لابد من قول الحقيقة حتى إن لم تعجب البعض منا - الحلقة الخامسة عشر

بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح

بداية لابد من التأكيد على أن الثورة الارترية المسلحة بشقيها جبهة التحرير الارترية والجبهة الشعبية لتحرير ارتريا،

لكل التنظيمين السلبيات والإيجابيات التي ليس من الضرورة أن تنسب إلى السواد الأعظم من المناضلين الشرفاء الذين كانوا في التنظيمين، ولم يكونوا ضمن عضوية الحزبين السريين (حزب العمل) الذي كان يقود الجبهة من الداخل ويتحكم في كل شيء من مفاصل التنظيم، و(حزب الشعب) الذي كان يحكم الجبهة الشعبية من الداخل ويسيطر في كل شيء، هذه هي الجبهة التي كان يدور حديثي حولها، وأرجو أن لا يفهم ما قلته خارج هذا الإطار الذي لا يجهله من عاصر تلك الحقبة من تاريخ إرتريا المعاصر وقد أخذ حيزه ولا أعتقد أن الخوض في التفاصيل غير مجد في الوقت الحاضر على الأقل وقد ينبري من يتناوله بالنقد والتحليل مستقبلاً. ومعروف متى كان ظهور حزب العمل في الجبهة.

جبهة التحرير المدرسة الوطنية:

عندما يقال الجبهة على المستوى الشعبي يعني جبهة تحرير ارتريا بكل فئات مناضليها الشرفاء الذين سطروا المعجزات التاريخية وضربوا الأمثلة من التضحيات والفداء ولقنوا الأعداء الدرس الذي لا ينسى، والجبهة هي المدرسة التي تتلمذ عليها كل وطني وهي العيادة الطبية التي يلج إليها المريض من الشعب وهي المداد الذي كان يمد الشعب بالمأكل والمشرب دون أن تسأل عنه وإلى أي تنظيم ينتمي، هذه هي (جبهة عباي) كما كان يسميها الشعب وهذا لا يعني أنها كانت خالية من الأخطاء في بداية الأمر كما قال الأخ إبراهيم الحاج،وكانت البداية صعبة جداً بكل ما تعنيه كلمة صعبة من معنى، رغم قلة الإمكانيات وقلة الناصرين.

الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا المدرسة الخاصة:

لماذا الجبهة الشعبية مدرسة خاصة؟ معلوم التباين الذي كان بين الجبهة والشعبية في التعامل مع الشعب فالجبهة كانت عبارة عن الدار المفتوح للشعب يدخل في معسكراتها دون أي تحفظ أو وجل أو خوف،ويطلب منها ما يريد من العلاج والغذاء وهذه أمور معروفة لمن عايشوا تلك الفترة. أما الشعبية فكانت لها طريقة خاصة في التعامل مع الشعب ومن غير الممكن أن يدخل أي شخص مدني من أفراد الشعب المعسكر مهما كانت الأسباب بل حتى العسكري الذي يريد الالتحاق بها له طريقة معينة ولا يختلط بالمناضلين أبداً إلا بعد أن يمر بمطبات اختبار معينة أو روتين متبع بل لا توجد عند الشعبية الحرية التي كانت في الجبهة من التعارف بين المجند الجديد مع من كان قبله من المناضلين دون قيد أو شرط كما كان الحال في الجبهة، وما دام الأمر للجندي بهذه الصعوبة فمن باب أولى أن يكون على المواطن الصعب وأشد ثم نسمعهم يرددون شعار (عوت نحفاش - النصر للجماهير) الذي يذيلون به بل يختمون به كل شيء.

الالتحاق بالجبهة والشعبية والاختلاف في الكيفية:

من يرد أن يلتحق بالجبهة ما عليه إلا أن يتحرك من المكان الذي يقيم فيه إلى أقرب مكان يجد فيه معسكرات الجبهة دون وسيط أو أي توجيه مسبق من احد. وأما من يريد الالتحاق بالشعبية فعليه أن يمر من منطقته التي يقيم فيها بالتوجيه من المسؤول الذي يعطيه الإذن بالمرور إلى الاتجاه المقصود ويذهب خلسة دون أن يدري به أحد! وهكذا تكون حياته كلها أسرار في المستقبل داخل الشعبية، وقد يقول قائل إن هذه الأمور التي كانت متبعة في الشعبية ضرورية من النواحي الأمنية، وهذا حق يراد به باطل ولا يستقيم التعامل مع الشعب الارتري الذي صنع الثورة ويعرف عنه أنه من أشد الشعوب كتماناً للأسرار كما قال عنه الكاتب الإيراني المشهور أمير طاهري في مقالة له في جريدة الشرق الأوسط بعد الاستفتاء مباشرةً: (هنيئاً لهذا الشعب الصبور الذي أنجز هذا الاستقلال بالصبر والمثابرة وكانت معرفتي بالثورة الارترية عن طريق الشهيد الأستاذ سبى في بداية الثورة وتوطدت علاقتي بهم واليوم عندما أتذكر ما مرت به الثورة الارترية والفرق بينها وبين الثورات العالمية ومنها بطبيعة الحال الثورة الفلسطينية فإني أجد الشعب الارتري من معدن خاص كما لو أنه تخرج من مدرسة الاستخبارات التي تجعل من ينتمي إليها يموت دون أن يفشي سر من أسرار الدولة أو التنظيم...) ويقارن طاهري بين الشعب الارتري والشعب الفلسطيني في حفاظ الأسرار والتكتم فيقول: (عليك أن تجلس مع الفلسطيني دقائق من الزمن لكي تعرف من أي تنظيم هو وما هو الفرق بينهم وكيف أن تنظيمهم أفضل من الآخرين، مقابل أن تجلس مع الارتري أيام بل سنين ولا يقول لك أنه من أي تنظيم) انتهي كلام السيد أمير طاهري. وإنني أشكره على ذلك،وأعتقد أن الرجل أراد أن يمتدح الشعب على ما تحقق من المعجزة التي لم يكن يتوقعها عندما تعرف بنا عن طريق الشهيد أبو فارس رحمه الله وما كانت تملكه الثورة الفلسطينية مقابل حالنا المتواضع حينها وبتالي من شدة انبهاره بالنصر قال ما قال وأنا لا أعتقد أن الأمور كانت كما قال وخصوصاً بعد العام 1975م ولكن في الغالب من ينتصر يجد من المديح الكثير أي عندما تغطي الإيجابيات على السلبيات تجعل البشر كما لو كانوا ملائكة. قلت هذا رداً على من يبرر أفعال الشعبية وتعاملها مع الشعب بالريبة والشك، الجبهة الشعبية كانت لها عيادات طبية ميدانية ومنها العيادة التي كانت في منطقة عيرا عيرو التي بها السجن السري حالياً وهذا السجن حقيقة قديم جداً أي منذ العام 1977م أو قبلها لا أدري بالتحديد متى تأسس وهو سجن مرعب جداً وكان يدخله المدنيون في الماضي ومن يهدد به كان يفقد صوابه من الشدة التي يلاقيها من يدخله وإنني لم ولن أنسى وأنا صغير في السن حيث كنت أسمع أن فلان من الناس ذهبوا به إلى عيرا عيرو لأنه لم يعترف بهم وأنهم سوف يعلقونه على الشجرة (راسو تحت واقرو لعل - أي رأساً على عقب) ويا ويله!

هل الشعبية كانت تنظيم مسيحي؟

بطبيعة الحال كان مثل هذا السؤال الغريب مستغرب في الثقافة الثورية عندنا في الماضي ومستغرب أن يصدر مني اليوم بعد التحرير وسط هذا الكم الهائل من المثاليات الوطنية التي لم تجلب لنا إلا المزيد من الإقصاء ومع ذلك لابد من توثيق ما عندي من المعلومات التي أعتقد أنها كانت مؤشر للذي نحن فيه الآن من التطرف الطائفي الشوفيني ومن هذا أن الشعبية أول ظهور لها في منطقتنا في الشمال الأوسط التي لها حدود مع مديرية حماسين بداية من منطقة مرارة ومروراً إلى الساحل الشمالي ومعها إقليم سمهر على طول الشاطئ البحري إلى قرورة في أقصى الشمال الغربي، ومن هنا يتضح أن المنطقة التي ولدت فيها كانت المعبر الرئيسي للوافدين إلى الشعبية من كبسا إلى الساحل وبأعداد كبيرة ولم يرهم أحد من السكان لمرورهم دائماً بالليل والشعب كان يتحدث عنهم وعن الطريقة التي يمرون بها وكانت الأعداد بمجاميع كبيرة جداً مرت دون انقطاع خصوصاً بعد توقف الحروب الأهلية المقيتة وكان مقصد المارين من كبسا إلى الساحل وتحديداً إلى بليقات المكان الذي كان معروف لدي الأهالي في المنطقة وبليقات أيضا كان يهدد بها الناس ومن ذهب إليها كان يعتبر في عداد المفقودين هذا كان كلام الأهالي، والسؤال الموضوعي لماذا كانت تحركات هؤلاء الناس سرية؟ ولماذا وممن هذه السرية؟، السؤال الذي يلي ذلك أين كان مقصدهم؟ وماذا حدث لهم؟ وأين هم اليوم؟ الجواب حقيقة الوافدين كان مقصدهم الساحل الشمالي أي الالتحاق بالشعبية دون غيرها، الوافدين إلى الشعبية من الأكسوميين الكبساويين أحوالهم الاجتماعية ومستوياتهم العمرية والتعليمية متفاوتة فمنهم الشيخ الكبير الهرم ومن النساء المرأة التي معها ما يفوق الدرزن أو أكثر وما دون ذلك من الشباب الذين يستطيعون حمل السلاح، ومرة أخرى سؤالي هو لماذا كانوا يختبئون مننا الوافدين حتى لا نراهم وماذا يعني هذا إن لم يكن التحضير للذي نحن فيه اليوم؟ أنا أعتقد أن قيادة الشعبية واسياس والكوادر المسيحية التي كانت معه بدءوا يحضرون للهيمنة المسحية في ارتريا من تلكم الأيام ولا أجد تفسير آخر غير هذا وإن لم يقبله البعض مني! والذي حدث في الساحل يؤكد ما اعتقده عن هذه المجموعة العجيبة الغريبة!وكلنا يعلم ما حث في الساحل من التكاثر والتناسل بين الوافدين ابتدءاً ثم انتشر الأمر وأصبح عادة من العادات القبيحة التي عرفت بـ (فري قدلي) أي أطفال غير شرعيين (بلا أبوين)1 أولاد الزنا وتحت لافتة الاشتراكية والشيوعية كانت تبنى الدولة المسيحية على حساب المسلمين هذه هي حقيقة التكتم التي كانت تسير عليه الشعبية والإخوة الذين رحبوا بإسياس لم يخطر ببال أحدهم أن الأمور تسير إلى (التقرنة) وإلى تهميشهم في المستقبل بهذا الشكل العنصري الشوفيني المتطرف الذي نراه اليوم في ارتريا الحديثة والذي يهدد الكيان الارتري القائم بأسره.

وهنا تحضرني قصة الصحفي الكويتي الذي كان من المؤيدين للشعبية وكان من شيوعيي الكويت!؟ إي نعم من الكويت وشيوعي قد يكون الأمر غريباً بعض الشيء فماذا حدث له عندما زار الميدان الصحفي الكويتي الذي كان يعمل في جريدة السياسة الكويتية؟ يقول عنه الشيخ أحمد القطان الداعية الكويتي المعروف والذي له إلمام بالقضية الارترية ما قبل التحرير وبعد التحرير: يقول الأخ الكويتي (في آخر مرة زرت فيها الأراضي المحررة في ارتريا صدمتني الحقيقة المرة التي لم تخطر في بالي أبداً وهي عملية التزاوج التي لا تستند إلى الطرق الشرعية المتعارف عليها في الزواج العادي الذي أعرفه في بلادي وفي كل بلاد المسلمين وحتى غير المسلمين الذين لهم شريعتهم وطقوسهم التي يتبعونها في الزواج، والذي صدمني في الصميم هو عندما وجدت إحدى المسلمات التي كانت في أحد المعسكرات الذي يأوي أمهات الأطفال وصغار السن في الخلفية ولا أدري ما الذي شدني إليها كي أسألها سؤالا على غفلة من مرافقي في الجولة: فقلت لها: يا هلا بكِ أختي المناضلة ما سم ابنك هذا ومن أبوه؟ فأجابت أن أبوه مناضل وهو في الجبهة الأمامية،وفهمت من اسمه أنه مسيحي كما فهمت منها أنها مسلمة وهذا كان آخر عهدي بالشعبية) هذا ما ذكره الشيخ أحمد القطان عن الأخ الكويتي الذي دبت فيه الغيرة مما رأى ولعله تاب واستغفر من شيوعيته وعاد إلى رشده و لله الحمد، وهذه الفئة من مجهولي الأبوين أو الأب هم من يعتمد عليهم نظام هقدف الآن في البطش وتقتيل الشعب وهم من يؤمن حراسة السجون السرية كما يقال ومن يبحث منهم عن أصله وفصله فمصيره الموت! ولهم قصص لم تجد طريقها إلى العلنية في عهد أفورقي.

بالمختصر المفيد: دولة الأكسوميين تم بنائها في الساحل من المسيحيين الوافدين ممن تم غسيل دماغهم وأولاد الزنا الذين لا يعرفون أنسابهم فالشعبية هي أهلهم ونسبهم، وحتى لا يعرف أحد عن هذه الدولة الباطنية الأكسومية الشفوينية كانت تحركاتهم كلها سرية ولو عرفها أحد بالمصادفة كان مصيره التصفية، وكثير من الأماكن العسكرية لم يدخلها حتى من هو مسئول كبير من المسلمين في الساحل ولا أحد يعرف ما كان يجري بداخلها بل الأخطر من هذا الندوات السياسية والتثقيف السياسي كان بالتقري والتقرنية في الغالب الأعم وقال لي من كان معهم في الميدان وهو من قيح عمبابا وتعني الوردة الحمراء: (كان ممنوع علينا حضور الندوات بالتقرينية ويسمح فقط للناطقين بالتقرنية حضور الندوة معنا بالتقرى وعندما سألنا عن حضورهم ومنعنا حضور المحاضرات التي تلقى بالتقرينية قيل لنا هم إنما يحضرون لكي يتعلموا التقري! حق أريد به باطل كالعادة.

جملة مقتضبة تفيد المضمون؟

الفرق بين الشعبية والجبهة بكل بساطة هو كتالي:

• الجبهة الكتاب المفتوح والممر الآمن الذي بالشعب ومن الشعب والكل عندما يأتي إلى الجبهة يطلب ما لا يطلبه من أهله في بيته وهذه حقائق يعرفها من يعرف الجبهة ومعسكراتها التي كانت مفتوحة ومقراتها أيضاً كانت غير محرمة على الشعب حيث يؤتى إليها في أي وقت يريد دون خوف أو وجل.

• الشعبية التي تبعد عنها الشعب إلا عندما تريد منه شيء من عمل يؤديه لها ورغم أنفه، وما يدخل المعسكر ويأكل ويشرب مثل ما هو الحال في معسكرات الجبهة فهذا غير ممكن ولا يمكن أن يحدث إلا للوافدين الذين تكدسهم في المعسكرات السرية التي لا يعلمها أحد من غير المسئولين في الشعبية،والمعاملة التي كانت تتعامل بها الشعبية مع السكان في الساحل وغير الساحل كانت تتسم بالجفاء والحذر والحيطة وكان التعامل مع شعب المناطق المذكورة يشوبه شيء من عدم الاختلاط بهم وهذه أمور معروفة والشعبية كانت تعتمد على من جندتهم من أهالي المناطق بطريقة سرية من البداية وبطريقة تعتمد على التفرقة الاجتماعية واستغلال العادات القديمة من الطبقية البالية التي كانت في الماضي في المناطق المنخفضات وهذه الطريقة تم استغلالها بشكل خبيث جداً وقد كانت مفيدة لهم ليقوموا بتجنيد النساء والرجال ضد بعضهم البعض والقبائل والمناطق ضد بعضها البعض وهذه هي نظرتي ومعلوماتي عن الشعبية في الماضي وهقدف الحالية ولأن تفاصيل الأمر لا تكفيه مجلدات أكتفي بهذه الجزئية البسيطة.

لقد استدرجني الأخ إبراهيم الحاج. يعترض الأستاذ ود حاج على مقولتي في الجبهة،عندما قلت إنها كانت شر مستطير وإنني حمدت الله على ذهابها بخيرها وشرها! وبما أن الأستاذ إبراهيم الحاج من الكوادر المعتبرة في الجبهة كما يبدو من طريقة حديثه المرتب عنها، وكما قلت في المقدمة المعني بالشر هو من كان يقود الجبهة أي حزب العمل ومن لف لفه ودار في فلكه! فمن الأدلة التي تؤكد أنهم (حزب العمل) كان شراً مستطيراً لا الحصر ما يلي: قال المناضل عبد لله سليمان رئيس مكتب العلاقات الخارجية ورئيس الحزب المشؤوم حينها في المؤتمر الذي عقدته الجبهة القومية العربية في بيروت وكانت الجبهة حاضرة ممثلة بمكتب علاقاتها الخارجية قال: عبد الله سليمان وهو حالياً موجود في أمريكا!: إن أثيوبيا حكومتها تقدمية وثورية واشتراكية والذي بيننا يمكن حله بطريقة سلمية عجبي! والأمر الثاني كلام المناضل إبراهيم محمد علي وتحديداً بعد دخول الجبهة إلى السودان وحدث ما حدث من تشتت لجيش التحرير بالطريقة المذلة المهينة قال عراب الماركسية: إن الجبهة ما عليها وآن الأوان أن نذهب إلى أثيوبيا ونحل الأمر بالطريقة السلمية!! وهذا مذكور في كتاب الأستاذ أحمد دين إبراهيم الحاج حسين وهو من اتحاد الطلاب العام الارتري ورئيس اللجان الشعبة للدفاع عن الجبهة في تلك الأيام أي بعد دخول الجبهة إل السودان، الأمر الثالث عندما قرأت كتاب الأستاذ احمد دين لم أستوعب الأمر لأنني في الحقيقة لم أصدق الأمر للوهلة الأولى ما ذكره الكاتب ومن هنا كان علي أن أبحث لكي أتأكد من صحة هذه المعلومة الخطيرة من طرف مطلع بمثل هذه الأمور، ولقد وجدت من كان مقصدي في يوم من الأيام في القاهرة وسألته عن الكتاب الذي ألفه الأخ أحمد دين وماذا يقول فيه؟ فقال العم والشيخ الكبير في العمر ومن المناضلين القلائل المعروف عنهم عفة اليد واللسان، نعم لقد قرأت الكتاب وهو كتاب جيد مع وجود بعض المعلومات التي تفتقد الدقة والصحة ولكن الكتاب بشكل عام جيد ويفيد الباحثين في المستقبل فشكرته على جوابه الواضح ورأيه المنصف الذي وافق رأيي في الكتاب، ثم طرحت عليه سؤال آخر نعم يا عم ولكن سؤالي عن معلومة معينة وهي غريبة جداً فهل قرأتموها؟ فقال وما هي؟ قلت له أن المناضل إبراهيم محمد علي هل سبق أنه قال مثل ما هو منشور في الكتاب؟ فقال لي: نعم يا بني وأردف ولماذا تستغرب! فقال إن الأخ إبراهيم عندما جاء بعد دخول الجبهة ذهبنا إليه أنا وفلان وفلان ولولا أن الحديث كان في مجلس خاص وللمجالس خصوصياتها لذكرت الأسماء، قال لنا مثل الذي ذكره الكاتب أحمد دين وكان يود أن يذكر المزيد ولكن الذين كانوا معي من الشباب لم يعطوه الفرصة لأنني كنت أريد أن يفضفض لنا ولكن الشباب لم يصبروا عليه وباعتبار أن الرجل مسئول في الجبهة كنت أريد منه المزيد حتى أعرف إلى أين نحن ذاهبون. وهل بعد هذا الجزء اليسير الذي أوردت ذكر ه لم تكن (قيادة الجبهة من حزب العمل) شراً مستطيراً يا أستاذ ود حاج؟

وهل من الحكمة أن نعالج الخطأ بالخطأ؟ الإخوة الأساتذة محمد علي حامد والأخ إب، ود لحاج تحدثتما عن المثالية التي لم تكن مجدية في الماضي ولن تكون مجدية في المستقبل،وأنا أوافقكم في ذلك ولم أقل نحفظ حقوقهم على حساب حقوقنا كلا إنما كان حديثي أن نحافظ على حقوقنا وعلى حقوقهم بالطريقة المستقيمة بعيداً عن المثاليات والانبطاح هذا ما قلته والمقالة موجودة يمكن الرجوع إليها بسهولة ويسر.

العدل ندور حيث يدور: ليس من الحكمة أن نعالج الخطأ بالخطأ،والتمسك بالحقوق لا يعني نفي حقوق الآخرين بأي شكل من الأشكال وإلا سوف يكون الأمر قانون الغاب القوي يأكل الضعيف هذه طريقتي (ومن كان له شيء عندي فليلحقني إلى الوادي)! وهذا ليس من الأساليب الحضارية ولا يمكن أن تبنى الدولة المدنية بهذه الطريقة، مثل (ننكرعلهم حتى يعترفوا لنا) فلا أدري ما المقصود ننكر عليهم وينكروا علينا! وماذا بعد؟ نرميهم في البحر أم يرمونا في البحر ما هذا يا أستاذي محمد علي حامد ويا أخي إبراهيم الحاج؟ هل وصل بكم الأمر إلى هذا الحد (يا أسود يا أبيض)؟.

الحقوق التي وراءها مطالب:

الحقوق بالنسبة لي أمر مقدس جداُ إما أن أفوز بها أو أهلك دونها هذه هي الحقوق،والفوز بها أو الموت من أجلها سيان لماذا؟ لكي تضع حداً للمثاليات التي لم تكن جدية ومبنية على قناعة مهزوزة،ولذلك يقال أن فلان له مبدأ لا يحيد عنه قيد النملة مهما كانت الظروف ويموت دون ذلك، ومن هنا علينا أن نكون أصحاب حقوق حقيقيين لا نحيد عنه وعندما نكون كذلك لا تخافوا علينا وعلى حقوقنا أبداً، وحتى نصل لذلك المستوى علينا أن لا نعتدي على حقوق غيرنا وأن نضع المبادئ السياسية للعدل والتعايش السلمي لنا وللشركاء في الوطن وهذا لا يعني أن نسكت على مكان منهم في الماضي من التعديات والاعتداءات على حقوقنا لأنهم مستمرين فيه في الحاضر وأن نكون جديرين لكي ننتزع حقوقنا ممن يعتدي عليه وذلك بالوحدة والتلاحم. وأن مشروع الدولة المدنية الذي نريده اليوم وفي المستقبل لا نناقشه مع النظام الحالي إنما النقاش عن مستقبل ارتريا مع من يؤمن به وليس هقدف حتى تعود إلى الثواب وتعترف بالخطاء ويترك أمرها للشعب الارتري ليقتص منها بالقانون فيما ارتكبته من الجرائم ضده.

التاريخ لا يرحم؟

الأخ الأستاذ تكاس إن ما ذكرته من حقائق تاريخية في مكانها ولا أحد يستطيع أن ينجوا منها من الذين وضعوا أيديهم في يد المحتل وساهموا بل وشاركوا في التشريد والتقتيل الذي وقع على الوطن وإنسانه طولاً وعرضاً، وأما الشيخين الراحلين كيكيا وراداي فهما من كانا وراء تأسيس الحزبين الفاشلين المذكورين وعملاً بالهدي النبوي الشريف أذكروا محاسن موتاكم فغفر الله لهم ما كان منهم بحق الشعب ولقد حكم عليهم التاريخ بالخيانة العظمى وهذا أقصى حكم يتلقاه الإنسان وكما ذكرت لا اعتراض على ذلك،ولكن خطر في بالي سؤال أستاذي تكاس وهو أن المرحوم كيكيا توفي عام1957م وبعد وفاته بعام تأسست حركة تحرير ارتريا على يد مؤسسها المرحوم الأستاذ محمد سعيد ناود ورفاقه، والسؤال لو كان حياً ماذا كان حدث له؟،السؤال الثاني وهو الأهم بعد وفاته بـ 10 أعوام أحرق الأثيوبيين قرية حرقيقو العامرة على من كان فيها من المواطنين وأنا أعرف منهم أبناء الشهيدين اللذين فقدوا الوالدين أمام أعينهم وهم أبنا الأستاذ كراني الذي كان مدرس في مدرسة كيكيا المذكورة لا أدري لو كان الراحل كيكيا حي يرزق في يوم الحدث في قريته وأهله وأبنائه أعتقد لغير التاريخ الذي تفضلت به ولكان تاريخه مثل تاريخ القتلة من الكمندوس الذين التحقوا بالثورة واليوم منهم من يحكم ارتريا ولكن الأمور تسير بقدر الله ولا نقول إلا اللهم أسترنا في الدنيا والآخرة يا ستار والمعصوم من عصمه الله.

لم أقل أبداً!: أستاذي محمد علي حامد قلت أنك توافق على ما ذهب إليه الأخ عمر محمود، والأخ عمر كان يسألني عن أشياء لم أقلها وكان سؤاله لي متى وقعت حروب بين المسلمين من المرتفعات والمنخفضات وأين كانت هذه الحروب وجوابي لم أقل فلا تقولني ما لم أقل والمقالة بين أيديكم يرجى مراجعتها.

أما نحكمها معاً أو نقسمها! لقد قلت الكثير عما ينبغي أن يكون في إرتريا المستقبل، ولا شك نحن نعاني من عدم الثقة فيما بيننا داخل الوطن وهذا الأمر حله يسير وبسيط إذا صلحت النيات،وتبعتها خطوات عملية والأمور حتى الآن في متناول اليد وما علينا إلا أن نكون جادين في حلحلت الأمور بالحوار الوطني دون إقصاء أي فئة من مكونات الشعب الارتري والمسئولية تقع على الكل مسلمين ومسيحيين تقع في إدارة الحوار الجاد وبكل شفافية بعيداً عن المراوغات مثل ننكر عليهم حتى يعترفوا لنا، بل الوضوح والصراحة وإن كان الأمر يؤدي للانفصال في حالة عدم الاتفاق على شيء يحقن الدماء والحروب الأهلية في المستقبل لا سمح الله.

ولقد ذكرت الطريقة التي كانت تسير عليها الشعبية من التأسيس إلى الدولة العنصرية التي وصلت بنا إلى ما نحن عليه الآن ومن الأفضل أن نذكر عيوبهم والمعوقات التي تحدث منهم وعليهم أن يذكروا عيوبنا حتى نلتقي فيما يجمعنا معهم وإذا لم نصل إلى الطريقة التي ترضينا وترضيهم في تأسيس الدولة المدنية الحديثة قائمة على دستور نتفق عليه، وعلى المكشوف في حوار وطني شفاف بعيداً عن الخوف من قول الحقائق التي نخجل منها في العلن ونتحدث عنها في الغرف المغلقة، وإذا لم نتفق ووصلنا إلى طريق مسدود لا سمح الله فالانقسام وارد وهو أفضل الحلول من الاقتتال الأهلي وكل يأخذ حقه ونودع المثاليات والوطنية على حساب بعضنا.

Top
X

Right Click

No Right Click