لماذا التطاول على جبهة التحرير الارترية؟
بقلم المناضل: علي محمد صالح شوم - دبلوماسي ارترى سابق، لندن
بسم الله الرحمن الرحيم
جبهة التحرير قلناها من بدري
جبهة التحرير يا نهرنا البجري
يا ليلنا الطويل عبرناه لفجر
وبردو ماشين وح ندوس على الجمر
"من قصيدة مغناة للراحل المقيم عمر جابر عمر"
نقرأ بين حين واخر كتابات على وسائل التواصل الاجتماعي لبعض من يطلقون على انفسهم ناشطين تتناول جبهة التحرير الارترية بالقدح والتجريح، واساءات لا تمت الى النقد بصلة، وليتهم يعلمون ان تنظيم جبهة التحرير الارترية الى جانب سبقه في تاسيس النضال الارتري المسلح في الفاتح من سبتمبر 1961م بقيادةالشهيد البطل حامد ادريس عواتى ورفاقه الابرار، هزم اعتى جيوش المنطقة ومرمط انف الامبراطورية الكهنوتية التي مثلها الامبراطور المقبور هيلى سلاسى، بل ونشر قضية الشعب الارتري ونضاله العادل في المحافل الدولية، ويكفيه شرفا انه اول من اسس لعمل مدني يتفاعل في المحافل الدولية ويشكل حضورا مميزا في كل المناسبات والمؤتمرات فكانت المنظمات الجماهيرية الارترية وطليعتها الحركة العمالية كتنظيم نقابي والحركة الطلابية كمنظمة فئوية وقع عليها عبئ التأسيس ورفد التنظيم بكادر وقيادة والحركة النسائية الارترية والفلاحين وبقية المنظمات الفئوية والطبقية، وهو امر كان له الاثر الكبير في رفع وعى المواطن بحقوقه ومراقبته لثورته التي فجرها من اجل ان يكون حرا سيدا في بلده، كما ان جبهة التحرير التي ملأ صيتها البوادي والحضر لم تكن لها القدرات الكافية لمواجهة اعتى الجيوش في المنطقة الا انها كانت متسلحة بعزيمة الايمان وكان جيش التحرير البطل الذي قدم الالاف من الشهداء الابرار واضعافهم من معاقي حرب التحرير كان الاكثر عزيمة وتضحية، كانت جيوش اثيوبيا الامبراطورية تفوقه عددا وعتادا بالاضافة الى الدعم السخي الذي كانت تتلقاه من الغرب والشرق على السواء، والتاريخ القريب يخبرنا هزائهم كل الحملات التي ارسلها الامبراطور ومنقستو من بعده فكانت حملة المليشيات المعروفة ب(الزمجا) في منطقة مرب والتي كانت درسا قاسيا للعدو، من قام بها جيش جبهة التحرير الارترية وكذا تحرير كل الريف الارتري ومعظم المدن الارترية والتي بدأت بعد اندحار حمل (الزماجا) في العام 1976م واستمر تحرير المدن حتى نهاية العام 1977م، ثم الصمود الاسطوري في العام 1978م والتي عرفت فيما بعد بالانسحاب الاستراتيجي عندما قدم العدو مدعوما بالالة السوفيتية والخبراء الكوبين واليمنين الجنوبين بل ومشاركة بعضهم في القتال بالطيران والاليات، تصدت لهم جبهة التحرير الارترية بمحور ام حجر والتي استمر القتال فيها لاربعين يوما.
وقد يكون مفيدا التذكير بما قامت به جبهة التحرير الارترية وجيشها المغوار جيش التحرير الارتري على الصعيد العسكري والمتمثل في:-
1. العمليات الفدائية الجريئة في مختلف المدن الارترية وفي وضح النهار والتي اصبحت مضرب الامثال الى يومنا هذا.
2. عمليتي تحرير المساجين من سجني عدخالا وسمبل في اسمرا.
3. هزيمة جيش العدو في مواقع عديدة كما اسلفنا.
4. محاصرة العاصمة اسمرا في العام 1975م.
5. مداهمة والاستيلاء على بعض البنوك كبنك اغردات والحمرا وكان ذلك في وضح النهار.
6. تنفيذ عمليات فدائية داخل العاصمة الاثيوبية اديس ابابا.
7. اسقاط واحراق طائرات في مطار اسمرا وهى التي عرفت بعملية مطار اسمرا الفدائية وهذا يمثل اكبر تحدي لآلة المستعمر الامنية والتي تم اختراقها بكل سهولة ومثل في نفس الوقت حنكة وجراءة المقاتل الارتري وارادته القتالية واستعداده للتضحية.
8. تنفيذ عمليات جريئة على بعض الرتب العليا من جيش النظام واجهزته الامنية.
على الصعيد الخارجي والدبلوماسي حققت الجبهة بمشروعها السياسي حيث تمكنت من فتح مكاتب تمثل ارتريا في العديد من البلدان واستطاعت ان تكسب دعم مادي وعسكري وتأيبد وكانت حضورا متميزا في المحافل الدولية والاقليمية وبالتالي كسرت الطوق الاعلامي الذي كان مضروبا على الثورة الارترية والجرائم البشعة التي ارتكبها الاستعمار الاثيوبي ضد المدنين العزل كحرق القرى وقتل الشيوخ والنساء والاطفال وهى جرائم موثقة استنكرها الضمير الحر في مختلف انحاء المعمورة، كانت العمليات الفدائية الجرئية التي نفذتها منظمة العقاب التي اسستها الجبهة في اواخر الستينات والتي نفذت اختطاف لبعض الطائرات الاثيوبية هى الاخرى رفعت الغطاء عن القضية الارترية واصبحت قضية متداولة في اروقة بعض المنظمات الاقليمية والدولية، ونذكر ان الاتحاد العام للكتاب والصحفين الارترين اقام ندوة دولية حول ارتريا في العام 1982م في تونس شاركت فيها شخصيات عالمية واقليمية واصبحت مخرجاتها من المراجع الهامة للقضية الارتري.
على صعيد اخر اهتمت جبهة التحرير الارترية بالتعليم منذ وقت مبكر فانشأت قسم التعليم كاحد أقسام مكتب الشئون الاجتماعية فكانت المدارس في الريف المحرر وفصول محو الامية في معسكرات اللاجئين الارتريين، وامنت منح دراسية للطلبة الارترية في الدول الشقيقة والصديقة كالجمهورية العربيو السورية، السودان، جمهورية العراق جمهورية الجزائر الشعبية والجماهيرية الليبية وجمهورية اليمن الجنوبي قبل ان تتحول الى معسكر اثيوبيا، بالاضافة الى بعض دول اوروبا الشرقية، يضاف الى ذلك التعليم العسكري بمختلف تخصصاته من تدريب وتخصص في الكليات العسكرية وكلية القادة والاركان في سوريا وكلية الضباط في العراق والتدريب في استخدام الأسلحة المختلفة في معسكرات منظمة التحرير الفلسطينية الى جانب سوريا والعراق، علينا ان نعي ان التعدي على تجربة جبهة التحرير الارترية بغرض التشفي والتقليل ماهو الا خصما على تجربة شعب باكمله، وهى تجربة انسانية بلاشك فيها من الاخطاء مافيها ولكن مراجعة التجربة وفحصها ونقدها الايجابي من أجل اخذ الدروس والعبر ولا نعتقد ان عاقلا يمكنه التعامل مع احداث التاريخ بمزاجية.