الفصل الأول من سلسلة ديكتاتورية أسياس أفورقي - الجزء الثامن
بقلم الأستاذ: محمود محمد نور فرج (أبو رهف) - كاتب وناشط سياسي ارتري
كما ذكرنا في الجزء السابق انتهت الحملة الإثيوبية باعادة احتلال المدن الكبيرة
وانسحاب الثوار الي مواقعهم الخلفية وبهذا تكون الحملة قد منيت بالفشل الذريع في تحقيق هدفها الرئيسي وهو مواجهة الثورة عسكريا والقضاء عليها اعتمادا علي الكثافة البشرية والتفوق العسكري الذي عول عليه العدو كثيرا ولكن الثورة فوتت عليه هذه الفرصة باخلائها المدن حفاظا علي ارواح المدنيين اولا وجره الي حيث دفاعاتها الاستراتيجية وتكبيده اكبر الخسائر العسكرية والبشرية ثانيا.
وعلي السعيد الداخلي بدات نظر الحرب تدق طبولها من جديد بين الاخوة الاعداء وللمرة الثالثة وهذه المرة بتدخل قوة أجنبية في الشأن الداخلي الارتري وهي الجبهة الشعبية لتحرير تقراي بطلب من الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا بحجة التصدي المشترك للحملات الإثيوبية.
ومن جهة اخري وبعد توقيع اتفاقية أكتوبر مع الجبهة الشعبية وإقصاء قوات التحرير الشعبية عن الساحة والانسحاب من المدن المحررة وإعادة احتلالها من قبل العدو الأثيوبي بدأت جبهة التحرير الارترية تتعرض الي مهددات داخلية خطيرة مثل ظاهرة (الفالول) وهو حراك لمجموعة من المقاتلين داخل الجبهة يقوده المناضل حروي تدلا بايرو وتغلغل استخبارات الجبهة الشعبية داخل الجبهة وغياب المركزية التنظيمية واجندات خارجية اخري معروفة.
كل هذه العوامل بدات تنخر في جسم الجبهة واضعافه من الداخل بينما الجبهة الشعبية تعد العدة للانقضاض عليها بالتحالف مع الوياني تقراي التي كان لها قوة عسكرية من لوائين تتمركز في مناطق نفوذ الجبهة الشعبية.
وبدأت المضايقات والمناوشات مع لوائين للجبهة كانا متواجدين في الساحل الشمالي بالتنسيق مع الجبهة الشعبية اثر توقيع اتفاقية أكتوبر، انطلقت شرارة هذه المواجهات الدموية الشاملة بين الاخوة الأعداء في 28-8-1980 في الساحل الشمالي بشن هجوم شامل وواسع من كل الجبهات بالتعاون والاشتراك المباشر مع الجبهة الشعبية لتحرير تقراي ويبدو هذه المرة ليست كسابقاتها من المرات من حيث الإعداد الجيد والقوة والعتاد والاجتياح الواسع الذي شمل كل مواقع الجبهة من الساحل الشمالي وحتي دنكاليا ومن المرتفعات الشرقية والجنوبية وصولا الي احراش القاش وسهول بركة غربا.
تأتي هذه العملية الإجرامية بتصفية جبهة التحرير الارترية وإقصائها عن الساحة ضمن أولويات المخطط الرئيسي للوثيقة السرية (نحنان علامان) او نحن وأهدافنا التي استكملت شروطها وبلغت مراحلها الاخيرة بالتحالف مع قوة أجنبية وهي الجبهة الشعبية لتحرير تقراي والتي مرت بمراحل ومحطات عديدة نذكر منها علي سبيل المثال وليس الحصر:-
1. شق الصف الوطني علي اساس طائفي وإعلان اول انشقاق في صفوف الثورة الارترية.
2. التخابر السري مع العدو الأثيوبي والمخابرات الأمريكية في قاعدة (قانيو استيشن) داخل العاصمة اسمرا بهدف اضعاف الجبهة وخلق تنظيم طائفي موازي لها.
3. رفض اتفاقية الوحدة الوطنية التي وقعت في الخرطوم من قبل رئيس قوات التحرير الشعبية الشهيد عثمان صالح سبي مع جبهة التحرير الارترية.
4. الانشقاق الثاني عن قوات التحرير الشعبية وخلق فصيل ثالث علي الساحة الارترية باسم الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا.
5. التنصل عن بنود اتفاقية أكتوبر 1977 مع الجبهة.
6. إحكام السيطرة التامة علي مفاصل تنظيم الجبهة الشعبية.
7. التغلغل الاستخباراتي داخل أجهزة الجبهة وزرع العملاء وسط جيش التحرير وبين قيادة جبهة التحرير نفسها.
8. اخيرا التحالف مع قوة أجنبية(وياني تقراي).
وبهذا تكون كل أهداف الوثيقة السرية قد اكتملت أركانها وفرض الرجل سيطرته التامة علي الساحة الارترية وأصبح رجل ارتريا القوي دون منازع.
نواصل... في الجزء القادم