لابد من قول الحقيقة حتى إن لم تعجب البعض منا - الحلقة السادسة عشر

بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح

ما هي قصة الهاربين من نظام هقدف؟ (مدرخ) والحفاظ على البيت يعني معاداة اسياس ويبقى البيت كما هو دون أي تغيير،

هذا ما يشير إليه حزب الهاربين من اسياس، والحزب الوليد الذي أسمى نفسه اختصاراً بـ (مدرخ) ومؤسسيه جلهم إن لم يكن كلهم ممن أسسوا أو شاركوا في منفستو (نحنان علامانان) بشكل متفاوت وهم كانوا من سدنة النظام إلى عهد قريب أي بعد إلى ما بعد سني الاستقلال، اللافت للنظر هو أنه لم يعرف عنهم ما يمكن ذكره من رصيد في الاعتراض على النظام في مشاكله التي تعدت إلى ما وراء الحدود إلى الجيران بعدما أجهزت على من في الداخل سجناً وتقتيلاً وتشريداً، ومن الصعب على المتابع أن يحصر جرائم النظام لكثرتها وتنوعها الذي لم يقتصر على فئة معينة من الشعب بل تعدى كل مقاييس الجرائم.

ومنها الجريمة التي أدمت قلوب الشعب وهي مواجهة جرحى حرب التحري بإطلاق النار عليهم وهي نقطة سوداء في تاريخ النظام ورئيسه ورغم أن النظام صفحة أعماله مع الشعب كلها سوداء وليس في رصيده شيء من العدل واحترام حقوق الإنسان الارتري بل دأب على هدر دمه لأتفه الأسباب! ولكن لم يكن الأمر متوقع أن تطال عملية القتل شريحة لم يبقى منها إلا النفس الذي يعيشون عليه حتي يقضى الله أمراً كان مفعولاً أي أنهم فقدوا أعضائهم الجسمانية في معركة التحرير وهم في عز الشباب وكان من الواجب ورداً للجميل وعرفاناً أن تقدم لهم الرعاية والاحترام وتستمر ترقيتهم مع من كان في مستواهم العسكري إبان مرحلة الثورة، وفي الدولة ما بعد الاستقلال، والكل رقص وهو واقف على رجليه وهز الكتفين وحرك اليدين وهم ماذا لا أدري كيف عبروا عن الحالة التي كانوا عليها بعد الاستقلال بينما الشعب شيباً وشباباً يرقص فرحاً بما تحقق من الانعتاق من الاستعمار الذي جثم على صدر الشعب الارتري عشرات السنين، واللبيب بالإشارة يفهم.

من الذي قدم التضحيات الجسام؟

من الذي قدم التضحيات الجسام لكي يرقص الشعب الارتري في يوم الخامس والعشرين من مايو؟ هم بالتأكيد الشهداء وجرحى حرب التحرير رجالاً ونساء، وماذا يستحق منا ومن الوطن من فعل ذلك؟ بالطبع النياشين والاحتفاء بهم وتأكيد الولاء لهم وأن يقال لهم بأن ما تحقق كان بفضل الله ثم بجهودكم البطولية يا أبطال الأمة واليوم هو يومكم المشهود وأن الأمة لم ولن تنساكم وإخوانكم الذين قضوا نحبهم فداء للوطن في المسيرة فبعد الشهداء يأتي ترتيبكم المشرف ونحن إنما نبتهج ونرقص نتيجة لتلك التضحيات، وكم كانت أمنيتي أن يكون عيد فرح خاص بهم دون غيرهم ويطلق عليه عيد جرحى حرب التحرير وهذه التسمية كانت تستخدمها الجبهة بدلاً من كلمة ذوي العاهات التي كانت قبلها وتقابلها كلمة أكالي سنكولات في قاموس هقدف عيد خاص بهم دون غيرهم حتى يحسوا بأنهم لم يفقدوا أطرافهم هباء ولكن فقدوها في واجب مستحق لهذا الشعب الأصيل وكان من الواجب على من كابد حياة النضال من الرئيس إلى أدنى مسئول أن يولوا هذا الأمر قدراً من الاهتمام كما فعلت وتفعل الشعوب التي تحترم ذاتها وتاريخها، والأمر المؤسف حقاً أن رئيس الحكومة المؤقتة[1] الذي ما يزال مستمراً في الرئاسة حتى تاريخه وقد مضى على ذلك ثلاثة وعشرون عاما كاملة والفترة التي كان مكلف بها سنتين لا أكثر! وكان من المفترض أن اسياس كمناضل إكرام المناضلين من جرحى حرب التحرير ولكنه لم يفعل بل الأدهى والأمر أنه لم يكرمهم ولم يترك الشعب يكرمهم كيف ذلك؟ أقول:عندما تقرر تسريح الجنود وقيل لهم ماذا تريدون ومن له أحد من الأقارب يدعمه بالمال نسهل له الأمور فقط يأتي بما يثبت أن له معين بالمال وهذا هو سر المهنة الذي يجيده اسياس ومن معه من أسافل الصعاليك، وماذا حدث بعد ذلك؟ الذي حدث كالعادة أن اسياس وجماعته أشاعوا أقاويل عن المناضلين المساكين الذين انطلت عيهم الكذبة التي تقول أن الحكومة سوف تعطي للمناضل الذي له شيء من المال، والنتيجة كثير من المناضلين دخلوا المدن واستأجروا بيوتا من أصحاب العقارات من حساباتهم الخاصة أي على حسابهم وكان الشعب في غاية الكرم معهم من تخفيض في إيجار البيت وتأجيرها لهم بأسعار رمزية وكان يشاع انه يستحي مطالبة إيجار البيت ممن كان له فضل بعد الله في تحرير تراب وطني من قيود المستعمر وأعتق شعبي من المهانة والمذلة، فعندما سمع أفورقي الأحمق بالأمر وكيف يعامل الشعب أبنائه بالطريقة التي تليق بهم جن جنونه من الحقد والحسد وأشاع أن المناضل مثله مثل غيره ولابد أن يدفع إيجار البيت والموصلات إلى أي مكان يسافر إليه، ولا يجب أن يعودهم الشعب على ذلك وأن الحكومة تدفع لهم مستحقاتهم ومنهم من هو شرير وسكير وحاقد على المجتمع مما أصابه في حرب التحرير وهذه حالة نفسية ولا ينبغي أن يظهر لهم الشعب بأن لهم الأفضلية من غيرهم وهم لا يقدرون ذلك الأمر إلخ..! عجيب حقاً وكما يقال في التاريخ الإسلامي وتحديداً في عهد الدولة الأموية سؤل سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: من الذي لا يوفى حقه يا أمير المؤمنين؟ قال: (كل يوفى حقه إلا الحاسد الذي يطلب ما لا يتحقق أبداً وهو زوال النعمة التي عند غيره من الناس وهذا ما لا يرضى به عاقل) انتهى كلامه رضي الله عنه وأرضاه، واسياس الحاسد لم تطق عيناه رؤية الشعب يكرم أبنائه، والشعوب المقهورة والضعيفة يستهويها القوي الذي يملك السلطة والمال والجاه والأمور بدأت تتغير في التعامل مع المناضلين بعد هذه الوشاية الخبيثة من اسياس وأصبح ينظر للمناضل بالدونية وعدم الاكتراث والازدراء ومن كان يدفع لهم في الموصلات المحلية والإقليمية من أسمرة إلى تسنى أو يعفيهم من الدفع إذا ركبوا مركبته توقف ذلك الكرم والتكريم الذي كان يعودهم عن التهميش الذي طالهم من رئيسهم الجاحد الحاقد!

والسؤال المشروع أين كنتم يا مدرخ من هذا وماذا قلتم حينها؟ لا شيء بطبيعة الحال واليوم تأتوا إلينا لتقولوا أن البلد في خطر عظيم اسمه اسياس بعد هذا ومرة أخرى أين كنتم يا حضرات الهاربين؟

الاشتراك في الجريمة ومن ثم البحث عن المخرج؟ أو القفز من السفينة الموشكة على الغرق.

شركاء اسياس في الجرائم الماضية إبان الثورة وشركاءه في عهد الدولة، يقفزون من السفينة ليلبسوا لبس الحملان الوديعة هاربين بعد خدمة قدموها وشاركوا فيها بدرجات متفاوتة، واليوم يحاولون تبرئة أنفسهم من النظام كما لو أنهم بعيدين عن ارتكاب الجرائم الموثقة بشهادات شهود العيان الذين كانوا ضحاياها ومنهم المناضل تسفاي تمنوو الذي قدم شهادة موثقة في حلقات متسلسلة بلغت 36 حلقة أو أكثر في مقابلات صوتية مع راديو وقحتا (Radio Wegahta) الناطق بالتقرينية ومع اختلافي في تحليله الذي ذهب إلى اتهام المسلمين بأنهم ساعدوا اسياس في قتل معارضيه من المسيحيين، مع أن اسياس فعلا قتل من المسيحيين أكثر مما قتل من المسلمين في الميدان وهذه حقائق لابد من قولها، إن اسياس استغفل المسلمين الغافلين وأوحى لهم بأن المسيحيين الذين التحقوا بالثورة بعده منهم جواسيس وأنه يعرف ذلك ومن هنا بدأت تصفية الأوائل منهم بحجة أنهم جواسيس في الفترة بين عام 1970م-1973م وبعدها جاءت تهمة حركة المنكع بحجة أنهم إقليميين برجوازيين وكانت التصفية بلا رحمة والغريب في الأمر أن ملف المنكع كان يشرف عليه أو على تنفيذه بعض من المناضلين المسلمين من أفراد قوات التحرير الشعبية ومنهم الراحل علي سيد عبد لله ومصطفى يعقوب كما قال بنفسه في جريدة صوت ارتريا التي كان يملكها مسيلمة الكذاب الارتري عندما كان معارضاً للنظام ثم اشتروه بثمن بخس، والحقيقة أن المناضلين المسيحيين الذين صفاهم اسياس أعدادهم كبيرة جداً، ولكن لم يكن اسياس بمفرده من قام بذلك بل كان معه من أبناء المسيحيين وكانوا هم الأدوات التي ينفذ بها الاغتيالات، ومن هؤلاء بطبعة الحال الآن في صفوف مدرخ الآن!ولم نسمع منهم أي معارضة لما كان يحدث بل كانوا شركاء فيه ما لم يثبت العكس.

مرة ثالثة ماذا فعلتم يا مدرخ؟ ولماذا يتحدثون وغيرهم يخرس؟

من خدم اسياس من المسلمين والمسيحيين قبل الهروب منه يخدمونه بكل إخلاص وتفاني يعني خدم جيدين في عملهم،وعندما يهربون منه يحدث شيء من الاختلاف المتباين الواضح في ما يحدث لهم ومنهم: المسلمين الذين يهربون منه لا يتحدثون عنه بشيء لا بخير ولا بشر بل يكتمون ما عندهم من معلومات لا أدري لماذا؟ فأول الهاربين كان السيد عبد لله ادم الذي هو سفير مدرخ حالياً، وعندما هرب حضرته من سفارة النظام في الخرطوم لم يفتح الله عليه بكلمة إلا بعد عامين كاملين وبعد العامين أيضاً لم يفضح النظام، ولكنه أسس جبهة الإنقاذ أو انضم إليها ولم يقل عن الذي حدث من اسياس في الماضي والحاضر بل حتى اليوم الرجل مازال أمين ومتكتم على ما يعرف من الأسرار ولم يفشي منها شيء لماذا الجواب عنده؟وثاني الهاربين هو السيد محي الدين شنقب الذي لم يقل شيء منذ هروبه من النظام لماذا يا شنقب؟ هل تخاف على أبنائك من المحروسة... أم ماذا؟ وحتى حينما تحدث “قرماي كيداني ودي فليبوا وقال عنك مرسال أفورقي وطعن في نسبك لم تجروء على الدفاع عن نفسك وتنفي التهمة فدافع عنك نسبك السيد أحمد أسناي وترك التهمة الأولى لك ترد عليها بالنفي أو التأكيد ولم تفعل. ثالث الهاربين السيد وزير الثقافة علي عبده يونس الذي لم يفتح فمه حتى الآن والرجل كان من المقربين من سيده أفورقي لدرجة انه من الذين يقابلون اسياس دون انقطاع وبشكل يومي من زمن المدان وكان (أوبريتر) اسياس ما قبل الاستقلال ومن هنا كان ينتظر منه الكثير ولكنه قد يكون ممسوكاً بشيء يخشى عليه وهو والده وابنته وشقيقه فهم في قبضة أفورقي بعد هروبه وبتالي وضعيته إنسانية في ظاهرها ولكنه جبان وحتى لو لم يكن السبب الذي ذكرت والعذر الذي التمسته له لما فعل شيء، الرابع النقابي المعروف السيد ديقول الذي قفز من السفينة لم يقل شيء بل صمتَ صمت القبور!الخامس القنصل محمود جروم الذي هرب من سفارة النظام في الكويت ووصل إلى كندا التي لم تمنحه الإقامة النظامية حتى الآن كما علمت من بعض الإخوة وهذا الهارب الأخير لم يقل شيء لعله يحسن وضعيته كلاجئ حالة إنسانية إن لم يجد كسياسي، وجروم الذي لم يقل حتى الآن شيئاً عن جرائم النظام التي تحدث في ارتريا من أيام كان محرر جريدة ارتريا الحديثة النسخة العربية أبى أن يقول عما يجري شيء!

وماذا قال القوم مقابل هذا الصمت الرهيب؟

الهاربين من الكبساويين أول ما يقفز أحدهم من السفينة يخرج ما في داخله من الأسرار ولا يبالي: وكان أول المتحدثين السيد المعروف بـ (ألنا) وهو المناضل رادي محاري وقد أصدر كتاباً لم يترك فيه شيء مما قام به اسياس إلا فضحه وشرحه في الكتاب والمقلات والأحاديث الصحفية وفي الغرف الصوتية (البالتوك) ثم يقول بأن ما ذكره يعتبر جزء يسير من الأسرار، ومنهم المناضل المعروف بـ (بايلوت - Pilot) الذي لم يذكر اسمه الحقيقي حيث التحق بالثورة وهو في سن مبكرة جداً وذكر أن الأمر كان يسير من الخطير إلى الأخطر منذ البداية وأنه عرف ذلك بالصدفة المحضة عندما اعتقل ووجد في المعتقل مناضلين كبار في السن ومتعلمين وسبب دخوله المعتقل كما قال:(عندما كنا في مدرسة الثورة ونحن صغار في يوم من الأيام فكرنا في قيادة السيارات وكيف نقود الدبابة عندما ندخل في المعركة ومن أجل ذلك أخذنا سيارة من سيارات التنظيم من الورشة وانطلقنا بها وبعد دقائق انقلبت بنا السيارة فجاءت وحدة من جهاز الأمن (حلوا سورا) واقتادوني إلى المعتقل الذي لم أعرفه ولم أسمع به من قبل أبداً ورأيت فيه ما لم يخطر في بالي من الشقاء والمهانة التي يتعرض لها من يدخله، والملفت للنظر ما وجدتهم من نزلائه هم من مناضلين كبار في السن ولم أبق فيه إلا وقت محدود لا يتعدى الشهر الواحد ولكن كان كافيا لتغيير حياتي ونظرتي للتنظيم كلياً مما رأيت من التعذيب الذي يتعرض له من يدخل المعتقل الرهيب العجيب، والمناضل بايلوت ابن مناضل وقال في ما قال إن أبي شهيد في الثورة واعتقد انه مات هباء وأنا كنت محظوظا لأنني لم قتل في الحرب لما رأيته فيه وما اتضح لي فيما بعد من جرائم اسياس ومن معه من المجرمين القتلة، وتكأد لي أكثر بعد الاستقلال بشهر أو أقل عندما جمعنا اسياس في قبي[2] وقال لنا لا تصدقوا ما يقوله هذا الشعب الكذاب ولا تسمعوا صوت الجماهير!والسيد بايلوت كان عضو في الحزب السري وهذا الذي أخرجه من السجن لمجرد وصول رسالة تطلب اطلاق سراحه فوراً ومعالجته من تبعات التعذيب وهذا ما حدث له كما قال ذلك بنفسه!والرجل يقول من يومها تأكد لي أن ما نسير إليه ليس بثورة من اجل تحرير الإنسان بل ثورة من أجل أن يحكم اسياس وربما تفشل هذه الثورة لو استمرت على هذا الطريق،ولكن كانت منة من الله لنا وهذه الجملة الأخيرة مني وليست من بايلوت.

وليس بايلوت أو ردئي محاري فقط من فضح النظام بل هناك الكثيرين مثل: أدحنوم قبري ماريام وهيلى منقريوس والعميد تكستى وجون أفرو السجان السابق الذي حكى ما يحدث في السجون والمناضل نئمن هو من المناضلين الجبهجيين سابقاً وهو مواطن ألماني من أصل ارتري حيث ذهب بعد الاستقلال إلى أرض الوطن لكي يعرض خدماته للدولة الارترية الوليدة دون مقابل كمحاسب كما قال في مقابلة أجراها معه راديو أسنا بعد عودته من بعد سجن وعذاب وكيف أنه قضى 7 سنين عجاف دون أي تهمة أو تهمة والطريقة التي اعتقل بها حيث يقول: (في يوم من الأيام وفي وضح النهار وأنا جالس على مائدة الغداء وقت الظهيرة اذا يطارق يطرق الباب فذهبت لكي أرى من الطارق وأفتح له الباب فإذا برجلين من رجال الأمن يسلمان علي ويطلبان مني الذهاب معهما إلى مركز البوليس لعشر دقائق لا أكثر!؟ فقلت لهما تفضلا معي لتناول الغداء ثم نذهب سوياً (طقم يللنً!! لالالا فقط دقائق وسوف تعود هيا تحرك معنا ولا تفكر في شيء!فقلت لهم ممكن أدخل السيارة للداخل وأعود إليكم لو تسمحون بذلك؟ قالوا لا لا الأمر بسيط وستعود بعد دقائق معدودة هيا بنا؟فقلت لم لا دعوني أدخل السيارة للداخل ضروري وسوف لن أتأخر إلا دقيقتين لا أكثر فأدخلت سيارتي إلى الداخل وقلت لهم ها أنا! فذهبوا بي إلى المركز الذي كان قريب من داري وسلموني للمسئول الذي أمر بإدخالي إلى الزنزانة حيث مكثت بها شهرين ولم يسأل عني أحد من المسئولين وكل ما أسأل عن أمري يقال لي لا نعرف عن قضيتك شيء والمسئول الذي أحضرك هو الذي يعرف وبتالي عليك أن تصبر إلى حين يأتي بنفسه!!!

وبعد شهرين جاءني رجل قيل لي أنه من الأمن العام أمن الدولة وكان برتبة عقيد وكان سؤاله لي أن أكتب عن التهمة التي أوقفوني بسببها وبخط جميل!! فاقلت له أنت تسألني عن التهمة التي اعتقلت بموجبها؟ المفترض أنا الذي يسألك لماذا أنا معتقل مدة شهرين؟ رد علي أنه لابد أن أكتب وإلا سوف يتركني ويمشي وليس له وقت يضيعه معي هنا! فقلت له افعل ما بدا لك فأنا لن أكتب شيء!وذهب الرجل ولم يعد إلي بعدها ونقلت إلى سجن حيث وجدت فيه مناضلين وسياسيين منهم العم هداد كرار رحمه الله وغيرهم كثيرين، وعندما قلت لمن كان في السجن ما حدث لي قالوا لي لابد أن تكتب أي شيء وإلا سوف يكون مصيرك المؤبد هنا ولا تخرج من هنا حتى إنني ندمت لأنني لم اكتب وأنه لم يعود لي كما قال وليس له وقت فراغ على حسب تعبيره العجيب الغريب! فقلت أمري إلى الله فإن أتى مرة أخرى سوف أكتب له أي شيء ولكن طالت الفترة حتى ظننت أنه لن يأتي إلي مرة أخرى وقد سمعت من الناس يقولون لو نسي المسئول وجودك فلن يستطيع أحد أن يتصرف في أمرك مهما كانت الظروف!ومن المضحك المبكي أن أحد المسئولين تشاجر مع أحد المواطنين في الحانة وهم في حالة سكر أي وهم مخمورين وما كان من صاحب السلطة إلا أن أوضع المواطن التعيس المخمور المعتقل الذي مكث فيه سنة كاملة وعندما سئل ما هي قضيتك يا هذا؟ قال لهم القصة فما كان من أحد الطيبين إلا أن ذهب إلى المفتري وقال له يا أخي في واحد عندنا في المركز يقول أنه دخل عن طريقك فليتك تؤكد لنا مدى صحة كلامه؟ فقال المفتري سوف آتيك في المساء وأرى الأمر بنفسي! وفعلاً عندما رآه صرخ في وجهه أأنت موجود هنا حتى الآن؟ قال: نعم موجود!فقال: المفتري لقد نسيته أفرجوا عنه! وأردف قائلاً (طباي كاء قبر دحر حجي) وعتني كن مؤدباً بعد الآن!!!

ومن هنا قرر المعتقل نئمن ليكتب بنفسه التهمة التي يعتقد أنه معتقل بموجبها؟! وفعلا عندما جاءه العقيد في المرة الثانية بعد عامين كاملين وطلب منه أن يكتب التهمة التي يعتقد أنه معتقل بموجبها:يقول نئمن شرعت في الكتابة أعتقد إنني معتقل بسبب نني مناضل سابق ضمن صفوف الجبهة ولم أكن من الشعبية وهذه هي تهمتي حسب ظني!فاستلم المسئول اعترافي على نفسي بجريمة لا أعرفها،وبعد عامين ونصف العام تم إخراجي من المعتقل إلى البيت وطلب مني أن لا أغادر بيتي إلى أي مكان دون أذن من السلطات الأمنية لمدة عامين وبذلك تكتمل فترة 7 أعوام بالتمام والكمال، ويعتقد أن السيد نئمن كان محظوظاً جداً لأنه من الكبساويين الذين لا ينعدم من يشفع لهم عند القتلة المتنفذين وكما يقول المثل الشعبي بالتقرينية (سب زلوو أرافيدو يموت) والمعتقل السابق نئمين وجد الفرصة لكي يغادر المعتقل ومن ثم يغادر ارتريا إلى ألمانيا وهذا يؤكد أن المناضل نئمين كان له دعم من شخصية نافذة وإلا لما خرج من المعتقلين السجن والوطن! والملفت أنه بمجرد ما وطئت أقدامه أرض ألمانيا بدأ في فضح النظام قبل أن يصل إلى بيته في ألمانيا وتحدث عن المشاكل التي تعاني منها دولة هقدف البوليسية في إرتريا، وكما قلت أنه ذكر أسماء من كانوا معه من المعتقلين منهم كما أسلفت المرحوم هداد كرار والمناضل سليمان موسى حاج والأخ علي محمد صالح شوم وغيرهم الكثيرين.

أعود إلى مدرخ ويبدو أنني قد سرحت بعيداً:

مدرخ مرفوضة وما جاءت به مرفوض وبكل بساطة أنهم النظام وإن لم يكونوا كذلك فهم أشد وأنتن منه؟ لماذا لأنهم شركاء في الجرائم التي أوردتها في هذه المقالة دون أي شك، والدليل أنهم حصروا الجرائم التي شاركوا فيها على اسياس، الأمر الثاني أنهم لا يريدون العمل مع المعارضة التي تناضل منذ عشرين عاما ضد النظام، وهذا يعني أنهم يسيرون في نفس الطريق الذي يسير فيه اسياس ومن معه من القتلة وهذا ما لا يقبله الوطنيين.

الهاربون من النظام من أبناء المسلمين وسكوتهم عنه أو عدم كشف ما يحدث من الظلم لماذا؟ ببساطة المسلمين لم يكن لهم أي دور في السلطة التنفيذية عندما كانوا معه وكانوا مجرد سعاة بريده الخبيث وبتالي المراسل الذي يحمل بالرسائل المغلفة لا يعرف ما بداخلها وبتالي لا يعلم بما كان يحدث للعباد من التنكيل والسجن دون ذنب، وكما جاء في حديث الأخ المناضل سعيد صالح في وصفه لهم أنهم يستطيعوا أن يدخلوك السجن ولكن لا يستطيعون أن يخرجوك منه أبداً يعني مجرد جواسيس يستعان بهم لتأجيج الفتن ليس إلا.ً

والأخ سعيد صالح من المناضلين القدامى في الثورة ما قبل الاستقلال وكان في جهاز الأمن (أمن الدولة) وهو من القلائل الذين فضحوا النظام بالأدلة والبراهين وبالمكان والزمان فله مني الشكر والتقدير لشجاعته المنقطعة النظير وكيف انه عندما أحس في يوم من الأيام بالعنصرية والطائفية ما لا يخفى على أحد من اعتقال المسلمين لمجرد انه يعتمر الطاقية أو العمامة، فحينما رأى ذلك ما كان منه إلا أن ذهب إلى وسط المدينة واختار شخص يدل مظهره على أنه من الكبساويين الأكسوميين كما قال في حواره في غرفة البالتوك وكان الرجل الذي اختاره على مواصفات رجل من كبار القوم فقال له اركب السيارة فسأل الرجل لماذا؟ فرد سعيد لأنه مطلوب إحضارك هناك ولا تثرثر!! فذهب به إلى المركز وحدث هياج وصياح كيف يعتقل رجل من علية القوم ولماذا ومن الذي اعتقله وعلموا من أتى به؟ وعندما سئل الأخ سعيد عن الرجل ولماذا اعتقله: قال لأنني ارتبت من شكله وملابسه! وهذا هو السبب تماماً كما يحدث للآخرين!

الإخوة الأساتذة الذين تداخلتم في المقالة الماضية أشكركم جميعاً.

الإخوة محمد علي حامد وإبراهيم الحاج، أنا لا أناقش هقدف وما أقوله ليس لهم أو لمدرخ إنما نقاشي مع الذين يناضلون من اجل إسقاط النظام وليس غيرهم وبتالي الأمر يختلف ولا يحتاج للاحتراب في الوقت الحاضر ما لم يثبت العكس.

الأخ تكاس لقد نسخت من الكتب ما يدعم وجهة نظرك وهذا حقك وجيد الاعتماد على المصادر شريطة أن تكون معتبرة، ثم استقيت معلوماتك من أحمد أبو سعدة، فهل السيد أبو سعدة من المصادر المحايدة والمعتبرين وهل تعلم من هو أبو سعدة وماذا كانت علاقته بالثورة الارترية ولماذا؟ وهل المقابلة التي أجراها في أسمرة في ضيافة هقدف معتبرة يا أستاذ تكاس؟ أم في الأمر شيء آخر؟ أما فيما يتعلق بالمرحوم صالح كيكيا سيفضل هو لن تغيّر في تاريخه أنا ولا أنت ومن العدل والانصاف أن الرجل لم يكن من الذين تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب الارتري على حد علمي، وأن وقوفه مع حزب (الأندنت) لا يعني أنه مثله مثل القتلة من الكمندوس لأن ما حدث منه كان قبل الثورة ولم يمهله القدر وإلا لكان له شأن خاصة أن الرجل كان من أصحاب المال الوفير في حينه، وإني أراك تحمل على الرجل شي من الحدة لا أجد سببا مبرراً له.

أستاذي محمد علي حامد الخيانة العظمى المتعارف عليها هي أن يكون زيد من الناس ضد ما تريده الأمة ومظاهرة عدوها الذي يقاتلها وهذا بالأدلة وليس جزافاً ومن وقف مع أندنت أمره لا يخفى عليكم.

أيريدون أن يخرجوا منها؟

قلت أن المسيحيين الأكسوميين يفضحون النظام وغيرهم يخرس لماذا؟ لأنهم شركاء في الجرائم والآن يريدون أن يخرجوا منها ويتركوا أفورقي وحده وهذا غير مقبول ولا يمكن تمريره هكذا ببساطة، ولا يمكن أن تكون هذه الجرائم من أفعال اسياس بدونهم،وهذا يعني فيما يعني تبسيط المسألة والاستمرار في نفس الطريق بدليل أن مدرخ لا تريد أن تعمل معنا في المعارضة، وتريد أن تستمر الأمور على ما هي عليه، والأمر لا يعدو أكثر من أن اسياس هو المجرم والبقية من المسيحيين الذين يحكمون البلاد والعباد بنسبة 99.9٪ وهم المسئولين في الدولة البوليسية أبريا وليس لهم دخل في ما يحدث! وهذه غير مقبولة ولا تنطلي لأن الأمور تغيرت ونحن تعلمنا الكثير من أفعالكم خلال العشرين عاما الماضية وكفاية.

في الختام انتقل عن دنيانا الفانية الأخ المناضل أحمد محمد ناضر رحمه الله وغفر له وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان إنه ولي ذلك والقادر عليه.

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------

[1] هذا ما هو مكتوب في بطاقة الجنسية الارترية وهو ما تلفظ به حينما ظهرت نتيجة الاستفتاء لصالح الاستقلال.

[2] مقر شيده الإمبراطور هيلي سلاسي للنزول فيه عند زياراته لأسمرا.

Top
X

Right Click

No Right Click