اتحاد الكتاب الإرتريين في المهجر: خطوة في مشوار طويل... ولكن
بقلم الأستاذ: حامد ضرار - أديب وقاص ودبلوماسي أرترى سابق
وصلني كغيري، وقبل بضعة أيام عبر رسائل الوتساب وغيرها من وسائط التواصل الإعلان والدعوة المرسلة
لكل المهتمين لحضور جلسة تدشين ميلاد اتحاد للكتاب الإرتريين في المهجر.
كنت حريصًا على الحضور لغاية أن أكون شاهد عيان لأتجنب أي رواية تُنقل من قبل من شارك، وذلك لاختلاف إهتمامات البشر، فكل منا وبطبيعة الحال يغني ليلاها ويركز فقط على ما يهمه ويغض الطرف عن الجوانب الأخرى.
للتو وفي تمام العاشرة والنصف من مساء يوم السبت 30 أكتوبر 2021 وبتوقيت بريطانيا الصيفي وبعد ما قارب الساعتين والنصف من المتابعة، انتهت مراسم التدشين وأغلقت منصة حراك سات التي تولت عملية البث، بخاصة على صفحة الفيس بووك التي تسنى لي عبرها متابعة الحدث بكل تفاصيله.
السيدة نورا برنتو مقدمة اللقاء ومنسقته كانت كعادتها في غاية الألق والحضور بجمال أسلوبها وتمكنها من الانتقال من متحدث إلى آخر وتجاوزها بعض الاشكالات والمصاعب الفنية التي حالت دون وصول صوت الكثير من المتداخلين (على الأقل عبر الفيس بووك):-
• الدبلوماسي الاستاذ/ علي محمد صالح ،
• الناشطة سلوى نور "أم ريتال" ،
• الكاتب والشاعر عبدالقادر حكيم ،
• الروائي عبدالقادر الوهداني ،
• الروائي محمد فتحي المقداد من لندن ،
• الدكتورة اشراقة مصطفى سودانية مقيمة في النمسا ،
• اعتقد كان هناك مشارك من الجزائر اسمه الحسن لروي، لم يتمكن هو الآخر من اسماع صوته.
رغم تلك الإشكالية، كنت سعيدًا أن أتابع مداخلات مشاركين أصدقاء غير إرتريين ومنهم: الكاتب السعودي محمد توفيق بلُّو والسيدة شمس عبدالله العمودي من الإمارات وفتحية دبش روائية وشاعرة من تونس.
وجدت في الكثير من مداخلات الضيوف وبخاصة الروائية التونسية فتحية دبش مقاربات عميقة ومفيدة لامست ارتباط الأدب بالهوية ودور الآداب في إبراز ثقافات الشعوب وخصوصياتها على نحو يساهم في تطورها ويرفع من مكانة وشأن انسانها.
السيدات أسمهان وفاطمة موسى ونورا برونتو وغيرهن واللواتي تراوحت مشاركتهن ما بين تقديم فقرات برنامج مساء اليوم والمشاركة من البداية في فكرة تأسيس الاتحاد، كنّ بحق رائعات وفخر، كما أظن، لكل من تابع حفل التدشين وأنا واحدٌ منهم.
البرنامج، رغم اشكالات الصوت وضعف الربط وهذه قضية فنية، وجدتُ إنه قد وضع بتنسيق وترتيب جيدين. فبعد افتتاح أمسية التدشين وتقديم كلمة تمهيدية من اللجنة التأسيسية، واعتقد قدمتها السيدة أسمهان بذل الأخوة عبدالقادر ميكال وهاشم حامد محمود ومحجوب آدم (رئيس الاتحاد للدورة الأولى ومدتها عامان) والأستاذ مصطفى محمد محمود والاستاذ محمد رمضان سكرتير الإتحاد، بذلوا جميعًا خلال ساعات التدشين جهدًا ملحوظًا لشرح أهداف الاتحاد والغاية من تأسيسه. ولتوضيح فكرة الاتحاد والجدوى منه تم قراءة بيان التأسيس من قبل السيد محمد رمضان تضمن نقاط عديدة من الأهداف المستقبلية والمرحلية.
تخللت فقرات التدشين قراءات شعرية للشاعر عبدالقادر ميكال ووصلات موسيقية أبرزها كانت إنشودة "إرتريا يا جارة البحر" بالحن الأصلي للمبدع إدريس محمد علي فك الله أسره وبأداء صوت شاب غاية في الجمال...
كنت مشدوهًا بجمال التقديم وحلاوة إيقاع ما تابعته من حدث قطعًا لم يأت هكذا دون تعب ودون جهد يشكر عليه كل من جاء بالفكرة ومن التحق بها حتى لحظة التدشين. والمشاريع الناجحة، بطبيعة الحال، تبدأ من فكرة صغيرة وصغيرة جدًا لتعانق عنان السماء. وكما يُقال مشوار المليون يبدأ بخطوة.
ولكن... (أقول ولكن فقط للاستدراك لا لشيء آخر)
كما لاحظت وسمعت من مداخلات المؤسسين أن هناك كانت ثمة جلسات واتصالات تمهيدية تمت بين الأعضاء المؤسسين والأخوات المؤسسات وتم الاتفاق على الفكرة والتسمية "اتحاد الكتاب الإرتريين في المهجر".
كنت اتمنى أن يخرج الكُتاب والأدباء عندنا عن أساليب السياسيين لجهة دعوة الناس في حفلات التدشين التي لاتتجاوز العلاقات العامة ورفع العتب. فقبل أسابيع قليل تابعنا حدثًا سياسيًا لمنصة نضالية مستحدثة، تم دعوة الجمهور والأحزاب ليس فقط لحضور حفل إعلان ميلادها، بل ودعوة الناس للالتحاق بها، بعد أن تم التفاكر والاتفاق في تفاصيل عامة والقول أن كل شيء قابل للحذف والتعديل وحتى الإلغاء...
من التجارب التي عايشناها لا أظن هكذا أساليب، رغم قدسية وجمالية الأهداف والنصوص، إلا أن البشر بطبيعتهم، وخاصةً في مجتمعاتنا هناك حيث ما زلنا نستمرأ الأساليب ذاتها من حيث الشكوك والولاءات القديمة في ديناميات النظر إلى الأمور ومقارباتها، لا نقبل الدعوة إلى دخول البيوت دون المشاركة في المساهمة في وضع ولو القليل من حجارة التأسيس وإلا سنظل غرباء... لا أقول تلك المسالك والأساليب صحيحة، ولكن ذلك هو الواقع.
بالتالي وقبل الانتقال لاسم الاتحاد المنشود: دعوني أتساءل بأريحية ودون تشنج، ماذا كان سينقص أصحاب فكرة التأسيس، وهم أخوة وأصدقاء للجميع،
• إذا طرحوا للملأ فكرتهم وطلبوا من الناس تزويدهم بالمقترحات والآراء؟
• ماذا كان سينقص من مشروعهم إذا قالوا هذه فكرتنا ونحن بصدد التوجه لانشاء اتحاد للكتاب؟ وذلك قبل التقدم بدعوة مفتوحة لحضور التدشين.
• أيعقل أن تقدم دعوة الإرتريين عامتهم وكتابهم عبر الفيس بوك والوتسابات ووسائل التواصل الأخرى؟
• ألم يكن حريٌ بالأخوة الأفاضل أن يشركوا فيمن يعتقدون أنهم كتابٌ إرتريون في انجاح فكرة مشروعهم؟
• ألم يكن من الشفافية والوضوح أن يتم إعلان المعايير أالتي تساعد في تصنيف هذا الانسان ككاتب وذلك الآخر قاريء مثلًا وذلك لتجنيب الناس اللغط والتوصيفات الضارة التي إذا حدثت ستقتل الفكرة، رغم جمالها وهي في مهدها؟
ومن الحضور الكبير والأنيق للأصدقاء من غير الإرتريين، استطعت أن استشف من أن الأخوات والأخوة المؤسسين قد قاموا بعمل كثيف في العلاقات العامة وهو حقًا، عملٌ يستحقون عليه رفع القبعات والشكر، لأنه أحد أركان النجاح.
• مع ذلك ألم يكن من المفيد بذل ولو ربع ذلك، الجهد لتمهيد الأرضية في البيت الإرتري والقيام بخطوات جادة لاحتضان أكبر قدر من الكتاب؟
اعتذر إن كان هناك هكذا جهد قد تم القيام به ولكن لم أسمع مما قيل من قبل المتحدثين الرئيسين ما ينم عن وجود أي جهد من تلك الشاكلة باستثناء ما قاله الأخ عبدالقادر ميكال وربما آخرون عن أنهم علموا بوجود اتحاد كتاب إرتري فيما مضى، ولكنه غير نشط وتم التواصل مع أحد أعضائه المؤسسين وبارك فكرة ميلاد الاتحاد الجديد.
• لم يتم لا في بيان التأسيس ولا في المداخلات عن ذكر عن أي اتحاد كتاب كان يدور الحديث؟
• ومن الشخصية المؤسسة لذلك الاتحاد وأين يوجد؟
وما إلى ذلك من توضيحات...
المسألة الأخرى والتي وجدتني كمستمع عبر الفيس بوك كنت أتمنى أن أجد توضيحًا لها هي التسمية. اتحاد الكتاب الإرتريين في المهجر.
هنا وأخذًا في الحسبان، وحسب ظني أن الكتاب الإرتريين حتى لو كان عددهم فقط عشرة، فهم لا يعيشون في المهجر، بل في المهاجر القصية، في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا و... و... إلخ. إذن وبالكيفية التي تابعتها وبشغف خلال الساعتين الماضيتين من حفل التشدين، لم اسمع، قط توضيحًا من المتحدثين عن آلية جمع تلك المهاجر في اتحاد واحد وتحت اسم "اتحاد المهجر".
وهناك قضية أخرى اتمنى أن يتصدى لها الأخوة أصحاب المبادرة ودون حساسية. وهي أن الكتاب الإرتريين في "المهاجر" يكتبون بلغات عدة منها العربية والانجليزية والتغرنية والتقري والبلين والساهو والعفر ولغات وطنية وأجنبية أخرى.
مادام التسمية المقترحة حسب ما تم إعلانه في بيان التأسيس وحفل التدشين، وكما أسلفت هو "اتحاد الكتاب الإرتريين في المهجر" هل هؤلاء الكتاب بمختلف لغات كتاباتهم سيكون لهم حق العضوية؟
ثم كلمة كُتاب "مطاطة" ومجالات الكتابة متعددة ومتنوعة حتى في مجال الأدب والرواية، مع ذلك قد يقول البعض أن الصحفي كاتب والباحث كاتب والأكاديمي كاتب وبالتالي قد يظن كل من هؤلاء أن الاتحاد المنشود هو مكانه ومن حقه أن ينال عضويته.
• إذن هل أخذ أصحاب المبادرة المحترمون هكذا أشياء بعين الإعتبار؟
هذا ما اسعفتني به إذني وذاكرتي كمتابع ومستمع لجلسة التدشين التي انتهت للتو، وإذا حدث نوع من الاختلال فيما أكتب فالعتب على السمع.
الشكر لقناديل في المهجر ومنصة حراك سات والأخوة الذين نشروا دعوة حضور التدشين التي مكنتنا من المتابعة والاستفادة من الحضور والتعرف على مشاريع وأفكار غاية في الأهمية تقدم بها الأخوة والأخوات الفضليات.
التعليقات
من الجميل والممتع أن نرى هكذا نشاطات وإتحادات، مما لا يدع مجال للشك أن هذه الأعمال وُجِدت لرفع الهمم والقيم لإنسان ارتريا الذي لم يحالفه الحظ ليأخذ قسطاً من حقه في الأدب والثقافة وذالك بعدم اتفاق كثيرين من مثقفينا ومبدعينا وكتابنا على آراء متقاربة ناهيك على اتفاق ينتج داراً ليتفاكرو ويبدعو فيه، لم ينقص تلك الكوكبة شيئ غير أنا نتفق ونبعد انتمائاتنا السياسية بعيداً لأن الحصة أدب، وهذه بادرة خير أتمنى أن تعلو وتتطور ولا تكون كمثيلاتها من جميع النشاطات الأرترية تؤسس الفكرة ولكن للأسف تموت قبل ولادتها.
قرأت المقال الذي كتبته الأديب والقاص والدبلوماسي الأرتري سابقاً حامد ضرار، سردت الموضوع بفصاحة واأناقة وجمال فضفاض، كما ذكرت مررت قبل يوم أو يومين بالخبر ولكن لم أعرف شيئاً عن التفاصيل، غير أني سررت بما رأيت، احتوى كلامك الفطنة والمعرفة وأسباب النجاح والتحذير من الوقوع في الأخطاء التي تؤدي إلى وأد الفكرة ، كان أسلوباً جميلاً سلساً، أوصلت الفكرة كاملة، وقليل من اللّوم لا يفسد في الود قضية، أتمنى أن يصل مقالك مؤسسي وأعضاء إتحاد الكتاب الإرتريين في المهجر وأن يستفيدو من بعض من شرحت وذالك لا يضير.
وأخيراً كل الحب لكُتّاب وقرّاء بلادي وأتمنى التوفيق والنجاح لإتحاد الكتاب الارتريين في المهجر، وأقول لهم شحذ الهمم نحو القمم، وأيضاً أغلى التمنى والمنى أن تعملو على جمع كل الكتاب والأدباء والفلاسفة وكل من ترون أنه كفيلٌ أن يقدم شيئ ولو القليل للقارء على إحتضانه ودعمه ومؤازرته، دمتم في أمان (وما تعتر ليكم قشة).
أيمن قنفلة