفة وهو كيف تطلب من الذئب أن يرعى لك الغنم وشكراً للأستاذ محمد علي حامد الذي لاحظ هذه الإشكالية في المقالة.
في الختام علينا أن لا نسرف الوقت في إعطاء الدروس في التاريخ الذي يخص المحليات مثل إقليمي وقريتي وقبيلتي فلنترفع منه إلى المستوى الإسلامي والوطني الكبير حتى نصل إلى بر الأمان.
أخيراً أشكر كل الإخوة الذين علقوا على المقالة مشيدين ومنتقدين، وهذا هو المطلوب حتى لا تسير الأمور خالية من النقد والتصويب الذي يضبط التمادي والاستمرار في الطريق الخاطئ، وان كان البعض لا يجيد إلا لغة التقزيم والشتائم ومع ذلك أرحب به من قبلي حتى يتعلم كيف يخاطب من يخالفه الرأي في المستقبل وليس كل من يقرأ ويكتب يحسن التصرف مع غيره فيما يخالفه فيه.