الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقي - الجزء التاسع

الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقيبقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري

توقفنا في الجزء السابق عند بدء الهجوم الشامل من قبل الجبهة الشعبية وبالتعاون مع الوياني تقراي

أسياس أفورقي 17

علي مختلف مواقع جبهة التحرير الارترية في كل من الساحل الشمالي، واكلو قزاي، وسراي، وحماسين، وعنسبا وصولا الي مشارف بركا، في هذا الوقت اختلفت قيادة الجبهة في تقييم الوضع بين من يري أنها حرب شاملة تستهدف تصفية الجبهة وإقصائها عن الساحة ويجب التعامل معها بسياسة الدفاع والردع، وبين من يعتقد أنها تهدف فقط الي توسعة رقعة انتشارها وحماية خلفيتها.

وعلي الرغم من الخطر الذي يتهدد وجود الجبهة، قررت اللجنة التنفيذية تكليف رئيس اللجنةالتنفيذية ورئيس المكتب العسكري بضرورة السفر الي الخارج لطلب العون العسكري وشرح الوضع الراهن للأصدقاء، وبالرغم من اعتراض رئيس المكتب العسكري علي هذا التكليف، الا ان الإجماع كان ملزما بسفرهم، وتم تكليف لجنة إدارة الأزمة مع الشعبية من ثلاث أعضاء من اللجنة التنفيذية.

لا علاقة لهم بالشأن العسكري، وهم (ابراهيم توتيل، مَلْآكِي تَخْلِي، وابراهيم محمد علي) وفور مباشرة هذه اللجنة عملها كانت اول مهمة لها تفكيك هيئة الأركان لجيش التحرير الارتري وتغيير وعزل عدد من قادة الالوية والكتائب المتمرسيين، كالشهيد محمود حسب والشهيد سعيد صالح والشهيد الحسن ابوبكر وإبدالهم بآخرين قليلي الخبرة، وحديثي العهد بالمقاتلين، وتجميع الجيش في مواقع محددة بحجة الإعداد والتوعية مع عدم وجود غرفة عمليات موحدة لادارة المعركة بين القادة المتمرسيين.

كل هذه العوامل مجتمعة الي جانب الهالة الإعلامية الضخمة التي صاحبت هجوم الشعبية ووياني تقراي، تركت اثرا سلبيا وساهمت في إحباط الروح المعنوية بين المقاتلين، وفَضًل الكثير منهم الإنسحاب وعدم مواجهة الاخ لاخيه، في معركة الرابح فيها هو الخاسر.

وبينما تمضي اللجنة المكلفة ادارة الأزمة وقتها في التنظير، ويواصل وفد الجبهة المكون من رئيس التنظيم ومسؤول المكتب العسكري زيارتهما للخارج، وصلت طلائع الجبهة الشعبية ووياني تقراي، الي مشارف مقرات الجبهة في مناطق (هوميب) و(فورتو) واستولت علي مقرات ومسودعات مهمة للجبهة،

وبلغ الخبر مسامع الوفد الرئاسي الذي قطع زيارته وعاد من فوره الي الميدان، ودعا لعقد اجتماع عاجل للجنة التنفيذية لمناقشة الأزمة التي تفاقمت وأصبح من المستحيل معالجتها في ظل الانقسام الواضح بين القيادة من جهة ومحاصرة الشعبية التي وصلت الي مشارف مقر القيادة العسكرية للجبهة في فورتو،

وبعد تفعيل هيئة الأركان من جديد وإعادة القادة العسكريين الي وحداتهم العسكرية، وبالرغم من نجاح فك الحصار المفروض علي جيش التحرير في ساوا من قبل الشعبية وسحبه وإعادة إنتشاره في مواقع دفاعية جديدة بعيدًا عن الشعبية.

علي محورين الأول بقيادة الشهيد محمود حسب، والثاني بقيادة كل من حسين خليفة والشهيد ولد داويد تمسقن، وأخذوا مواقعهم القتالية والاستعداد لسد هجوم الشعبية، الا ان الجهة الاخري في القيادة كانت تعمل علي الترويج لإنسحاب الجبهة الي داخل الشريط الحدودي مع السودان، حتي تعيد تنظيم صفوفها والعودة من جديد.

مستشهدين بتجربة قوات التحرير الشعبية في العام 1973عندما انسحبت امام هجوم الجبهة الي الأراضي السودانية، علما انها كانت قليلة العدد خفيفة التسليح، مقارنة بجيش الجبهة الذي بلغ قوامه 18 الف مقاتل، بكامل تجهيزاته العسكرية، يمكن أن يهدد امن اي دولة ذات سيادة، ولا يمكن أن تقبل بتواجده علي أراضيها، الي جانب الهالة الدعائية الكبيرة من قوة هجوم الشعبية، ما ادي الي احباط الروح المعنوية وخلق البلبلة في صفوف المقاتلين، وعدم رغبتهم في المواجهة في الجولة الثانية من هجوم الشعبية، رغم الانتصارات الميدانية التي حققتها الوحدات التي تم إعادة انتشارها.

وبهذا انقسمت الجبهة الي جهة تقاتل وتسجل الانتصارات، وجهة اخري تعد وتدعوا للانسحاب من المواجهة حتي قبل ان يصل العدو الي مواقعها، ما اتاح الطريق امام الشعبية للوصول الي المقرات الرئيسية للجبهة والاستيلاء عليها دون مقاومة، حيث انسحب من كان فيها من الجيش وأعضاء القيادة التنفيذية،

بينما وحدات من جيش التحرير مازالت صامدة بقيادة رئيس المكتب العسكري وبعض أعضاء هيئة الأركان، ولكن دون جدوى، حيث وصل معظم جيش التحرير الذي يقدر ب 18الف مقاتل بكامل عتاده ووسائط نقله المختلفة، الي الأراضي السودانية، بينما بقيت قوات المليشا التي يقدر عددها بنحو 25.000 رجل، الي جانب وحدات من المغاوير من جيش التحرير التي لم تغادر مواقعها داخل الأراضي الارترية.

وفور دخولهم الي الاراضي السودانية أصدرت الجنة التنفيذية للجبهة، بيانا تعلن فيه تحمل مسؤوليتها وفشلها التام وهزيمتها امام الشعبية، ثم جاء الأمر المتوقع من الحكومة السودانية التي طلبت الإنسحاب الفوري الي داخل الأراضي الارترية خلال 24 ساعة فقط، او التجريد الكامل من السلاح.

ما وضع أصحاب نظرية الانسحاب الي السودان وترتيب الأوضاع امام مأزق حقيقي.

وهكذا أصبحت جبهة التحرير الارترية اثرًا بعد عين وذالك بفضل الصراع العقيم بين قياداتها اولا وتامر الشعبيتين الارترية والتقراوية ثانيا.

نواصل... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click